Wednesday 24,Apr,2024 15:25

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

احتلال البحرين بنسخة عربيّة

د.طالب الشايب: الاحتلال لغوياً يعني الحلول بمكان ما وأخذه، والاستيلاء عليه واستحلاله أي عدّه حلالاً له، أمّا اصطلاحاً فمعناه استِيلاءُ دولة على دولةٍ أُخرى أَو جزءٍ منها قَهْراً

د.طالب الشايب*

الاحتلال لغوياً يعني الحلول بمكان ما وأخذه، والاستيلاء عليه واستحلاله أي عدّه حلالاً له، أمّا اصطلاحاً فمعناه استِيلاءُ دولة على دولةٍ أُخرى أَو جزءٍ منها قَهْراً، وغزواً والاحتلال العسكريّ هو عملية استيلاء جيش دولة ما على أراضي دولة أخرى خلال فترة حرب أو بعدها، وهو شكل من أشكال الاستعمار، أما في القانون الدوليّ فالاحتلال هو سيطرة فعليّة لجيش العدوّ على دولة أخرى. إذاً باختصار هو عمليّة قهريّة يقوم بها جيش مدجّج بالسلاح للسيطرة التامّة أو الجزئيّة على أراضي الغير، ليفرض بعدها هيمنته وقوّته علىيها بعد استحلالها والتدخّل المباشر في شؤونها.

على ضوء ما ذكرناه نستعرض ما جرى في البحرين عام 2011، حين قدمت قوّات ما يسمّى بـ “درع الجزيرة” عابرة جسر الملك فهد، وهو الجسر الرابط بين البحرين والسعوديّة، بجميع معدّاتها وآليّاتها العسكريّة في انتهاك صارخ للقوانين والأعراف الدوليّة، من أجل كسر الإرادة الشعبيّة وقمع الثورة البحرينيّة التي اتخذت “ميدان الشهداء” مركزاً لها في اعتصام سلميّ مركزيّ استمرّ قرابة شهر.

مشهد كان من أسوأ المشاهد في تاريخ البحرين؛ حين بدأت قوّات “درع الجزيرة” مباشرة بمجازر تقشعرّ لها الأبدان، مستبيحة قرى البحرين وبلداتها، قامعة الاعتصام المركزيّ في “ميدان الشهداء” وفارضة سيطرتها العسكريّة التامّة، بنيّة مبطّنة لمحاربة شعب أعزل رافض للظلم، ومطالب بكرامته وحريّته، تمثّلت بتصريح أحد الجنود لقناة فضائيّة؛ معلّلا قدومه مع قوّات درع الجزيرة لمحاربة اليهود والنصارى بإشارة منه إلى الشعب الثائر المسلم.

كان الهدف من تأسيس “درع الجزيرة” تعزيز التعاون المشترك بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون من أجل مواجهة الأخطار الخارجيّة، وهي قوّات أغلب جنودها سعوديّون، والقلّة الباقية من بعض دول مجلس التعاون الخليجيّ، ولم يكن الهدف من تأسيس هذا الجيش مواجهة شعب أعزل وقمع مظاهرات داخليّة، لكنّ في البحرين الوضع اختلف، فقد طلبت السلطات البحرينيّة دخول قوّات درع الجزيرة إلى البحرين بحجّة حماية المنشآت، تزامناً مع اندلاع الاحتجاجات، ما يستدعي طرح السؤال الآتي:

هل شاركت هذه القوّات في قمع المتظاهرين؟ أم اكتفت بحماية المنشآت الحيويّة؟ وأين تمركزت بعد دخولها الأراضي البحرينيّة؟

والإجابة تكمن بالمعطيات المتوافرة من أرض الواقع، التي تؤكّد التواجد الفعليّ لهذه القوات على الأرض وداخل المناطق السكانيّة، كما شاركت في الانتهاكات ضدّ أبناء الشعب، حيث تعرّض الكثير منهم للمساءلة في نقاط التفتيش المنصوبة في الشوارع ومداخل القرى من قبل أفراد جيش يتحدّثون بلهجات سعوديّة وإمارتيّة، ولعلّ الضابط الإماراتيّ الذي قتل بتفجير الدّيه مؤخراً خير دليل على مشاركة درع الجزيرة في القمع الممنهج اليوميّ من قبل النظام البحرينيّ داخل القرى، لكنّ البعض لا زال ينفي مشاركة الجيش في القمع والجدل لا زال قائماً، وبغض النظر عن ذلك، نسأل هنا : لماذا دخلت هذه القوّات البحرين ولم تخرج حتى الآن؟ إذ أنّ تقرير لجنة تقصّي الحقائق المعروف بـ “تقرير بسيوني” أكّد عدم وجود أدّلة على أيّ تدخّل خارجيّ يستلزم وجودها، فالنتيجة أنّ البحرين قانوناً تعتبر الآن تحت الاحتلال السعوديّ بغطاء”درع الجزيرة”.

فمتى ينتهي هذا الاحتلال ؟

الإجابة هي أنّه لا بدّ، لإنهاء الاحتلال، من انسحاب القوّة المحتلّة من الأرض أو دفعها إلى الخروج منها؛ أي أنّ استمرار وجود قوّات أجنبية يعني استمرار الاحتلال ..ونقل السلطة إلى حكومة محليّة مستقلّة تعيد تأسيس الممارسة الكاملة والحرّة للسيادة ينهي حالة الاحتلال بشكل طبيعيّ.

وبعبارة مختصرة: بقاء الجيش يعني استمرار الاحتلال وخروجه يعني الاستقلال والتحرر.

*ناشط حقوقي مقيم في لندن


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2014033957


المواضیع ذات الصلة


  • الشهيد أحمد اسماعيل.. «ما لم توثّقه العدسة»
  • الكمائن المفضوحة للن­ظام في محاكمة الشيخ عيسى أحمد قاسم.. سمٌ وعسل!!
  • فورمولا الدم من جديد… سباق في ضيافةِ مستبدّ..
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *