Friday 26,Apr,2024 07:56

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

الأردنّ تزفّ «شهيد الواجب في البحرين» !!!

د. خالد طه: للوهلة الأولى، تخيّلنا فور سماعنا خبر «استشهاد» الدركيّ الأردنيّ، أنّه قد قضى في ساحات الجهاد في فلسطين ضدّ العدوّ الصهيونيّ، أو في أحد مواقع القتال ضدّ التنظيم الإرهابيّ «داعش»،

د. خالد طه*

للوهلة الأولى، تخيّلنا فور سماعنا خبر «استشهاد» الدركيّ الأردنيّ، أنّه قد قضى في ساحات الجهاد في فلسطين ضدّ العدوّ الصهيونيّ، أو في أحد مواقع القتال ضدّ التنظيم الإرهابيّ «داعش»، أو أنّه قضى دفاعًا عن وطنه وبلده ضدّ الغزوّ الأمريكيّ المتوحِّش لبلادنا.

لكن، وفي نظر حُكّامنا، ساحات القتال قد تغيّرت وتبدّلت، ولم تعُد فلسطين هي قِبلة العرب والمسلمين، حيث انتقل اهتمام الحكّام إلى القتال والنضال للحفاظ على عروشهم وكراسيهم.

«الشهيد الأردنيّ» قضى خلال تأدية الواجب في الحفاظ على كرسيّ الملك في البحرين، فلا مانع من أن يُقتل ويُقمع ويُعذّب ويُعتقل، طالما أنّ الهدف هو الدّفاع عن نظامٍ قاتلٍ وظالمٍ وفاسد، وطالما أنّ نظام «العدل» في الأردن قد تعهّد بمعاونة نظام «العدل» في البحرين، فلا مانع من أن يُضحّي هذا «الشهيد» بروحه، في سبيل أن يبقى الملك على كرسيِّه.

وبصراحة، لا أشعر أنّ الدركيّ القتيل يمثِّلُني، أو أنّه يمثّل شعب الأردنّ المظلوم، بل إنّه يُمثّل الصورة الحقيقيّة للنظام الأردنيّ المرتمي في أحضان أمريكا وإسرائيل، واللّاهث وراء أموال حُكّام الخليج.

لا يفاجئنا أن تُرسل المملكة الأردنيّة قوّات درك إلى المملكة البحرينيّة، لتساهم في قمع الانتفاضة الشعبيّة العظيمة التي انطلقت منذ أكثر من ثلاث سنوات، وكانت بحقّ، من أرقى الانتفاضات والثورات في تاريخ حركات الشعوب، والتي تميّزت بسلميّةٍ رائعة يمكن لها أن تكون أمثولة لكلّ أحرار العالم، ولكلّ شعبٍ يريد أن يتخلّص من العبوديّة، ويحقّق آماله وتطلّعاته بعيشٍ كريمٍ يحفظ له كرامته.

نعم، لا يفاجئنا هذا التصرّف الأردنيّ القمعيّ؛ لأنّنا لم نعهد هذا النظام عادلًا أو راقيًا في التعامل مع شعبه، فكيف به في التعامل مع شعوب دول أخرى، لقاء أجورٍ ماديّةٍ يتلقّاها من نظام آل خليفة، فيُمعن في الظلم والقتل والتعذيب والقمع، غير آبهٍ بالأهداف السامية التي خرج من أجلها شعب البحرين العظيم، ولا مكترثٍ بآلام الأطفال والنساء والشيوخ الذين عانوا على مرّ العقود من ظلم العائلة الحاكمة في البحرين.

إذن، الممارسات التعسُّفيّة القمعيّة المستمرّة التي يقوم بها نظام البحرين ومعه النظام الأردنيّ، لم تؤدِّ إلّا إلى تعرية هذين النظامين، وإظهار وجههما الحقيقيّ أمام كلّ العالم، إذ يواجهان شعبًا أعزلًا، أبى أن يُحقّق آماله وتطلّعاته بالعنف، واتّخذ نهج السلميّة شعارًا وطريقًا للوصول إلى الهدف.

مؤسفٌ جدًّا أن يتعاطف نظام الأردنّ مع حكّام البحرين الظالمين، ويساهم معه في إسكات صوت الحُريّة في سبيل إعلاء صوت الظلم. ومؤسفٌ أيضًا أن نرى جنودنا وعساكرنا تُقتل في أزقّة البلاد العربيّة خلال ملاحقتها لأبناء البلد، مُتعاميةً عن الإرهاب الذي بات يدقُّ أبواب كلّ وطننا العربيّ، والذي يهدّد وجود هذه الدول بأكملها.

لكنّ المنطق والعقل يقولان، إنّه ما من ظالمٍ يستطيع أن يستمرّ في ظلمه إلى ما لا نهاية، وسيأتي اليوم الذي ينكسر فيه القيد، وتتحرّر الشعوب الثائرة والمنتفضة، وتُحقّق آمالها وتطلّعاتها، وشعب البحرين هو أوّل الشعوب التي يمكن أن تصل إلى هذه الأهداف؛ لصدقه ووفائه وسلميّته، ووطنيّته التي فاقت كلّ التصوّرات.

*كاتب أردني


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2014042100


المواضیع ذات الصلة


  • الشهيد أحمد اسماعيل.. «ما لم توثّقه العدسة»
  • الكمائن المفضوحة للن­ظام في محاكمة الشيخ عيسى أحمد قاسم.. سمٌ وعسل!!
  • فورمولا الدم من جديد… سباق في ضيافةِ مستبدّ..
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *