Friday 03,May,2024 23:19

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

مطر مطر لـ «منامة بوست»: ثمّة انحطاط متفشٍّ لدى النظام البحرينيّ «1-2»

منامة بوست (خاص): في مقابلة مطوّلة وصريحة مع «منامة بوست»، قال القياديّ في جمعيّة الوفاق النائب السابق «مطر مطر» بأنّه حريص على التصدّي لمساعي النظام في تشويه صورة البحرينيّين في أمريكا

منامة بوست (خاص – واشنطن)

في مقابلة مطوّلة وصريحة مع «منامة بوست»، قال القياديّ في جمعيّة الوفاق النائب السابق «مطر مطر» بأنّه حريص على التصدّي لمساعي النظام في تشويه صورة البحرينيّين في أمريكا، كما أنّه ينقل وجهة نظر القوى الوطنيّة المعارضة كافة، بما فيهم وجهة نظر الرموز المعتقلين، وقال أنّ النظام البحرينيّ يتعامل مع الناس بانحطاط كبير، وتحدّث أيضاً عن نقاط أخرى. ولطول المقابلة قسمناها إلى حلقتين، حيث سيستطرد في هذه الحلقة «مطر مطر» في الحديث عن الدور الأمريكيّ وإيقاعه على جمعيّة الوفاق، وهذا نصّها:

بوست: ما طبيعة نشاطك السياسيّ في الولايات المتّحدة الأمريكيّة؟

مطر: هناك من يتحدّث في أمريكا باسم النظام البحرينيّ،دبلماسيّو النظام يسعون باستمرار لتشويه سمعة الشخصيّات والمؤسّسات التي قادت أو دعمت مساعي التغيير، وهم بذلك يسعون لتشويه سمعة البحرينيّين لالتفافهم حول هذه الشخصيّات والمؤسّسات، لقد كانت رسالة دبلوماسيّي النظام الضمنيّة بأنّ البحرينيّين ليسوا جاهزين للديمقراطيّة، وأنّهم ضدّ السنّة، وضدّ المرأة، وضدّ الوافدين، وضدّ الخليجيين، وضدّ الغرب، وهم عملاء لحزب الله وإيران، هذه هي رسالتهم؛ ما أقوم به هو التصدّي لمساعي تشويه صورة البحرينيّين، ونقل الصورة الناصعة والحقيقية عن الشعب البحريني، رسالتي هي أنّ البحرينيّين بإمكانهم صناعة نموذجاً ينقذ منطقة الخليج بأسرها من التحدّيات، والمخاطر المحدقة، ويجنّبها الانزلاق لفوضى شاملة.

ورغم قناعتي برؤية القوى الوطنيّة الديموقراطيّة المعارضة لكنّي لا أكتفي باستعراض رؤاهم؛ بل أقوم كذلك بعرض وجهة نظر الرموز السياسيّين المعتقلين، فهم محرومون من الدفاع عن أنفسهم، كما أقوم بشرح المخاوف المشروعة لبعض البحرينيّين من فكرة التغيير، وأنا أحترم هذه المخاوف، وأفرّق بينها وبين من وشى على زميله في العمل، أو الدراسة، أو من عذّب، أو فصل، أو قتل، و كلّ من ظلم أخاه البحرينيّ ويبقى العيش المشترك خيارنا الوحيد.

في واشنطن، أتواصل مع الدبلوماسيّين و المشرّعين ومكاتبهم، والخبراء والباحثين في مراكز الدراسات، والجامعات، والمؤسّسات الدوليّة المعنيّة بالشؤون السياسيّة، والاقتصاديّة، والحقوقيّة، كما أتواصل مع وسائل الإعلام المرئيّة والمقروءة، وأكتب وأحاضر لهذه الجهات. هذه مهمّات كبيرة، ولكن لدى البحرينيّين الكثير من الأصدقاء في واشنطن، وكلّ العالم، وهم يسهمون بالدور الأكبر في إبراز الوجه الحضاريّ للشعب البحرينيّ.

من النادر أن تَصْدُق الحكومة، ومن بين مواطن صدقها المحدودة اعترافها بالفشل في مضاهاة عمل البحرينيّين وأصدقائهم في نقل الصورة الحقيقيّة لما يجري، كلّ ما تنفقه الحكومة من أموالنا على شركات العلاقات العامة المأجورة، و بعض المؤسّسات البحثيّة والأكاديميّة الرخيصة يذهب هباء. نصيحتي للحكومة بأن لا تتعب نفسها في هذا المسار، فكلّ ما تستطيع فعله هو تقديم مزيد من التسهيلات للأسطول الخامس.

بوست: البعض يأخذ عليكم أنّكم منساقون في برامج الخارجيّة الأمريكيّة، التي تقدّمها لبعض النشطاء في العالم، كالدورات السياسيّة ودورات المهارات القياديّة وغيرها، حدّثنا عن هذه البرامج؟

مطر: هذا ليس انسياقاً، هم لهم أهدافهم من هذه البرامج وأنا لي أهدافي، و أشجّع الجميع على السفر والتعلّم من السفر، بدلاً من أن نخاف من الانسياق، لماذا لا نفكّر في إقناع الآخرين بأفكارنا؟ وأين المشكلة في التعلّم من الآخرين والاستفادة منهم؟

خلال مشاركتي عام 2008 في برنامج روّاد الديمقراطيّة انتهزت هذه الفرصة لأدعو كبار المسؤولين في الحكومة الأمريكيّة – بمن فيهم وزيرة الخارجيّة حينها كونداليزا رايس- لمراجعة سياساتهم تجاه البحرين والسعي لتحقيق مصالحهم، عبر الإصلاح والتنمية بدلاً من التمتّع بامتيازات توفرها لها أطراف فاسدة، كانت بعض أسئلتي صريحة ومباشرة، حيث سألت “رايس” إن كانت حكومتها فخورة بعلاقتهم مع رئيس الوزراء البحرينيّ وقد قضى أكثر من 40 عاماً في منصبه، في حين أنّهم يتحدّثون عن دعم الديموقراطيّة، وقد أجابتني حينذاك بأنّ حقوق الإنسان والديمقراطيّة ليست كلّ شيء في العلاقات الخارجيّة، وأنّ العلاقات مع النظام البحريني مهمة “لاستقرار” الخليج، بالطبع كانت تعني استقرار المصالح الأمريكيّة، وليس استقرار البحرينيّين أو الخليجيّين، وأثناء لقائي برئيس برامج شراكة الشرق الأوسط، وهو المسؤول عن هذه البرامج، قلت له بوضوح بأنّ الحكومة الأمريكيّة تبدّد أموالها بهذه البرامج ما لم تقترن بسياسات تقوم على التنازل عن بعض الامتيازات التي تقدّمها أنظمة كالنظام البحريني. لقد أثرت هذه الفكرة في سؤالي لهيلاري قبل انطلاق انتفاضتنا – «النهضة الشعبيّة في 14 فبراير»، وبالتالي أنا حقّقت أهدافي من هذه البرامج، بينما الإدارة الأمريكيّة فشلت في إقناع الشباب الخليجيّ بمصداقيّة سياساتها، وكذلك الأنظمة التي تطالب بمزيد من التفهم لسياساتهم في ما يسمونه «محاربة الإرهاب» و «العمالة للخارج». يوماً تلو الآخر تكسب الإدارة الأمريكيّة مزيداً من الخصوم وتخسر مزيداً من الأصدقاء.

بوست: ما الذي تغيّر بعد هذه التحرّكات؟ وماذا استفاد البحرينيّون؟

مطر: لا يمكن إنكار أنّ الأوضاع بعد مساعي التغيير ساءت أكثر، وصلنا إلى مرحلة باتت فيها سياسات ما يشبه الفصل العنصريّ في اتّساع، لكن لولا مساعي البحرينيّين وأصدقائهم حول العالم لتوضيح الحقيقة، لكان مدى الفظائع وحجمها أوسع من ذلك بكثير، فالنظام البحرينيّ لم يكن يسعى للسيطرة على الأوضاع بتلك السياسات، فهدم المساجد لم يكن بغرض السيطرة على المحتجّين مثلاً، والمرحوم الشهيد «يوسف موالي» مثال آخر، حيث كان يتعالج من مشاكل نفسيّة بسبب انطوائيّته، وكان أهله فرحين بتحسّن حالته، وإذا به يعتقل ويعذّب حتى الموت، كان أضعف المعتقلين قدرة في الدفاع عن نفسه بسبب مرضه، وقد توجهت هذه الذئاب البشرية للتشفي بالأضعف، وما حصل للشهيد «حسن جاسم الفردان» كان مشابهاً، إذ استغلّ الوحوش ضعفه بسبب مرضه للإمعان في إيذائه؛ هذه الممارسات المتكررة تكشف مستوى الانحطاط المتفشّي في النظام البحرينيّ، مزيد من الضعف والسكوت لا يشكّل سياسة صحيحة مع هذه العقليّات.

بوست: هل استراتيجيّة جمعيّة الوفاق متماشية مع الإيقاع الأمريكي؟ ففي الفضاء الإلكترونيّ تتراكم الانتقادات عليكم في هذا الاتّجاه. ما قولكم؟

مطر: الاستراتيجيّة الأمريكيّة ترتكزعلى تلبية مصالحهم المتمثّلة بالتواجد العسكريّ في البحرين، أمّا مصالحنا فتكمن في تمتّع البحرينيين بالأمن والكرامة والتنمية. لقد مددنا أيدينا لجيراننا في الخليج، والولايات المتّحدة كذلك لغرض؛ لقد طالبنا أنظمة الخليج والحكومة الأمريكيّة بالتوفيق بين هذه المصالح عبر الإصلاحات، ولازلنا نحثّهم ونطالبهم بالبحث عن حلفاء جدد لهم في البحرين، فحلفاؤهم الحاليّون لا يكفّون عن ارتكاب المزيد من الحماقات والفظائع ضدّ البحرينيّين، والأذى للبحرين.

سنظل نمدّ أيدينا نطالبهم، لقناعتنا بأنّ السعوديّة وأمريكا لا تجني أيّ مصلحة من الأذيّة التي نتعرّض لها على أيدي حلفائهم، بل على العكس؛ مايجنونه هو مزيداً من الصداع، هم في غنى عنه. لا أعتقد أنّ ما نعانيه يسرّ الإدارة الأميركيّة، لكنّهم يتّبعون خيار الكسول للوصول لمصالحهم، وسياستهم هذه تؤذينا كثيراً، وعليه نحن نفكر في الالتقاء والتعاون بدلا من أن نفكر في المناكفة. لكنّي أحترم من يختلفون معنا في أسلوب تعاطينا مع الإدارة الأمريكيّة.

صحيح أننا لم نجنِ شيئاً من هذا المسار ومن المستبعد أن تتراجع علاقات أمريكا بدول متسلّطة من أجل الديموقراطيّة وحقوق الإنسان، لكنّ مسار المناكفة هو غاية في الخطورة، مسار المناكفة يقوم على فكرة تشترط صلاح السياسات الأمريكيّة، و السياسات السعوديّة، ليصلح الوضع في البحرين، و مسارنا يقوم على تفكيك المشاكل بدلاً من تعقيدها.

لا أنكر حماس الإدارة الأمريكيّة لمشاركة طرف ذي شعبيّة كاسحة كالوفاق والقوى الوطنيّة الديموقراطيّة المعارضة في انتخابات 2006، وفي تقديري أنّ الإدارة الأمريكيّة تعتقد أنّ الاستقالة لم تكن خياراً سليماً، كما أنّني أعتقد برغبة الإدارة الأمريكية في مشاركتنا في الانتخابات التكميليّة بعد استقالتنا، فضلاً عن رغبتها في مشاركتنا في الانتخابات القادمة. موقفنا كان واضحاً، ونحن نرحّب بنصائح الآخرين و نرغب في الاستفادة من تجاربهم، لكنّنا وحدنا الأقدر على اتّخاذ القرار الذي يصبّ في مصلحة بلادنا، وقد كان موقفنا صلباً في رفض ترك الناس والرجوع لمقاعدنا.

بوست: كيف تنظر للاختلاف مع السنّي في رؤيته السياسيّة؟ وكيف تتعاطون مع المختلفين معكم من الشيعة؟ هل تعاطيكم مع الشيعيّ المختلف كما السنيّ المختلف؟

مطر: البعض يقول بأنّ الشيطان يكمن في التفاصيل، وأنا أعتقد أيضاً بأنّ الشيطان يكمن في التعميمات، وأنّ الحلول تكمن في التفاصيل، في البداية ليس كلّ الشيعة معارضين، وليس كلّ السنّة رافضين للإصلاح، ومسألة القلّة والكثرة لا تعني الكثير، فمن يتصفّح التاريخ البحرينيّ يجد أنّ بعض من كانوا قلّة أصبحوا كثرة والعكس، نعم هناك سنّة يخافون من التغيير وهناك شيعة كذلك أيضاً، البعض يشبّهنا بحزب الدعوة في العراق، والبعض الآخر يشبّهنا بالإخوان المسلمين في مصر عندما مسكوا السلطة، وأنا أقول لكلّ خصوصيّته، وتعقيدات العراق المرتبطة بالحرب العراقيّة – الإيرانيّة، والمجازر ضدّ الأكراد والشيعة، والتنكيل بكلّ المعارضين، والاحتلال الأمريكيّ وما تبعه من دخول القاعدة، والحرب الأهليّة في سوريا، كلّ هذه الأمور، التي كفانا الله شرّها، هي ما تحدّد المشهد في العراق، ولا يجوز المقارنة مع مجتمع لم يسقط فيه قتيل واحد جرّاء احتراب طائفيّ أهليّ، لم تكن هذه نتيجة عفويّة بل هي نتيجة لجهود مشكورة من كافة الأطراف.

لقد وقف أفراد من العائلة الحاكمة ضدّ سياسة فصل الشيعة، وهذا ما عجز عنه بعض المسؤولين الشيعة، في المقابل مارس بعض أفراد العائلة الحاكمة التعذيب بأنفسهم، لقد وقفت بعض مديرات المدارس من الطائفة السنيّة لمنع سيارات الأمن من دخول المدارس للاعتداء على المدرّسات، أو اعتقالهنّ، ووجدت أخريات هذه الحملة المجنونة فرصة للتشفي. لقد حدّثني أحد المعتقلين في المحرق عن وقوف أحد كبار المسؤولين في المركز وهو يصرخ بانفعال شديد على بعض السجّانين الذين كانوا يمارسون التعذيب في مركزه، لا أريد أن أقول بأنّ التعذيب كان بقرارات فرديّة، لكنّي أريد القول بأنّ هناك من كان يرفض هذه الإجراءات ويرفضها بصوت عالٍ، لكن لا أرى الحديث كثيراً عن هذه النماذج المشرقة.

أذكر نقاشاً في أحد المنتديات التي يرتادها المدافعون عن الاستبداد، كان أحدهم يقول بأنّ السنّة البحرينيّين ليسوا رجالاً، وأنّ الحكومة قد اضطرت للتجنيس لعدم قدرتها على الاعتماد عليهم، أنا رأيي معاكس، فالحكومة البحرينيّة اضطرت للتجنيس والاعتماد على المرتزقة ووضعتهم في الصفوف الأماميّة، وكان منهم أغلب القتلى جرّاء الاشتباكات مع المتظاهرين، والسبب يعود في ذلك لحجم الجرائم المطلوبة التي تفوق طاقة البحرينيّين، وهذا الشيء مدعاة للفخر وليس الازدراء، أنا لا أحاول التقليل من الجرائم التي ارتكبها بحرينيّون ضدّ إخوانهم، لكنّي حين أشاهد ما حصل في مصر بين الأخ وأخيه وبين الجار وجاره، خلال فضّ الاعتصام، إذ خلال 3 أيام قتل من المصريّين ما لم تشهده سوريا أو العراق في ذروة جنون الإرهاب أو القمع، ومن فعل ذلك لم يكن سنيّاً ضدّ شيعيّ أو مرتزقاً ضدّ مواطن، ما حدث كان بين مصريّ ومصريّ حيث لا تستطيع التفريق بين القاتل والضحيّة، فكلاهما يحملان المظهر نفسه ونفس الهوية، عندما أشاهد كلّ ذلك أحمد الله ألف مرة على حالنا في البحرين، ولا أتنازل عن السعي لما هو أفضل من وضعنا الحالي.

عند ما أتابع نشاط الكثير من البحرينيين على الإنترنت أشعر أنّ البوصلة مختلّة، إذ يكثر الهجاء، والعتب، والاستهزاء على «الطبالة»؛ و بالتحديد السنّة منهم، تجد هذا الوضع بين شخصيّات وهميّة وشخصيّات حقيقيّة على كلّ الطيف المعارض، لقد نجح النظام في إلهاء البعض للانشغال بالمدافعين عن الاستبداد وترك الاستبداد، من جهة ثانية بعض الشباب مشغول بالتفكير كيف يمكنه اقتناص باكستانيّ في الصفوف الأماميّة لجهاز القمع، لكنّ الحكومة البحرينيّة لاتكترث بكم يموت منهم، فهم يتاجرون بهم حتى بعد موتهم وقد يجبر أهالي بعضهم ليدفن موتاههم في البحرين بدلاً من باكستان ليكتمل التوظيف السياسيّ. إنه شكلٌ آخر من أشكال الاتّجار بالبشر كما في دورة «الدعارة» تماماً. المدافعون عن الاستبداد ما هم إلا دروعاً يختبئ النظام خلفها، والانشغال بهم هو انحراف وتوجّه غير ذي جدوى.

استفادوا من اصطفافهم مع النظام وكانوا على الدوام لديهم ما يقولونه لتبرير هذا الاصطفاف، هنا لا يمكنني أن أضع كلّ التبريرات في سلّة واحدة، البعض جدير بالاحترام والبعض الآخر جدير بالازدراء، صحيح أنّ سياسة الإمعان في الطائفيّة أفقدت النظام بعض هذه الامتدادات، لكنّها لاتزال موجودة، بل هي الأشرس في تخويين البحرينيّين وتلفيق الافتراءات عليهم، فالحكومة لا تجد نظيراً لـ«سميرة رجب»، حتى «فاطمة البلوشي» التي كانت تكذب على الأطباء دون أن يرفّ لها جفن، فشلت في مضاهاة «سميرة»، علينا أن نضع هذه الحالات في الواجهة عندما نتكلّم في الطائفيّة، لا تقل لي حالات فرديّة، هي حالات مهمّة لنفهم الطبيعة الحقيقيّة لما نعانيه.

في ما يخصّ العلاقة بين الجماعات الشيعيّة فقد كان هناك جهود من كافّة الأطراف للارتقاء بالعمل المشترك، ونتائج الكثير من هذه الجهود لم تكن بمستوى التحديّات. لكن علينا أن نضع بعين الاعتبار أنّ الطيف السياسيّ الشيعيّ ممتد بين امتداح وتشجيع قمع البحرينيّين من جهة، والتوجّهات الثوريّة الرافضة للنظام بأكمله من جهة أخرى، وإن كانت الغالبية الساحقة مؤيّدة للتغيير بالوسائل السلميّة، أمام هذا التباين علينا ألا نرفع سقف الطموحات لطبيعة العلاقة بين هذه الأطراف.

في يوم من الأيام كان التوجّه الإخباريّ يسيطر على الساحة البحرينيّة، وبعد ذلك حصل تقبّل واسع لتوجّه المرجع محسن الحكيم، ومن بعده السيّد الخوئي رحمهم الله جميعا، وبعدها شهدت مرحلة جديدة من الحماسة لـ«الإسلام السياسيّ»، في ظلّ تراجع البحرين كمركز إقليميّ للفكر الشيعيّ، المشكلة الأكبر أننا عشنا قطيعة مع تاريخنا، ونجد الكثيرين ينظرون لواقعنا الحالي كنتيجة طبيعية لـ«سذاجة الأجداد». أنا أرفض هذا الكلام مطلقاً وأرى العكس تماماً، فالإخفاقات في النجاح ستكون مرتبطة بالفشل في تراكم الخبرات والتجارب، ووجود الفجوة بين الأجداد والأحفاد هي مسألة لا تخصّ الشارع الشيعيّ، بل هي سمة غالبة في هذه المرحلة، هذا على المستوى العامودي «التاريخيّ»، أما على المستوى الأفقيّ، فكذلك نحن بحاجة لتفهّم الظروف المختلفة لكلّ فئة من فئات المجتمع البحرينيّ، فلا يمكن أن ننتظر من التاجر ما ننتظره من متوسط الدخل، ويختلف دور الطبيب عن العاطل، ويختلف دور من يعمل في الجهاز الحكومي عمّن يعمل في القطاع الخاص، ومن هو في الداخل عمّن هو في الخارج، ومن يعملون في الأجهزة العسكريّة عمّن هم خارجها. كلّ بإمكانه أن يكون وطنيّاً حتى وإن لم يمارس الاحتجاج بالشكل الذي أمارسه أنا. تفهّمنا لظروف بعضنا البعض مهم. في المقابل أنا أتذّكر باستمرار نصيحة «نبيل رجب» الذي يفضّل فيها الفعاليّات التي يشارك فيها الطفل والشيخ والسنيّ والشيعيّ.

علينا الحذر من أن تتحوّل ثورة 14 فبراير لحركة تخصّ العاطل أو طلبة التعليم المهنيّ والأطفال، ويقف الآخرون متفرّجين، فنجاح الثورة في شموليّتها واتّساعها، هكذا بدأنا وعلينا تعزيز هذا الإنجاز.

مطر مطر لـ «منامة بوست»: ما أسعى إليه هو إقناع السعوديّين بأنّ الإصلاح في البحرين فرصة لهم وليس تهديداً «2-2»


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2014060255


المواضیع ذات الصلة


  • قيادي في «ائتلاف 14 فبراير لبوست»: «وثائقيّ «بحارنة لنجة» حمل رسائل متعدّدة وفتح ملفًا حسّاسًا سعى النظام لطمسه»
  • الباحث المصريّ حمادة لطفي لـ «منامة بوست»: حصار الدراز عارٌ على جبين حكّام السعوديّة الخبثاء
  • الباحث الإستراتيجيّ خالد حمّود لـ «منامة بوست»: حصار الدراز أشدُّ لؤمًا من حصار العدوّ الإسرائيليّ لقطاع غزّة
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *