منامة بوست (خاص): الحقوقيّ والأكاديميّ «ناصر الرس» رحل من البحرين إلى كندا، لا للاستجمام، بل للمعالجة من آثار تعذيب يليق بسليقة النظام الوحشيّة، في مارس/ آذار من العام 2012، وبعدما توجّه ناصر للمطار مغادرًا البحرين، ضبطه رجال المخابرات هناك: «أنت تحرّض على النظام.. تحرّض على أسيادك؟».

هذه الكلمات مع لفيف من الشتيمة والسباب تلقّاها ناصر، بمعيّة تعذيب وحشيّ بالأخشاب والأنابيب البلاستيكيّة واللكمات، كلّ ذلك كان في غرفة خاصة في المطار، إنّها الغرفة التي تقع على جهة يسار ختم الجوازات.

هكذا هم مخابرات البحرين، يوجدون في كلّ محافل البلد، ويتجاوزون القوانين النظريّة التي خطها النظام عبر عرّابيه، رحل إذن ناصر الرس في كندا بعد سنوات من معاناته الشديدة مع مرض القلب وآثار التعذيب، القلب الذي تفطّر على البحرين يومًا، فدفعه ليقول كلمة حقّ في وجه سلطان جائر، في وقت كان الإعلام الخليجيّ مطبقًا فمه على تمام الصمت عن مظلوميّة شعب البحرين، لكنّ ناصر الرس، أوصل صوت البحرين للكويتيّين، ودفعهم للاعتصام ورفع مطالب شعب البحرين المقهور، ناصر لم يترك قناعته بحمل قضيّة البحرين، رغم تعرّضه لثلاث محاولات وهميّة للاغتيال، وهي طرق تعذيب يقوم به الجلّاد، بإيهام الضحيّة أنه سيعدم الآن، لأغراض عدّة كالاعتراف والرضوخ والرجوع عن القضيّة.

التصق اسم ناصر الرس بقضيّة البحرين، فالبحرينيّون احتفوا به أيّما احتفاء حينما سُجن وعذب، كان بطلًا على مستوى الوعي الشعبيّ، هكذا عدّوه تكريمًاً لنشميّته المعطاءة حد التضحية.

الشهيد الأخير منذ 2011 كويتي الأصل، كنديّ الجنسيّة، ناصر الرس، ارحل بسلام، فقد آثرت أن ترتاح من عناء هذا الزمن، وتتكئ على أريكة الخلود شاهدًا على مظلوميّة البحرينيّين، شهيدًا في سبيل حقّ ناصع آمنت به، فازددت إقدامًا.