Friday 19,Apr,2024 23:16

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

«منامة بوست» تجري استطلاعًا واسعًا عن ثورة 14 فبراير التقييم..المعوّقات..الاستشراف «الجزء الأوّل»

منامة بوست (خاص): يمرّ فبراير، ليس كأيّ شهر من شهور العام، فالبحرينيّون يستذكرون بوجع هذه الذكرى، لكنّ ما يلفّ الوجع أكبر من هدف، وأحلى من حلم، وأكثر تماسكًا من مبدأ عاديّ، إنّه شهر الحريّة،

منامة بوست (خاص): يمرّ فبراير، ليس كأيّ شهر من شهور العام، فالبحرينيّون يستذكرون بوجع هذه الذكرى، لكنّ ما يلفّ الوجع أكبر من هدف، وأحلى من حلم، وأكثر تماسكًا من مبدأ عاديّ، إنّه شهر الحريّة، الذي شقّ فيه شعب البحرين طريقه الوعر لنيل حقوقه، أيًّا تكن التضحيات.

من هنا ارتأت «منامة بوست» الوقوف عند هذه الذكرى بقليل من القراءة المتأمّلة والمتأنّية، وحاول فريق التحرير أن يضمّ «الاستطلاع»، الذي أجراه، أكبر عدد ممكن من النشطاء والإعلاميّين المهتمّين بالشأن البحرينيّ، ليرى القارئ زوايا النظر المختلفة لمحوريّة ثورة البحرين.

طرحنا على كلّ مشارك في هذا الاستطلاع ثلاثة أسئلة:

الأوّل: ما تقييمك لتجربة خمس سنوات منذ انطلاق الثورة في 14 فبراير/شباط 2011؟

الثاني: ما أهمّ المعوّقات التي مرّت بها ثورة 14 فبراير؟

أمّا الثالث: كيف ترى مستقبل الحراك الثوريّ في ظلّ التجاذبات الإقليميّة؟

يتحدّث الناشط الحقوقيّ «أحمد الصفّار» عن تقييمه لتجربة خمس سنوات، فيقول، «تجربة الخمس سنوات لثورة تطالب بمطالب مشروعة في كلّ العالم هي بحدّ ذاتها فترة زمنيّة طويلة جدًّا، مقارنة بالثورات التي كانت مطالبها أكبر، وبعضها خرجت عن الإطار السلميّ، ولكنّنا نرى أنّ تجربة الثورة في البحرين أعطت وضعًا إعلاميًّا حقوقيًّا جبّارًا على مستوى العالم، فأغلب المنظّمات تؤيّد مطالب الشعب وتطالب بالتغيير لمصلحته».

ويضيف الصفّار، «تجربة الخمس سنوات زادت وعي شعب البحرين أكثر، قبل 2011 كان يوجد وعي لأنّ شعب البحرين شعب متحضّر ومتعلّم، ولكنّه زادبعد الثورة، فأغلب الناس أصبحت تعرف ما هي حقوقها وما عليها من واجبات، والأهم أنّ الشعب مواصل على هذا الطريق رغم كلّ الجراحات».

أمّا المعوّقات، فيرى أحمد أنّها «كثيرة»، ويستدرك، «لكنّ المعوّق الأكبر كان من حلفاء البحرين من دول العالم وحتى الدول الإقليميّة، فبيانات الإدانة وحدها لم تكن تضفي لأيّ حلّ، إذ لا يمكن أن تدين الانتهاكات وأنت تموّل الدولة بالسلاح لقمع التظاهرات السلميّة! كنّا ومازلنا نطالب بإصدار قرار يوجب على البحرين حلّ الأزمة، ووقف سياساتها في انتهاك حقوق الإنسان، والإفراج عن المعتقلين».

ويعتقد الصفّار أنّ «التجاذبات الإقليميّة تؤثّر في الوضع في البحرين، لأنّها تعتبر دولة في الإقليم وفي الصراع طبعًا»، مضيفًا أنّ«مستقبل الثورة يعتمد على استمراريّة الحراك الداخليّ ومواصلة المسيرة، طبعًا لابدّمن ضغط دوليّ للوصول إلى حلّ في البحرين، ولكنّ هذا الضغط بدون مواصلة الحراك لايغيّر في الواقع».

ويختم الصفّار كلامه بأنّ «الثورة مستمرّة، والتغيير سيأتي من هذا الشعب المضحّي، المطالب بحقوقه، لأنّه أساس التغيير، وهو الأساس في الثورة، ونحن على أعتاب الذكرى الخامسة للثورة، وهذا الشعب مواصل الطريق طوال السنوات الماضية، رغم أنّ أغلب الدول كانت ضدّ ثورة البحرين، لكنّ الثورة مستمرّة وستنتصر».

أمّا الناشطة الحقوقيّة والاجتماعيّة إيمان الحبيشي فتعتقد «أنّ هناك حالة من «الثبات السلبيّ» في طبيعة الحراك وأبعاده، معلّلة ذلك بـ«أنّ الثورة اتّخذت أسلوب المواجهة مع السلطة منذ نعومة أظفارنا، وقد تكرّر مسلسل قمع الشعب، ثمّ خداعه، ونحن وإن لم نصل إلى مرحلة «خداع» جديدة من قبل السلطة للشعب، لكنّي شخصيًّا أعتقد- لا جزمًا – أنّها قد تكون قادمة»، وتضيف، «لم تتنوّع أساليب الحراك، ومازلنا عالقين في أسلوب الـ«مواجهة» بعيدًا عن عامل مهم، من المفترض أن يدعم «المواجهة» ويقوّيها، هو أسلوب البناء».

واستدركت الحبيشي قولها، «فيما عدا ذلك.. شعب البحرين شعب صابر محتسب رغم السنوات العجاف التي مرّت وتمرّ عليه، ومن الممكن أن يكون هذا العامل من أقوى عوامل البناء الذي نفتقر جدًّا إليه بعد خمس سنوات من الاستهداف، والتجويع، والتعطيل، والتخويف، والتشريد، والاعتقال، والقتل».

وقالت الحبيشي إنّ المعوّقات التي تواجه الثورة هي «عدم وجود خطط استعداد لمواجهة آلة القمع من ناحية اجتماعيّة واقتصاديّة وتكافليّة».

وعن مستقبل الثورة في ظلّ التجاذبات الإقليميّة، رأت الحبيشي «أنّ البحرين حالها حال بقيّة الدول وشعبها مثل بقيّة الشعوب، يتأثّر جدًّا بما تؤول إليه الأمور في الخارج»، مضيفة «لكنّي لا أربط مستقبل الحراك من ناحية النجاح أو الفشل بالتجاذبات الإقليميّة بقدر ما أربطه بمدى قدرة الشعب على التحوّل في بعض مفاهيمه وأساليبه، ليحقّق لنفسه مجتمعًا عصيًّا على الكسر، قادرًا على فرض هيبته، قادرًا على الحياة رغم فساد تربة محيطه».

وللناشط السياسيّ جعفر مساعد رأي لافت، حيث قال «إنّ الشعب البحرانيّ عمومًا لم يتعلّم من تجارب الصراع السابقة مع الحكم الخليفيّ لدرجة النضوج السياسيّ، ولذلك نرى تكرار الكثير من أخطاء الماضي، كاعتماد مرجعيّة الأشخاص بدلًا من مرجعيّة المبادئ».

ورأى أنّ أهمّ المعوّقات التي واجهت الثورة «هي الانقسام الحاد في صفوف المتصدّين للحراك من قادة أو زعماء أو ما شاكل، فالمعارضة فشلت في الاتفاق على إسقاط شرعيّة الحكم من عدمه رغم سفك الدماء، وجلب قوّات احتلال أجنبيّة، فهناك من لا يزال يرى في سلمان حمد آل خليفة شخصيّة «إصلاحيّة» وجديرة بالثقة مثلًا».

ويعتقد مساعد أنّه لا يوجد للثورة أصدقاء، قائلًا «أعتقد أنّ بعض الأطراف الإقليميّة استغلّت الثورة لرفع رصيدها في المحاصصات السياسيّة، وحقّقت بعض المكاسب أخيرًا على حساب جراحات الشعب البحرانيّ، مع غياب المرجعيّة الثابتة وأقصد بذلك مرجعيّة المبادئ».

وعبّر مساعد عن خشيته من أن يتحوّل الحراك الثوريّ إلى روتين يوميّ، يستطيع نظام الحكم التعايش معه لعشرات السنين في ظلّ الدعم الإقليميّ الهائل، مضيفًا «لست متفائلًا بالمستقبل ما دامت شريحة واسعة من الشعب تراهن على هذه الدولة الإقليميّة أو تلك الجهة الحقوقيّة لتحقيق الأهداف المرجوّة».

وقدّم الناشط السياسيّ الشيخ محمد التلّ تقييمه لتجربة السنوات الخمس للثورة، بشيء من التفصيل، فقال «كلّ تقييم لا بدّ أن يرتكز على معرفة واقعيّة بالقوى المحرّكة للثورة، وكلّما قرب المقيم من الواقع كانت المصداقيّة أكبر».

ويرى التل أنّ التقييم ينبغي أن يلامس ثلاثة مستويات مهمّة جدًّا:

المستوى الأول: الرموز القادة، ويشرحه بالقول، «في اعتقادي أنّ الرموز القادة في البداية قد نجحوا في توجيه الثورة نحو بؤرة ضاغطة على النظام من أجل تلبية المطالب الشعبيّة العادلة، ومع تقدّم الأيّام بدأ الضغط يتراجع شيئًا فشيئًا، وهوما ينتج ضعفًا في الحراك وضياع البوصلة لدى المستويات التالية».

ويأتي المستوى الثاني المعنيّ بـ«النخبة»، «في هذه الثورة يلاحظ غياب قطاع كبير من النخبة في ردم الهوّة بين المستويين الأوّل والثالث، وهذا الغياب أثّر في حالة فهم الجماهير للقيادة الفهم الدقيق، وما زال الغياب ملحوظًا».

أما المستوى الثالث فـ«الجماهير» معنيّة به، حيث يقول الشيخ التلّ إنّ «الجماهير هي وقود الثورة وهي أكبر المضحّين، لذا نرى أنّ معظم من في السجون والمهجّرين هم من الجماهير، وهذا المعطى يشي بأنّ الجماهير تفتقد القيادات الميدانيّة من النخبة، إلا ما شذّ وندر، التي تأخذ بعزيمتها نحو تحقيق أهدافها، وتسبقها بتقديم التضحيات».

وعن المعوّقات، يضعها الشيخ التلّ في ثلاث نقاط:

– عدم انتهاز الفرص السياسيّة والثوريّة، ولاسيّما في السنتين الأولى والثانية من عمر الثورة.

– غياب التوجيه الميدانيّ المتمرّس في تنظيم الحراك الثوريّ، فقد كان يعتمد على الاجتهادات الشخصيّة، أكثر ممّا هو عمل منظّم.

– الخلافات الميدانيّة بين القوى الثوريّة أو بين القوى الثوريّة والقوى السياسيّة، في جمع النقاط؛ فعلى سبيل المثال في مسيرة واحدة ثلاث بنرات «يافطات»، كلّ بنر يتبع فصيل، وفي كلّ بنر عنوان مختلف.

أمّا التجاذبات الإقليميّة فيقرؤها التلّ كالتالي:«التأرجح بين القوّة والضعف هو سيّد الموقف، مع مَيل كفّة الضعف في الغالب، وذلك لأنّ النظام دُعم بقوّة وبشكل مباشر وصريح من النظام البريطانيّ والأنظمة الخليجيّة، ولكن ليس معنى ذلك أنّ هذا الوضع سيستمرّ، بل إنّ المستقبل البعيد يؤشّر على نجاح الثورة وانتصارها».

الناشط السياسيّ علي الفايز يرى أنّ «الثورة قد فجّرت روح العزّة والكرامة فينا، وجذّرت مفاهيم وحقائق سياسيّة وحقوقيّة بالممارسة، وأعطت دروسًا، وخلقت كوادر، وبيّنت معادن، وعرّفتنا أصدقاءنا وحلفاءنا بشكل أعمق، وكشفت أعداءنا بصورة أكبر، وسيستحيل الالتفاف على حقوق شعبنا،أو هزيمة مشروعنا، ولكن مازال الطريق صعبًا، ويحتاج إلى المزيد، لأنّ الهدف عظيم وتأثيرات انتصارنا ستتعدّى جغرافيّتنا، وقد نعبر طريق الألف عام في يوم بعبورنا جميعًا «كنخب بالدرجة الأولى» جسر اختبار الإخلاص، والصدق، والتسليم، والتوكّل، في يوم شعبنا قدّم وما زال يقدّم، فلديه مخزون ضخم من الصمود والاستعداد للعطاء، لأنّه مؤمن بثورته وقضيّته ومشروعه ونصر الله له».

ويقرأ الفايز أنّ أهمّ المعوّقات للثورة تتمثّل في منظومة القوى الدوليّة، وشرح هذه النقطة بالقول، «نحن نواجه منظومة الاستكبار التي اصطفّت بثقلها السياسيّ والعسكريّ والأمنيّ والدبلوماسيّ والإعلاميّ مع النظام، لكنّها لم تستطع أن تكسرنا،أو أن تؤثّر في إرادة شعبنا العزيز، ولعلّأهم المعوّقات قد أنتجها عملهم الدؤوب في محاولات الاختراق أو التلاعب، وزرع اليأس والفتنة، وخداع البعض بعناوين ومشاريع ظاهرها الخير وباطنها الشر،أو تخويف البعض أو ترغيبهم».

ويكمل «المعوّقات أيًّا تكن ليست مستعصية أمام البصيرة والوعي الذي يمتكله أبناء شعبنا، ونضج الأفراد والمؤسّسات العاملة، وستزول ببركة دماء الشهداء وتضحيات المعتقلين وصمود أبناء شعبنا وجهود المخلصين».

وبالنسبة لمستقبل الثورة، قال علي الفايز إنّ «ثورة شعبنا تمثّل عنصرًا فاعلًا في مقاومة المشروع الاستكباريّ وطبيعيّأن يكون التأثير الإقليميّ والدوليّ كبيرًا على واقعنا المحليّ، بحكم انتماء شعبنا للمقاومة، وارتباط النظام بالاستكبار ومشروعه بشكل كامل، نحن لم نختر أن تدوّل قضيّتنا لأنّنا نثق بأنفسنا وقدرتنا، ومشروعنا وطنيّ بالدرجة الأولى، ولكنّ النظام هو من اختار ذلك عبر دعوته قوّات آل سعود المحتلّة، وصولًا لإعطائه البريطانيّين قاعدة عسكريّة في البحرين».

وبنبرة يقينيّة يقول الفايز، «نحن منتصرون أوّلًا بحكم أحقيّة ثورتنا ووطنيّة مشروعنا والاحتضان الشعبيّ له، وثانيًا بحكم عدم وجود مشروع مقنع للنظام، ما يجعله يوغل في العمل الأمنيّ ضدّ شعبنا، وبالتالي يزيد من عزلته وضعفه، ويستنزف كلّ عوامل بقائه، ولا يدع لرعاته من سبيل أو مبرر مقنع للدفاع عنه، وثالثًا بحكم انتصارات حلفائنا في محور المقاومة وتصاعد قوّتهم».


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2016073348


المواضیع ذات الصلة


  • أسرار واعترافات… ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «عناصر من الدرك الأردنيّ شاركوا في هجوم الدراز فجرًا» 2-3
  • أسرار واعترافات.. ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «جئنا من أجل المال.. ولسنا مضطرّين إلى تحمّل نتائج سقوط هذا النظام» 1-3
  • أسرار واعترافات.. «الدرك الأردنيّ في قبضة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *