Friday 19,Apr,2024 16:24

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

منامة بوست تجري استطلاعًا واسعًا عن ثورة 14 فبراير التقييم..المعوّقات..الاستشراف «الجزء الثاني»

منامة بوست (خاص): تستكمل «منامة بوست» استطلاعها حول تقييم الثورة، وقراءة معوّقاتها واستشراف مستقبلها، مع نخبة من النشطاء والإعلاميّين والعاملين في سلك الحراك المطلبيّ منذ الرابع عشر من فبراير

منامة بوست (خاص): تستكمل «منامة بوست» استطلاعها حول تقييم الثورة، وقراءة معوّقاتها واستشراف مستقبلها، مع نخبة من النشطاء والإعلاميّين والعاملين في سلك الحراك المطلبيّ منذ الرابع عشر من فبراير/شباط 2011.

الناشط السياسيّ المقيم في لبنان يحيى الحديد يرى أنّ شعب البحرين المناضل خاض تجربة مهمّة، شكّلت منعطفًا مهمًّا في تاريخه، هي ثورة 14 فبراير.

ويتحدّث الحديد لـ«منامة بوست» عن أنّ هذه الثورة كشفت 3 عوامل أساسيّة ومهمّة:

أوّلًا، أظهرت أنّ النظام الخليفيّ في البحرين لا يملك مقوّمات ذاتيّة للبقاء، وليست لديه القدرة على الاستمرار من دون دعم خارجيّ.

ثانيًا، كشفت الوجه الحقيقيّ للمجتمع الدوليّ، وبالأخصّ الإدارة الأميركيّة والحكومة البريطانيّة. فبينما يدّعي الأميركيّون دعمهم للديمقراطيّة في الشرق الأوسط واحترامهم لحقوق الإنسان. وقفوا إلى جانب النظام الذي يعتبر حليفًا استراتيجيًّا لهم، بالرغم من كلّ ممارساته القمعيّة وجرائمه اللا إنسانيّة، وفضحت دور البريطانيّين في دعم الأنظمة الديكتاتوريّة.

ثالثًا، بيّنت دور السعوديّة في محاولة الإجهاز على أيّ ثورة، أو منع نشوب أيّ حركة احتجاجيّة في منطقة الخليج، لأنّها تشكّل تهديدًا حقيقيًّا لمكانتها ومصالحها.

ويقرأ يحيى الحديد المعوّقات من خلال قسمين، معوّقات داخل البحرين، تتجلّى في:

• عدم وجود قيادة ميدانيّة ذات خبرة.

• العمل الارتجاليّ الذي أدّى إلى انكشاف الغطاء الأمنيّ عن كثير من النشطاء.

• عدم توحيد العمل بين مكوّنات الثورة وانقسامها.

• عدم القدرة على مجاراة الحكومة على الصعيد الأمنيّ، والاستهتار بقوّة الخصم الذي يملك إمكانيّات هائلة.

• غياب شبه تام للكوادر الفاعلة التي تمتلك إمكانيّات تخوّلها إدارة الملف الثوريّ.

ومعوّقات خارج البحرين تتمثّل بـ:

• غياب مرجعيّة خارجيّة جامعة لجميع الكوادر العاملين خارج البحرين.

• قلّة الخبرة على صعيد العمل السياسيّ والإعلاميّ، وعدم السعي إلى تكوين شبكة علاقات عامة مع صانعي القرار في الدول الرئيسة.

• عدم استثمار الإنجازات في الملف الحقوقيّ كما يجب، وبالتالي عدم توظيفها لخدمة الملف السياسيّ.

• إهمال العمل السياسيّ في الخارج، وتحويل الجهد المبذول ليكون حقوقيًّا صرفًا، وعدم العمل على تشكيل لوبيات وقوى ضاغطة في عواصم القرار.

• تدنّي مستوى التنسيق في الخارج.

وفي استشرافه عن مستقبل الثورة، يقول الحديد، «يعتمد الحراك الثوريّ في البحرين، بالدرجة الأولى، على إرادة الشعب وقدرته على الاستمرار والصمود والإصرار على تحقيق مطالبه. وإمكانيّة استمراره تتوقّف على مدى صبر البحرينيّين وقدرتهم على المواجهة.

لا شكّ أنّ للفضاءات الإقليميّة، وبالأخصّ تلك القريبة جغرافيًّا من البحرين، والتغيّرات الكبرى وإعادة ترتيب موازين القوى تأثير على أيّ مبادرة أو أيّ حلّ سياسيّ ينشأ. لكنّ الكلمة الأولى والأخيرة هي لشعب البحرين، الذي يمتلك وعيًا سياسيًّا وقدرة على تقييم خياراته، وبالتأكيد ثقة بالقيادة السياسيّة الحكيمة التي تحمل هموم الناس وتسعى للوصول إلى نيلهم حقوقهم، وتلبية مطالبهم، وترفض الالتفاف عليها».

أمّا الناشط الحقوقيّ حسن عبد النبي، فهو يعتقد أنّ الثورة البحرينيّة اكتسبت احترامًا كبيرًا لدى مختلف الأوساط، فيقول، «من ينظر لثورة شعب البحرين اليوم يقف إجلالًا واحترامًا لعظيم تضحياتهم؛ فرغم التآمر الدوليّ، وتخاذل الإعلام، وشراء الذمم، وتشويه الحقائق، فإنّ إيمانهم يكبر بمشروعيّة مطالبهم، وإصرارهم على مواصلة العطاء حتى تحقيق الانتصار يزداد»..

لكنّه يستدرك، «نعم في الآونة الأخيرة خفّت الحركة الميدانيّة، وتراجعت كثيرًا، ولها أسبابها الطبيعيّة، وما يجري على شعبنا ليس بالأمر العادي، بل فعلًا هو مرحلة استثنائيّة ومنعطف خطير، ومنه زيادة جرعة القمع والإرهاب التي فاقت تصوّرات المراقبين والمواطنين،حتى المعارضين، حيث وصلت أحكام الشباب بالإعدام وآخرين إلى أحكام خياليّة وصل بعضها إلى أكثر من ١٠٠ عام، وتمّ إسقاط الجنسيات عن أكثر من ٢٠٠ مواطن ظلمًا وانتقامًا؛ كما ارتفعت بورصة البطش من: فصل، وتمييز طائفيّ، وتهميش لا مثيل له، ناهيك عن اختطافات المطلوبين ومن يأويهم أو يساعدهم، بطرق بوليسيّة وصاحب ذلك اعتقال أكبر قيادات في المعارضة، وما تبقّى من أصوات عالية جعلت الساحة السياسيّة فارغة وفي صدمة، حيث انعكس ذلك على الحركة الميدانيّة التي تحاول بين كرّ وفرّأن تعزز وجودها وتؤكّد صمودها، وها هي الهامات والأجساد تحمل أرواحها على كفّها من جديد لتحيي ذكرى ثورتها المجيدة في الـ١٤ من فبراير، وسيعود بذلك عنفوان ثورتنا العظيمة».

عبدالنبي يجد أنّ التعويل على التغييرات الإقليميّة هو أهم عائق للتقدّم الثوريّ، حيث قال، «أهمّ المعوّقات هو الاعتماد أو انتظار التغيّرات الإقليميّة بالنسبة للقوى السياسيّة، وعدم إيجاد البرامج الواضحة المؤثرة البديلة، والتخطيط المستقبليّ في حال اعتقال صفوفها الأولى، حيث جعل الساحة فارغة من الفعاليّات وممن يقودها ولو على مستوى الخطاب».

مضيفًا، «أما بالنسبة لأفراد شعبنا، فكثيرون للأسف صاروا يتّكلون على الآخرين في تقدّم ساحات العمل والنضال، وتحوّلوا لأقسام متفرّقة، فمنهم ناقدون، ومنهم موجّهون، وآخرون متفرّجون، وبعضهم لا مبالون رغم أنّهم متضرّرون، ولكنّهم يفضّلون الصمت ظنًّا منهم أنّه قد يشفع لهم من نظام فقد مروءته وشرفه، وهو يتربّص بهم في أي لحظة للانتقام والتشفّي».

ويؤسّس عبدالنبي رؤيته للمعوّقات على جملة أخرى من التحدّيات، فيقول «من المعوقات أيضًاعدم الحصول على الدعم الكافي – معنويًّا وماديًّا – والتكاتف الاجتماعيّ قلّ كثيرًا حيث صار كثيرون يخشون إيواء المطاردين،أو دعمهم خوفًا من الاتهامات الكبرى، وبطش الجلّادين، ناهيك عن حرمانهم وسلبهم ما تبقّى من الحقوق المعيشيّة وغيرها»..

وفي استشرافه لمستقبل الثورة، يجيبنا حسن بالآية الكريمة:«إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ..» صدق الله العليّ العظيم.

مضيفًا: «حراك شعب البحرين حراك قلّ نظيره، فقد أذهل الأصدقاء قبل الأعداء بإيمانه وصمودة وثباته وإصراره.

نعم، نحن لم نتقدّم إلى الآن، ولم نحقّق شيئًا ملموسًا في الوقت الحالي، لكن يكفي أنّنا لم نتراجع أو نستسلم أو حتى نفكّر في تقديم تنازلات، وهذا في حد ذاته إنجاز وانتصار على مستوى ما يتعرّض له الناس بشكل يوميّ من ظلم فاق الحدود..

نعم، نشاهد القيادات السياسيّة والعلمائيّة داخل السجن وخارجه توكّد دائمًا وأبدًا الصمود والاستمرار، ويقينها الذي يزداد يومًا بعد يوم بأنّ الثورة لابدّأن تستمر، وأنّ تحقيق المطالب لابدّ منه مهما كانت التكلفة، وهم مستعدّون لدفع الثمن..

فشعب بهذه الروح والمعنويّات والصبر والثقة الكاملة بنصر الله ووعده للمستضعفين، ومن كان مع الله كان الله معه، وما النصر إلا من عند الله».

أمّا الناشط السياسيّ المقيم في ألمانيا يوسف الحوري يبدأ تقييمه بالقول «أنّ تجربة ثورة البحرين بعد إتمامها خمس سنوات، ورغم موقف دول الخليج السلبيّ تجاهها، بات عليها أن تبحث لها عن مخرج من تعقيدات الحلّ والمساومات الإقليميّة والتسويات الدوليّة، بحيث يفرض الشعب ومعارضته واقعًا جديدًا يجبر المجتمع الدوليّعلى الالتفات إليه، بدل اعتباره ورقة هامشيّة قبال الملف السوريّ الضخم والملف اليمنيّ الثقيل.

الحوري يعتقد أنّ أهمّ المعوّقات التي مرّت بها ثورة فبراير هي «الأنانيّة الحزبيّة، سواء من السياسيّين أو الحقوقيّين، وشهوة احتكار العمل في أفراد أو جماعات معيّنة».

محذّرًا من ذلك، «كما ذكرت سالفًا، لابدّ من الخروج من لعبة التجاذبات الإقليميّة، وفرض الإرادة الشعبيّة كي لا نظلم في صفقات وتسويات إقليميّة ودوليّة».

والتقت «منامة بوست» بالمدير التنفيذيّ لمنظّمة «أمريكيّون من أجل الديمقراطيّة» حسين عبدالله، ومقرّها واشنطن، وسألته الأسئلة ذاتها، فقيّم وضع الثورة كالتالي «التجربة بشكل عام أكثر من ناجحة، وأبهرت الكثير من المتابعين ونالت إعجابهم بسبب صمود الشعب في حراكه ومواصلته الفعاليّات الاحتجاجيّة، رغم شدّة القمع والبطش الحكوميّ. وما يميّز ثورتنا هو مطالبها العادلة الحقّة، وسلميّتها وشكلها الحضاريّ. فقد استطاع الشعب أن يتأقلم مع شدّة القمع، وأصبح الحراك المطلبيّ جزء من حياته، وأصبح كلّ فرد بالطاقة المتوفرة لديه يخدم الحراك بشكل أو بآخر. فكلّما علت أصوات تنادي بالانهزاميّة والتراجع، يردّ الشعب عليها بالمزيد من الحراك، وهو دليل على حيويّة الثورة، لا توجد في العالم كلّه ثورة تستمرّ بوتيرة واحدة، فهناك فترة نشاط وحراك قويّ، وهناك فترة فتور، ولكن هذا ليس معناه نهاية الحراك، بل هذه طبيعة الثورات على مرّ التاريخ، حيث لا توجد وتيرة واحدة أو نغم واحد.

فهنيئًا للشعب بثورته وهو فخر لنا جميعًا، فقد وصلت نداءاتهإلى جميع المحافل الحقوقيّة الدوليّة بسبب صموده وحراكه الحضاريّ.

عبدالله رأى أنّ هناك ثلاثة أمور معوّقة هي:

الأوّل: عدم وجود رؤية سياسيّة ومشروع سياسيّ واضح، أو خارطة طريق لما تريده المعارضة السياسيّة. بمعنى: هناك شعارات فضفاضة وكتابات عامّة، لكنّ مشروع واضح المعالم بنقاطه المختلفة وكيفيّة الوصول إلى الهدف غير واضح.

الثاني: بثّ الروح الانهزاميّة بين الناس، إذ نسمع من فترة إلى أخرى من ناشطين في المجال الخيريّ أو سياسيّين أو نوّاب سابقين، بأنّ الناس تعبت وتريد أن تتراجع، وبدأت بالندم. طبعًا هذا الكلام افتراء، ولكنّه خطر على معنويّات الناس، والمطلوب من القادة السياسيّين داخل البلاد وخارجها أن يواجهوا هكذا أفكار انهزاميّة بأفكار إيجابيّة مفعمة بالعزيمة ومواصلة الحراك؛ فالخطر الحقيقيّ على الثورة ليس من خارجها بل من النفوس المريضة داخل البيت.

الثالث: تحوّل الجمعيّات السياسيّة إلى جمعيّات حقوقيّة، وتحوّل السياسيّين إلى حقوقيّين، وهذه ظاهرة جدًّا سيئة وغير صحيّة، وتدلّ على نقص في الأفق واستراتيجيّة العمل. عندما يصبح لكلّ جمعيّة سياسيّة لجنة رصد، ولجنة حقوق الإنسان، وتصبح كلّ نشاطاتها عبارة عن نشاطات حقوقيّة، فهذا هو الضياع بعينه!

ونفى مدير «أمريكيّون من أجل الديمقراطيّة» أن يكون للتجاذبات الإقليميّة دور رئيس في حلحلة الوضع المحلّي، وأسهب بالقول «يخطئ من يقول إنّ الحلّ السياسيّ أو أيّ تسوية في البحرين موجودة على طاولة التجاذبات الإقليميّة، والحلّ سيكون إقليميًّا. إذا انتظرنا الحلّ الإقليميّ فلن يتغيّر الحال أبدًا، البحرين ليست بتلك الأهميّة أو الثقل السياسيّ، ولكن ما أريد أن أقوله إنّ حراكنا وثورتنا بأمان بسبب وجود قيادة آية الله الشيخ عيسى قاسم، وبسبب صمود القادة السياسيّين في السجن: كالأستاذ عبدالوهاب حسين، الأستاذ حسن مشيمع، الشيخ علي سلمان، الدكتور عبدالجليل السنكيس، وغيرهم من الرموز الصامدين الصابرين ومن خلفهم آلاف المعتقلين الذين يرسمون لنا جميعًا طريق النظال السلميّ الحضاريّ الذي يسير عليه الشعب حتى تحقيق المطالب.


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2016075156


المواضیع ذات الصلة


  • أسرار واعترافات… ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «عناصر من الدرك الأردنيّ شاركوا في هجوم الدراز فجرًا» 2-3
  • أسرار واعترافات.. ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «جئنا من أجل المال.. ولسنا مضطرّين إلى تحمّل نتائج سقوط هذا النظام» 1-3
  • أسرار واعترافات.. «الدرك الأردنيّ في قبضة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *