Thursday 28,Mar,2024 18:17

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

فورمولا ملطّخة بالدم… سباق على وقع الانتهاكات…

نيكولاس وود: مجدّدًا، تستضيف مملكة البحرين سباقات الفورمولا 1 العالميّة، في محاولة من النظام الحاكم الإيحاء للعالم أجمع برقيّه وحضارته وسعيه إلى الارتقاء إلى أعلى الدرجات من خلال استضافة هكذا حدث رياضيّ مهم

نيكولاس وود*

مجدّدًا، تستضيف مملكة البحرين سباقات الفورمولا 1 العالميّة، في محاولة من النظام الحاكم الإيحاء للعالم أجمع برقيّه وحضارته وسعيه إلى الارتقاء إلى أعلى الدرجات من خلال استضافة هكذا حدث رياضيّ مهم.

والأهم من هذا كلّه، هو الإصرار الدوليّ على منح النظام البحرينيّ هذه الأهميّة من خلال إعطائه الفرصة مرّة أخرى لاستضافة هذا السباق الدولي الذي يتابعه الملايين حول العالم.

لكن، على الرغم من كلّ هذا الاهتمام الدولي بالسباق، والتهافت العالمي على متابعة مثل هكذا سباقات، وعلى الرغم من أنّ البحرين يهمها من خلال استضافة مثل هكذا مسابقات، أن تظهر بمظهر جيد أمام العالم، بكلّ المجالات، بدءًا من التنظيم الجيّد والناجح للسباق، مرورًا بعدم منح أحد أيّ فرصة لانتقادها في أيّ تعاطٍ غير سوي داخل المملكة، فإنّ النظام الحاكم في البحرين أصرّ بشكل واضح على رمي كلّ هذه الأمور خلف ظهره، والتعاطي مع شعبه بالطريقة الإجراميّة نفسها بل وأزيد.

فالنظام في البحرين يصرّ على سياسة الاضطهاد والإجرام التي يتبعها منذ سنوات طويلة تجاه شعبه، ويعمد في كلّ يوم إلى ممارسة هذه السياسة اتجاه أبناء الشعب الذين خرجوا قبل أكثر من ستّ سنوات للتعبير عن آرائهم الحرّة والمطالبة بالديمقراطيّة التي هي أقل الحقوق التي يجب أن يحصل عليها المواطن في أيّ دولة.

ممارسات النظام الديكتاتوريّة بحقّ شعبه لم تخف أو تضعف على الرغم من أن هذا النظام يحاول أن يلمع صورته أمام العالم، ليظهر بصورة النظام الديمقراطي الحاضن لشعبه والمتطلع إلى تعزيز وضع المواطنين في بلده. حيث إنّه يعمد في كل يوم إلى الممارسات التي تظهر دمويّته وإجرامه وعنجهيّته، واضطهاده لأبناء الشعب دون تمييز بين صغير وكبير أو بين رجل وامرأة، ووصل الأمر به إلى إعدام ثلاثة شبّان دون أي رحمة، ودون أي محاكمة عادلة أو حتى السماح لهؤلاء الشبان بالدفاع عن أنفسهم، حتى أنّ التهم التي ساقها النظام لهؤلاء كانت مزيّفة، وهي محاولة منه للتشفي من بعض الناشطين الذين لا يريد حتى أن يسمع صوتهم، أو أن يعبّروا عن آرائهم المخالفة له.

نظام بهذه الدموية وهذا الإجرام، من المؤلم والمؤسف أن يُمنح جائزة استضافة هذا السباق العالمي، ومن المجحف بحقّ الشعب أن يتغاضي العالم أجمع عمّا يحصل في البحرين من انتهاكات وارتكابات بحق المواطنين، ويعمل على إعطاء هذا النظام صك براءة عن كلّ جرائمه من خلال السماح له مجدّدًا بأن يكون في عداد الدول التي تستضيف الفورمولا 1، في تجاهل واضح لكلّ المعاناة التي يمرّ بها الشعب البحريني جراء ممارسات النظام.

ولعلّ هذا التعاطي الدولي والمتجاهل لكلّ آلام الشعب البحرينيّ يدفع النظام بشكل أكبر إلى التشديد في تسلطه واضطهاده، والتعنت أكثر وأكثر في تعاطيه مع شعبه، في ظل التعامي العالمي عن كلّ ما يمر به الشعب البحرينيّ وما مر به خلال السنوات الماضية من تعذيب واعتقال وقتل ومداهمات، وأمام مرأى العالم أجمع ودون أي خجل.

والواضح في هذا المجال، أنّ النظام البحرينيّ ما زال يحظى بدعم القوى الكبرى في العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، على الرغم من ادعاء هذه القوى بشكل مستمر أنّها تعمل على محاربة الاضطهاد، وأنها تحافظ على حقوق الإنسان في العالم، في حين يعاني الشعب البحريني ما يعانيه من آلام وعذاب جراء الأفعال الديكتاتورية التي يمارسها حكام البحرين، ولا بدّ من الالتفات إلى أنّ الدول الكبرى التي تتظاهر بأنّها حامية الحرية في العالم، ما هي إلا دول تجري وراء مصالحها حتى لو كان ذلك على حساب الشعوب، وأبرز دليل على ذلك ما يحصل في البحرين، وطريقة تعاطيها مع هذا البلد الصغير.

فالولايات المتحدة الأمريكية ما زالت حتى اليوم تعقد الصفقات الضخمة للأسلحة مع مملكة البحرين دون أي رادع، مع كل ما تراه من انتهاكات يوميّة بحقّ أبناء الشعب البحريني على أيدي حكّام البحرين، ومع كلّ ما تشاهده من حالات اعتقال وقتل وتعذيب ومنع من العلاج وتضييق على النشطاء واستدعائهم، إلا أن مصالحها تقتضي أن تستمر في دعم هذا النظام المستبد.

العار لن يلحق النظام البحريني فحسب، بل العار سيطال كلّ من دعم هذا النظام ووقف إلى جانبه، وكلّ من سكت عن الحقوق المهدورة للشعب المظلوم في البحرين، وسيصل هذا العار أيضًا إلى من سمحوا لبلد تحصل فيه كلّ هذه الانتهاكات في مجال حقوق الإنسان بأن يستضيف سباقًا عالميًّا كالفورمولا 1، دون أن يرفّ لهم جفن أمام مشاهد الاضطهاد التي تلحق بالشعب في كلّ لحظة.

*ناشط حقوقيّ كنديّ


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2017124722


المواضیع ذات الصلة


  • الشهيد أحمد اسماعيل.. «ما لم توثّقه العدسة»
  • الكمائن المفضوحة للن­ظام في محاكمة الشيخ عيسى أحمد قاسم.. سمٌ وعسل!!
  • فورمولا الدم من جديد… سباق في ضيافةِ مستبدّ..
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *