Thursday 28,Nov,2024 06:53

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

حكاية «نجله – نجلاء» أخت ناصر بن حمد.. «يا لثارات القبيلة»..!

منامة بوست (خاص): اعتاد فرسان العرب قديماً في معاركهم وحروبهم، في عصر الجاهليّة وبعد الإسلام على حدٍّ سواء، أن «يرتجزوا» القصائد والشعر ارتجالاً حين مواجهة الخصم في ساحة

منامة بوست (خاص): اعتاد فرسان العرب قديماً في معاركهم وحروبهم، في عصر الجاهليّة وبعد الإسلام على حدٍّ سواء، أن «يرتجزوا» القصائد والشعر ارتجالاً حين مواجهة الخصم في ساحة المعركة، ويعتبر إنشاد شعر الفخر والحماسة في وجه الخصم، ضرباً من ضروب «الاستفزاز النفسيّ» قبل بدء القتال. وإن لم يكن الفارس شاعراً أو حافظًا للشعر، فإنّ ميادين المعارك لا تخلو من الشعراء الذين يرافقون القبيلة في حربها، لشحذ الهمم وبثّ العزيمة والحماس في نفوس المقاتلين.
فقد كان شعر المفاخرة والاعتداد بالنفس بين قبائل العرب في ذلك الحين، أحد أهمّ الأسلحة الحادّة وأقواها أمام العدوّ في ساحة الحرب، من «الجانب النفسيّ» تحديداً، فالكلمة أحَدُّ من «ضربة السيف وطعنة الرمح». ومن أشهر الشخصيّات التاريخيّة التي مارست هذه الحرب الإعلاميّة والنفسيّة، «سيف الدولة الحمداني»، الذي رافقه الشاعر المعروف «أبو الطيّب المتنبّي»، ليكون بمثابة «قناة فضائيّة»، تمدح انتصارات سيف الدولة باستخدام شعر الفخر والاعتزاز والحماسة في مختلف الأقاليم. وهو الذي أنشد في إحدى قصائده بيتاً مشهوراً من الشعر، تسبّب في قتله:
الخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي **** وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ
لسنا بصدد تقريرٍ تاريخيّ، أو محاضرةٍ أدبيّة، بل هي إسقاطات سريعة على وقائع حدثت في الماضي، تركت آثارها جيلاً بعد جيل، من خلال الأدبيّات المتوارثة حتى يومنا هذا، ومعظم هذه الوقائع رسمت معالم تعاطي البشريّة مع بعضها البعض حتى يومنا هذا. وما هذه المقدّمة إلا مدخل «لمتنبّي هذا العصر»، «نجل أحد أكثر الحكّام دكتاتوريّة وإجراماً، فتى أبيه المدلّل»، و«الفائز الأوّل في كلِّ محفل»..، نعم إنّه «الجلاد ناصر بن حمد آل خليفة»، «الفارس والشاعر و.. و.. و..و»… ألقاب كثيرة ومراكز عالميّة دفع لأجلها «الوالد المغرور، لعيونك يناصر» مليارات لا تُعَدُّ ولا تُحْصى، والسبب، وبحسب أحد أفراد عائلة آل خليفة، أنّ حمد بن عيسى يرى في ابنه ناصر «عنفوان شبابه، ويرى أنّه نسخةٌ أخرى منه، وأنّ ناصر نفّذَ جزءًا من طموحاته التي لم يتمكّن من تحقيقها حينما كان وليّاً للعهد، وهدّد بسحق قرى البحرين بدبابات ومدرّعات الجيش لمجابهة انتفاضة تسعينيّات القرن الماضي، بحكم منصبه كقائد عام لقوّة دفاع البحرين. وما تعذيب ناصر لرموز قادة المعارضة الوطنيّة في المعتقل، إلا «شفاء غليل» لعقدة حمد بن عيسى التي ترسّخت جذورها بكلّ قوةٍ في «ذاكرة فارس تلك المرحلة»، هنا يستحقّ ناصر بن حمد الحصول على المركز الأوّل وبكلّ جدارة في «جرائم التعذيب والانتهاكات الإنسانيّة»، دون أن يشتري له والده هذا المركز، فقط هذه المرّة!
تقريرنا هذا «لتفكيك رموز أرجوزته» قبل تحليقه إلى عاصمة الضباب، يوم الخميس الماضي، 23 أكتوبر/ تشرين أول 2014. «الأرجوزة» التي أبدى «فارس التعذيب» فيها استعداده للتضحية بنفسه من أجل «دارين»، والتغنّي بـ«نَجْلَه – نجلاء»، قبل التوجّه إلى «ساحة المعركة القانونيّة» – لندن، لتسليط الضوء على فصلٍ من فصول عداء عائلة آل خليفة الغازية لأرض البحرين وحقدها، وغلّها على شعب البحرين الأصيل، حيث أعمتها الطائفيّة المقيتة، و«ثارات البداوة». ونعيد نشر «أرجوزة» الفتى مرّة أخرى، رغم أنّها لن تنسى:
يقول نــــاصر واسمــــعوا شقوله *** وأنـــا فدا داري وأنا أخو نجله
جيتك يا لندن والحكي ويش قوله *** خـــابت ظنونه والظنون الخجله
هذان البيتان اللذان تغنّى ناصر بن حمد بهما في طائرته الخاصّة قبل الإقلاع إلى لندن.. وبغضّ النظر عن الشطر الأخير الذي يتحدّى فيه المعارضين والمُدَّعين عليه في القضاء البريطانيّ، بعد صدور قرار إسقاط الحصانة الدبلوماسيّة عنه مطلع أكتوبر/ تشرين الحالي.
من هنا نطرح هذا السؤال، من هي «نجلاء» أخت ناصر بن حمد؟
كما أسلفنا في مقدّمتنا، فإنّ فرسان قبائل العرب اعتادوا إنشاد الشعر في ساحات المعارك، لكنّ الوضع هنا مختلف حينما يرتجز «البدويّ» الشعر بروح التحدّي والاعتداد بالنفس، فغالباً ما يُنشده حين الظفر بغنيمةٍ، بعد معركة شنيعة أراق فيها أنهراً من الدماء. ومن غير الممكن أن ينكر البدويّ طبيعة تركيبته الرّعنة، ونهمه في السلب والنهب والاستيلاء والغزو، بل يفتخر ويعتدّ ويتشدّق بجرائمه دون استحياء، ويعتبرها شجاعة! والقبائل البدويّة تعترف وتدرك أنّها لا يمكنها الاستمرار في الحياة دون ارتكاب هذه الجرائم، مهمّا تغلّف البدويّ بطابع الحياة المدنيّة والعصريّة، إذ لا يمكن لأيّ إنسانٍ الانسلاخ من طبيعته وفطرته التي وُلدَ عليها ونشأ وتربّى وشاب، ويموت عليها.
وقد تكون هذه الحسنة الوحيدة لعائلة آل خليفة، وهي استمرار اعتزازهم بقبليّتهم وبداوتهم، التي أصبحت «وصمة عارٍ» على جبهة القبيلة، منذ أن وطأت أقدامهم «غزواً» لأرض البحرين، قبل أكثر من 230 سنة، وليس «فتحاً» كما يدّعون.
من المعروف أنّ إقليم الخليج تحكمه «مشيخات» تعود أغلب أصولها لقبائل «بدويّة» من صحراء «شبه جزيرة العرب – السعوديّة»، ومعظمها يرتبط بعضها ببعض بالنسب والمصاهرة وعوامل أخرى. وحينما يُنشد البدويّ الشعر، يتغنّى ويفتخر بحسبه ونسبه وأصله واسم قبيلته، «وأفخاذها – فروعها»، أو حين زيارته أو استقباله أحد الأقرباء. وقد اتخذت هذه «المشيخات، أسماء أخواتٍ لها مجازاً»، كي تتغنّى بها في قصائدها، وتُعرفُ به حين تُلْمَزُ به. وبحسب المصادر، فإنّ «أسماء الأخوات لمشيخات الخليج البدويّة» هي كالتالي:
حكّام «السعوديّة – آل سعود» – يُلقبّون بإخوان نوره – وهي نورة بنت عبدالعزيز آل سعود.
حُكّام «الإمارات» – يُلقبّون بإخوان شمّه، وهم أبناء الشيخ سلطان: شخبوط، هزّاع، خالد وزايد.
حكّام «قطر- آل ثاني» – يُلقبّون بإخوان روضه، وقيل شمّه.
حُكّام «البحرين – آل خليفة» – يُلقبّون بإخوان نجلا – نجلاء.
حُكّام «الكويت – آل صباح» – يُلقبّون بإخوان مريم.
إذن هذا الجزء الصغير يكشف لنا من هم إخوان «نجله – نجلاء»، عائلة آل خليفة لُقِبُّوا بإخوان «نجله – نجلا – نجلاء» وفي أكثر من مناسبة. ويتبقّى لنا تتمّة تاريخيّة لهذا الجزء، وكي تتضّح الصورة أكثر، علينا أن نعرف من هي «نجله – نجلاء»، وما حكايتها؟ فبالرغم من اختلاف الروايات اختلافاً طفيفاً لا يُذكر، فإنّه لا يُغيّب رمزيّة «نجله – نجلاء» لدى ناصر بن حمد وعائلته، ولا بدّ من الإشارة هنا أنّ ناصر لديه «أخت غير شقيقة اسمها نجلاء»، أمّها سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، أم وليّ العهد سلمان بن حمد آل خليفة، وزوجة حمد بن عيسى آل خليفة الأولى.
وبحسب «مصادر بدويّة» عديدة ومختلفة، فإنّ الحكاية الأكثر انتشاراً هي، أنّ «نجله – نجلاء» هي امرأة قُتلت في عهد الملك سعود آل سعود على يد «شيعة القطيف» بالسعوديّة، وجاء قومها لأخذ الثأر لها، وعُرفت فيما بعد بـ«واقعة إخوان نجلاء»، وقد وصفها «المستشرق والمؤرّخ البريطانيّ جون لوريمر في كتابه المشهور: دليل الخليج، بالمجزرة». وهذا نصّها – بتصرّف من «منامة بوست»:
نجلاء امرأة عجوز من «فخذ – فرع» المسارير من بني هاجر، وزوجها سعود بن بريكان من القروف، وهم من آل محمد، زوجها كان مريضًا فعزمت وإيّاه على الرحيل إلى «بلدة دارين»، لوجود طبيب شعبيّ في ذلك الوقت، وكان أهلهما مع بني عمّهما بني هاجر بوقت «ربيع مربّعين – فصل الربيع» بمنطقة السودة شمالًا وبعيدًا عن مناطق القطيف والدمام.
وعندما مرّت نجلاء، وهي تقود زوجها المريض على ظهر البعير، على «بلدة القطيف» متّجهين لـ«دارين»، اعترض أهالي «القطيف» الطريق عليهما، وذبحوا «نجلاء وزوجها»، لثأر سابق بينهم وبين بني هاجر، وقيل أنّ البعير عاد بعد فترة لأهله وعليه آثار دماء صاحبه، وكان هناك رجلٌ «خالدي»، عرف من وسم البعير أنّه لبني «هاجر»؛ فاتّجه لأحد شيوخ بني خالد في «منطقة عْنَكْ – إحدى مناطق القطيف» وأخبره بالحادثة، فأرسل هذا الشيخ مرسولًا لبني «هاجر» يخبرهم، فركب «علي بن عايد – أحد شيوخ بني هاجر»، وبعض «بني هاجر» واتّجهوا إلى القطيف وذبحوا الكثير من أهل «القطيف» ثأراً لقتل نجلاء و زوجها، إلى أن فرّ أكثرهم يسبح في البحر والبعض «زبن» على بني خالد. (ربما يقصد الراوي هنا بكلمة – زبن – أنّه اتجه نحو قبيلة بني خالد، باللهجة البدويّة).
وقيل أنّ ابن عايد قال: رفيقنا مريض ويمكن أنّه واجه الله قبلهم، لكن هم الذين ذبحوا نجلاء، ومن «لا يعتزي – أيّ لا ينتسب» بنجلاء اليوم ليس منّا. «فاعتزى – أي انتسب» هو وأتباعه بنجلاء. وهتفوا «كلنا إخوان نجلاء»، وأضاف، أنّ رجلاً مُسنّاً من الشيعة قال، «ما أكثر هؤلاء البدو، وهل كُلُهم إخوان نجلاء»..؟! ويقال أنّ شيخهم «علي بن عايد» قتل أربعين رجلاً، حتى خرج شاعرهم في ذلك اليوم يقول:
ليت نجلاء تشوف بعينها الزينة *** يوم غرّنا عليهم بالضحى العالي
وقال شاعرٌ آخر اسمه خالد آل سويكت الهاجري:
اخوان نجلا يـوم نجـلا نختنـا

جينا سكارى شايشيـن وملبيـن

يوم ان بعـض أفعالهـم رجحتنـا

صرنا نرجح مايـلات الموازيـن

حنا هواجـر والمراجـل سبتنـا

سبي الغنايم للرجـال الكريميـن

من ساس سلطان العرب انسبتنا

حنا عيال العـود حنـا قحاطيـن

حنا الشكالـه والشكالـه لفتنـا

لفو القريب اللي لفى له قريبيـن

كـل القبايل بالنعـم عارفتنـا

مٱ‏ ينكر المدات كـود الحسوديـن

بسيـوف لامنـا طلبنـا عطتنـا

نقلط بها فالحرب مثل الشياطين

بأيماننـا نرسـم ونبنـي بختنـا

وبافعالنا كنـا ونبقـى سلاطيـن

هذه حكاية نجلاء التي لا زال ناصر بن حمد يريد الثأر لها بعد أكثر من حوالي سبعة عقود، وقد ذكرت بعض المصادر أنّ بين «المُتّهمين» بدم نجلاء وزوجها «بحارنة» بين شيعة القطيف، نظرًا لوجود نسب تاريخيّ بين أهل القطيف والبحرين، وارتباطٌ جغرافيّ، وهو بحثٌ آخر يطول مقامه وشرحه.

ثأر «نجلاء» تمثلّ لناصر في كلّ معارض يرفع عليه دعوى في المحاكم البريطانيّة ويقول أنّه «مجرم»، ثأرها طيفٌ مرَّ مع كلّ صرخة ألمٍ من كلّ معتقلٍ عذّبه ناصر بن حمد، «صرخة نجلاء» سمعها ناصر بن حمد من حنجرة كلّ من خرج في ثورة 14 فبراير 2011، ولا يزال مرابطاً في الساحات مردّداً شعار، «الشعب يريد إسقاط النظام».. وناصر يريد أن تسقط «الطوفة» على رأسه..!

بغضّ النظر الآن عن «طوفة ناصر» التي سقطت على رأسه، وليس على من تمنّى أن تسقط على رؤوسهم.. وبغضِّ النظر عن المبالغ الطائلة التي دفعها حسب وسائل إعلاميّة – لشطب القضيّة المرفوعة ضدّه من المحاكم البريطانيّة، والتي أصدرت قرارًا بإسقاط الحصانة عنه. سنتغاضى أيضاً عن «طبطبة» السفير البريطانيّ في المنامة «إيان لينزي»، على أكتاف ناصر بن حمد بعد قرار حكومة بلاده بإسقاط الحصانة. كما سننسى «حفلات الزّار» التي أقامها المطبّلون وكلّ الجَلَبة التي أحدثوها لتخفيف «بكاء الفتى المُدلّل».

ما يهمّنا أنّ «قصّة الطوفة» لم تنتهِ للأبد، وهي على «أحد رفوف أرشيف ثورة 14 فبراير» حتى يأتي وقتها المناسب مرّة أخرى، فقد حلَّ مكانها «قصيدة قصّة نجلاء» وثأرها، والحنين إلى «دارين»، وعلينا ألا ننسى أنّ «الشاعر المتنبّي» تسبّب بمقتله بيتاً من الشعر، والأيامُ دول..!

هوامش:

رابط المختصر : manamapost.com/?p=2014011223


المواضیع ذات الصلة


  • انتخابات البحرين: «المُرشح علي الحايكي جبانٌ من نوعٍ آخر»
  • انتخابات البحرين: «المرشّح العماني رؤيته السياسيّة الواعية التملّق.. وموقفه البرلمانيّ الشجاع توقّف عندنا»
  • انتخابات البحرين: «المُرشّح ياسر نصيف الموالي.. تغييرك يبدأ من معرفة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *