منامة بوست (خاص): اصطبغت أجهزة الأمن التابعة لوزارة الداخليّة في البحرين بصبغةٍ طائفيّة صِرفة، بعدما مارست وبإمعان شتّى أنواع العنف الطائفيّ بإيعازٍ رسميٍّ عالي المستوى، منذ أن تفجّرت ثورة الرابع عشر من فبراير/ شباط من عام 2011.
وتدحرجت الأحداث لتؤكّد ضلوع هذه الأجهزة في العنف الطائفيّ الممنهج، الذي بلغ ذروته بهدم أكثر من أربعين مسجدًا للطائفة الشيعيّة.
وفي هذه الأجواء لم يألُ العقيد السابق عادل فليفل جهدًا في التصريح ببغضٍ طائفيّ، ودعا إلى محاربة الشيعة بالسلاح، بحجّة كفرهم وعمالتهم لإيران – حسب وصفه.
وتتالت الأحداث لتؤكّد أنّ عددًا من أفراد وزارة الداخليّة قد انضمّ إلى «داعش»، أبرزهم «تركي البنعلي» الذي صار مطلوبًا لدى عددٍ من الدول، والذي صار أيضًا عضوًا بارزًا لدى التنظيم الإرهابيّ «داعش»، وقد دعا البنعلي مرارًا لمبايعة أبوبكر البغداديّ.
ومؤخّرًا وجّه أربعة بحرينيّين كانوا من العسكريين، وانتموا لما يُسمّى «تنظيم الدولة الإسلاميّة في العراق والشام – داعش» الإرهابيّ، رسالةً تحريضيّة لأهل السُّنة في البحرين، وللمنتمين لوزارة الدفاع والداخليّة تدعوهم للانشقاق عن الخدمة العسكريّة في الحكومة، كما وجهّوا رسالةً ضدّ الطائفة الشيعيّة في البحرين وشعائرها، واصفين الشيعة بـ«الرافضة والمشركين». وبثّوا مقطعًا مصوّرًا لرسائل تحريضيّة وصفت النظام الخليفيّ بالطاغوت، كما حرّضوا على مهاجمة الحسينيّات الشيعيّة.
وقيل إنّ كلّ هذه الحالات التي تجتاح أجهزة الأمن سببها السياسة العليا للنظام، والتي تدعو إلى طأفنة كلّ القضايا، لتسهيل تكميم الأفواه وإغلاق ملفّات الفساد وإسكات المطالبات المُحِقّة.
وإذا كان ذلك صحيحًا فإنّه لا يتعارض مع سببٍ آخر يتوازى مع تلك السياسات ويتماشى معها، وهو وجود منهجٍ تربويِّ يغذّي العقليّة العسكريّة بمزيدٍ من الصدام المذهبيّ.
وقد كشف عددٌ من النشطاء عن صورةٍ لكُتُبٍ تُدرّس للعسكريين في البحرين، وبعد فحص تلك الكتب تبيّن أنّها تحمل أفكار «محمّد عبدالوهاب» في كتابه الشهير «التوحيد»، والذي وزّعته «داعش» في حلب.
وفي الصورة المُرفقة كتابين للشيخ سعيد بن رهف القحطانيّ، والكتابان عبارةٌ عن عقيدةٍ حادّة تضع كلّ المختلفين في خانة الكفر أو الشرك أو الضلال.
وحال أجهزة الأمن في دول الخليج – باستثناء عمان- ليست أفضل حالًا ممّا هو موجود في البحرين، حيث ذهبت دراسة لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إلى أنّ السعوديين أكثر من يدعم «داعش» ماديًا؛ لوجود عقيدةٍ مشتركة.
وأظهر استطلاعٌ أنّ نسبة المؤيّدين لداعش في السعوديّة تصل إلى 92%، وأنّ آلافًا من الشباب السعوديّ ذهبوا لسوريا والعراق للانخراط في أعمالٍ إرهابيّة تحت لواء تنظيمات متطرّفة كالنصرة وصقور الشام وداعش.
ورغم إعلان رئيس الأمن العام البحرينيّ في الرابع من يوليو/ تمّوز 2014 عن «اتّخاذ كافّة الإجراءات القانونيّة اللّازمة بحقّ كلّ من يتورّط في هذه الأعمال سواء من المشاركين أو المحرّضين، وقامت النيابة، ووفق صلاحيّاتها القانونيّة باستدعاء عددٍ من العناصر العائدة من هذه المناطق ومن هم داخل المملكة وتسجيل محاضر رسميّة ضدّهم، مؤكّدًا على استصدار أوامر قضائيّة بمنع سفر كلّ من يثبت تورّطه في هذه الأعمال بأي شكلٍ وعلى أي مستوى، كما تمّ استدعاء بعض هذه العناصر برفقة أولياء أمورهم والذين تمّ التنبيه عليهم بمتابعة أبنائهم ومراقبتهم ومناصحتهم في هذا الشأن».
رغم ذلك، إلا أنّ البحرين قد أُدرجت من ضمن الدول التي انخرط عددٌ من شبابها في التنظيمات الإرهابيّة، ودعم عددٍ من تجّارها ورجال دينها (من السلفيين) لتلك التنظيمات.
ولا تزال المؤسّسة العسكريّة «الجيش» في يد أكثر المتشدّدين ضدّ الطوائف الأخرى، ويرأسها أحد صقور الخوالد المشير خالد بن أحمد آل خليفة.
فإلى أين تسير البحرين في ظلّ التراخي الرسميّ مع الإرهاب؟