منامة بوست (خاص): قال الناشط السياسيّ «علي الفايز» أنّ العريضة الشعبيّة لتقرير المصير هي مشروع متّفق عليه بين القوى السياسيّة، ولفت الفايز في مقابلة مع «منامة بوست» إلى أنّ التوافق بين القوى السياسيّة قد جرى قبل الرابع عشر من أغسطس/ آب الماضي، لكنّ القيادات السياسيّة قد تناقشت مطولًا حول الصيغة التي ينبغي أن تكتب العريضة بها، مؤكّدًا أنّ الصيغة الحاليّة هي صيغة متوافق عليها. وأكد أيضًاعلى أنّ مؤدّى الاستفتاء مجلس تأسيسيّ، واصفًا أيّ تسوية سياسيّة قائمة على اجتهادات أو ضغط إقليميّ لن تحصل على إجماع شعبيّ، وهذا نصّ المقابلة:
بوست: ما هي المراحل التي طويت في شأن الاستفتاء؟
الفايز: العريضة الشعبيّة لتقرير المصير هي مشروع سياسيّ تمّ العمل عليه ليعبّر عن مطالب ثورة الرابع عشر من فبراير بشكل واضح وديمقراطيّ وجامع للقوى الفاعلة، ويأخذ في الاعتبار وبشكل حقيقيّ صوت كلّ فرد من شعبنا الأصيل، عبر خطوات ممكن أن نسمّيها خارطة طريق تنتهي بالاستفتاء الشعبيّ.
بدأ التشاور بهذا المشروع مع القوى السياسيّة الفاعلة قبل 14 أغسطس 2014 من أجل الوصول إلى توافق على صيغته ومفرداته ليكون مشروعًا سياسيًا جامعًا وحدويًّا واضحًا يمثّل بشكل حقيقيّ مطالب ثورتنا، ومن ثم طرحه للشعب للتوقيع عليه في 25 أغسطس 2014 من أجل أن يقدّم للأمين العام للأمم المتّحدة والمجتمع الدوليّ باسم شعب البحرين الأصيل، وذلك لهدف مهمّ وهو الدفع بالوحدة على كلّ المستويات، وليصل صوت شعبنا بأقوى وأوضح ما يمكن عبر مشروع واحد متوافق عليه ثوريًّا وسياسيًّا وشعبيًّا، وبالتالي غلق كلّ باب للالتفاف أو التضليل السياسيّ أو الإعلامي للأبد، وأيضًا من أجل وضع الأمم المتّحدة والمجتمع الدوليّ أمام التزاماتهم الحقيقيّة تجاه شعبنا وحقوقه، ولنثبت حينها أهداف الثورة بشكل مكتوب لا يعطي مكانًا للاجتهاد السياسيّ من أيّ أحد كان، ولا لأيّ تدخّل سياسيّ خارجيّ ينتقص من حقوق شعبنا أو يهمّش إرادته ويزوّر خياراته.
لقد وجدنا في البداية صعوبات للتوافق على صيغة العريضة وليس مضمونها ومشروعها، لكنّ الصيغه الحاليّة للمشروع لاقت تأييدًا من الشخصيّات القياديّة في القوى السياسيّة والثوريّة، وتمثّل ذلك عبر دعم مباشر من خلال تصريحات من معظم القياديّين الموجودين في الخارج، وتوقيعهم بالإضافة إلى دعم لم يعلن للآن من شخصيّات قياديّة مهمّة في الداخل، وتوقيع البعض منهم، ودعم مباشر من آباء الشهداء والعديد من النشطاء السياسيّين والحقوقيّين والفاعلين في الداخل والخارج، ومنهم من أعلن عن دعمه وتأييده بشكل واضح.
ما نعمل عليه اليوم هو إيصال المشروع لكلّ شعبنا فردًا فردًا، للتوقيع عليه إلكترونيًّا عبر موقع آمن تنتقل فيه معلومات الموقّعين بشكل آمن تمامًا لتكون في قاعدة معلومات إلكترونيّة مؤمّنة من أيّ اختراق.
المشروع بفضل من الله يلاقي تجاوبًا إيجابيًّا من كلّ من يصل إليه، ولكنّ الوصول لكلّ فرد يمثّل تحديًّا نحاول التغلب عليه، بحيث لا نترك أيّ ثغرة لاستهداف أيّ أحد، ولذلك اخترنا التوقيع الإلكترونيّ كما أسلفت، لكنّها تحتاج جهدًا جماعيًّا من الشبكات والنشطاء، وتغطية إعلاميّة ضخمة تتناسب مع حجم المشروع، ليصل إلى كلّ أبناء شعبنا، وهو ما نحاول أن نفعله، وندعو من خلال هذا المقابلة لأن تقوم الشبكات الثوريّة والنشطاء والإعلام بدورهم في الترويج للمشروع، ووصلة التوقيع المتوفّرة عبره وهي وصلة مباشرة، أو عبر صفحتنا في الفيس بوك، نريد أيضّا الإشارة إلى أنّ خطوة إحدى الجهات الثوريّة بالدعوة للاستفتاء، وهو (أي الاستفتاء) آخر خطوات مشروعنا السياسيّ، سبّبت حالة من التشويش، ولذلك دعونا الإخوة إلى أن يكون الجهد موحّدًا في التوقيع على العريضة، لأنّها مشروع متكامل، واضح، ووحدوي، ومؤيّد من الأطراف السياسيّة والثوريّة الفاعلة والمعروفة.
بعد الانتهاء من التوقيع الشعبيّ – وهو أمر يمكن أن يتمّ بأسرع مما هو عليه اليوم، وقد ننهيه في أيّام إذا تضافرت الجهود – سنعمل على إيصاله للأمم المتّحدة بشكل رسميّ، وإلى المجتمع الدوليّ، ولكن الأهمّ هو أنّنا سنعمل على خطوات سياسيّة ودبلوماسيّة، وإعلاميّة، وميدانيّة من أجل أن ننقل المشروع إلى مرحلة التنفيذ وصولًا إلى تحقيق أهداف ثورتنا المجيدة.
بوست: هل ثمّة توافق بين القوى السياسيّة على هذا المشروع الذي يعدّ مفصليًّا؟
الفايز:كما ذكرت، يوجد توافق عليه من كلّ الجهات السياسيّة والثوريّة الفاعلة المعروفة في الداخل والخارج، ممثّلة في قياديّين منها فهو مشروع سياسيّ ديمقراطيّ سلميّ يعبّر عن حقيقة أهداف الثورة، ويرتكز على أساس الإرادة الشعبيّة، أوّلًا وأخيرًا وحقّ تقرير المصير الذي أقرّته الأمم المتّحدة.
بوست: هناك إجراءات خاصّة بمخاطبة الأمين العام للأمم المتّحدة، هل بدأتم بها؟
الفايز: نعم، كانت هذه النقطة مطروحة عند بدء التشاور مع القوى المختلفة، وقد أخذت إحدى قيادات المعارضة المهمّة هذه المسؤوليّة، وستكون المخاطبة باسم شعب البحرين.
بوست: كيف يتمّ ترويج فكرة الاستفتاء في الوسط الشعبيّ؟ وكيف وجدتم تقبّل الفكرة؟
الفايز: هناك تجاوب إيجابيّ من كلّ من يصله المشروع ووصلة التوقيع، والعقبة الوحيدة المهمّة اليوم هي الترويج الإلكترونيّ، والتغطية الإعلاميّة المطلوبة بشكل مكثّف وواسع ومستمر مع المشروع، والفكرة الأساسيّة هي الترويج عبر مواقع التواصل الاجتماعي كـ «الواتس آب، والتويتر، والفيس بوك» فهي تؤمّن سرعة الانتشار، والسريّة أيضًا، وهو ما يستطيع جميع النشطاء والشبكات الثوريّة والسياسيّة أن يساهموا فيه وبشكل آمن للجميع.
بوست: لو توافقت الجمعيّات مع النظام على تسوية ما، ماذا سيكون مصير هذا المشروع؟ (أيّ الاستفتاء)
الفايز: مشروع تقرير المصير قائم على أساس الإرادة الشعبيّة والاستفتاء آخر مراحله، وعمليًّا فإنّ كلّ القوى السياسيّة ملتزمة وملزمة بالأخذ بالإرادة الشعبيّة عبر الاستفتاء الشعبيّ على أيّ مشروع سياسيّ، لذلك ومن أجل ضمان مشروع سياسيّ يعبّر بشكل حقيقيّ عن مطالب شعبنا وثورته، وبصورة مباشرة وواضحة ونجاحه بأكبر نسبه ممكنة، فإنّ المشروع يطالب في جوهره بانتخاب مجلس تأسيسيّ بصوره مباشرة من أبناء شعبنا الأصليّين، ليقوم هذا المجلس بتشكيل حكومة انتقاليّة تدير شؤون البلد أوّلًا «أي انتقال سلميّ للسلطة لممثلي الشعب الحقيقيّين»، ثم العمل على كتابة دستور عصريّ بنظام حكم ديمقراطيّ، ومن ثمّ الذهاب للاستفتاء الشعبيّ على الدستور الجديد.
عمليًّا نريد تأسيس نظام نابع من رحم الشعب الأصيل عبر ممثّليه المنتخبين على أساس صوت لكلّ مواطن (أي المفوّضين منه بشكل مباشر) ومؤيّد منه (من شعبنا)عبر الاستفتاء الشعبيّ المباشر.
نحن نرى أنّ أيّ تسوية نابعة من اجتهادات سياسيّة أو بفرضها إقليميًّا أو دوليًّا لن تحصل على إجماع شعبيّ كامل إلا أن تكون لها (الجهات السياسيّة) صفة تمثيليّة معطاة من الشعب بشكل مباشر، وإن تمّ ذلك فإنّ هذه التسوية معرّضة للانهيار إن لم يتمّ التوافق عليها شعبيًّا بعد ذلك، ولذلك فإنّ هذا المشروع يأخذ في الاعتبار هذه المسألة الجوهريّة الأساس «الإرادة الشعبيّة أوّلا وأخيرًا».
مشروع تقرير المصير عمليًّا هو تفعيل للإرادة الشعبيّة بصورة واضحة من البداية وصولًا إلى مرحلة الاستفتاء، وهو يكمل ويتكامل مع اجتهادات القوى السياسيّة والثوريّة، ويصهرها في مشروع واحد واضح ويشرعنه «أي المشروع» في خطوات ديمقراطيّة سلميّة تبدأ بمطالبة الأمم المتّحدة والمجتمع الدوليّ بتحمّل مسؤوليّاتهم في إعطاء شعبنا الحقّ في تقرير المصير، وتوفير كلّ سبل الرعاية والحماية من أجل تنفيذ خطوات المشروع، وانتقال سلميّ للسلطة عبر خطوات لا تستثني أي فريق أو فرد من أبناء شعبنا.
بوست: بعيدًا عن موضوع الاستفتاء، كيف تقيّمون الحالة الشعبيّة من حيث الاستمرار في الحراك؟
الفايز:أعتقد أنّ شعبنا يزداد إيمانًا، وبشكل تصاعديّ في الثورة وأهدافها من أجل تغيير الواقع الفاسد والمفسد، وهو جاهز للعطاء بشكل أكبر من أي وقت مضى، وعلينا العمل معًا بشكل أكثر لتحقيق حلمه في الحريّة والكرامة والعدالة، وإنتاج نظام سياسيّ نابع من رحمه ومبادئه، ويعبّر عن قيمه وتطلّعاته.