منامة بوست (خاص): نشر المغرّد الشهير «مجتهد» رسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، يوم الثلاثاء 8 سبتمبر/ أيلول 2015، تحذّر حكّام السعوديّة من مغبّة الاستمرار في سياساتهم، نسبها لأحد أفراد آل سعود الذي قال فيها «آن الأوان أن نعترف بأخطائنا ونسعى لعلاجها بجدّ ومسؤوليّة وأمانة»، والسبب في نصيحته التي وجّهها لآل سعود عبر رسالته هو تدهور الوضع «باتجاه خطير منذ أكثر من عشر سنوات حين تجرّأ الملك عبدالله -غفر الله له- على سياسات خلخلت ثوابتنا ومنهجنا، وحين سكتنا عنها فتحنا المجال لمزيد من التدهور لمن جاء بعد وفاته».

واعتبرت الرسالة أنّ تهميش أبناء عبدالعزيز أحد تلك الأخطاء، متسائلًا صاحبها عن وضعيّة السياسة الخارجية، بالقول «كيف رضينا بسياسة خارجيّة تضعف ثقة شعبنا فينا وتؤلّب علينا الشعوب الأخرى؟ وكيف رضينا الدخول في مخاطرات عسكريّة غير محسوبة مثل الحلف العسكريّ لضرب العراق وسوريا وحرب اليمن؟ وكيف رضينا أن يكون مصيرنا رهين نزوات مراهقين وتطلّعات مستعجلين»؟

وأضاف «في ظلّ التدهور الحاد للأوضاع السياسيّة والاقتصاديّة، والانخفاض الحاد في أسعار النفط، والزيادة الهائلة في الدين العام، نناشد جميع أبناء الملك عبد العزيز، من أكبرهم الأمير بندر، إلى أصغرهم سناً الأمير مقرن، تبنّى الدعوة إلى عقد اجتماع طارىء لكبار الأسرة، لبحث الموقف». داعيًا إلى «تنصيب ملك جديد ووليّ عهد، وأخذ البيعة من الجميع على ذلك، و إلغاء المنصب المستحدث المستغرب وهو وليّ وليّ العهد».

قد تكون الرسالة مهمّة جدًّا لأنّه يُعتقد أنّ «مجتهد» هو أحد أفراد عائلة آل سعود، الذين لا يرتضون بالسياسات التي انتهجها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وأكملها أخوه الملك سلمان عبر تمكين الأمير محمّد من مقاليد القوّة في المملكة، وهذا الاعتقاد السائد جاء نتيجة حجم المعلومات المسرّبة، التي ثبت صدق معظمها، بل أصبح «المغرّد» أحد المصادر المعتمدة عند وسائل الإعلام، ما يؤشّر على أنّ ثمّة حالة سائدة وسط العائلة المالكة من «الامتعاض» من السياسات المتّبعة حاليًّا، خصوصًا أنّ الموقف السعوديّ الذي بدا صارمًا في حربه ضدّ اليمن، بدا- وبوضوح- أنّه يتورّط ويغرق في حرب مجهولة المآل، فضلًا عن الاستنزاف الاقتصاديّ الكبير والخسارة في الأرواح التي يمنى بها الجيش السعوديّ والجيوش الخليجيّة، هذا علاوة على انسداد أفق الحالمين بسقوط النظام السوريّ، مع تصاعد القوّة الإيرانيّة في المنطقة، ودخول الجيش الروسيّ «المباشر» على خطّ المواجهة مع أعداء سوريا.

الوضع يتعقّد في وجه الخليج، ومع تصاعد إنتاج النفط الصخريّ في الولايات المتّحدة، هناك تخوّف من استدارة أمريكيّة عن الحليف التقليديّ، استدارة بالمعنى الناعم للكلمة، وليس التخلّي «الكلّي» عن دول الخليج النفطيّة، وهذه الاستدارة، إن تمّت ولو بشكل ناعم/ خفيف، ستورّط العالقين في الملفات الشائكة، ما يجعل نزولهم من الشجرة أكثر صعوبة، ولعلّ الخوف على الكرسيّ في المملكة هو الهاجس الذي سيفاقم الخلافات فيما بينهم، لأنّ النطح في كلّ اتجاه يعود بالضرر على جسد الناطح، وإن كان ذا بنية قويّة جدًّا، والخوف على الكرسي هو المفتاح الذي سيحرّك الأقطاب في العائلة لأن يشدّوا الحبل في الاتجاهات المتعاكسة، وهو تمامًا التخوف الذي سرّبه «مجتهد» عبر تلك الرسالة، والتي تبدو علامة على ورطة سياسيّة أصابت آل سعود.