Saturday 19,Apr,2025 09:23

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

عام على استفتاء الكرامة… الشعب على طريق الانتصار

د. صالح محاسنة: مرّ عام على استفتاء الشعب البحرينيّ، الذي كان حينها بمثابة الثورة المتجدّدة، والذي أعطى دفعًا جديدًا للحراك البطوليّ المستمرّ منذ أكثر من أربع سنوات، وقدّم نموذجًا يحتذى به في الرقيّ بالتعامل مع سلطة

د. صالح محاسنة*

مرّ عام على استفتاء الشعب البحرينيّ، الذي كان حينها بمثابة الثورة المتجدّدة، والذي أعطى دفعًا جديدًا للحراك البطوليّ المستمرّ منذ أكثر من أربع سنوات، وقدّم نموذجًا يحتذى به في الرقيّ بالتعامل مع سلطة ظالمة تسعى إلى القضاء على شعبها بشتّى الوسائل الممكنة.

الاستفتاء الذي وصف حينها بانفجار شعب البحرين، قدّم دليلًا واضحًا وأكيدًا، لا نقاش فيه، على أنّ هذا الشعب البطل العزيز مستمرّ في عطائه واستبساله في سبيل الوصول إلى الحريّة المطلقة، وعدم التنازل عن أيّ حقّ من حقوقه التي تكفلها له كلّ الشرائع.

الآن، وبعد مرور عام على تلك الملحمة الشعبيّة المتميّزة، مع ما حقّقته من إرباكات عظيمة لنظام فاسد وظالم، أثبتت بما لا يدع مجالًا للشكّ، أنّ الشعب البحرينيّ قادر على اجتراح المعجزات، وتحقيق المفاجآت في نضاله من أجل حريّته وكرامته. وإنّ شعبًا عانى ما عاناه من الظلم والقتل والاعتقال والتعسّف، وخرج رغم كلّ ذلك بأعداد كبيرة وبجماهير عريضة للمشاركة في الاستفتاء وللتصويت ضدّ الظلم وضدّ الفساد، لهو شعب حريّ بالعالم أن يقف أمامه بكلّ احترام، حيث تحدّى كلّ التهديدات ورفضها، ووقف رغم يقينه أنّ قوّات النظام سوف تكون سيفًا للظالم في وجهه، تحدّى كلّ ذلك، ونزل بكلّ عزيمة.

بهذا الاستفتاء، كتب الشعب البحرينيّ مرحلة جديدة من التحدّي والبطولة، عنوانها أنّه مهما فعل هذا النظام المستبدّ والظالم، مهما اعتقل وقتل وعذّب واستباح، فإنّ الشعب الذي ما هان رغم كلّ ما مرّ به طوال السنوات الطويلة الماضية، بل حتى العقود الماضية، أصرّ على المضي وعدم التراجع أمام كلّ الأهوال، وعمل على ابتكار الأساليب لمواجهة النظام المتسلّط، القابع على صدر هذا الشعب العزيز.

وعندما نتحدّث عن البحرين، وعن استفتاء الشعب العظيم، لا بدّ أنّ نتطرّق إلى ما استطاع هذا الاستفتاء تحقيقه، حيث لم يقلق أركان الحكم في البحرين فحسب، بل إنّه تخطى ذلك إلى نظام القمع في السعوديّة، حيث رأينا الإرباك الكبير الذي عاشه هذين النظامين بعد هذه الملحمة الشعبيّة المتميّزة، ما جعل المسؤولين في نظام التخلّف في السعوديّة، خائفين على أنفسهم ومرعوبين من فكرة أن يتحرّك الشعب في المملكة ضدّهم، فازدادت عمليّات القمع والاعتقالات، وازداد التعاطي الوحشيّ من قبل النظامين مع شعبيهما.

النظام البحرينيّ، أربكه بشكل كبير، أن ينجح الاستفتاء بشكل لا مثيل له، في حين يفشل هو في الانتخابات الصوريّة التي أجراها فشلًا ذريعًا، ما جعله في موقف محرج جدًا أمام العالم أجمع، حتى أمام الدول الغربيّة الصديقة، التي فهمت جيدًا وأدركت أنّ الشعب البحرينيّ بأغلبيّته الساحقة هو ضدّ هذا النظام، لكنّها ما زالت تكابر وتتغاضى عن هذه الحقيقة، من أجل الحفاظ على مصالحها في المنطقة.

ولا بدّ لنا من الالتفات إلى أنّه رغم العلاقة المتينة بين النظام البحرينيّ والدول الغربيّة، ولا سيّما أميركا وبريطانيا، فإنّنا نجد أنّ هذين البلدين قد استمرّا طوال هذه الفترة في انتقاد السلطات البحرينيّة على أعمال القمع والتعذيب والاعتقال، وعلى ازدياد التسلّط والظلم في المملكة، ليس وقوفًا إلى جانب الشعب البحرينيّ، إنّما لتجنّب الإحراج أمام الرأي العام، الذي أدرك تمام الإدراك أنّ ثورة البحرين هي ثورة محقّة تستحق الوقوف إلى جانبها من كلّ الشعوب الحرّة في العالم.

المنطقة تعيش اليوم في مرحلة خطيرة، وبعد العدوان السعوديّ على اليمن، أدرك الجميع حجم الأزمة التي تعيشها السعوديّة، وعدم تمكّنها من الاعتماد على حلفائها للحفاظ على مصالحها؛ حيث تدخّلت أوّلًا في البحرين عبر قوّات ما يسمّى بدرع الجزيرة، فدخل جنود السعوديّة وساهموا في قمع الشعب البحرينيّ، وعملوا على الدفاع عن النظام المتسلّط القابع على صدور البحرينيّين، ولولا هذا التدخّل العدوانيّ، لكان ملك البحرين لاجئًا اليوم في السعوديّة، ولكانت الثورة الشعبيّة العظيمة قد حققت ما تطمح إليه من ديمقراطيّة. فوجود السعوديّة بنظامها الحاليّ القمعي والظالم، منع الثورة من الوصول إلى مرادها، لكنّه لم يتمكّن من القضاء عليها، ولا من تحطيم الإرادة الفولاذيّة التي يحملها هذا الشعب، والتي تجلّت بالمشاركة بكثافة في الاستفتاء الشعبيّ في عزّ التسلّط والظلم الخليفيّ.

المحصّلة تقول إنّ الاستفتاء الشعبيّ الذي عبّر به الشعب البحرينيّ عن تطلّعاته وأهدافه، استطاع أن يدقّ إسفينًا جديدًا في نعش النظام المتخلف في البحرين، حيث رأينا ردّة الفعل المجنونة من النظام بزيادة عمليّات القمع والمداهمات، والعمل على التضييق أكثر على عمل المعارضة الوطنيّة، وملاحقة القيادات، أمام مرأى هذا العالم المتخاذل المتآمر. لكن رغم كلّ هذه الممارسات، يصرّ الشعب اليوم على المضي في حراكه وثورته، إيمانًا بأنّه قادر على التغيير بإرادته الصلبة وعزيمته التي لا تلين.

*كاتب أردنيّ


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2015123543


المواضیع ذات الصلة


  • أسرار واعترافات… ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «عناصر من الدرك الأردنيّ شاركوا في هجوم الدراز فجرًا» 2-3
  • أسرار واعترافات.. ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «جئنا من أجل المال.. ولسنا مضطرّين إلى تحمّل نتائج سقوط هذا النظام» 1-3
  • أسرار واعترافات.. «الدرك الأردنيّ في قبضة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *