منامة بوست (خاص): السيّد كامل الهاشميّ من مواليد البحرين 1962م، توجّه للدراسة الحوزويّة في بداية الثمانينيّات، حيث حضر عند كبار العلماء في مدينة قم دروساً، تعرف بـ «بحث الخارج»
منامة بوست (خاص): السيّد كامل الهاشميّ من مواليد البحرين 1962م، توجّه للدراسة الحوزويّة في بداية الثمانينيّات، حيث حضر عند كبار العلماء في مدينة قم دروساً، تعرف بـ «بحث الخارج» في مادتَي الأصول والفقه؛ فغرف من الشيخ الوحيد الخراسانيّ، ومن الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، والسيد كمال الحيدريّ وغيرهم من المستويات العليا المعتمدة في الحوزات الشيعيّة.
قدّم الهاشمي نموذجاً فريداً لرجل الدين، فهو مثقّف بامتياز، احتوى من العلم المعاصر للفلسفات والإشكالات ما يعزز حضوره عند المثقفين وصنّاع الرأي، متكئاً على تخصّصه في الحوزة العلميّة «الفلسفة الإسلاميّة»، ومنطلقاً منها في رحابة من الانفتاح النقديّ الذي يتسربله دائماً.
منشغل بالأفكار تأسّياً بأصحاب العقول الكبيرة، ومشتغل بالتنظير في مجالات الفكر وإشكالات الدين، كانت لـ «القيمة المعرفيّة» أهميّة في وجدان السيد كامل، ما جعله متمكّناً من التكيّف مع المستويات المختلفة، فقدّم للشباب حلولا لمشاكلهم الروحيّة في كتاب:«شبابنا ومشاكلهم الروحيّة 1994م»، وتناول في كتاب آخر دراسات نقديّة للفكر المعاصر، وراح يكلّم النخبة بكتابه «مطارحات فلسفيّة في الفكر السياسيّ الإسلاميّ»، مستشرفاً عودة الإسلام كمشروع نهضويّ للحياة.
نموذج السيّد كامل الهاشميّ يقدّم للمجتمع تغايراً نافذاً، فهو ينتج المفاهيم الثقافيّة بأسس تأصيليّة، ويحافظ على استقلاله دونما تفريط في علاقاته التقليديّة التي عادة ما يحافظ عليها رجل الدين مع المؤسسة الدينيّة.
لا يصنّف نفسه سياسيّاً، ولا يؤطرها في حزب، لكنّه يتذوّق السياسة من خلال معالجات قضاياها من منطلق الأفكار التي وفرتها بحوثه له. أطلق عليه أحد الاعلاميين لقب «علي شريعتي» البحرين، لجرأته الفكريّة التي ما فتئ يعبّر عنها في محاضراته، ولعمقه في المعالجات سواء في الحقل الثقافيّ أو السياسيّ.
يعتبر تعاطي الهاشمي مع السياسة نابعاً من اتّجاهين: الاتجاه الأول كونه رجل دين، مناطاً به حمل قضايا المجتمع كمهمّة يؤمن بها رجال الدين في أدوارهم التكليفيّة، التي يرونها نابعة من تأدية الواجب الدينيّ، والاتجاه الثاني وهو المهم؛ وهو لا يفهم إلا بعد دراسة طبيعة شخصية السيد كامل، وهو: الحصيلة الفكريّة التي حصّلها من اطّلاعه الغزير، الذي أكسبه رؤية واضحة في طبيعة الإنسان وصراعاته من جهة، والرؤية الإسلاميّة فقهاً وفكراً والتي رسخت مبادئه، وعززت عقيدته بضرروة إدارة الصراع مع السلطة بشكل مستمرّ وفاعل. كلّ ذلك يتعاضد مع تجربة الهاشمي الطويلة، والتي عاصر من خلالها شخصيّات وأحزاب ونخبة من الإعلاميين والسياسيين وصنّاع القرار، كما أنّ قربه «النسبي» من بعض المسؤولين، أعطاه بعداً إضافيّاً في توسيع أفقه، ما أغنى محاضراته وكتاباته في الشأن السياسيّ، لذا، فإنّ المتفقين والمختلفين مع السيّد كامل الهاشمي، يرونه رجلا ضروريّاً في إثراء الساحة، ولوناً مهماً في رسم لوحة المجتمع.
كلّ تلك الميزات توجتها جرأته في آرائه، سواء في نقد بعض الشخصيّات العامة من المجتمع، أو في نقد السلطة ومؤسساتها، حيث انتقد السلك القضائيّ بشدّة في خطبة له ألقاها في أغسطس من العام 2012 ، وصف فيها القضاة بالجهلة لعدم توفرّهم على اللياقة القضائيّة النزيهة التي يتمتع بها أيّ قاض نزيه.
استهدف الهاشميّ مؤخراً من قبل القضاء الخليفيّ، وحكم عليه بالسجن ثلاثة أعوام، بعد العديد من الاستدعاءات المتكررة التي بدأت منذ العام الأول لثورة البحرين 2011، بسبب مواقفه السياسيّة الجريئة، لكنّه واجه كلّ تلك الاستهدافات بروحٍ باردة، تعرف أين تضع قدمها، وتنظر بعينين: عين معرفيّة تغني صاحبها جهالة الزمن، وعين روحية تضفي على جفاف الصعاب طلاوة غيبيّة، لتليّن وهج التحدي.
رابط المختصر
:
manamapost.com/?p=2014011358
المواضیع ذات الصلة
الخواجة .. أسَّس مدرسيتن في المطالبة وحقّق قامته التاريخيّة
أحمد عسيري.. مجرم اهتزّ بـ «بيضة»
«علي العكري» .. الطبيب الإنسان الذي لم ينحنِ تحت التعذيب