منامة بوست (خاص): شهدت الساحة البحرينيّة قبل أكثر من شهر، تصريحاتٍ لقادة وفاقيين تصرّ على عدم الولوج في الانتخابات النيابيّة المزمع إقامتها في أكتوبر/ تشرين الأوّل المقبل، إلّا بإصلاحاتٍ سياسيّةٍ ملموسة.
حيث قال أمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان على حسابه في تويتر، أنّه «لا مشاركة في أيّ انتخاباتٍ قادمة، والقيادات والرموز السياسيّة والمعتقلين السياسيين خلف القضبان»، وقال في أحد اللقاءات الرمضانيّة «لا جدوى في المشاركة في انتخابات إذا لم تفرز إرادة شعبيّة».
كما أكّدت أحلام الخزاعي رئيسة دائرة شئون المرأة بجمعيّة الوفاق، على مقاطعة المعارضة للانتخابات القادمة، موضحةً أنّ «الوفاق قد تدخل في مفاوضات و لقاءات سريّة في محاولة لتهيئة الطريق لحوار حقيقيّ، ولكنّها لن تتّخذ أي قرار دون الإعلان لجماهيرها عنه لأنّها ملتزمة بالشفافيّة».
وشدّدت في اللقاء الذي عُقِد بقرية كرّانة مساء الجمعة 11يوليو/ تمّوز 2014، على «ضرورة تحلّي المواطنين بالصبر والصمود لاستمرار الحراك الشعبيّ السلميّ، الذي انطلق في فبراير / شباط 2011؛ لتحقيق المطالب الشعبيّة المشروعة».
وتعددت التصريحات التي تتحدّث صراحةً عن عدم المشاركة في الانتخابات ما لم تتحسّن شروط التفاوض بين السلطة والمعارضة، وأن تعطى المعارضة نصيباً من الحكومة، التي لا تفضّل أن يكون رئيسها خليفة بن سلمان الذي جثم على كرسيّ رئاسة الوزراء أكثر من أربعين عاما.
البعض قرأ تصريحات المعارضة عموماً والوفاق خصوصا بشأن الانتخابات، بأنّها رسالة للغرب والسلطة مفادها أنّ المعارضة ترحّب بالمشاركة في الانتخابات، لكن بصيغة مختلفة عمّا هي عليه الآن، وأهم تلك الصيغ هو تغيير رسم الدوائر الانتخابيّة التي رُسمت على أُسُسٍ طائفيّة معروفة.
في سياق هذا العراك الدبلوماسيّ الذي تخوضه المعارضة لكسب بعضٍ من الأوراق السياسيّة والدخول في انتخابات تفسح المجال «ولو نسبياً» للمعارضة في المشاركة في الحكم، تردُّ السلطة الخليفيّة بالتجاهل تارةً، وبالتهديد تارة أخرى.
في مايو/أيّار من العام 2013، هدّد وزير العدل خالد بن علي آل خليفة جمعيّة الوفاق، بردٍّ قانونيّ إن هي حاولت استهداف العمليّة الانتخابيّة.
مرّ عام وشهران عن ذلك الوعيد، ولا زالت حكومة آل خليفة ترفع العصا، دون أن تبدي نيّة بتقديم «جزرة» سياسيّة ولو صغيرة، بل أمعن النظام في التشدُّد، وأطلق العنان للقوى التكفيريّة أن تهين الطائفة الشيعيّة وعلمائها، وأغلق المجلس العلمائيّ، وهدّد النظام بعدم فتحه من جديد.
وبدأت الوزارة هذا اليوم الأحد العشرين من يوليو/ تمّوز 2014 بتحريك دعوى لغلق جمعيّة الوفاق ثلاثة شهور، بحجّة عدم قانونيّة مؤتمراتها العامّة الأخيرة. وهي المدّة الكافية لإجراء الانتخابات والانتهاء منها.
فقد يبدو أنّ هذه الخطوة التي قامت بها وزارة العدل تفسّر في ناحيتين، الأولى.. أنّها أداة ضغطٍ لتغيير وجهة نظر الوفاق بشأن المشاركة من دون تقديم تنازلات حكوميّة.
الثانية.. أنّه في حال عدم رضوخ الوفاق لتوجيهات الحكومة، تكون الأخيرة قد حفظت ماء وجهها بأنّ من تريد المقاطعة هي أصلاً متوقّفة عن العمل، فلا سند قانونيّ يتيح لها المجال في الترويج للمقاطعة، وهذا يستتبع غلق منافذ الإعلام الوفاقيّ من نشراتٍ وغيرها، استناداً على عدم قانونيّة العمل الإعلاميّ في حال توقّف الجمعيّة عن العمل بسبب خروقاتٍ قانونيّةٍ حسب ماجاء في دعوى وزارة العدل.
من هنا، فإنّ أوراق المعارضة تكون قليلة ما لم تُسند من المجتمع الدوليّ، بل تكون الأوراق معدومة في حال لم يتحرّك المجتمع الدوليّ «واشنطن ولندن خصوصا»؛ للضغط على السلطة الخليفيّة.
فهل هذا سيسبّب مأزقاً سياسياً للجمعيّة؟ أم ستعود الثورة البحرينيّة لأوجها في ظلِّ فشل الخيار الدبلوماسيّ مع نظامٍ كنظام آل خليفة؟