Friday 22,Nov,2024 21:27

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

وجوه المرحلة

منامة بوست (خاص): في عشرينات القرن المنصرم، شهدت البحرين تطويراً إدارياً في الدوائر الحكومية، أُذِنَ من تاريخها العمل بالأسلوب البيروقراطي، تمهيداً من الاستعمار البريطاني لتخفيف

منامة بوست (خاص): شهدت البحرين في عشرينيّات القرن المنصرم، حين كانت خاضعة للاحتلال البريطانيّ، تطويراً إداريّاً في الدوائر الحكوميّة تمثّل بالعمل بالبيروقراطيّة، في محاولة من الاستعمار لتخفيف الاحتقان الشعبي المتراكم من الغزو الخليفيّ.

وقد ذكر المؤرّخون أنّ النضال البحرينيّ الحديث انطلق آنذاك باستيقاظ الحركة المطلبيّة « 1919-1923 »، التي توسعت دائرتها في انتفاضة العام 1938 لتشمل المطالب السياسيّة كإصدار صحيفة سياسيّة، وتطوّر النضال الشعبي في الخمسينيّات لينسكب في هيئة وطنيّة تضم رموز التيارات المختلفة كانت لدى بعض المهتمين أيقونة للوحدة النضاليّة.

ويمكن للباحث، من خلال الاطلاع على ماضي البحرين وشعبه، أن يلمس تدرج النضال الشعبيّ بدءاً من قدوم الأسرة الخليفيّة إلى البحرين بكلّ عنف وهمجيّة حتى الاستعمار البريطانيّ مروراً بالاستعمارات الأخرى التي احتلت هذه الجزيرة الصغيرة، فكان العنف سبيلاً من سبل مواجهة العنف العتوبيّ، ولكنّه فشل أمام قوّة السلاح البريطاني الذي تمكّن من إخماد وجوه انتضال حتى ظلّ وجه واحد له ارتكز على المطالب السياسيّة والحقوقيّة وتحسين الأوضاع المعيشية وزيادة هامش الحريّات الدينيّة

تطوّر الحال السياسيّ وازداد نضجاً وتوسع أفقاً مع الثورة النفطيّة وانفتاح الأسواق نسبيّاً في السبعينيّات، مع استقرار الحالة النضاليّة التي أعيد وهجها حين حلّ المجلس الوطنيّ، وعلقت بعض مواد الدستور عام 1975، ومع تطوّر الحركات الإسلامية في الثمانينيّات وبروز عدد من الأحزاب، ازداد الاهتمام بشكل المناخ السياسيّ، الذي أصابه عدد من عوامل التعرية والتغيير.

لم تكن تلك الأحداث بمنأى عن قراءة الثورة البحرينيّة المنطلقة في الرابع عشر من فبراير عام 2011م، والتي جاءت كاسحة بعد حدث دراماتيكي صارخ تمثل في تسلّم حمد بن عيسى مقاليد الحكم، إذ كان للانفتاح النسبيّ المصاحب لتقلّد حمد بن عيسى عرش الإمارة عام 1999م، أثر في إحداث تغيير في رؤى قطاعات شعبيّة لآل خليفة، خصوصاً بعد تدشين مشروع الميثاق الوطنيّ الذي صاحبه انفراج أمنيّ وسياسيّ كبير.

هذه التقطّعات التاريخيّة المدوّنة في أكثر من مصدر يعرفها معظم المشتغلين في الشأن السياسيّ، لكن تكمن الخطورة في إغفال المعالجة الاستقرائيّة التي تحكم سبك التاريخ في سياق متحد، إذ ينبغي قراءته في بعدين: البعد التاريخيّ المؤثّر في لواحقه، والبعد الاجتماعي المتأثر من سوابقه.

وكلاهما يوضعان في السياق السياسيّ العريض الممتدّ من لحظة دخول آل خليفة إلى البحرين، إلى صرخة الرابع عشر من فبراير.

وتبرز أهميّة القراءة السياقيّة تلك في إنتاج فهم (أو لنقل تفهماً) لتعدد الوجوه النضاليّة، والفهم أو التفهم المقصود هنا، هو التعرّف على دوافع البروز وتطوّره، وإلى أيّ مدى سيصل مجراه وإلى أي مآل سيؤول، هل سيتطوّر أم سيتكور؟ إلى ما هنالك من أسئلة تفرض حضورها في ضرورة التحليل المتقن لوضع معقّد.

ما يلفت في ثورة الرابع عشر من فبراير، أنّ التغيّر في طبيعة اتخاذ القرارات الميدانيّة لم يكن كسابقه، ليس على مستوى البحرين كما هو واضح فقط، بل على مستوى المنطقة، فالإرادة الشبابيّة لها حيّز وأثر ارتدادي على الوضع الإقليمي، وللسياسيين حضورهم الفاعل ، وللحقوقييّن أثرهم، فهذا التمازج في طبيعة الأدوار وتقاسمها لا يمكن قراءته على ضوء ما قرأناه في حقبة التسعينيّات، أو السبعينيّات، كما لا يمكن إغفال هاتين الحقبتين وما يسبقهما من محطات في استقراء اليوم وتفاصيله.

من المواضيع التي ينبغي أن نستشف تفاصيلها ودوافعها ومبرراتها وإخراجاتها ومدياتها المستقبليّة، هو موضوع العنف، الذي للأسف لا زال يُلتقط بثنائية التأييد أو الاعتراض، من دون وجود دراسة تحليليّة له، تكوّن رؤية واضحة عنه، وتثمر في معالجة الوضع ميدانيّاً وفق الدراسات العميقة، التي تتخذ من علم النفس وعلم الاجتماع وغيرهما أدوات معرفية للوصول لآليات الخلل.


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2014013109


المواضیع ذات الصلة


  • وزير خارجيّة المنامة و«عارُ التطبيع».. «اللي اختشوا ماتوا»
  • من «الاستفتاء الشعبيّ» إلى «العريضة الشعبيّة».. شعبٌ يقرّر مصيرَه
  • عام على حصار الدراز… والقرار «مقاومة»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *