منامة بوست (خاص): أجرت «منامة بوست» لقاء مع مدير عام الاستشاريّة للدراسات الاستراتيجيّة «الدكتور عماد رزق»، حيث اعتبر أنّ دعوة ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير إلى الاستفتاء الشعبيّ، تشكّل ظاهرة مهمّة جدًّا للشعب البحرينيّ، في ظلّ التأييد القويّ لكلّ قوى المعارضة لهذه الفكرة، والتي تشكّل كلّها عوامل مؤثّرة في سبيل الوصول إلى الحريّة وتقرير المصير.

رزق أشار إلى أنّ الثورة البحرينيّة التي انطلقت منذ أكثر من ثلاث سنوات، بدأت تشكّل هاجسًا ليس للنظام البحرينيّ فحسب، إنّما لمعظم أنظمة دول الخليج، التي أصبحت تعيش في قلق دائم أمام هذا المدّ الثوريّ الذي لم يتراجع رغم العدد الكبير من الشهداء الذين سقطوا في سبيل تحقيق المطالب والوصول إلى الحريّة.

وأضاف أنّ الاستفتاء الشعبيّ إنّما يعبّر عن إرادة شعبيّة صلبة وعزيمة محكمة، لتحقيق آمال الشعب البحرينيّ بالحريّة، وبوجود حياة ديمقراطيّة وتبادل للسلطة، دون أن تكون هناك أيّ هيمنة من فئة على أخرى، أضف إلى أنّ هذا الشعب يسعى أيضًا إلى الاستقرار الاقتصاديّ والاجتماعيّ، والذي يرى في الاستفتاء طريقًا للوصول إلى كلّ هذه الرغبات المحقّة.

واعتبر رزق أنّ تحقيق نتائج الاستفتاء على الأرض سوف ينعكس إيجابًا على مصلحة البحرين الإقليميّة وحتى على صورة البحرين الدوليّة، خاصّة وأنّ الدول الكبرى وتحديدًا الولايات المتّحدة الأميركيّة وبريطانيا عبّرتا في الفترة الأخيرة عن انزعاجهما من ارتكابات السلطة في البحرين، رغم أنّ هذه المواقف ظلّت في طور الانزعاج ولم تتطوّر إلى مرحلة الشجب والإدانة واتّخاذ الإجراءات.

رزق عبّر عن اعتقاده بأنّ هذا الاستفتاء هو التعبير الحقيقيّ عن إرادة الشعب، الذي سيقول كلمته ويطرح الخيارات التي يريدها، مضيفًا، «وأنا أعتقد أنّ صدى هذا الاستفتاء قد وصل إلى مسامع قادة مجلس دول التعاون الخليجيّ، وأنّ هؤلاء شعروا أنّ ظاهرة هذا الاستفتاء ستنعكس سلبًا عليهم، وهم يخافون من شعوبهم الحالمة بالتغيير وبالاصلاح وبالحريّة، في حين أنّ هذه الأنظمة تحلم أن تبقى على رأس السلطة، وأن تستغل وتستثمر هذه الشعوب لمصالحها».

مشيراً إلى أنّ الدعوة إلى الاستفتاء في هذا التوقيت، وفي الوقت الذي حدّدت فيه السلطة موعدًا لإجراء الانتخابات، والتي سبق وأن أعلنت المعارضة عن مقاطعتها، هو بحدّ ذاته مواجهة شعبيّة للنظام، ودلالة على أنّ هذا الشعب يدرك ما يريده، وأنّه قد كشف ألاعيب النظام ومناوراته. وقد تحوّل الصراع في البحرين إلى صراع بين الطبقة الحاكمة والفاسدة والظالمة، وأبناء الشعب المظلومين الذين انتفضوا على الظلم ورفعوا راية التصميم والعزيمة.

ولفت رزق إلى أنّ النتائج التي يمكن أن تصدر عن هذا الاستفتاء، من ناحية المشاركة الشعبيّة الواسعة، والتعبير الديمقراطيّ الراقي، ستضع السلطة الحاكمة في البحرين أمام واقع مخيف وأمام وضع محرج إقليميًّا ودوليًّا، مردفًا، «وإن كنّا لا نعوّل كثيرًا على الدول الإقليميّة والغربيّة، التي تتآمر فيما بينها على كلّ شعوب المنطقة، بمن فيها الشعب البحرينيّ الثائر، لذا أنا أرى أنّ هذا الاستفتاء هو أحد أهمّ الأساليب التي يمكن للشعوب المظلومة أن تقوم بها للتعبير عن إرادتها وعلى حقّها في تقرير مصيرها».

رزق قال «أنّ الحقّ سينتصر في النهاية، والانتخابات الصوريّة التي دعا إليها النظام سقطت قبل أن تحصل، لأنّه دون مشاركة الشعب لا يكون هناك انتخابات ولا ديمقراطيّة، في مقابل أنّ المشاركة الشعبيّة الواسعة المتوقّعة في الاستفتاء، سوف تشكّل صدمة كبيرة، على المستويين الدوليّ والعربيّ، وربما يمكننا أن نأمل أن تساعد في الخروج من دوامة القتل والتعذيب وعمليات القمع والاعتقالات التي يعيشها البحرينيّون كلّ يوم وكلّ دقيقة، ورغم كلّ هذه الآلام حافظ هذا الشعب على سلميّته وعلى ثورته الراقية».

وتابع بالقول «أنّ هذه الأنظمة الكرتونيّة التي تحكم المنطقة وتتحكّم بخيرات البلاد، قد بدأت تتهاوى، ولن تستطيع الصمود أمام خيارات الشعوب، وعمليّات التآمر قد انفضحت، ونحن نعيش اليوم نهاية هذه الرحلة الطويلة من الظلم والاستبداد، والتي سيكتب نهايتها خيار الشعب».

وفي الختام وجّه الدكتور عماد رزق تحيّة إلى أبناء الشعب البحرينيّ البطل، داعيًا إيّاه إلى الصمود، جازمًا بأنّ نتائج الاستفتاء ستكون لمصلحة هذا الشعب وخياراته، قائلًا، «إنّنا اقتربنا من القيامة، قيامة وتحقيق الانتصار وتحقيق خيارات الشعب المحقّة».