منامة بوست (خاص): اعتمدت منظّمة الصحّة العالميّة التاسع عشر من يونيو/ حزيران يوماً عالميّاً لمرضى فقر الدم المنجلي، المرض الذي ظلّ -ولا يزال- شاخصاً بوضوح في سماء البحرين، فأكثر من ثمانية عشر ألف بين مريض وحامل للمرض، يعانون من آلامه وتداعياته، في حين تتجاهل وزارة الصحة البحرينيّة نداءات الاستغاثة، والطلبات، والاحتجاجات على ضعف الخدمات المقدّمة لهذه الشريحة.
وبحسب مقال لأمين سرّ جمعيّة البحرين لرعاية مرضى (السكلر) حميد مرهون نُشر في صحيفة الوسط في نوفمبر تشرين الثاني 2009، قال مرهون أنّ موضوع الأمراض الوراثيّة نوقش في عدّة مؤتمرات، منها: ما عقد في يناير /كانون الثاني 1997 في أبوظبي. و في مارس/آذار 1997 في مسقط، وفي أكتوبر/تشرين الأول 1998 في الكويت، وفي ديسمبر /كانون الأول 1998 في القاهرة. و في أبريل/نيسان 2000 في الكويت، وأهمّها التوصية بعقد مؤتمر خليجي للأمراض الوراثيّة بالبحرين خلال العام 2003. لكن لم ينفذ أيّ من توصياتها ونتائجها، بل ألقت هذه المؤتمرات التي شاركت فيها البحرين بظلالها على الواقع السيء في البحرين.
فأسرة الطوارئ بمجمع السلمانية لا تكفي، والكادر الطبيّ لا يسع الحالات المتكدسة في المستشفى، كما لا يوجد دراسة علميّة لكيفيّة مواجهة هذه الحالة، أمّا الخطط والمشاريع التي تنشر في الصحف طوال أربع سنوات، فلم تجد صداها على أرض الواقع، بل أنّ الواقع يفصح كلّ يوم بمعاناتهم، وقد بلغ المتوفون بسبب الإهمال الطبيّ أكثر من خمسين حالة، فمن المسؤول؟
الدول الديكتاتوريّة تجمل صورتها بأيّ مساحيق تجميل، وتترك جوهر المشاكل التي تعجّ بها مشكلات المجتمع، والبحرين ليست بمنأى عن ذلك، ففي عام 2009 قال رئيس جمعيّة البحرين لرعاية مرضى (السكلر) زكريا الكاظم للصحافة أنّ شخصيّات سياسيّة دعت كوادر الجمعيّة إلى المشاركة في الانتخابات النيابيّة المقبلة، لتمثيلهم في البرلمان، حتى يتمكّنوا من مناقشة أوضاعهم الصحيّة عن قرب.
وأضاف رئيس الجمعيّة أنّ خليفة الظهراني أحد الداعين لكوادر الجمعيّة بالانتخابات، وأكّد كاظم حينذاك على أنّ الموضوع تمّت مباحثته بعمق، وقرّرت إدارة الجمعيّة الابتعاد عن الدخول في العمل الانتخابيّ، والاكتفاء بالعمل المهنيّ الخاص بمواجهة مرض السكلر ومساعدة من يعانون منه من المواطنين.
فهل ما ينقص مرضى السكلر هو الانتخابات؟ أم خطط علميّة وميزانيّة لمركز طبيّ محترم يحوي مشكلتهم، وتوعية صحيّة للأهل والأقارب بما يفترض أن يقوموا به؟
في السياق نفسه أكّد رئيس جمعيّة مرضى السكلر زكريا الكاظم لـ «منامة بوست» أنّ عدد وفيّات السكلر هذا العام هو الأكبر، وأضاف، ملف الوفيّات من يتحمّله بلا ريب وزارة الصحّة في المقام الأول، ولكنّنا عاجزون عن التشخيص بشكل دقيق عن الخلل، ويبقی ما لدينا هو قصص الأهل عن هذه الوفيّات، فلا يمكننا أن نقبل بتقارير وزارة الصحّة، ونتائج لجان التحقيق فيها، فهيئة تنظيم المهن الطبيّة مقصرة في أداء مهامها ولا أعلم كيف تعمل، بل لا يذكر المجتمع أنّها قامت بدراسة سبب وفاة إلا حالة واحدة وهي للطفلة فاطمة كنتيجة ردّ فعل قرار سياسيّ.
وأبدى الكاظم استغرابه معلّقاً: هل نحتاج إلی قرار سياسيّ لكي نقوم بعملنا، ولكي نحمي الآخرين من التعرّض للموت نتيجة لأخطاء بشريّة غير مقصودة؟ لأنّ الإخوة في هيئة تنظيم سوق العمل يلونون الناس، ورغم صراخ شريحة من المجتمع وهم يصرخون أن ينقذوا من الموت، إلا أنّ الأخيرة وضعت سدادة أذن ونظارة مزاجيّة.
وقال إنّ رئيس الأطباء أصدر العام الماضي قراراً غير علميّ وغير متزن بشأن علاج مرضی السكلر، بل وتبنی عداء مرضی السكلر عبر تسريب بعض الأخبار الكاذبة لقلب المعادلة علی المرضی في الرأي العام، ساندته إحدی الصحف المحليّة، فمثلا تضخيم في إعطاء الرقم الحقيقيّ لكميّة المورفين من 900 إلی 9000، وتمّ تلفيق بعض الأخبار والقصص، وتهديد الأطباء بتحويلهم للنيابة العامّة، وتعطيل توجيهات سموّ رئيس الوزراء حول تقليل ساعات الانتظار.
وأبدى رئيس الجمعيّة البحرينيّة لرعاية مرضى السكلر انزعاجه، وقال: للأسف هذا الرجل لم يحاسب ولازال يمارس تعطيلاً لمصالح المرضی، وهو المسؤول الأوّل عن وفيّات مرضی السكلر وازديادها.
واستدرك: «أقل مشاكلنا وأصغرها هي وزارة الصحة»، ضارباً مثال على عدد من المشكلات التي تواجه مرضى السكلر:« في المدرسة نتعرض لانتكاسات، نفقد بسببها مقاعد الدراسة، فضلاً عن وجود بعض المدرّسين غير المدركين لطبيعة المرض يقومون بالضغط على مرضى السكلر للمشاركة في حصص الرياضة، وإلا فإنّه سيحصل علی نصف الدرجة».
وتساءل زكريا الكاظم عن توظيف المرضى، وعدم دعم الدولة للمؤسّسات في حال تغيّب المرضى عن الدوام بسبب انتكاساتهم.