منامة بوست (خاص): عبداللطيف المحمود «1946م»، الرجل الإشكاليّة منذ التسعينيّات، إذ كان معارضاً لنظام آل خليفة، حيث وقّع مع الراحل الشيخ عبدالأمير الجمري عام 1992م
منامة بوست (خاص): عبداللطيف المحمود «1946م»، الرجل الإشكاليّة منذ التسعينيّات، إذ كان معارضاً لنظام آل خليفة، حيث وقّع مع الراحل الشيخ عبدالأمير الجمري عام 1992م على العريضة النخبويّة التي طالبت بإعادة الحياة النيابيّة بدستور 1973م. سُجن المحمود وقتها لمدّة أسبوعين، لكنّ منطقة الحدّ، التي يعود نسبه إليها، وهي ذات الأغلبيّة السنيّة شهدت تظاهرات تطالب بالإفراج عنه، حتى حصل ذلك من دون معرفة مخاضات الإفراج، التي انكشفت فيما بعد بأنّه قد اعتزل السياسة، أو هكذا ادّعى متسربلاً بحجّة أنّ العريضة النخبويّة قد انحرفت عن هدفها الوطنيّ؛ فاكتفى آنذاك بالتدريس في جامعة البحرين، تاركاً انتفاضة التسعينيّات وأهدافها، ملتزماً الصمت المطبق.
هكذا جازى المحمود إخوانه الوطنيّين من الشيعة واليسار والمعارضين، فبعدما اعتبروه رمزاً وطنيّاً يستحق التقدير، لدرجة أن يذكر اسمه كرجل دين سنيّ في قصائد عزائيّة لرواديد شيعة، تمجّده على مواقفه الموسومة بالإنصاف وقتذاك؛ انقلب الرجل، وتشقلبت تصريحاته فبدت غامضة وغير مفهومة.
عندما انطلقت ثورة الرابع عشر من فبراير عام 2011، ظهر المحمود من جديد، وبشكل فاقع، إذ اتّخذ جانباً متشدّداً ضدّ الحراك الشعبيّ، بل وترأّس ما سُمي بتجمّع الفاتح، الذي فاحت منه رائحة الثورة المضادة، والذي عُزي أمره إلى تنظيم مسبق من قبل السلطة لكي توازن بين مكوّنين، ادّعى النظام أنّهما متناقضان ومتضادان، ولا بدّ من تحقيق التوافق بينهما.
فشلت السلطة إعلاميّاً وحقوقيّاً على المستوى الدوليّ، وأخفقت إخفاقاً ذريعاً في إقناع الرأي العام العالميّ بأنّه يوجد صراع طائفيّ في البحرين، يتمحور في إرادة الشيعة بالاستيلاء على الحكم. ورغم مؤشرات ذلك الإخفاق الواضح، بل وافتضاح ماكينات الإعلام الرسميّ في سوق مبرّرات قمعه للحراك الوطنيّ، ظلّ المحمود شاهد زورٍ على كذب السلطة، فقام يردّد اسطوانتها المكرورة بأنّ المعارضة السياسيّة في البحرين تابعة لإيران، وتهدف لتنفيذ أجندة طهران في البحرين.
بل وراح أبعد من ذلك، حين ادعى أنّ الأسطول «السادس» الأمريكيّ خرج من البحرين لدخول الحرس الثوريّ، في إشارة لخروج الأسطول «الخامس» في بداية الثورة لإجراءات قيل أنّها تقنيّة. ورغم عدم تفريقه بين الأسطول الخامس الموجود في البحرين والأسطول السادس الموجود في قطر، فإنّ وعاء مخيّلته لا زال ينبض بالكذب على الذقون. إذ ادّعى أنّ الشيعة إنّما قاموا بثورتهم عام 2011 لاعتقادهم أنّ المهدي «وهو الإمام الثاني عشر للشيعة»، سيظهر ويحرر البحرين في ذلك العام؛ ولم تخلُ القصّة التي ساقها بشيء من الاستهزاء في مقابلة مع إحدى القنوات المصريّة، من الجديّة المدّعاة لإماطة اللثام عن وجه السلطة القبيح.
أثار انتماء المحمود للإخوان المسلمين، الذي شكّلوا العمود الفقري لخليّة البندر، التي تحدّث عنها الدكتور صلاح البندر في يونيو من العام 2006، ألف علامة استفهام في استراتيجيّة التغيير التي غذّى النظام سالكها بجدّ واجتهاد؛ التغيير المقصود في تقرير البندر يتعدّى التغيير الديمغرافيّ، إلى تغيير الوجه الثقافيّ لتاريخ البحرين، إذ أنيط للمحمود مع طاقم من أساتذة الجامعة (كان بينهم الراحل محمد البنكي)، بأن يسوقوا لتاريخ آخر، يجمّل فكرة الفتح الخليفيّة، ويؤطرها بإطار بطوليّ فاحش، لكنّ إمكانيّة هذا المسلك لم تتحقق رغم كلّ الدعم الهائل الذي يغدقه ديوان الملك لهذه الغاية. إذن، المحمود فشل في كلّ مهمّاته، بل ظلّ عنواناً عريضاً لرجل المهمّات الفاشلة، رغم أنّ عطاياها كانت كبيرة ومجزية، ما دفع السلطة إلى إحراق ورقته بعدما استخدمته طائفيّاً وسعت لاستخدامه ثقافيّا ولم تفلح في الحالتين، اللهم إلا من بعض التأثير على بعض الموتورين الذين انساقوا للخيالات الكاذبة التي كان يسوقها على الحراك الشعبيّ ولا يزال.
رابط المختصر
:
manamapost.com/?p=2014020430
المواضیع ذات الصلة
الخواجة .. أسَّس مدرسيتن في المطالبة وحقّق قامته التاريخيّة
أحمد عسيري.. مجرم اهتزّ بـ «بيضة»
«علي العكري» .. الطبيب الإنسان الذي لم ينحنِ تحت التعذيب