منامة بوست (خاص – لندن)
في حديثه مع «منامة بوست»، أعلن مدير المنظّمة البحرينيّة الأوروبيّة حسين برويز عن وجود حقوقيين ميدانيين لتوثيق جرائم السلطة الخليفيّة، وقال أنّه لا يمكن الإعلان عن أسمائهم، لأنّهم صاروا في دائرة الاستهداف، وعن دورهم في الأثر الفاعل على السلطة، قال أنّهم ساعدوا في الضغط السياسيّ، مؤكداً أنّ السلطة اليوم باتت محاصرة إعلاميّاً، ومنهكة اقتصاديّاً، ومدانة دوليّاً، ومضغوطة حقوقيّاً ومتخبطة جداً سياسيّاً، وحول نجاح مؤتمر جنيف وغيره من المؤتمرات الدوليّة، قال برويز أنّ كلّ ذلك ما هو إلا نتاج للحراك السلميّ الذي تقوم به الجماهير.
وفيما يلي نص الذي أجرته «منامة بوست» مع حسين برويز في عاصمة الضباب لندن:
بوست: هل حسين برويز في لندن، سيكون فاعلاً كما لو كان في البحرين؟ ألا تحتاج الساحة لحضور الحقوقيين للتوثيق الميدانيّ أولاً، ولإلهام الجماهير ثانياً، كونكم حظيتم بمكانة عند الناس؟ خصوصاً بعد سجن نبيل رجب وهجرة السيّد يوسف المحافظة؟
برويز: نعم سأكون أكثر فعاليّة بالذات على المستوى الحقوقيّ الدوليّ؛ فأنا هنا من أجل خدمة حقوق الإنسان وأبناء شعبي، ونعم الساحة بحاجة ماسّة إلى الحقوقيين الميدانيين للتوثيق، ولدينا قاعدتنا الميدانيّة، ولكن للاحتياط لسنا في صدد إعلان الأسماء الآن حفاظاً على سلامتهم الأمنيّة حيث أنّ جميع الحقوقيين الآن أصبحوا في دائرة الاستهداف بشتّى الوسائل.
أما بالنسبة لإلهام الجماهير فهو سِحرٌ معنويّ لا يشعر به إلّا الجماهير بسبب ملامسة هؤلاء الحقوقيين لآلام الناس، والتواجد معهم كتفاً بكتف في كافّة الميادين النضاليّة، وإيصال صورتهم الناصعة وصوتهم إلى العالم لتحقيق العدالة.
فعلاً لربما نترك أثراً كبيراً ليس فقط في الميدان بل حتى في قلوب الناس وعقولها ونفسيّاتها، حيث أنّنا نفتخر بتواجدنا القريب على الأرض، إلا أنّنا بصراحة كوّنا قبل خروجنا من الوطن مجموعة حقوقيّة محترفة تعمل هناك وتواصل المسير، وسيسطع نجمهم ونحن على تواصل دائم معهم.
بوست: ما الدور الإضافيّ الذي أضافته المنظّمة البحرينيّة الأوروبيّة على السّاحة؟
برويز: الحقيقة كما تعلمون، المنظّمة الأوروبيّة البحرينيّة لحقوق الإنسان ليست فقط منظّمة حقوقيّة دوليّة ضاغطة على الرغم من علاقاتها الوطيدة مع دول الاتّحاد الأوروبيّ، والمنظّمات والمؤسّسات الدوليّة، إلا أنّها أصبحت على الأرض مع الناس ولا تقوم بعملها التقليديّ في الجلوس على المكاتب واستقبال الشكاوى، بل المسير في الاعتصامات ومراقبة الأوضاع والاحتجاجات عن كثب، والتوثيق والرصد ميدانيّاً، ناهيك عن تواجد جماعتها وأصدقائها وأعضائها الضاغطة على الحكومات الحليفة للبحرين في المحافل الدوليّة، وتحديداً البرلمانات والمنظّمات العالميّة ذات المصداقيّة في محاولة جادة ومؤثرة لوقف انتهاكات حقوق الإنسان وتعزيز معايير العدالة والقانون.
بوست: نجح الحقوقيّون والإعلاميّون في كسب المنظّمات الحقوقيّة على مستويات متعدّدة، ما مدى تأثير ذلك النجاح على مستوى الضغط السياسيّ على السلطة؟
برويز: نحن واثقون أنّ السلطة اليوم إعلاميّاً محاصرة، واقتصاديّاً منهكة، ودوليّاً مُدانة، وحقوقيّاً مضغوطة، وسياسيّاً متخبطة جداً، كلّ ذلك يسبب ضغطاً سياسيّاً كبيراً، ويساعدُ في الضغط السياسيّ المتصاعد ضدّها بشكل كبير خاصة الضغط الذي يقوم به الحقوقيّون البحرينيّون في عواصم الدول المؤثرة على مستوى القرار السياسيّ، فهناك ملفّات ساخنة وكبيرة جداً تستطيع المنظّمات الحقوقيّة أن تضغط من خلالها على السلطة عبر الدول الكبرى، ونجحنا إلى حدٍ كبير بتجاوز الكثير من المعوّقات السياسيّة.
بوست: مؤتمر جنيف الأخير أدان السلطة لديكتاتوريّتها، لكنّ الشارع لا زال يرزح تحت وقع الرصاص والاعتقالات، ألا تخشى كحقوقيّ أن يفقد الناس أملهم في أثر هذه الفعاليّات الدوليّة على واقعهم؟
برويز: الحقيقة أنّ مؤتمر جنيف ونتائجه هو نتاج الحراك الشعبيّ السلميّ المتصاعد في البحرين، ولا يمكن أن تكون إدانة للبحرين أو دعوة لتحقيق مطالب الناس إلا من خلال آليات واضحة، ويجب أن تكون هناك مشكلة حقيقيّة يعاني منها البحرينيّون ويعكسون معاناتهم لهذه المشكلة عبر الاحتجاجات اليوميّة والغضب الشعبيّ، لذلك الحراك في البحرين لا اعتقد أنّه مرتبط بالخارج بقدر ما هو مرتبط بداخله، والشعب البحرينيّ يناضل أنظمة الاستبداد منذ أمدٍ بعيد فلا أعتقد أنّه سيفقد الأمل، بل أدعو إلى عدم الاتكال على المؤتمرات والمنظّمات الدوليّة، أو على الإدانات على الرغم من أهميّتها، وإنّما الاستمرار في الحراك الميدانيّ السلميّ وابتكار وسائل نضاليّة مؤثرة جديدة، فالتحرّك الميدانيّ هو الذي سيفسد على النظام أيّ نوع من أنواع المكائد التي يريد أن يحيكها للشعب من مؤامرات ضدّه.
بوست: هناك رأي يقول أنّ العمل الحقوقيّ في البحرين تزاوج مع السياسيّ، فأصبحت للمنظّمات الحقوقيّة في البحرين مطالب سياسيّة؟ هل هذا الرأي صحيح أم هناك لبس في فهم الدور المناط بالمنظّمات المحليّة؟
برويز: غير صحيح، فالسياسة جزء من حقوق الإنسان، ولا يمكن التخلّي عن النكهة السياسيّة في العمل الحقوقيّ بالذات، إنّ إحدى أهم مرجعيات نشطاء حقوق الإنسان هي العهد الدوليّ الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة الذي يسعى لتحقيق العدالة السياسيّة عبر مبادئ وقيم حقوق الإنسان.
بوست: ألا يمكن للمنظّمات الحقوقيّة أن تضغط لملاحقة الجلّادين عبر الأنتربول؟
برويز: الانتربول لا، ولكن هناك آليّات دوليّة نحن في صدد العمل عليها لملاحقة الجلّادين ومسؤولي انتهاكات حقوق الإنسان في كلّ العالم، وتقديمهم للمحاكمة والمحاسبة والمسائلة على الجرائم التي ارتكبوها ضدّ الإنسانيّة في البحرين.
بوست: ما هو استشرافك لمستقبل البحرين؟
برويز: للأسف أرى أنّ فرص الحلّ السياسيّ في البحرين في المستقبل القريب معدومة جداً، وأعتقد أنّ البحرين ستعيش تحت ظلّ الاستبداد مالم تتخذ القوى السياسيّة مواقفاً استراتيجيّة مؤثرة وقويّة جداً على النظام في الأيام المقبلة، وأحذّر من مكائد الحوار الذي يستخدم للالتفاف على المطالب الشعبيّة دوليّاً، ولكن أعتقد أنّ على المستقبل البعيد سيعيش أبناؤنا وأحفادنا في دولة ديمقراطيّة تعتمد على النظام الديمقراطيّ المباشر وستتحقق العدالة والأمن والأمان، ولكن باستمرار التضحيات والنضال مهما كانت التكلفة باهظة.