منامة بوست (خاص): رغم انحسار عقده الخامس، لازال الشيخ محمد علي المحفوظ (1957) يحتفظ بروحٍ تتكيّف مع طبقات المجتمع، عُرف كقائد للتيّار الشيرازيّ، وعاش ردحاً من الزمن في المهجر منذ الثمانينيّات
منامة بوست (خاص): رغم انحسار عقده الخامس، لازال الشيخ محمد علي المحفوظ (1957) يحتفظ بروحٍ تتكيّف مع طبقات المجتمع، عُرف كقائد للتيّار الشيرازيّ، وعاش ردحاً من الزمن في المهجر منذ الثمانينيّات وحتى حقبة الميثاق 2001.
في مفاصل النضال ركّز المحفوظ على التغيير في البحرين، ونظّر مع رفاقه لتجذيره كثقافة في أوساط المجتمع، كان العمل العقائدي أحد ركائز القائد المتعب من نير الغربة، لكن تعبه لم يزده إلا اندماجاً مع آلام المنهكين من شرر نظام لا تنسرب منه الرحمة لأيّ فصيل.
بعد رحيل السيّد محمد الحسينيّ الشيرازي، انقسم التيّار إلى قسمين، أحدهما قلّد السيّد صادق الشيرازيّ، والثاني قلّد السيّد محمّد تقي المدرّسي، لم يؤثّر ذلك الانقسام المرجعيّ على وحدة التيّار في البحرين، لكنّه ترك أثراً على تماسكه، وكان –ولا زال- للمحفوظ دور الرجل الجامع بين قطبيه.
من الممكن التأريخ لدلالات التيّار الشيرازي كأيقونة نضال في البحرين، وتلك الإمكانية سيلازمها الشيخ المحفوظ كماسك لرحى التحديات المعقدة، والعارف لتخبّطات الواقع وشجونه. من هنا كان لصفاته الشخصيّة، وعلاقاته الاجتماعيّة، وحرصه الكبير على مدّ جسور الوداد، مكوّنات جامعة للعبور بالتيّار إلى ضفة الحياة، خصوصاً إذا عرفنا أنّ العقيد عادل فليفل مسك ملف التيّار منذ نشأته في الثمانينيّات، وظلّ يلاحق كوادره الواحد تلو الآخر، سجناً وتعذيباً وسرقةً، في ظلّ افتقار هذا التيّار للغطاء الحامي محليّاً وإقليميّاً.
بعد تشكّل الجمعيّات، وخصوصاً مع إيجاد قفص قانونيّ تحت مسمّى «قانون الجمعيّات»، واجه المحفوظ التحدّيات بشكل أكبر، حيث استقال عدد من القيادات من جمعيّة العمل، لأنّهم لا يريدون أن يعيشوا ازدواجيّة القناعة في إسقاط نظام الحكم، وفي الوقت نفسه الانضواء تحت قانونه. المحفوظ مسك دفّة الجمعيّة في صعوبة بالغة، فرياح القوانين أنهكت أشرعته، وأمواج البيت الداخليّ في التيّار تلاطم بعضها فتحوّر ثبات السفينة.
من مواطن قوّة التيّار الرساليّ، أنّه يزوّد نفسه بالمخزون الآيديولوجي المتجدّد مع كلّ إطلالة لخطاب عقائديّ هنا أو هناك، من قيادات الداخل والخارج؛ بمعنى أنّ التيار متّحد على خيار وضع العقيدة الدينيّة موضع الركيزة، فإذا تجاذبته محن التحدّيات لجأ للمخزون الآيديولوجي متزوّداً من معينه الملهم.
في هذا الإطار يمكن تسمية المحفوظ بحكيم المرحلة بالنسبة للتيار، ذلك لأنّه رجل جامع، وذو نكهة عقديّة وفقهيّة، وخبرة سياسيّة لا تتحصل في رجالات الخط الرساليّ بالرتم نفسه الذي يتوفر عليه أمين عام العمل الإسلاميّ.
بذلك التموضع الدقيق، دعم المحفوظ فكرة اللامركزيّة في القيادة إبان ثورة الرابع عشر من فبراير، بل ذهب أبعد من ذلك ونظّر لمقولة «قيادة الشباب» باعتبارهم مستقبل الأمة، كما وصفهم في أحد خطاباته في 2011. ولعلّ المتتبّع لأدبيّات التيّار عموماً، ومقولات المحفوظ خصوصاً، سيجد أنّ الرجل لم يقل شيئاً خارجاً عن قناعة الخطّ منذ تأسيسه. إنّما عمل بما تتطلّبه المرحلة وفق رؤية متناسبة مع قابليّة الناس.
سُجن المحفوظ كباقي القيادات المطالبة بإسقاط آل خليفة، وبقيت حكمته خارج السجن ترفرف على رؤوس مريديه، لئلا تنفلت بهم رياح التجاذبات، على أمل منهم أن تغيض الأرض، وتمسك السماء، وترسو سفن العمل الإسلاميّ، على أمل التغيير بدفّة تمسكها يد المحفوظ القويّة.
رابط المختصر
:
manamapost.com/?p=2014081738
المواضیع ذات الصلة
الخواجة .. أسَّس مدرسيتن في المطالبة وحقّق قامته التاريخيّة
أحمد عسيري.. مجرم اهتزّ بـ «بيضة»
«علي العكري» .. الطبيب الإنسان الذي لم ينحنِ تحت التعذيب