Thursday 28,Nov,2024 02:24

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

معارضون في المهجر لـ«منامة بوست»: القانون الجديد بشأن سحب الجنسيّة مجحف وهدفه «استنزاف المعارضة»

منامة بوست (خاص): أحالت الحكومة إلى مجلس النواب مشروعاً بقانون بشأن تعديل بعض أحكام قانون الجنسيّة البحرينيّة لعام 1963، وهو تعديل من شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه أمام سحب الجنسيّة البحرينيّة

منامة بوست (خاص): أحالت الحكومة إلى مجلس النواب مشروعاً بقانون بشأن تعديل بعض أحكام قانون الجنسيّة البحرينيّة لعام 1963، وهو تعديل من شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه أمام سحب الجنسيّة البحرينيّة بمرسوم قانونيّ، بناءً على طلب وزير الداخليّة وموافقة الحكومة. وقد أحالته الحكومة إلى مجلس النوّاب يوم الأربعاء الماضي «4 يونيو/ حزيران 2014»، وأدرج على جدول أعمال الجلسة المقبلة.

وألزم التعديل القانونيّ «كلّ بحرينيّ اكتسب جنسيّة أجنبيّة، توفيق أوضاعه بالتنازل عن الجنسيّة الأجنبيّة التي اكتسبها دون موافقة مسبقة من وزير الداخليّة، وذلك خلال مدّة لا تزيد على ثلاثة أشهر من هذا التاريخ، واعتبر فاقداً للجنسيّة البحرينيّة كلّ من يصدر بشأنه مرسوم بناءً على عرض وزير الداخليّة، وبعد موافقة مجلس الوزراء بعدم الموافقة على احتفاظه بالجنسيّة الأجنبيّة، وذلك في حالة عدم تنازله عن هذه الجنسيّة».

في هذا الصدد استطلعت «منامة بوست» بعض آراء المهجّرين والمهاجرين من بطش النظام الخليفيّ، وفيما إذا كان القانون الجديد سيوقع أثراً سلبيّاً في نفوسهم حال إقراره، وعن هدف الحكومة الخليفيّة من هذا القرار.

الناشط السياسيّ الشيخ محمّد التلّ قال لـ «منامة بوست» أنّ «إحالة الحكومة لمشروع بقانون لتعديل قانون الجنسيّة لعام 1963، يهدف بدرجة كبيرة إلى تكريس اﻻستبداد الخليفيّ على الشعب البحرينيّ، فهو يخفي في طيّاته أموراً ويبرز أخرى»، مردفاً «القانون يبرز بجلاء إرادة الوﻻء المطلق للعائلة كمرجعيّة ﻹعطاء أو سحب الجنسيّة». واعتبر التلّ أنّ القانون يستهدف بشكل أساس المعارضين، حيث قال، «واللافت أنّ هذا المشروع بقانون موجّه بشكل مباشر للمعارضين للنظام، بدون فرق بين سنيّ أو شيعيّ ومتجنّس أو أصيل، وذلك يمثّل تهديداً خطيراً ومؤشراً واضحاً على مواصلة سياسة تجفيف منابع المعارضة، التي تعدّ استمراراً لتنفيذ توصيات تقرير البندر سيء الصيت». واعتبر أنّ «أخطر ما في التعديل القانونيّ المشار له هو تحويل النظام في كلّ جوانبه إلى نظام بوليسيّ، ويؤكّد على اللانظام عند القبيلة الخليفيّة»، وذهب التلّ لأكثر من ذلك، بالقول «إنّ القانون يمثّل تنصيب حمد بن عيسى وعائلته في مناصب قداسة الذات التي ﻻ تمسّ؛ وإعطاء الشعب أدنى الصفات فهم رعاع وعليهم السمع والطاعة». وعن مجلس النوّاب الذي من المفترض أن يقرّ التعديل أو يرفضه، أضاف التل، «لن أشيح النظر عن وظيفة مجلس النوّاب الحقيقة الممثّلة في إعطاء الوﻻء والتصفيق لكلّ قرار خليفيّ لشرعنته أمام الرأي العام الدوليّ بالدرجة، وإﻻّ فمن يعترض فمصيره مصير النائب أسامة التميمي».

واعتبر الناشط الحقوقيّ حسن عبدالنبي الذي قضى في أستراليا أربع سنوات، أنّ السياسة المتّبعة في تعديل القانون ممنهجة، معلّقاً «واضح أنّ سياسة النظام تتبع سياسة ممنهجة في تجريد المواطنين الأصليّين من حقوقهم وتزيد من قوانين الاستبداد، والاستهداف، والإرهاب لإخماد ما تبقّى من أصوات حرّة توصل رسالة شعب البحرين المظلوم»، مضيفاً إنّ « تعديل هذه القوانين- والتي تمرّر عبر مؤسّسات غير شرعيّة – ليؤكّد مدى الانسجام لسياسة حكم القبيلة التي تحكم البلاد بالمزاجيّة والطائفيّة، حيث تستخدم بكلّ وقاحة ضدّ نشطاء ومعارضي هذا النظام»، ولفت عبدالنبي إلى «أنّ نصّ التعديل على موافقة مسبقة من وزير الداخليّة يؤكّد أنّ الأمر لا يتعلّق بمعايير أو مقاييس قانونيّة، مع العلم أنّ وزير الداخليّة ليس جهة تشريعيّة أو قضائيّة حتى يكون مؤهّلاً أو مستوفياً لأخذ هذه القرارات، ما يؤكّد شرعنة الاستبداد والظلم لتجريد كلّ ما يملك المواطن الذي يفكر في معارضتهم»، ودعا الناشط حسن عبدالنبي إلى «مواصلة الثورة السلميّة ووضع برامج جديدة ومتنوّعة تنسجم مع المرحلة، وتفعيل المقاومة المدنيّة حتى يوقف مشاريع وجرائم النظام الذي لا يتورّع في ظلم البلاد والعباد».

من جهته قال رئيس الرصد في مركز البحرين لحقوق الإنسان سيّد يوسف المحافظة، أنّ القانون عبارة عن «مشروع حكوميّ يستهدف المعارضين والحقوقيّين في الداخل والخارج، وصيغ بشكل مطاطيّ كما هو قانون الإرهاب و قانون الجمعيّات»، وأكّد أنّ التعديل بهذه الصيغة «يفنّد الحديث عن دولة القانون والمؤسّسات، فهو إمّا يضع قوانين البلد في يد ملك البحرين واليوم في يد وزير الداخليّة وهو ما نرفضه». مستطرداً «إنّ ما نريده هو أن يكون هناك قانون يطبّق على الجميع منبثق من دستور شرعيّ ويتوافق مع المواثيق الدوليّة التي صادقت عليها البحرين أمام الأمم المتّحدة، ولكنّ الحاصل هو قوانين مقيّدة للحريّات، وتنتهك الحقوق الأساسيّة للمواطنين، وتستهدف المعارضين والمواطنين الشيعة بشكل خاص»، وأردف المحافظة «أنّ ذلك يخالف المادة 15 من الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، التي تنصّ على أنّ لكلّ فرد حقّ التمتّع بجنسيّة ما، ولا يجوز تعسّفاً حرمان أيّ شخص من جنسيّته ولا من حقّه في تغيير جنسيّته».

وقالت الإعلاميّة لميس ضيف المقيمة في لندن، «يبدو أنّ الحكومة منشغلة تماماً بإيجاد عقوبات جديدة لكلّ من يناوئها.. فالغربة ووجع الشتات ليسا بعقاب كاف بتقديرهم لذا «فصّلوا» قانوناً يضيق الخناق على كلّ من اختار تعرية جرائمهم في الخارج..» وأضافت «تمرير القانون معلّق بذمّة البرلمان الآن، وكلّنا نعلم أنّ النوّاب أُجراء عند الحكم، وبالتالي فالقانون في حكم النافذ بتقديري»، وعن سؤالنا عن الأثر السلبيّ على المتضررين، أجابت ضيف، «لاشكّ أنّه تحدّ جديد، ونحن أمام خيار قاسٍ، فالجنسيّة الأجنبيّة والحياة في الخارج عموماً، ليست خياراً شخصيّاً لأيّ منا» واسترسلت «فقد اخترنا ما رأيناه أهون الشرّين، ورحلنا لأرض الله الواسعة، واخترنا حياة صعبة لا يدرك الكثيرون قسوتها – ولا ألومهم- فقبل أن تدور عليّ الدوائر كنت أخال أنّ معارضي الخارج منعمون مقارنة بسواهم، حتى أصبحت منهم، واكتشفت أنّ قيظ الحياة في وطنك ولا شتاء الحياة بعيداً عن كلّ ما تحبّ!» وعن الهدف بعيد المدى للحكومة، قالت الكاتبة لميس «هذا القرار يقع ضمن سلّة القرارات المصمّمة لاستنزاف المعارضة ودفعها للتراجع عن مواقفها المبدئيّة، وأطمئنكم بأنّه ليس بيننا من ينوي التراجع».

ورأى القياديّ في تيّار العمل الإسلاميّ الشيخ عبدالله الصالح «أنّ في البحرين سلطة تستعصي على التغيير الطوعيّ مطلقاً، سلطة مستبدّة إلى أبعد الحدود، سلطة لا تعترف بأيٍّ كان مهما كان موازياً..قد تضطر – أحياناً – لإيجاد إطارات شكليّة فيها بعض رائحة الديمقراطيّة، وفيها إيحاء بالشراكة، كالبرلمان الكسيح الذي يقصر عن إبراز العدالة الشكليّة والتمثيل الشعبيّ السليم، ومع ذلك ما أن يقرّ هذا الإطار حتى يسبقه أو يلحقه قوانين تفرغه من محتواه..» وأضاف، «في البحرين نعيش الغرائب والعجائب، آل خليفة كلّ شيء في هذا البلد، هم أصحاب القرار في البلد، هم من يقرر عن الشعب، هم من يعرف المصلحة دائماً، هم ألف البحرين إلى يائها..» وبحسب رؤيته فإنّ «هذه أوضاع خاطئة لا يمكن أن تستمرّ، فلقد شاء الله أن تفضح كلّ تلك الشعارات البرّاقة، وعلى لسان من يتشدّق بها، كلّ الأمور تظهر أنّ آل خليفة لا يمكن أن يتنازلوا عن قبضتهم الحديديّة، وعن التحكّم في كلّ مفاصل الحياة في البحرين، فضلاً عن الإيمان أو القبول بمشاركة المواطنين في الوطن وقراره، فكلّ القرارات والمراسيم والقوانين تكرّس حالة الاستفراد والاستبداد والهيمنة الكاملة، وهي رسالة واضحة وذكرى: {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ.. }. ».

بعض اللاجئين في الدول الأوروبيّة فضّلوا عدم ذكر أسمائهم، لكنّهم أبدوا رغبتهم الكبيرة في عرض رأيهم عبر «منامة بوست»، حيث قال الشاب «ح.س»، وهو من شباب سترة الذين تعذّبوا في سجون آل خليفة، ووصل للمهجر في لندن قبل أربع سنوات، « لا يهمّ إن تمّ سحب جنسيّتي أم تمّ إبقاؤها، نحن نؤمن بعدم شرعيّة هذا النظام، فلا فرق إن كان اسمي ضمن سجّله السكّاني أو لا! وأضاف بهدوء وسكينة، «نحن بحرانيّون رغم أنف الشرذمة الخليفيّة»، وأكمل بعدما اعتلت وجهه ابتسامة رضى «أنا أتشرّف بأن تسحب جنسيّتي، فأنا لست بأفضل ممن تمّ سحب جنسيّتهم سابقا».

أما المصوّر الإعلامي «ح.ع» فقد جزم بأنّ القانون «يفتح المجال للنظام بحقّ سحب الجنسيّة عن كلّ من يلصق النظام له تهمة الإضرار بمصالح النظام أو عدم الولاء له، فالقانون يستهدف كلّ من هو ضدّ النظام ويندرج تحت مشروع تقرير البندر»، وقال أنّ «القانون خطير جداً على المعارضة البحرينيّة المتواجدة في الخارج، وكلّ من طلب اللجوء السياسيّ، وخرج من البحرين في ظلّ الأزمة الراهنة وأكثر من ذلك فهو مهدّد بسحب جنسيّته». لكن «ح.ع» لم يبدِ أي مقدار من التفاؤل بشأن ردّة الفعل المناسبة، «لا أعتقد أنّه سيواجه من قبل المجتمع الدوليّ، ولن تكون هناك ردّة فعل قويّة بالشكل المطلوب، المعارضة ستحاول عدم تمرير القرار، ولكنّ النظام جادّ في تطبيقه».

«ع.م» وهو ربّ عائلة، طورد أمنيّاً على إثر نشاطه الإنسانيّ في ثورة البحرين، فقد علّق على القانون بالقول «إنّ هذا القرار مجحف في حقّ المقيمين بالخارج، وسيلاقي القانون نقمة المهاجرين، لأنّه أولاً يصادر الحريّة، ووزارة الداخليّة ليس لها الحقّ في أن تعطي الإذن في هكذا أمور»، عازياً مسألة المقيمين في الخارج للسفارة البحرينيّة في كلّ بلد، معتبراً أنّ الضرر النفسيّ سيلحق بكلّ بحرينيّ إذا ما أقرّوا هذا القانون، واستطرد، «عائلتي ستتضرّر أيضاً، فسحب الجنسيّة يصعّب إجراءاتنا القانونيّة في الخارج»، وتساءل عن مصير الطلبة في الخارج، ممن لا يرجعون إلى البحرين أثناء دراستهم، وأكّد «ع.م» على وقوف المهاجرين في وجه هذا القانون الظالم قائلاً، «سوف ندافع عن أنفسنا بكلّ الطرق».

الشاب «أ.ح» الذي حصل على اللجوء السياسيّ في بريطانيا في ديسمبر 2011، واختار طريق العلم لمقارعة النظام، قال «لا يهمّني قرار هذا النظام، فلا شرعيّة له في نظري، وسيكون مردوده على هذا النظام الساقط أكبر من البحرينيّين المقيمين في الخارج، وإذا كان النظام يستقوي بالمجنّسين الذين يسترزقون على نفقة البلاد، فإنّه لا يوجد مجنّس يبقى خارج وطنه للأبد، وسوف يعودون وسيشعر النظام بضعفه»، وأكمل بعدما تنفّس بعمق، «سنعود لتحرير البحرين من الاحتلال الخليفيّ والسعوديّ».

يُذكر أنّ الانفراجة السياسيّة في بداية الألفيّة، التي حصلت بالتزامن مع صدور الميثاق، الذي دفع حكومة آل خليفة إلى تغيير إجراءاتها التي كانت مشدّدة على المعارضين،أعطت انطباعا ً لدى المراقبين أنّ سياسة البيضة والحجر متّبعة لدى الحكم الخليفيّ في كلّ الفترات، وهو ما يجعل بعض السياسيّين، لا يأمنون ليونة النظام أكثر من عدم اطمئنانهم لخشونته، والمثال الأقرب على ذلك، وله صلة بموضوع الجنسيّة وعودة المبعدين، هو ما أكّده السفير البحرينيّ لدى بريطانيا عام 2001 ، عبد العزيز بن مبارك آل خليفة، حيث قال أنّ معظم البحرينيّين في الخارج، وخصوصاً في بريطانيا عادوا الى بلادهم.

وأوضح السفير في حديث لـصحيفة «الشرق الأوسط» بتاريخ 20 أبريل/نيسان 2001، أنّ هذه العودة «تأتي كتأكيد من أمير البلاد الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وحرص منه على السماح بعودتهم للمشاركة في الاستفتاء على الميثاق الوطنيّ، حتى لا يستثنى أيّ بحرينيّ من حقّ التصويت، وحتى لا يعترض أحد في المستقبل على عدم قدرته لأيّ سبب على التصويت في هذا الاستفتاء». وأضاف «إنّ رغبة الأمير والقادة في مشاركة البحرينيّين جميعاً إنّما تأتي لإتاحة الفرصة أمامهم في المستقبل للاشتراك في الانتخابات العامة المقبلة». ورداً على سؤال صحيفة «الشرق الأوسط» عن الإجراءات والتسهيلات التي قدّمت إلى البحرينيّين في الخارج للعودة، ردّ إنّ التسهيلات قدّمت «لأكثر من 99 في المائة ممن تقدّموا للعودة من بريطانيا، وغيرها من البلدان الأوروبيّة، أمّا النسبة المتبقّية من الذين بقوا فهي ترجع لظروفهم الاجتماعيّة التي تتعلق بدراسة الأولاد أو غيرها من الأمور الشخصيّة»، حسبما جاء في تصريح السفير لصحيفة الشرق الأوسط.

إلّا أنّ بعد سنة من صدور الميثاق وتحويل الإمارة إلى مملكة، عمد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة إلى إصدار دستور دون الأخذ برأي الشعب فيه، ما لاقى استهجاناً كبيراً من قبل الحقوقيّين والسياسيّين وبعض المنظّمات الدوليّة. ثمّ كشف بعد ذلك مستشار الديوان الدكتور صلاح البندر في تقرير له عن عملية تجنيس ممنهجة هدفها قلب الموازين، وقد حذّر البندر مؤخراً في مقابلة أجرتها «منامة بوست» معه، من أنّ عام 2018 ستتبدل التركيبة السكانيّة في البحرين بشكل عكسي بسبب التجنيس السياسيّ الممنهج.


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2014082405


المواضیع ذات الصلة


  • قيادي في «ائتلاف 14 فبراير لبوست»: «وثائقيّ «بحارنة لنجة» حمل رسائل متعدّدة وفتح ملفًا حسّاسًا سعى النظام لطمسه»
  • الباحث المصريّ حمادة لطفي لـ «منامة بوست»: حصار الدراز عارٌ على جبين حكّام السعوديّة الخبثاء
  • الباحث الإستراتيجيّ خالد حمّود لـ «منامة بوست»: حصار الدراز أشدُّ لؤمًا من حصار العدوّ الإسرائيليّ لقطاع غزّة
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *