منامة بوست (خاص): أخذ لقاء وليّ العهد سلمان بن حمد يوم أمس مع شخصيّات اجتماعيّة وتجّار، اهتمام المراقبين، خصوصًا وأنّ اللقاء تضمّن حلولًا لما تمرّ به البحرين، وكان اللقاء خاليًا تمامًا من الوجوه المعارِضة، بل أنّ المعارَضة لم تُوجّه لها دعوة.
ولم ترّحب المعارضة باللقاء، وقد أصدرت بيانًا قالت فيه إنّ الذين التقاهم وليّ العهد يمثّلون أنفسهم وجهاتهم ولا يمثّلون المعارضة، مبديةً رغبتها في حلولٍ جديّة ودستوريّة.
نتذكّر أنّه في بداية الثورة البحرينيّة بعام 2011، قد طرح وليّ العهد سبع نقاط، أكثر عمقًا من المطروحين الآن، حيث كان من بين النقاط السبع مجلس نوّاب كامل الصلاحيّات، حكومة تمثّل ارادة الشعب، دوائر انتخابيّة عادلة، حلّ مشكلة التجنيس، محاربة الفساد الماليّ والإداريّ، النظر في ملفّ أملاك الدولة، معالجة الاحتقان الطائفيّ.
وبعد دخول الجيش السعوديّ وقمع المتظاهرين، أكّدت مصادرٌ في حينها أنّ وليّ العهد اتّصل بالمعارضة وأخبرهم أنّ الأمر خرج من يده، في إشارةٍ لسيطرة المتشدّدين على المشهد.
وبعدها بفترةٍ قليلة، راج في الأوساط الإعلاميّة والسياسيّة والاجتماعيّة أنّ ثمّة جناحٍ متشدّدٍ يسمّى بـ«جناح الخوالد»، قد سيطر على إدارة الوضع، وسُمّي وزير الديوان «خالد بن أحمد» بالملك الفعليّ الذي من مكتبه تُدار السياسات الأمنيّة والسياسيّة.
في وقتها أيضًا، قيل إنّ وليّ العهد سلمان بن حمد في وضعٍ ضعيف، وصقور العائلة تسيّدوا المشهد وانتهى الأمر.
مرّت البحرين بعدها بعدّة مخاضات، وكانت حوارات السلطة تُدار غالبًا بدون وليّ العهد، وحتّى تلك التي أدارها سلمان بن حمد لم تخرج بمحصّلةٍ تُذكر.
في لقاء الأمس، كان «خالد بن أحمد، وأحمد بن عطيّة الله، ووزيري الخارجيّة والداخليّة» من ضمن حضور اللقاء، الذي كان عنوانه طرح الحلول، فكيف تُحلّ هذه التشابكات؟
فوزير الديوان خالد بن أحمد – وهو وزير تأزيم- من ضمن حضور اللقاء، والجيش السعوديّ لا زال موجودًا في البحرين، وأحمد بن عطيّة الله- وهو الرأس المدبّر لخليّة البندر سيئة الصيت- لا زال وزيرًا ومسيطرًا على الجهاز المركزيّ للإحصاء، ولا زال القمع والتنكيل في شوارع البحرين ليليًا يُدار بالعقليّة نفسها، ولا تزال السجون تعجّ بآلاف المظلومين والمنافي بمئات المحرومين، فأين وجه الحلّ يا ترى؟
العُقدة الكأداء التي تجذّرت في الضمير الشعبيّ هي «شعرة معاوية» التي يستخدمها الخليفيّ في كلّ مفصلٍ صغيرٍ أو كبير، ممّا أفقد ثقة الناس بأي وجهٍ خليفيٍّ كان. نعم هناك من يدفع باتجاه أنّ الغرب سيضغطون على الخليفيين لإعمال إجراءاتٍ إصلاحيّةٍ ذات معنىً ملموس، فحتّى هؤلاء لا يؤمنون بإمكانيّة الإصلاح الخليفيّ «ذاتيًا»، إنّما يؤمنون بإصلاحٍ في آل خليفة يأتي من القوى الأقوى، والمقصود تحديدًا هنا أمريكا وبريطانيا.
لكن لا وجود لمثل تلك الضغوطات حاليًا، كما أنّ الحليف الخليفيّ لكلٍّ من لندن وواشنطن أكثر ثقة من أيّ جهةٍ بحرينيّة داخليّة، كانت شيعيّة أو سنيّة، فالأمريكان يخافون سيطرة الشيعة من جهة نفوذٍ إيرانيٍّ مباشر أو غير مباشر، ويخافون من سيطرة السلف من جهة نفوذ التيّار المتشدّد الإرهابيّ.
فأيّ حلٍّ يُراد للبحرين أن يُكتب؟ وهل كان لقاء وليّ العهد يمثّل وجهًا من وجوه الحلّ فعلًا؟
أم هو «بربغندا» للمشاركة في الانتخابات النيابيّة المُزمع تدشينها نهاية العام الجاري؟
في خضمّ كلّ ذلك، يحبس السياسيون أنفاسهم من ترحيل الأزمة لأربع سنواتٍ قادمة إذا لم يُصنع حلٌّ ملموس ويدخلوا العمليّة الانتخابيّة بشكلٍ فعّال، كما يحبس الثوريّون أنفاسهم من مشاركة السياسيين وحدوث شيء من استرخاء الشارع في وجه برنامجٍ خليفيٍّ ماكر من جديد، يضمّد النزف ولا يعالجه.
في كلّ تلك المخاضات، لا وجود لمسطرة تقيس الواقع بدقّة، إلّا أنّ النفس الطويل هو أحد أهمّ الأساسات التي يعوّل عليها شعب البحرين. ولم يعُد الجيل الجديد يثق بالخليفيين، ليبراليّهُم وسلفيّهُم.