Saturday 23,Nov,2024 02:13

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

«الجدحفصيّ» رجل العبور إلى قراءة الصراع بنمطٍ آخر

منامة بوست (خاص): لا يمكن تجاوزالشيخ علي بن أحمد الجدحفصيّ عند الحديث عن ثورة البحرين، فالشيخ الآتي من عمرٍ طويلٍ قضاه في الحوزة، يحمل في تاريخه نضالًا واسعًا يستحقّ التأمّل.

منامة بوست (خاص): لا يمكن تجاوزالشيخ علي بن أحمد الجدحفصيّ عند الحديث عن ثورة البحرين، فالشيخ الآتي من عمرٍ طويلٍ قضاه في الحوزة، يحمل في تاريخه نضالًا واسعًا يستحقّ التأمّل.

فمنذ نضالاته في السبعينيّات أيّام القوميين، مرورًا بالحركة الإسلاميّة في الثمانينيّات، وصولًا إلى انتفاضة التسعينيّات ومخاضاتها، يمثّلُ الرجل بذلك تاريخًا يعطيه بوليصة الدخول إلى ثورة الرابع عشر من فبراير/ شباط 2011.

فرغم السجون والمضايقات الأمنيّة الكثيرة، ومنها التعرّض لابنته بالضرب من قِبَل أحد المرتزقة في 2008، اختار الرجل أن يكون نصيرًا للناس، لكن من بوّابةٍ أخرى.

فبعد الركود الذي أصاب الأحزاب في مواجهة نظامٍ مدعومٍ من الدول الكبرى، رأى الجدحفصي أنّ الشباب هم الأمل في تغيير واقع البلاد المأزوم، وصار تشجيعه «الذي يراه البعض تحريضًا» على التظاهرات، ووقوفه الأبويّ مع عوائل الشهداء، علامتان بارزتان للخيارات الصعبة التي اختارها الشيخ.

مؤخراً استُدعي الشيخ الجدحفصيّ، وقد تُلفَّق له تهم ويُحال إلى النيابة العامّة.

ومن هنا يمكن قراءة المشهد السياسيّ الذي يُراد له أن يكون مشهدًا نمطيًّا قراءةً أخرى، المشهد الذي نجح الشباب في كسره ، رغم الملاحقات الأمنيّة الوحشيّة تجاههم.

حيث يتوجّه الجدحفصيّ للميدان رغم كلّ الظروف الصحيّة والأمنيّة الصعبة، حتى لُقِّب بـ«شيخ الثورة»، الأمر الذي يجعل استدعاءه بهذه الطريقة تأكيدًا على سياسة الاعتداء على خيارات الناس وصمودهم، الذي يسعى الخليفيون لكسره بطريقةٍ أو بأُخرى.

وثمّة قراءة أخرى، تقول إنّ استدعاء الشيخ الجدحفصيّ بالون اختبار لكلٍّ من شباب الميدان من جهة، وردّة فعل القوى السياسيّة من جهةٍ أخرى. وبمقدار ذينك الردّين للفعل، ستجسُّ السلطة مجسّها تجاه أهميّة الرجل وحجم حيثيّته بين الناس.

القوى الثوريّة مدينة بجميلٍ كبيرٍ للشيخ الذي داس على صحّته ونهض إلى حيث الأماكن المأهولة بالضرر، كالمسيرات غير المرخّصة وفعاليّات الائتلاف وغيرها.

آل خليفة يتّجهون إلى الخروج بمظهر القبيلة الحاكمة بكلّ المعايير؛ فالعجز في الميزانيّة العامّة بلغ سبعة مليارات دولار، ما يصنِّف البحرين عمّا قريب كدولة مُفلسة حسب معايير صندوق النقد الدوليّ، ومع ذلك فالممارسات الأمنيّة لا زالت مستمرّة وهي سبب هذا التراجع الاقتصاديّ، ومن جهةٍ أخرى رغم ذلك العجز الماليّ في الميزانيّة، فإنّ آل خليفة لا زالوا يبذّرون في اقتناء العقارات والبذخ الشخصيّ بالوتيرة نفسها، والتضييق سيكون فقط على المواطنين. وما تقليص المناصب الكبيرة إلّا واحدة من علامات هذا التقشُّف الذي سيطال المواطن وحسب، حتّى لو كان مواليًا للسلطة.

فنظرة آل خليفة للبحرين كمزرعة رغم كلّ الضرر على الدولة، جاء متوّجًا باستدعاء الشيخ الجدحفصيّ، حيث لا معنى سياسيّ أو أمنيّ للاستدعاء غير ذلك، ما يعزّز القراءة القائلة بأنّ آل خليفة قد أعلنوا الحرب على الشعب منذ شتاء 2011.

ومن الملاحظ أنّ استدعاء الشيخ علي بن أحمد جاء بعد الاعتداء على منزل الشيخ عيسى قاسم بأيّام، والأخير يمثّل أكبر المرجعيّات الدينيّة في البلد، ما يدعو جدّيًا لإعادة القراءة في نمط الصراع مع آل خليفة: هل هو صراع وجود أم سياسة فقط. كما يدعو كلّ ذلك أيضًا لإعادة النظر في نمط الوثوق بالقوى الدوليّة التي من الممكن أن تُغيِّر موقف الخليفيين لو أرادت، لنفوذها وقوّتها كواشنطن ولندن.

ولعلّ هذا ما أشار له الجدحفصيّ في أكثر من مرّة، حين قال إنّ الاعتماد لا بدّ أن يكون على الله وعلى إرادة الشباب، وإنّ الثأر لدماء الشهداء لا بدّ أن يكون هدفًا لا يغيب عن الناس، بل أنزله في بعض كلماته منزِل الواجب، ووصفه بأنّه حفظٌ للأمانة.

لعلّ عبور هذا الرجل هذه المساحة التاريخيّة، يمثّلُ عنوانًا مهمًّا من عناوين تغير العقليّة الشعبيّة في نظرتهم للصراع. ولعلّ المراحل التي تكلّم فيها الشيخ علي بن أحمد بمقولات تحمل لغة التحدّي لنظامٍ يمتلك أسباب القوّة، سيرسِّخ اتّجاه المعادلة المختلف نسبيًّا بأنّ النداء بالإصلاح في نظام آل خليفة من المُحَالات التي ينبغي الإعراض عنها.


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2014100234


المواضیع ذات الصلة


  • وزير خارجيّة المنامة و«عارُ التطبيع».. «اللي اختشوا ماتوا»
  • من «الاستفتاء الشعبيّ» إلى «العريضة الشعبيّة».. شعبٌ يقرّر مصيرَه
  • عام على حصار الدراز… والقرار «مقاومة»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *