منامة بوست (خاص): ترأس الملك حمد بن عيسى آل خليفة جلسة مجلس الوزراء، بقصر الصخير ظهر اليوم، وبحسب وكالة الأنباء البحرينيّة فإنّ المجلس استعرض أحداث المنطقة، وخصوصاً ما تشهده جمهوريّة العراق، وأعرب الملك عن تمنيّاته للعراق، وشعبه الشقيق بعودة الأمن والاستقرار، دون أي تدخّل خارجيّ في شؤونه الداخليّة، بما يحفظ له وحدته وسيادته وسلامة أراضيه.
وفي ضوء ذلك، فقد حدّد رئيس الوزراء استراتيجيّة الحكومة فيما يختص بالالتزام بمبدأ السيادة الوطنيّة، وعدم السماح للتدخل في الشأن الداخليّ، أو اختراقه من خلال مسمّيات وممارسات مختلفة، وتنفيذاً للتوجيهات الملكيّة السامية، وعلى إثر الوثائق والتقارير التي تؤشر إلى حدوث بعض الاختراقات في الشأن البحرينيّ، عبر البرامج التي تنفذها بعض المعاهد والمؤسسات الدوليّة، فقد كلّف رئيس الوزراء جميع الوزارات والأجهزة الحكوميّة بالانتهاء من تحقيقاتها الواردة في التوجيه السامي خلال شهر من تاريخه، ورفع نتائج هذه التحقيقات إلى رئاسة مجلس الوزراء تمهيداً لعرضها على جلالة العاهل المفدى. حسب ما جاء في خبر وكالة أنباء حكومة البحرين– (بنا).
و توقّع مراقبون بأنّ يكون مجلس الوزراء قد ناقش تمدّد داعش في العراق، خصوصاً مع توارد أنباء عن اقترابه من الحدود الكويتيّة، وتأهّب الأخيرة أمنيّاً لأيّ تطوّرات على حدودها.
عباس بوصفوان: الدواعش في البحرين موجودين والنظام يراقبهم
وقال الكاتب عباس بوصفوان لـ«منامة بوست»، أنّ «تصريح الملك اليوم يجعل المراقب يتحدّث عن عدّة أمور، فإذا تكلّمت السلطة عن التمويل الأجنبيّ، فإنّه ليست ثمّة منظّمات مدنيّة كثيرة تتلقّى الدعم من الخارج، وتلك التي تتلقّى دعماً فإنّ هذا الدعم يكون غير مشروط كما يكون ضمن الضوابط المتعارف عليها عالمياً ومحلياً»، ويضيف: أحبُّ أن أذكر أنّه في 2005، تم طرد «NDI»، بعدما استثمره النظام في 2002، لترغيب الجمعيّات السياسيّة للمشاركة في الانتخابات النيابيّة في 2006.
وتمّ إقالتي من صحيفة الأيّام حيث كنت نائب مدير التحرير لتعاوني مع NDI.. هذه دلالة على أنّ النظام قلّل من تواجد المنظّمات الدوليّة ذات التوجه الديمقراطيّ. وتواجد تلك المنظّمات أمراً اعتيادياً في الدول الديمقراطيّة.
السؤال، هل ما خرج به مجلس الوزراء تهويشاً إعلامياً أم جاداً، حقيقةً لا أعرف بدقّة ما يخبئه النظام من أجندات، لكن استطيع الجزم بأنّ المقصود ليست الجمعيّات السياسيّة.. وأنّ محاصرة الجمعيّات السياسيّة والمدنيّة عمل ممنهج للسلطة منذ وقت مضى، فإذن ما الجديد في عمل مجلس الوزراء اليوم؟
ترجيحي بأنّه تهويل وتهويش سياسي، فتصريح الملك في مجلس الوزراء جاء بعد انتقاد وزارة الداخليّة لمبادرة الشرق الأوسط «MEPI» وهذه المنظمة الأمركييّة تعمل على دمقرطة المنطقة فتصريح الملك جاء متأخراً عن وزارة الداخليّة، وهو ما يجعلني اعتبره مجرد تهويش، لكنّ الهدف الواضح من ترؤس الملك لمجلس الوزراء اليوم، هو التركيز على العراق وأثره على البحرين، خصوصاً وأنّ دواعش البحرين موجودين، والنظام يريد أن يراقبهم، ويوجّههم ضدّ المعارضة فقط، ويكون هو بمنأى عن خطره أمنياً وسياسياً. أذكّر أنّني كتبت عن أنّ سنّة البحرين بالنسبة للنظام مشروع دمويٌّ مُحتمل ضدّ الحراك الشعبيّ – حسب ما يرى الكاتب بوصفوان.
جواد عبدالوهاب: أحداث الموصل خلقت هلعاً عند النظام
أما الكاتب الصحافيّ جواد عبدالوهاب فصرّح لـ«منامة بوست» حول ترؤّس الملك لمجلس الوزراء أنّ السبب في ذلك هو ما تمرُّ به المنطقة من أحداث ستقرّر مصيرها إلى الأبد.. خاصةً وأنّ ذلك يحدث والبحرين لا تزال في دوّامة الاضطّرابات التي تعصف بها منذ ما يقارب الأربع سنوات، كما أنّ الهوّة وعدم الثقة بين النظام والشعب في توسُّع مستمرّ.
ولفت عبدالوهاب: «تأتي أحداث الموصل في العراق لتزيد من هلع الحكم في البحرين.. خاصّةً أنّه عمل طوال الفترة السابقة على تغذية الطائفيّة في البلد ما أدّى إلى تشكُّل خلايا تابعة للتكفيريبن من داعش وأمثالها ومؤيّدين قد يشكّلون في المستقبل حواضن للدواعش وهو الأمر الذي يُقلق النظام اليوم.. واعتقد أنّ ترؤّس حمد لمجلس الوزراء اليوم يأتي في إطار وضع المسؤولين في صورة الأزمة الكبيرة التي تمرُّ بها المنطقة عموماً والبحرين خصوصاً والطلب منهم العمل على تحجيم دور التطرُّف الذي قاموا بزرعه طوال الفترة السابقة..»، مؤكّداً: «يُضاف إلى ذلك الرعب الكبير الذي أصاب النظام من فتوى المرجعيّة والتي لم يكونوا يتوقّعونها، وخوفهم من هذا الدخول الشجاع على خطّ الأزمة وما إذا كان ذلك يشكّل بدايةً لتدخّلات في أزمات المنطقة ومنها البحرين التي يتعرّض فيها الشيعة لانتهاكات فظيعة.. وتصوّرهم للكارثة التي ستحلُّ بالنظام إذا أقدمت المرجعيّة على إصدار فتوى تخصُّ الشعب البحرانيّ حتّى لو كانت تلك الفتوى تتعلّق بإضراب عام فقط.. إضافةً إلى ذلك، فإنّ الأحداث المخيفة التي تمرُّ بها المنطفة تأتي في وقت تتلقّى فيه السعوديّة وهي الحامي الأكبر للنظام، الهزائم وتقلُّص نفوذها في كلّ مكان.. في وقت تشهد فيه إيران تصاعداً في دورها الدوليّ والإقليميّ.. كلّ تلك العوامل وأخرى أدّت إلى ترؤّس الملك للجلسة هذا اليوم.. – حسب ما جاء في تصريح جواد عبدالوهاب.
وتُعتبر البحرين حاضنة من حواضن هذا التنظيم، إذ شوهدت في الأيام الماضية عدداً من مظاهر البهجة على إثر ما حصل في العراق في بعض المناطق التي يكثُر فيها عدد المجنّسين، حيث أظهرت صورٌ لسيّارات خاصّة تحمل لوحات بحرينيّة، تضع «علم داعش» على الزجاج الخلفيّ، وتجوب الشوارع تعبيراً عن تأييدها للجماعات الإرهابيّة المسلّحة التابعة لما يسمّى بالدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»، وسط صمتٍ رسميّ من حكومة البحرين، والتي وضعت مع شقيقاتها تنظيم «داعش» على لائحة الإرهاب. ورجحّت أوساطٌ شعبيّة أن تكون السيارات مملوكة لمجنّسين تابعين «للبعث الصدّامي المقبور»، من بقايا «فلول النظام العراقيّ السابق»، والذين منحتهم حكومة البحرين الجنسيّة البحرينيّة ضمن مشروع التجنيس السياسيّ.
تمويل ودعم الإرهاب:
حكومة البحرين تتّجه نحو عنُق ضيّق في مواجهتها السلفيّين، الذي اعتمدت عليهم في بثّ الفتنة إبّان ثورة فبراير/شباط 2011، وانشأت لهم كياناً باسم «تجمُّع الوحدة الوطنيّة»، شغله الشاغل بثّ التفرقة بين أبناء الوطن، وتشويه مطالب الناس، وتحشيد الشارع السنيّ ضدّ الشارع الشيعيّ، في تفرقة ممنهجة وواضحة عبّر عنها تلفزيون النظام الخليفيّ بأدّق تعبير، ومثّله أفضل تمثيل.
مواجهة السلفيّين التي لا بدّ منها إرضاءً للاعبين الإقليميّين والدوليّين وللحفاظ على أمن الدولة، تتمثّل في لجم بعضهم عن ضخ الدعم للإرهاب، وقد تواترت الأدلّة في تورّط عدد من نوّاب المجلس النيابيّ في 2012 في دعم التجمّعات المسلّحة في سوريا، وقد أظهر فيديو يضمُّ إرهابيّين في سوريا مع ثلاثة نوّاب بحرينيّين، كعادل المعاودة الذي حثّ في بداية الأزمة السورية على حمل السلاح، وقد تسلل مع عدد من قياديّ جمعية التربية الإسلامية السلفيّة إلى سورية لتمويل الجماعات المسلّحة ولقاء زعماء تنظيمَي «صقور الشام وكتيبة داوود» المتطرفين، فيما انتشرت على وسائل التواصل الأجتماعي صور المعاودة ورفاقة بالزي الأفغاني المنتمين لتنظيم القاعدة الإرهابيّ، وهم يحملون الأسلحة الرشاشة، وقد نأت وزارة الخارجيّة البحرينيّة بنفسها عن هذه الزيارة.
كما أشار تقرير أصدرته وزارة الخارجيّة الأمريكيّة، بداية هذا الشهر إلى أنّ «التبرّعات الخاصّة من دول الخليج ظلّت المصدر الرئيسي لتمويل الجماعات الإرهابيّة، موضحة أنّ هناك 28 شخصيّة سعوديّة داعمة لـ ما يسمّى بجماعات الجهاد».
وتضمّن التقرير أسماء الداعية شوقي بن عبد الرحمن المناعي، عادل بن علي الشيخ من البحرين، وهما يقومان بتمويل الحركات الإرهابيّة (الجهاديّة)، وتنظيم القاعدة في الشرق الأوسط والعراق وسوريا «داعش» على وجه الخصوص.
هوامش: