منامة بوست (خاص): يحفل سجلّ الشاب يوسف أحمد حسين ذي السادسة والثلاثين عاماً من منطقة المعامير، بالكثير من العذابات، بدأت منذ التسعينيّات وهي مستمرة لغاية هذه اللحظة، من سجن وتعذيب، وآثار ضرب، وإهمال صحيّ.
«منامة بوست» اطّلعت على حاله من خلال أحد النشطاء، الذي زوّدها بجزء يسير من العذابات التي صبغت حياة يوسف، وعاناها طويلا.
تبدأ قصّة يوسف من اعتقاله الأوّل مطلع انتفاضات التسعينيّات، حين داهمت قوّات النظام الخليفي منزله واعتقلته أمام أهله ولم يكن يتجاوز الخامسة عشرة من عمره، قضى 3 أشهر في سجون النظام الخليفيّ، قبل أن يفرج عنه ليعتقل من جديد ويسجن 8 أيّام أخرى.
عام 2006، وفي قضيّة تعرف باسم «قضيّة الدانة» تلقّى ضرباً مبرحاً خلّف جروحاً ظلّت آثارها لأكثر من عام وتفاقمت لاحقاً أثناء اعتقاله عام 2008 وتحديداً بتاريخ 6 مايو/ أيّار 2008 في قضيّة تفجير أسطوانة غاز بسيارة آسيويّ، من مقرّ عمله في إدارة المرور، حيث تمّ إدخاله مستشفى السلمانيّة بتاريخ 15 يونيو/ حزيران لإجراء عمليّة في قدمه نتيجة تمزّق في الأربطة، وذلك جرّاء الضرب الذي تلقّاه في قضيّة الدانة، إضافة إلى الكسر الذي خلّفه الاعتقال الأخير في يده اليسرى، وتهشم وانتفاخ في صدره نتيجة التعذيب الذي لاقاه في اعتقال قضيّة تفجير الأسطوانة، كلّ ذلك سبّب له الآلام المبرحة، التي كانت تقضّ مضجعه.
بتاريخ 31 يوليو/ تموز 2008 أصدر عفوّ ملكيّ شامل لكلّ المعتقلين حينها ومن ضمنهم المعتقل يوسف المعاميري، الذي ما كاد يتلمس الحريّة حتى أصبح مطلوباً لدى الأجهزة الأمنيّة، في شهر مارس/ آذار من عام 2009.
بعد انطلاق ثورة 14 فبراير/ شباط 2011، وتحديداً في السابع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 تمّ اعتقاله مجدّداً من منزله بعد اقتحامه فجراً، ليتعرّض من جديد للضرب المبرح، والتعذيب الشديد، والاختفاء القسريّ لمدّة 48 ساعة في التحقيقات، كانت النتيجة أن انخفض مستوى السمع لديه مع اسوداد في يده اليسرى من آثار التعذيب التي كانت واضحة عليها في أوّل زيارة له.
بعد أسبوعين فقط من تاريخ اعتقاله دخل في إضراب مفتوح عن الطعام مع بقيّة المعتقلين في الحوض الجاف في نهاية شهر نوفمبر، وقد سقط جرّاءه بتاريخ 3 ديسمبر/ كانون الأول 2012م، وفي 6 فبراير/ شباط 2013م بعد تأجيل محكمته دخل المعتقل يوسف أحمد إضراباً آخر مفتوحاً احتجاجاً على سوء المعاملة التي يتلقّاها في سجن الحوض الجاف، وقد استمرّ إضرابه لعدّة أيّام، حيث أصابه في اليوم السادس هبوط حاد بنسبة السكر في دمه حيث وصل إلى 2.8.
إنّ ما وصلت إليه حالة الشاب يوسف الصحيّة كان يستلزم تخصيص جلسات علاج طبيعيّ له في مستشفى السلمانيّة، في فترة تواجده في سجن الحوض الجاف، وقد تمّ أخذه بتاريخ 15 يناير/ كانون الثاني 2013 للمستشفى لكنّهم سرعان ما أوقفوا العلاج عنه، وفي تاريخ 19 مايو/ أيّار 2013 تمّ الحكم عليه بثلاث سنوات سجن بتهمة التجمهر وأعمال الشغب والحرق الجنائيّ، نقل بعدها إلى سجن جوّ.
في السادس عشر من يونيو/ حزيران 2013 نقل من سجن جوّ المركزيّ لمستشفى السلمانيّة وأجريت له عمليّة في أنفه في اليوم الثاني، وقد بقي في المستشفى لمدّة خمسة عشر يوماً حيث أصابه نزيف وعولج منه. فتمّ إخراجه من المستشفى إلى سجن جوّ بتاريخ 1/ يوليو / تموز 2013م.
وفي الحادي والعشرين من سبتمبر/ أيلول2013م نزف أنف المعتقل يوسف من جديد، فطلب العلاج في العيادة الداخليّة لكنّه منع منه من قبل أحد أفراد الشرطة هناك الذي تعرّض له ومنعه من ذلك، ومن ثم تمّ وضعه في السجن الانفراديّ، وقد كانت له زيارة في اليوم الثاني بتاريخ 22 سبتمبر/ أيلول 2013، لكنّها ألغيت، وحرم منها ومن اتصاله الأسبوعيّ الذي يحقّ له أن يجريه.
بداية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 تفاقمت آلامه من آثار التعذيب فصار يشكو من آلام في الظهر حيث أصيب بمرض الديسك نتيجة الاعتقالات المتكرّرة وما يصاحبها من ضرب، وفي الثالث من الشهر المذكور اتّصل أحد المعتقلين الذين يرافقونه في الزنزانة بأهله، وأخبرهم أنّ يوسف في حالة صحيّة حرجة وسيئة، ويعاني من آلام في الظهر، وإنّ عيادة سجن جوّ تتعمّد إهمال حالته الصحيّة، حيث عمدت إلى وضعه على كرسيّ متحرّك لتوهمه بنقله للمستشفى لكنّها لم تفعل ذلك.
بيد أنّ حالته ازدادت سوءاً ما اضطر إدارة السجن لنقله إلى المستشفى السلمانيّة حيث أدخل هناك، وتمّ إرقاده في الرابع والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول 2013 لأخذ مسكّن بسبب الآلام المتواصلة والمتزايدة.
وفي تاريخ 26 مايو/ أيّار 2014 تمّ وضع المعتقل يوسف أحمد في الانفراديّ في سجن جوّ بدون معرفة الأسباب.
الثامن من يونيو/ حزيران من هذا العام، كان يوسف على موعد مع خبر مفاجئ: محاكمته في قضيّة سابقة عليه منذ 2008 على الرغم من انتهائها بعفو ملكيّ، وعند نقله للمحكمة حدثت مشادات كلاميّة بينه وبين أحد الضبّاط نقل على إثرها للسجن الانفراديّ في سجن جوّ المركزيّ.
وفي 27 يوليو/ تموز 2014 كان له موعد في مستشفى السلمانيّة حيث أخبرهم بقرب انتهاء الدواء الذي يتناوله لتخفيف آلام ظهره، ليوفّروا له كميّة جديدة، وفي الخامس عشر من أغسطس/آب الماضي نفذ الدواء ولم يتمّ توفير غيره، ما تسبّب في تزايد الآلام لديه ليمتدّ حتى القدمين، فراجع عيادة السجن إلا أنّهم تجاهلوا طلبه، وبعد عدّة مراجعات وعدوه بتوفير الدواء، لكنّهم لم يوفروه له، وبعد معاناة مع الألم الشديد والذي لا يحتمل، تمّ أخذه للمستشفى بتاريخ 25 من الشهر نفسه، وحقنه إبرتين وإرجاعه مباشرة للسجن دون أن يتلقّ الراحة اللازمة، ما أدّى إلى تنمّل في قدمه اليسرى، فطلب العلاج المناسب لها، لكنّه لم يجد أيّ تجاوب من إدارة السجن وبعد إلحاح تمّ أخذه لمستشفى القلعة، حيث طلب له دكتور يدعى عاصم «سوداني الجنسيّة» صورة أشعّة لقدمه، وفي الأشعّة تبيّن أنّ قدمه سليمة لكن الألم موجود، فوصف الدكتور للمعتقل يوسف أحمد أبر أخرى على الرغم من أنّ الأشعة توضح بأنّه يحتاج لعلاج آخر.
المعتقل يوسف أحمد قصّة من العذابات في سجون آل خليفة تمثّلت في الاعتقالات المتكررة على مدى سنوات، ومطاردات، ووجبات التعذيب المختلفة، يحتاج لتحرّك عاجل من أجل وضعه الصحّيّ الذي تدهور ولا يزال يتدهور في سجون الظلم والاضطهاد.
وبحسب أهله، يعتزم المعتقل يوسف أحمد حسين على الدخول في الإضراب عن الطعام في حال لم يتلقّ العلاج المناسب.