Thursday 28,Nov,2024 02:46

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

كيف تردّ «واشنطن» اعتبارها من «المنامة» بعد طرد «مالينوسكي»؟

منامة بوست (خاص): القرار الصادر من وزارة خارجيّة البحرين يوم الإثنين 7 يوليو/ تمّوز 2014، والقاضي بطرد مساعد وزير الخارجيّة الأمريكيّة للديمقراطيّة وحقوق الإنسان «توماس مالينوسكي» من البحرين

منامة بوست (خاص): القرار الصادر من وزارة خارجيّة البحرين يوم الإثنين 7 يوليو/ تمّوز 2014، والقاضي بطرد مساعد وزير الخارجيّة الأمريكيّة للديمقراطيّة وحقوق الإنسان «توماس مالينوسكي» من البحرين، واعتباره «شخصاً غير مُرحّبٍ به»، تصدّر مختلف الوسائل الإعلاميّة عربيّاً ودوليّاً بسرعة البرق الخاطف، واعتبرته بعض الأوساط صدمةً على صعيد العلاقات الدبلوماسيّة بين واشنطن والمنامة.

سريعاً ما تُرْجِمَ هذا القرار، وتمّ تفكيك بعض أسراره التي لم تعد تخفى على المتابع الجيّد للشأن البحريني منذ اندلاع ثورة 14 فبراير/ شباط 2011، والربط بين كثيرٍ من المواقف لدى بريطانيا ودول الاتحاد الأوربي وأمريكا وحلفائها الاستراتيجيّين في إقليم الخليج.

المعارضة رأت أنّ زيارة «مالينوسكي» إلى مقرّ جمعيّة الوفاق المعارضة هي الشرارة التي أشعلت «شيوخ النفط»، وأثارت حفيظة «الجوقة الملكيّة»، وأسرعت بنبضات قلب «عم العائلة العجوز» – خليفة بن سلمان آل خليفة.

وبحسب قياديّي المعارضة فإنّ «مالينوسكي» كان يحمل بين جنبيه حلاً للأزمة السياسيّة التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وبغضّ النظر عن الاختلاف السائد حول رفض الحلّ الأمريكيّ أو القبول به، إلا أنّ تاريخ النشاط الحقوقيّ لـ«مالينوسكي» وحده كان كفيلاً بأن يجعل المنامة ترفض طلب الزيارة المسبق تنسيقه مع واشنطن، والتي رحبّت به حكومة البحرين، دون الحاجة إلى طرده، ذلك وبالرغم من تصريح المتحدّثة باسم وزارة الخارجيّة الأمريكيّة «جنيفر بساكي»، التي قالت بأنّ الرجل باقٍ في البحرين بالرغم من هذا القرار.

في الجانب الآخر من هذه الضجّة حول «مالينوسكي»، كشف رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان «نبيل رجب» عن العلاقة الوطيدة معه، وزمالته الحقوقيّة من خلال منصبه كنائب لمدير «منظّمة هيومان رايتس ووتش لحقوق الإنسان»، العدوّ اللدود لحكومة البحرين، و«لشلّة المسؤولين الحقوقيّين التابعين لها، بقيادة الوزير الإخونجي صلاح علي»، ومن المصادفات الجميلة أنّ «مالينوسكي» له خبرةٌ سابقة عن «حقوق إنسان حكومة البحرين»، حين اعتقلته السلطات الأمنيّة في العام 2012، أثناء تفريق تظاهرةٍ احتجاجية في بلدة الدراز، غرب العاصمة المنامة.

بعد ساعاتٍ قليلة من صدور قرار وزارة الخارجيّة في حكومة خليفة بن سلمان آل خليفة، تنفّس «العمّ العجوز» الصعداء والتقط ما تبقى من أنفاسه ليقول «أنّ البحرين تمدّ يدها لكلّ من يشاطرها توجهاتها ببناء تعاون استراتيجيّ يخدم المصالح المشتركة، وعلى ضرورة أن تواصل البعثات الدبلوماسيّة في الخارج عملها في خدمة «توجّهات الحكومة» لنقل الصورة الصحيحة لمملكة البحرين، وما تشهده من «تطوّر وازدهار في مختلف المجالات، وتفنيد «الادعاءات الباطلة» التي يروّجها البعض بهدف «تشوية الحقائق»، مؤكداً على ضرورة تعزيز التعاون بين مملكة البحرين والدول الشقيقة والصديقة في إطار من التفاهم والاحترام المتبادل و«عدم التدخل في الشؤون الداخليّة» – بحسب وكالة أنباء حكومة البحرين الرسمية. وهذا التصريح كان في مجلس وزير الخارجيّة «المُطيع» خالد بن أحمد آل خليفة، وقد تكون هذه الزيارة «شكراً جزيلاً وعرفاناً» بهذا القرار.

إذن؛ «هني مربط الفرس».. مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكيّة بقدر «مالينوسكي»، مبعوث من الخارجيّة الأمريكيّة، وله تاريخ حقوقيّ وخبرة جيدة بوضع البحرين الأمنيّ والسياسيّ، يُعد سبباً وجيهاً لاستدعاء «سيارة الإسعاف» لخليفة بن سلمان آل خليفة، وإنعاشه فوراً قبل «إعدامه سياسيّاً» بقرارٍ أمريكيّ، لتورّط حكومته بأبشع انتهاكات وجرائم حقوق الإنسان في العصر الحديث، وهي حالة مشابهة «للعم العجوز»، حين زار البحرين وزير الدفاع الأمريكيّ «تشاك هيغل» في نوفمبر/ تشرين 2013، للمشاركة في «حوار المنامة»، وهي الزيارة التي أصابت خليفة بن سلمان بحالة «تبوّلٍ لا إرادي»، بسبب أنباءٍ أشارت إلى أن «هيغل» قادمٌ بحزمة قراراتٍ قاسية من الإدراة الأمريكيّة، لتطيح بخليفة بن سلمان وحكومته.

خليفة بن سلمان يعتبر فضح جرائم انتهاكات حقوق الإنسان «تشويهاً للحقائق وادعاءات باطلة»، والمطالبة بإزاحته «يُعارض ازدهار الاستئثار بالسلطة أكثر من 43 عاماً»، سلب كُرسي رئاسة الحكومة منه عبر صناديق الاقتراع، ومحو وجهه من المشهد الرسميّ «يُشوّه صورة المملكة»، وإنقاذ شعب البحرين من «جرائم عائلته منذ أكثر من 230 عاماً» هو «تدخل في الشؤون الداخليّة» و«مرفوض من أمريكا تحديداً» وعليها «اتّباعُ توجُّه حكومته»، هذه شروط خليفة بن سلمان ببساطة، و«الأمور طيّبة وكلّ شي بخير طال عمرك».

منذ الأسبوع الأول وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وفي محاولاتٍ يائسةٍ يستنجد بمواليه لتسويق المشاركة في الانتخابات النيابيّة المقبلة بأسطوانةٍ مكررةٍ سمجةٍ في خطابه، يختلف فيها تسمية المحافظة بالمحرق أو الشمالية، وستليها استدعاءاتٌ لمحافظاتٍ أخرى، و«سيدندن وسيطنطن» مرة أخرى بنغمة «الشراكة في الحكم – ياليل» وإنجازات مؤسّساته «غير الدستوريّة – ياعين».

ولنفرض جدلاً أنّ «مالينوسكي» فعلاً أو غيره لديه حزمة حلولٍ أو حتى حلّ واحد للأزمة السياسيّة في البحرين، فطرده من البحرين يكشف رسالة ضمنيّة من الملك، «قولوا ما شئتم وأفعل ما أشاء» يا شعب البحرين، لا يوجد لدّي حلّ غير هذا، وعليكم الرضوخ لما هو موجود. هو يوجّه رسالته لواشنطن عبر قنوات ووزراء خليفة بن سلمان دون أن يظهر في الصورة، و«يبقى التحالف والشراكة مستمرّين، ويبقى الأسطول البحري الخامس الأمريكي، وتبقى القاعدة الأمريكيّة، ويبقى «عمّي العجوز»، وتبقى القبيلة.. وأبقى «أنا».. و«الأمور طيبة».

تبقى عدة أسئلةٍ بعد هذه «الحفلة الصاخبة»، ومنها، كيف سترد «واشنطن» اعتبارها من «المنامة» بعد حادثة طرد «مالينوسكي»، مع ضمان استمرار تدفق «الذهب الأسود وبقاء الأسطول الخامس»؟ وهل يقع «الطلاق الرّجعي»، أم تكتفي «بهجر المضجع الدبلوماسيّ»؟ أم ستفرض على عائلة آل خليفة الدخول في «بيت الطاعة» و«طرد العم العجوز» منه للأبد؟


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2014124910


المواضیع ذات الصلة


  • انتخابات البحرين: «المُرشح علي الحايكي جبانٌ من نوعٍ آخر»
  • انتخابات البحرين: «المرشّح العماني رؤيته السياسيّة الواعية التملّق.. وموقفه البرلمانيّ الشجاع توقّف عندنا»
  • انتخابات البحرين: «المُرشّح ياسر نصيف الموالي.. تغييرك يبدأ من معرفة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *