منامة بوست (خاص): أنتج القمع الخليفي منذ فبراير/شباط 2011 عدداً من الانتهاكات لحقوق الإنسان في البحرين، ومن تلك الانتهاكات الجسيمة والموجعة ما عرف بقضيّة «المطاردين»، وهي الكلمة التي تطلق على أولئك
منامة بوست (خاص): أنتج القمع الخليفي منذ فبراير/شباط 2011 عدداً من الانتهاكات لحقوق الإنسان في البحرين، ومن تلك الانتهاكات الجسيمة والموجعة ما عرف بقضيّة «المطاردين»، وهي الكلمة التي تطلق على أولئك الذين رُصدت أسماؤهم في النيابة العامّة والتحقيقات، وباتوا مطلوبين للقضاء الخليفيّ غير النزيه، ولأنّ المطلوبين يعلمون أنّ تسليم أنفسهم سيعرّضهم لانتهاكات فظيعة، من تعذيب، وسجن، وحرمان من حقّ التعليم وحقّ العمل، فإنّهم اختاروا أن يكونوا بعيداً عن قبضة الأمن، والسبيل لذلك في بلد صغير كالبحرين هو التنقّل يوميّاً من بيت لآخر، ومن مزرعة إلى مقبرة والعكس، كي يضمنوا أمنهم. وهي معاناة كبيرة جداً ومحرجة في بعض الأحيان، فالمضيفون لأولئك المطاردين سيتعرّضون للخطر نفسه فيما لو تمّ كشفهم، وبالتالي فإنّ العبء الكبير الملقى على المطلوبين ومضيفيهم ليس بالأمر الهيّن.
«منامة بوست» تابعت هذه القضيّة من خلال تواصلها مع بعض هؤلاء الشباب، ملقية الضوء على جوانب من حياتهم ومعاناتهم.
فالمطارد «م.هـ /24 عاماً»، متأهّل، مختفٍ منذ سنة وسبعة أشهر، علم بأنّه مطلوب عبر أحد المعتقلين في القضيّة نفسها، لا يبقى في مكان واحد بحسب الظروف الأمنيّة، ما يجعل شعوره بالأمان متفاوتاً طبقاً لمخبئه، يتواصل أحياناً مع أهله كلّما سمح له وضعه بذلك، يؤمّن له التكافل الاجتماعيّ حاجيّاته اليوميّة والعلاج حين يستلزم ذلك، وبالرغم من البيوت الطيّبة التي فُتحت له واحتضنته فهو يعيش في قلق واضطراب.
والمطارد «أ.س»، متأهّل وله ابنتان، علم أنّه مطلوب حين سئل عنه في التحقيق مع أحد السجناء، وتمكّن من الاختفاء قبل مداهمة بيته بأسبوعين، يعتبر أنّ التنقّل بين المخابئ آمن له من البقاء في مكان واحد، يتصّل بشكل طبيعيّ مع أهله، يعمل ليعيل نفسه وأسرته ولكنّه يواجه مشكلة في العلاج سيّما أنّه بحاجة إلى عمليّة جراحيّة لا يستطيع الخضوع لها في مستشفى السلمانيّة نظراً لحصارها الأمنيّ، يشارك أحياناً بالفعاليّات، يفتقد إلى الأمان خاصة بعدم وجود منقبل باحتضانه، حياته متعبة ومرهقة ومؤلمة ومحبطة، «ولكن تبقى – ولله الحمد – أفضل من حياة مطاردين آخرين يعانون أكثر منّي بعشرات الأضعاف»، على حدّ تعبيره.
أمّا المطارد «م.م/ 24 عاماً»، عازب، اقتحمت المرتزقة منزله في 23 ديسمبر 2012، أثناء المداهمات الليليّة بحثاً عنه، ما يضطرّه إلى عدم المكوث طويلاً في مكان واحد، وأحياناً قد يقوم بتغيير مكانه يوميّاً، يتمكّن من زيارة أهله لمدّة 20 دقيقة تقريباً في المناسبات، إضافة إلى التواصل عبر ماسنجر البلاك بيري، يقدّم له الأصدقاء وأصحاب البيوت التي فتحت له الطعام والشراب إضافة إلى مصروف من الأهل، أما العلاج فإنّه يتمكّن فقط من شراء الأدوية من الصيدليّة، يشارك في الاعتصامات والوقفات والمسيرات التعبويّة، ويعيش بحذر دائم يعطيه أماناً نسبيّاً، ولكن معظم الأحيان يفتقد له ومع هذا يقول «عايشين ولله الحمد، ونترك الحال على الله».
في حين أنّ المطارد «ف.ع»، داهمت القوّات منزلين بحثاً عنه منذ ما يقارب الشهر، وعليه ثلاث قضايا، لا يبقى في مكان واحد وبتصّل بأهله الذين يساعدونه في معيشته إضافة إلى بعض اللجان الخيريّة، لا يذهب إلى المستشفى، ويشارك بالفعاليّات، يشعر بالأمان نوعاً ما، سيّما في وجود عائلات استقبلته بينها، ولكنّه لا يخرج أغلب الأوقات خاصّة في النهار.
بينما المطارد «ح.ي» لا يعلم منذ متى هو مطارد، إذ عليه أكثر من قضيّة وتمّ الحكم عليه بتاريخ 3/3/2014، لا يبقى في مكان واحد ولا يتصّل أبداً بأهله الذين يرسلون له مبالغ ماليّة لتأمين معيشته عبر واسطة، ولا يتمكّن من الذهاب إلى المستشفى، لا يشارك بالفعاليّات لخطورة خروجه من مخبئه، لم يجد من يستقبله ويقبل أن يحتضنه، فلا يشعر بالأمان أبداً.
هذه العيّنة الصغيرة هي غيض من فيض ممن تمكّنت «منامة بوست» من التواصل معهم، وهي نموذج لمعاناة مجموعة كبيرة من الشباب، اضطرّتهم ظروفهم ليجمعوا كلّ مآسي أبناء الشعب، حيث لا استقرار ولا أمان.
بعض الحقوقيّين وأهالي هؤلاء المطاردين يسألون عدداً من الأسئلة في هذا السياق: من لهؤلاء؟؟ من يأخذ بأيديهم ويساندهم؟ من يتكلّم باسمهم ويطالب بحقوقهم؟ وإلى حين تتحصّل إجابة وافية على هذه الأسئلة وغيرها واقعاً، سيبقى المطاردون يتوسدون الأرض ويلتحفون السماء وفي قلوبهم قلق الاعتقال والتعذيب.
رابط المختصر
:
manamapost.com/?p=2014125640
المواضیع ذات الصلة
انتخابات البحرين: «المُرشح علي الحايكي جبانٌ من نوعٍ آخر»
انتخابات البحرين: «المرشّح العماني رؤيته السياسيّة الواعية التملّق.. وموقفه البرلمانيّ الشجاع توقّف عندنا»
انتخابات البحرين: «المُرشّح ياسر نصيف الموالي.. تغييرك يبدأ من معرفة منامة بوست»