Thursday 28,Nov,2024 08:34

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

البكاء على «مَلِكِ الرِّمال».. و«عارُ مناقب الإحتلال»

منامة بوست (خاص): تصدّر خبر وفاة ملك السعوديّة عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، مختلف وسائل الإعلام العربيّة والأجنبيّة، في 23 يناير/ كانون الثاني 2015، وارتبط هذا الحدث بمواقف لابن عبدالعزيز،

أعدّوا لي القبرَ قصرًا يطلُّ على البحر

قصرًا مليئًا بأجهزةِ الاتصالِ الحديثة

قصرًا معدًّا لمملكةِ الشعبِ في الآخرة

سآمرُ فورًا بنقلِ الوزاراتِ والذكرياتِ

ومجموعةِ الصورِ النادرة

سأنقلُ كلَّ الحصونِ وكلَّ السجونِ وكلَّ الظنون

لأحكمَكُم في المقرِّ الجديدِ

بصيغةِ دستورِنا الحاضرة

ولكنّني سأعدّلُ بندَ الوراثة

لا حقَّ للحيّ أن يرثَ الميتَ إلا إذا

أثبتَ الميتُ أنّ الذى كان حيًّا هو الميتُ فيه

لئلّا يطالبَنا الدودُ بالآخرة

أعدّوا لي القبرَ أوسعَ من هذه الأرض

أجعلُ من هذه الأرضِ.. أقوى من الأرض

محمود درويش

منامة بوست (خاص): تصدّر خبر وفاة ملك السعوديّة عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، مختلف وسائل الإعلام العربيّة والأجنبيّة، في 23 يناير/ كانون الثاني 2015، وارتبط هذا الحدث بمواقف لابن عبدالعزيز، على الصعيد الدوليّ والعربيّ والخليجيّ. وقد يكون له صدارته الخاصّة لدى جمهور 14 فبراير في البحرين، الذي ترسّخت في ذاكرته آلاف المشاهد من جرائم «قوّات درع الجزيرة» السعوديّة، التي أرسلها «ملك الرِّمال» إلى هذه الجزيرة الصغيرة، لقمع احتجاجات ثورة 14 فبراير/ شباط 2011.

وعليه، فإنّه أمرٌ طبيعيّ أن يكون رموز قبيلة آل خليفة في صدارة الناعين والمعزّين، وأكثر الذارفين دمعًا إلى حدّ إغراق «مملكة الرّمال»، عرفاناً بوقفة عبدالله آل سعود، مع «ابنته الصغيرة» – في وصفه للبحرين. وهي فرصة للقبيلة وحاشيتها لاستذكار «مناقب الاحتلال» السعوديّ، منذ دخوله في 14 مارس/ آذار 2011، إلى يومنا هذا.

وبعد مشاركة ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة وعمّه رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة في مراسم تشييع عبدالله آل سعود، انطلق الاعتراف الأوّل «بالخسارة المعنويّة» على لسان ملك البحرين بعد وفاة الملك السعوديّ، باعتباره «الدرع الحامي لعرشه والحافظ لملكه». ولم يشذّ أقدم رئيس وزراء في العالم – خليفة بن سلمان آل خليفة عن ابن أخيه، والذي اعتبر «الدعم العسكريّ» للقبيلة موقفًا تاريخيًّا عظيمًا راسخًا في وجدانه، فقد كان هذا الدعم بمثابة ضمانة لبقاء خليفة بن سلمان مدةً أطول في رئاسة الحكومة، فيما استنطقت وفاة عبدالله آل سعود وليّ العهد سلمان بن حمد آل خليفة، ليثني على دعوته «للاتّحاد الخليجيّ». عبدالله بن خالد آل خليفة – أحد المنتمين لجناح الخوالد المتشدّد – اعتبر أنّ القوّات السعوديّة أسهمت في تثبيت مكانة البحرين، وكانت رادعًا لمن أرادوا الإخلال بأمنها وأمانها – حسب وصفه. كما اتفق «الثنائيّ المتورّط» في تعذيب المعتقلين ورموز المعارضة الوطنيّة، «ناصر وخالد بن حمد»، على النهج نفسه، الدعم لحكم القبيلة في مواجهة الاحتجاجات.

هذه التصريحات تعطي دلالةٍ على تقهقرٍ واضحٍ في نفوس رموز القبيلة بشتّى أجنحتها، ووفاة «ملك الرّمال» جاءت محبطة لمشاريع خليجيّة غير مُنجزة حتى الآن من جانب، وناقوس خطرٍ مرتقبٍ مع موجة التغييرات الإقليميّة المفاجئة من جانبٍ آخر. خصوصًا بعد التصريحات الأخيرة لأمين عام حزب الله، السيّد حسن نصر الله بشأن الحراك الشعبيّ في البحرين، والتي قضّت مضجع «المنظومة النفطيّة»، من جهة، وتغيّر «معالم الخريطة السياسيّة» المفاجئ بتقدّم الحوثيّين في اليمن، وإجبار «مُرشّح المبادرة الخليجيّة» – عبد ربّه منصور هادي ورئيس وزرائه على الاستقالة، من جهة أخرى.

ومن غير الممكن أن يفوّت الموالون لحكم القبيلة الخليفيّة هذه الفرصة السانحة دون استذكار «مناقب عار الاحتلال السعوديّ» في البحرين، وبثّ خطاب الكراهية من خلال «منابر الديوان الملكيّ»، في ظلّ غياب المحاسبة القانونيّة على هذه المنابر، وتطبيقها على منابر الطائفة الشيعيّة، واتّهامها بالتحريض على كراهية النظام والدعوة لإسقاطه. لقد أعمى «ملك الرّمال» برماله بصيرة «خطباء الديوان» وبصرهم، وكأنّهم أرادوا استعادته من رمال قبره…!

فمن «جامع الملك» بمنطقة أمّ الحصم جنوبي المنامة، أثنى «الخطيب أحمد السيسي» على مشروع الاتحاد الخليجيّ من عبدالله آل سعود، وأشار إلى أنّ دخول قوّات درع الجزيرة للبحرين وقفة شجاعة من أبناء الملك ورجاله، لدرء الشّر والإجرام لمن وصفهم بالمدعومين من قوى الشر في العالم، في إشارةٍ واضحةٍ لمئات الآلاف من المحتجّين في 14 فبراير/ شباط 2011.

أما خطيب «جامع الخالد» بالعاصمة المنامة «عبدالله المنّاعي»، فقد تحدّث باسم جميع طوائف شعب البحرين، وأثنى على مشروع الاتّحاد الخليجيّ، ودخول قوّات درع الجزيرة، فيما وصف خطيب «جامع قلالي» بالمحرّق «صلاح الجودر» دخول درع الجزيرة في عهد عبدالله آل سعود بالموقف المُشرّف لحفظ الأمن، والسّد المنيع في وجه الانزلاق الطائفيّ، والفتنة الطائفيّة في العام 2011، متناسيًا أنّ نجاحه في الانتخابات البلديّة عام 2002، كان بفضل أصوات أغلبيّة الطائفة الشيعيّة في المحرّق، الذين رحبّوا به بكلِّ حفاوةٍ في «مأتم فريج الحيّاك».

عبدالرحمن الفاضل– «خطيب جامع نوف النصّار»، خطبته حملت طابع «الأكشن» قليلًا بمفرداتٍ طائفيّة بحتة، فقال «إن البحرين تعرّضت لاعتداءٍ غادر وخيانةٍ عظمى من قبل من وصفهم بـ«الشرذمة الصفويّة الإرهابيّة المارقة العميلة؛ التي سعت إلى تقويض الدولة ونظام الحكم فيها – في إشارةٍ للمحتجّين في 14 فبراير» – فخاب ظنّها وباء فعلها مكلّلًا بالخزي والعار والخذلان، بفضل الله تعالى، ثم بالوقفة القويّة الشجاعة لعبدالله آل سعود الذي أنقذهم بقوّات درع الجزيرة..! أمّا ما يسمّى بـ«تجمّع الوحدة الوطنيّة» الذي يقوده عبداللطيف المحمود، فقد نعى عبدالله آل سعود، وأشاد بمساندته بإرسال قوّات درع الجزيرة إلى البحرين، للوقوف في وجه المحتجّين، الذين وصفهم بـ«القوى الباغية»، التي أرادت انتزاع البحرين من محيطها الخليجيّ والعربيّ – بحسب البيان.

وبعيداً عمّا أسماه الكاتب البريطاني «ديفيد هيرست في مقاله – انقلاب القصر السعوديّ» في صحيفة «الهافنغتون بوست البريطانيّة»، الذي كشف فيه عن حقائق ومعلوماتٍ عن دور النظام السعوديّ في مؤامراته الخارجيّة، وبصماته الواضحة في العديد من الدول، وتدخلّه ضدّ أيّ حراكٍ شعبيّ ضدّ دكتاتوريّة الأنظمة الحليفة له، كان أبرزها «ثورة 25 يناير» في مصر، و«إرسال قوّات لسحق الانتفاضة» في البحرين، و«تمويل الجماعات المتطرّفة» ضدّ نظام الرئيس السوريّ بشار الأسد، بتخطيطٍ من السكرتير الخاص ومدير الديوان الملكيّ السعوديّ «خالد التويجري»، إلى جانب حليفه السابق بندر بن سلطان آل سعود – بحسب المقال.

القبيلة الخليفيّة وجوقاتها المتناثرة هنا وهناك، بكاؤها لوفاة «ملك الرّمال»، وثناؤها على «عار الاحتلال السعوديّ» لقوّات درع الجزيرة للبحرين، ليس لفقدان الدعم المعنويّ وحسب، بل لعلمهم بأنّ هذه الخسارة بمثابة «بداية انشغال» الجانب الآخر بنزاعاته القادمة على السلطة، وحسبهم ما سيجري فيما بينهم من لمْلَمَةٍ لحساباتهم الجديدة. وقد يكون خطيب جامع نوف النصّار بمدينة عيسى – «عبدالرحمن الفاضل»، صادقاً في جزئيّةٍ واحدةٍ فقط في خطبته، حينما قال إنّ «عبدالله آل سعود رحل، وقد سلّم الراية لأخيه سلمان بن عبدالعزيز آل سعود»، الذي أكّد في كلمته المتلفزة الأولى بعد توليه الحكم، «على التمسّك بالنهج نفسه الذي قامت عليه دولة آل سعود، من أبيه إلى بقيّة إخوته الذين تولّوا زمام الأمور من بعده». وهو مؤشرٌ على استمرار قيادة النظام السعوديّ للمؤامرات ضدّ حراك الشعوب في أيّ بقعةٍ عربيّة، باسم العروبة والإسلام.


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2015010450


المواضیع ذات الصلة


  • انتخابات البحرين: «المُرشح علي الحايكي جبانٌ من نوعٍ آخر»
  • انتخابات البحرين: «المرشّح العماني رؤيته السياسيّة الواعية التملّق.. وموقفه البرلمانيّ الشجاع توقّف عندنا»
  • انتخابات البحرين: «المُرشّح ياسر نصيف الموالي.. تغييرك يبدأ من معرفة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *