منامة بوست (خاص): جابت عواصم غربيّة فقط لأجل شعب البحرين، تتبّعت ثورته منذ أن كان الحراك بذرة في دوّار اللؤلؤة، إلى أن أورقت الثورة بالشهداء، «مي الخنساء» محامية لبنانيّة وحقوقيّة، قدّر شعب البحرين جهودها، وأنشأ ناشطون صفحة على الفيس بوك تأييدًا لهذه المناضلة..بيد أنّ اسم الخنساء توارى في السنة الثانية من الثورة «2013»، لكنّ جهدها لم يتوقّف؛ «منامة بوست» فتحت مع الخنساء جرح الوطن، وسألتها عن حراكها السابق والآنيّ، فكان هذا اللقاء:
وقفت المحامية مي الخنساء مع الشعب البحرينيّ مشكورة منذ البدايات، ما الذي جعلها تقف تلك الوقفة، وما الذي جعلها تتوارى فيما بعد؟
مي الخنساء: بداية، تحيّة لكم ولكلّ شعب البحرين، ولكلّ مقاوم وثائر ضدّ ظلم الحكّام والفاسدين في الأرض, لقد وقفت مع شعب البحرين وما زلت أسانده، لأنّه شعب عظيم، صاحب قضيّة عادلة ومحقّة، ولكنّ نضالي لمصلحة شعب البحرين أصبح بعيدًا عن الإعلام، ليس بتقصير منّي، بل هذا السؤال يوجّه إلى وسائل الإعلام، وخصوصًا تلك التي تناصر شعب البحرين.
وأنا سأروي قصّتي مع هذه القضيّة بكلّ صراحة وشفافية، والله على ما أقول شهيد.
أوّلًا عندما وقفت مع الشعب البحرينيّ لم يكن لديّ أدنى فكرة عن طبيعة الشعب البحرينيّ الثائر «أيّ طائفته»، وتعاطفت مع هذا الشعب لأنّني أعجبت بطريقة تنظيمه تحرّكاته واستعماله شعائر الحبّ والمودّة في مطالبته للحصول على مطالبه المحقّة، مثل الوردة والكلام اللطيف، وأثارني أنّ النظام استعمل البغض والكراهية مقابل هذا الودّ والهدوء، فقرّرت، وبصفتي محامية ورئيسة منظّمة حقوقيّة دوليّة، التقدّم بشكوى ضدّ ملك البحرين ومن يسانده من الإنكليز وغيرهم…وعمّمت الخبر صحفيًّا، ولكن لم يهتم أحد من وسائل الإعلام، لا الصديقة ولا الغريبة ..!! فنحن منظّمة ليس لديها سيولة للدفع لوسائل الإعلام ولا للإعلاميّين!!! أكثر من هذا لقد تابعنا تحرّكنا ونظّمنا وقفة تضامنيّة مع شكوى ثانية في لاهاي، ولكن لم يهتم أيّ من وسائل الإعلام أيضًا..!!! بعد مضي حوالي ثلاثة أشهر على تحرّكنا الذي انطلق مع تحرّك الثورة البحرانيّة، اتصل بي الإعلامي الدكتور يحيا أبو زكريا وطلب مقابلة بخصوص البحرين… وهنا بدأ بعض البحرانيّين بالاتصال بي، وقرّرنا عقد مؤتمر صحفيّ للمنظّمة في لاهاي، ومن ثم الانتقال إلى المحكمة الدوليّة فيها للتقدّم بشكوى ثالثة.
وكان مؤتمر ناجحًا جدًّا، وتمّ نقله عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ وبعض الفضائيّات .
إلى هنا بدا الأمر رائعًا، وأحسست أنّ هناك من سوف يدعم منظّمتنا للسير حتى آخر الطريق، تمهيدًا لمقاضاة كلّ من اعتدى على الشعب البحرينيّ.
وقد قرّرت المنظّمة تنظيم تحرّك في جنيف حيث كان يعقد مؤتمر دوليّ لحقوق الإنسان، وانتقلنا على أساس أن تدعمنا وسائل الإعلام الموجودة في جنيف، ولكنّ المفاجأة أنّ كلّ وسائل الإعلام، وخصوصًا من تدّعي أنّها تدعم ثورة الشعب البحرانيّ، تجاهلتنا تمامًا، ولم تغط حتى خبر التجمّع الذي نظّمناه أمام مبنى الأمم المتحدة ..!!!!!!!! وهذا كان سببًا رئيسًا في إفشال تحرّكنا، وأقول بكلّ صراحة، أنّ بعضًا ممن هو على صلة بالتجمّع الذي يدعم شعب البحرين أصابه الغيظ من كوننا نقوم بعمل قانونيّ ومقاضاة… بينما هم لا يستطيعون سوى الكلام والكلام فقط، وهذا الأمر ضدّ أفكارنا سواء بشكل شخصيّ أو كمنظّمة، فكانت محاربتنا بكلّ الوسائل.
أكثر من هذا علمت من خلال مراسلات لبعض الأصدقاء أنّ هناك من يقوم بجمع الأموال باسم المنظّمة، وأسس عنوان بريد إلكترونيّ باسمي واسم منظّمتنا لجمع الأموال دعمًا للثورة، وكان أحد هؤلاء الأشخاص ويدعى «كمال» حسب ما أذكر، على رأس هذه الحملة، وتمّ جمع آلاف الدولارات دون علمنا أو إذننا، أكثر من هذا كان أحد الأشخاص الذي ادّعى دعمه للثورة وهو بحرانيّ الجنسيّة قد طلب أن يعمل وصلة مع الفيس بوك العائد لنا، وكان يستعمل حسابي المصرفيّ، أي بطاقتي ليقوم بـ « BOOST POST» لنشر أخبار البحرين دون إذني، وكان شهريًّا يسحب ما بين ٧٥٠ وألف دولار، وقد طلبت منه عدّة مرّات أن يتوقّف عن هذا الأمر، لكنّه لم يفعل، فاضطررت إلى إرسال رسالة لإدارة الفيس بوك لوقف الذي يعمل لنشر ما يريد عبر استعمال خدمة «Promote your Page »، وهكذا استطعت أن أوقف النزف الشهريّ، أيّ أنّه وباختصار بدل دعمنا كان يتمّ إبعادنا عن وسائل الإعلام، لأنّهم كانوا لا يرغبون بوجودنا كقانونيّين ..ويريدون أن يستمرّ العمل كلام ومؤتمرات دون عمل.
رفعت دعوى ضدّ ملك البحرين أمام المحكمة الجنائيّة الدوليّة في هولندا في مايو/ أيّار من العام الأوّل للثورة 2011، ما مصير هذه الدعوى الآن؟
الخنساء: إنّ الدعوى التي تقدّمنا بها في أيّار ٢٠١١، وغيرها من الشكاوى اللاحقة ما تزال قيد النظر، ونحن نتابعها بشكل دائم، ونضيف عليها الجرائم الجديدة.
ثمّة تحرّك لمنظّمة التحالف الدوليّ لمكافحة الإفلات من العقاب «حقوق»، قيل أنّ رئيسة المنظّمة المحامية مي الخنساء، وبرفقة عدد كبير من الأعضاء سيجوبون جنيف ونيويورك ولاهاي ابتداء من الثامن عشر من مايو/ أيّار 2012 لغاية الثلاثين من الشهر نفسه، وذلك لـتنظيم مؤتمرات وتجمّعات تأييدًا لمطالب شعب البحرين، تحدّثي لنا عن ذلك التحرّك.
الخنساء: لقد قمنا بالتحرّك المذكور أعلاه، ومن ثمّ عقدنا مؤتمرًا في بيروت مع عدد من أعضاء المنظّمة، وبعض الشخصيّات البحرانيّة وتحدّثنا عن أعمالنا، وبعد هذا المؤتمر اتّصل بنا بعض الشخصيّات البحرانيّة طالبين منّا أن نعقد مؤتمرًا وتجمّعًا في لاهاي أمام المحكمة الجنائيّة الدوليّة واعدين بتغطية التكاليف، وتأمين وسائل الإعلام، وبالفعل أخذنا إذنًا من السلطات في لاهاي للتجمّع وحجزنا قاعة للمؤتمر في أوتيل موفن بنك في لاهاي.. المفاجأة أنّه لم يحضر أيّ فرد منهم كما وعدوا وطلبوا، وطبعًا كلّفنا التحرّك آلاف اليوروات، وكلّ الأموال التي أنفقت رميت.. نتيجة الخداع الذي مورس علينا، ولا أستطيع أن أعلم السبب بشكل واضح.. ولكن هناك من أراد القضاء على تحرّكنا القانونيّ، وأترك لكم التحقيق في الموضوع، والسؤال عنه وعن أسبابه، علمًا أنّ هناك أحد الأشخاص قدّم دعمًا ماليًّا بسيطًا للمنظّمة، وكانت هذه المرّة الأولى والأخيرة.
بعد مضي أربع سنوات من الثورة في البحرين، والقمع الشديد الذي أصاب الشعب من قبل النظام في ظلّ صمت دوليّ على مستوى دوائر القرار، هل بعد كلّ ذلك يمكن عمل تحرّك حقوقيّ على مستوى دوليّ ينتج نتائج مثمرة؟
الخنساء: إنّ التحرّك القانونيّ يمكن توسعته وهو يعطي أهدافا أكيدة، ولكن يحتاج الأمر إلى دعم ماليّ حقيقيّ، ويمكن إقامة دعاوى في الولايات المتحدة، وبعض الدول الأخرى، ونحن عندنا دراسة بهذا الخصوص.
أدان مجلس حقوق الإنسان في جنيف حكومة البحرين لانتهاكاتها حقوق الإنسان، ووقّع بيان الإدانة 33 دولة، بينهم أمريكا وبريطانيا، كيف تقرأين هذه الحيثيّة؟
الخنساء: هذا سيكون سببًا جيّدًا لتأكيد إدانة ملك البحرين ونظامه.
هل تعتقدين أنّ الإيقاع الذي تمضي عليه ثورة البحرين منتج، وما هي ملاحظاتك إزاء ذلك؟
الخنساء: إنّ حراك شعب البحرين هو حراك عظيم وسوف يؤتي ثماره ولو بعد حين، خصوصًا أنّ كلّ العالم يعرف ويرى سلميّة حراك الشعب البحرانيّ.
ما الكلمة الأخيرة التي توجّهينها إلى الشعب البحرينيّ بعد أربع سنوات من ثورته؟
الخنساء: أيّها الشعب العظيم اعذرنا، فإنّنا جميعًا مقصّرون أمام هذا الحراك الشريف والعظيم.