Thursday 17,Apr,2025 21:30

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

مرحلة ما بعد الاستفتاء… شعب صامد وسلطة تتهاوى

د. جابر علوش: أدرك العالم أجمع، ولا سيّما الدول الكبرى ومنها الولايات المتحدة الأمريكيّة، أنّ ما حقّقته البحرين منذ عام، وبالتحديد بعد إجراء الاستفتاء الشعبيّ المتميّز، بما لا يدع مجالًا للشكّ،

د. جابر علوش *

أدرك العالم أجمع، ولا سيّما الدول الكبرى ومنها الولايات المتحدة الأمريكيّة، أنّ ما حقّقته البحرين منذ عام، وبالتحديد بعد إجراء الاستفتاء الشعبيّ المتميّز، بما لا يدع مجالًا للشكّ، أنّ الشعب في البحرين قد كتب مرحلة جديدة من التحدّي والمواجهة، عنوانها استمرار في الحراك الثوريّ، مقابل مسار تنازليّ متهاوٍ للنظام البحرينيّ المتسلّط.

في واشنطن، كثر الكلام منذ عام حتى الآن، وبالتحديد بعد إجراء الاستفتاء وما تلاه من انتخابات دعا إليها النظام، الكلام يدور وفي مستويات كبرى، عن أنّ النظام البحرينيّ ومن خلفه السعوديّة، تلقّيا صفعة شديدة بهذا النجاح الباهر الذي حققه الشعب البحرينيّ في الاستفتاء، وهي صفعة، جزم بعض السياسيّين الأمريكيّين، أنّه سيكون لها ارتدادات كبرى، وسوف ترسم طريقًا واضحًا لتهاوي النظام في المملكتين.

الأحداث المتسارعة في المنطقة منذ عام حتى اليوم، سواء في البحرين أو اليمن أو حتى سوريا والعراق، يضعها الأميركيّون تحت مجهر المراقبة الدقيقة والحسّاسة، وتصرّف السعوديّ المتهوّر بعدوانه على اليمن وقبله التدخّل بجيشه في البحرين، وهما البلدان الوحيدان اللذان اضطرا السعوديّة إلى الزجّ بجيشها بهما، كونها تعتبرهما من أمنها القوميّ. إذًا هذا التصرّف السعوديّ المربك، ينظر الأميركيّون إليه على أنّه نتيجة منطقيّة للسياسات السعوديّة المتطرّفة، والارتكابات الخاطئة التي وقع بها النظام السعوديّ في تعاطيه مع كلّ الأزمات في المنطقة، خصوصًا عندما استمرّ بدعم الإرهاب في المنطقة رغبة منه في تغيير بعض الأنظمة، والتمادي في تمويل الحركات الإرهابيّة حتى وصلت إلى أوروبا وإلى أميركا أيضًا.

اليوم، المنطقة بدأت تتغيّر، والسعوديّة كانت قد بدأت بقراءة هذا الوضع الجديد، لهذا عملت على محاولة انتزاع بعض الأوراق التي قد تفيدها في التفاوض، وفي مرحلة التسوية الكبرى. وليس من الغريب أن تشعر السعوديّة أنّها قد تلقّت الصفعة الأولى في البحرين بعدما ظنّت أنّها قد استطاعت القضاء على الحراك الشعبيّ، ففوجئت بالملحمة الشعبيّة الرائعة، باستفتاء شعبيّ قلب كلّ المعايير السعوديّة في البحرين، فأوعزت لتابعيها، أيّ نظام البحرين، تشديد الخناق على المعارضة، وضرب التحرّكات السلميّة، وزيادة الاعتقالات ولا سيّما القيادات السياسيّة، ولم يكن غريبًا اعتقال أمين عام جمعيّة الوفاق الشيخ علي سلمان، رغم أنّه رجل معتدل، طالما دعا إلى الحوار مع السلطة. هذا الإيعاز جاء من أجل أن تحافظ السعوديّة على ورقة البحرين في معركة التفاوض الكبرى. وكانت هذه الصفعة الشعبيّة للنظام السعوديّ والبحرينيّ مزدوجة، حيث اكتملت حين دعا ملك البحرين إلى انتخابات برلمانيّة، كان يراهن عليها لتلميع صورة نظامه أمام العالم، فكانت الصدمة الكبرى حين فشل في استقطاب نسبة تصويت يمكن أن ترفع من أسهمه، وشكّل هذا الفشل ضربة قويّة للسعوديّين الذين صدّقوا لوهلة أنّ النظام البحرينيّ قد تمكّن بمساعدتهم من القضاء على الحراك، وأنّه قد استطاع أن يلين الشعب، ويحمله على التراجع، وهنا كانت الصدمة الكبرى!

الصفعة الثانية جاءت بعد الفشل الذريع الذي مني به أعوان النظام السعوديّ في اليمن، وتمكّن الشعب اليمنيّ من كفّ اليد السعوديّة عن بلدهم، وتغيير الوضع الذي كان قائمًا حين كانت السعوديّة هي المسيطرة بشكل مطلق، وتتصرّف في اليمن على أنّه تابع لها كما تتصرّف مع مملكة البحرين.

الأكيد أنّ أي انتكاسة للنظام الحاكم في البحرين تعني انتكاسة للنظام السعوديّ ومشروعه في المنطقة، والنجاح الباهر للاستفتاء الشعبيّ الذي كان بدعوة من ائتلاف شباب الرابع عشر من فبراير، كان أحد أهم الانتكاسات للسلطة في البحرين، وما تلاه من حفلات جنون مارستها الأجهزة الأمنيّة جرّاء أزمتها من نجاح الاستفتاء وفشل الانتخابات التي كانت تعول عليها بشكل كبير، ورصدت لها كلّ الإمكانات من أجل إنجاحها، والقول للعالم إنّ البحرين تشهد عمليّة ديمقراطيّة خالصة، وإنّ النظام عالج كلّ المشاكل التي من أجلها خرج

الشعب لينتفض، فكانت الضربة الشعبيّة الكبرى التي أصابت النظام البحرينيّ، وجعلته في موقف شديد الإحراج أمام الرأي العام العالميّ، وأصبح يتصرّف تجاه الشعب بطريقة أشدّ همجيّة من قبل.

عندما يتحدّثون هنا في واشنطن عمّا آلت إليه الأزمة في البحرين، يؤكّدون أنّ الانتهاكات المتزايدة للنظام البحرينيّ تجاه شعبه، وبالتحديد منذ عام إلى الآن، تحرجهم بشدّة أمام الرأي العام، لأنّها تتمّ بشكل فاضح وواضح، والسكوت عنها يضرّ بسمعة الولايات المتحدة الأميركيّة نفسها، وخرجت بعض الأصوات في أميركا تطالب بوضع حدّ لهذا التمادي من قبل السلطات، وضربها بعرض الحائط كلّ المواثيق والعهود، وعدم مراعاتها لمدى الإحراج الذي تسبّبه كلّ تلك الانتهاكات.

يبقى أنّ المرحلة المقبلة ستكون مختلفة تمامًا عمّا سبقها، وأنّ ما ينتظر المنطقة من تسويات تتطلّب من كلّ الأطراف كسب أكبر عدد ممكن من الأوراق التي يمكن التفاوض عليها، وعلى هذا الأساس بدأ كلّ طرف يسعى جاهدًا لكسب المزيد من الأوراق، أو على الأقلّ للحفاظ على الورقة التي يملكها، والأيّام القادمة سوف تكون شاهدة على ذلك.

*باحث في الشؤون العربيّة


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2015020938


المواضیع ذات الصلة


  • أسرار واعترافات… ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «عناصر من الدرك الأردنيّ شاركوا في هجوم الدراز فجرًا» 2-3
  • أسرار واعترافات.. ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «جئنا من أجل المال.. ولسنا مضطرّين إلى تحمّل نتائج سقوط هذا النظام» 1-3
  • أسرار واعترافات.. «الدرك الأردنيّ في قبضة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *