Wednesday 09,Apr,2025 10:01

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

تنظيم داعش في الخليج … حانت مرحلة الفوضى

حسن أبوهنيّة: يسود الاعتقاد أنّ تنظيم داعش، لا شكّ بأنّه منذ سيطرته على الموصل في العاشر من يونيو/ حزيران الماضي، ثمّ إعلانه الخلافة، مع أوّل أيّام شهر رمضان، استطاع أن يسيطر على مساحات واسعة من العراق

حسن أبوهنيّة*

يسود الاعتقاد أنّ تنظيم داعش، لا شكّ بأنّه منذ سيطرته على الموصل في العاشر من يونيو/ حزيران الماضي، ثمّ إعلانه الخلافة، مع أوّل أيّام شهر رمضان، استطاع أن يسيطر على مساحات واسعة من العراق وسوريا، حيث سيطر على أكثر من نصف الأراضي السوريّة وأكثر من ثلث الأراضي العراقيّة، وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، كان التنظيم قد تلقّى عددًا من البيعات سواء ممّا يسمّى ولاية نجد في شبه الجزيرة، أو ولاية أنصار بيت المقدس في اليمن، وفي سيناء المصريّة أيضاً، كما أنّه تمدّد إلى أفغانستان، فضلًا عن وجوده في سرت الليبيّة.

إذًا التنظيم تمدّد واستطاع أن ينمو بشكل سريع، ففي السعوديّة أعلن التنظيم عن نفسه من خلال مجاهدي الجزيرة وعن تأسيس ولاية نجد، ولا ننسى أيضًا البحرين، إذ إنّ أهمّ مسؤول شرعيّ داخل تنظيم داعش هو تركي البنعلي وهو بحرينيّ الأصل، ويمكن مشاهدة ما جرى خلال الشهر الماضي وخلال أسبوع واحد، إذ تمّ تفجير مسجدين للشيعة في القطيف وكذلك في الدمام.

تسود المنطقة حالة من عنصر تأجيج الهويّات وتلاعب طائفيّ بها، وهذا العمل الذي يكون منذ سنوات ربما قد استثمره هذا التنظيم، وبالتالي شاهدنا تمدّده في السعوديّة. والبحرين أيضًا مؤهّلة لكي تشهد هذه الأعمال، فحالة التحشيد الطائفيّ وحالة التأجيج الطائفيّ الموجودة في البحرين، توفّر بيئة مثالية وحاضنة لكلّ أشكال الإرهاب والتطرّف، دون إغفال الدور الكبير والتحريضيّ الذي يلعبه تركي البنعلي، الذي لديه أتباع في البحرين بشكل كبير.

لكن هنا يجب التفريق، ليس بالضرورة أنّ السعوديّة والبحرين كانتا تدعمان داعش، لكن المشكلة الكبيرة تكمن في أنّهما كانتا تدعمان حركات تعتقد أنّها سنيّة معتدلة، هذا الأمر حدث في جبهة أفغانستان وفي العراق، والآن حدث في سوريا، وبالتالي فإنّ هذا الدعم كان يصل إلى جماعات تصنّفها السعوديّة نفسها وكذلك البحرين على أنّها إرهابيّة، كداعش والنصرة، وما حصل الآن، أنّ النظام السعوديّ يتلقّى ضربات مرتدّة، نتيجة لسياساته الخاطئة التي ارتكبها منذ سنوات طويلة، وأدّت إلى تنامي التطرّف والإرهاب في المنطقة ووصولها إلى أراضيه. والأهمّ من هذا وذاك أنّ السعوديّة وكذلك البحرين ومعظم الدول العربيّة انخرطت في لعبة التصعيد القويّة، بمعنى أنّ العالم يشاهد اليوم الصراع في العراق وسوريا، الصراع الجيوسياسيّ بين محور ما يسمّى الاعتدال ومحور الممانعة والمقاومة، وتمّ تحويل هذا الصراع إلى هوياتيّ طائفيّ، بحيث تمّ محاولة حصر الصراع بالإطار الطائفيّ وبالتحديد في الخليج. إذًا من هنا نجد أنّ الانخراط في اللعبة الطائفيّة، ارتدّت على دول الخليج، وبدأت المنطقة الخليجيّة تشهد التفجيرات.

التفجيرات الإرهابيّة طالت أيضًا اليمن، الإرهاب قام خلال الشهرين الماضيين بأكثر من 3 تفجيرات في صنعاء في مساجد الحوثيّين، ليصل الأمر إلى الكويت في مسجد الإمام الصادق، كما حدث في السعوديّة فضلًا عن الهجمات الفرديّة، وما يحدث في العراق وسوريا. الأكيد أنّ لعبة الهويّات وتأجيج الهويّات الطائفيّة التي لعبتها دول الخليج، والدفع بهذا الملف إلى الذروة، أدّى إلى تنامي التطرّف والحركات الإرهابيّة المتطرّفة السنيّة في المنطقة.

بعد السعوديّة، تمّ تدشين ولاية البحرين مع وجود تركي البنعلي الذي يحظى بأتباع داخل المملكة، كما تمّ تأجيج الحالة الطائفيّة، وأغلب الظنّ أنّ الأمور في البحرين والسعودّية وباقي دول الخليج، تتجّه إلى مزيد من التأزيم والفوضى، خصوصًا مع وجود مناطق مشتعلة قريبة سواء كانت في العراق أو كانت موجودة في سوريا فضلًا عن الموجودة في اليمن، فدول الخليج مرشّحة أكثر لوجود تنظيمات ذات طبيعة متطرّفة، وخصوصًا داعش الذي يركّز على موضوعة الهويّة والطائفيّة التي ساهمت هذه الدول في تأجيجها على مرّ السنوات بفعل السياسات الخاطئة والكارثيّة.

بالتأكيد أنّه مع بقاء الأمور على ما هي عليه، ما لم يتمّ التوصّل إلى حلّ في مناطق النزاع الأساسيّ، وبوجود ملاذات آمنة للتدريب والتعبئة والتجنيد، وهذا الأمر في سوريا والعراق واليمن، واذا بقيت دون التوصل إلى حلّ سياسيّ مع الدول الإقليميّة، خصوصًا الدول العربيّة والدول الخليجيّة وإيران، وبقيّة الدول في العالم وبالتأكيد الولايات المتحدة وروسيا. إذا لم يتمّ التوصّل إلى حلّ فبالتأكيد هذا سيوفر مصادر للدعم والتجنيد، مع ملاحظة أنّ هناك مقاتلين من السعوديّة، يبلغون أكثر من 2400 مقاتل يقاتلون في صفوف تنظيم داعش والنصرة في العراق وسوريا وهؤلاء يشكلّون خطرًا كبيرًا، وتمّ إلقاء القبض على عشرات الخلايا والمجاميع التابعة للتنظيم، وأعلن عن تشكيل ولاية نجد وتمكّن التنظيم من تنفيذ هجمات على مساجد خلال أسبوع واحد. وكذلك الأمر في البحرين يوجد مثل هذا التهديد، حيث بدأت تتكوّن فيها حواضن اجتماعيّة تستطيع أن توفر شبكات دعم وإسناد وحماية، ولا تزال بالتأكيد في بدايتها، لكن إذا بقي الأمر على ما هو عليه مع وجود هذه المشاكل السياسيّة غير المنجزة وغير المحلولة، ومناطق النزاع، سيؤجج هذه الجماعات وينشط هذه الخلايا، وبالتالي الأمور مرشّحة لتشكيل حواضن توفّر شبكات حماية وإسناد للجماعات الجهاديّة.

العالم العربيّ، خصوصًا بعض المناطق التي يتوافر فيها مثل هذا الانقسام الهويّاتي الطائفيّ كما هو الحال في البحرين وفي السعوديّة، ومع كلّ الظروف، فإنّ هذه المناطق مرشّحة لمزيد من العمليّات ذات الطبيعة الإرهابيّة، التي سوف تودي بالمنطقة إلى التأزيم غير المسبوق، وبالتالي فإنّه مع عدم وجود حلول حقيقيّة للمشاكل في المنطقة، كغياب العدالة والديمقراطيّة والتعدديّة، وغياب أيّ منظور للسلام الإقليميّ، للنزاع الموجود في المنطقة وكذلك الدوليّ، ووجود إسرائيل بالتأكيد كأهمّ مشكلة للأزمات في المنطقة ، فإنّ المرحلة أمام موجة جديدة وهي أخطر من الموجتين السابقتين، حيث مرّت الحركة الجهاديّة بثلاث موجات، الموجة الأولى في أفغانستان ثم الموجة الثانية كانت في 2003 في الحرب على العراق، ثم الموجة الثالثة التي تشكّلت منذ عام 2011، والظاهر الآن أنّ هذه الموجة هي الأكثر خطرًا والأكثر انتشارًا والأشدّ فتكًا، وهي تختلف عن بنية الجهاد التضامنيّ في مرحلة الجهاد الأفغانيّ أو بنية الجهاد التعبوي خلال الفترة العراقيّة، الجولة الآن أمام جهاد سيطرة وتمكين ويستند إلى مفهوم الهويّة.

معظم السياسات الإقليميّة في المنطقة والسياسات الخليجيّة بشكل خاص كانت تدفع باتجاه تأجيج الهويّات الطائفيّة، وبالتالي هي الآن تحصد نتيجة هذه الارتباكات والأعمال، فهي تسبّبت بلا شكّ بالسياسات الخاطئة سواء في ما يسمّى أحيانًا دعم بعض القضايا التي تبدو عادلة، لكن دون حسابات واضحة، أو أحيانًا استثمار الهويّات الطائفيّة في فضاء جيوسياسيّ وصرفه سياسيًّا. هذا التصرّف ساهم أيضًا في ظهور هذه الحركات الجهاديّة وتناميها وتعاظمها، وخصوصًا تنظيم داعش الذي بات يسيطر على مناطق واسعة منذ الانقلاب على نتائج الربيع العربيّ الذي كان من المفترض أن يؤدّي إلى سقوط الأنظمة الفاسدة لمصلحة تحقيق أهداف الشعوب، لكن ما حصل أنّ هذا الانقلاب مكّن جماعات جهاديّة من تقديم نفسها كممثّل لهويّة سنيّة سواء داخل دولها أو في دول عربيّة عديدة.

على دول الخليج أن تعي جيّدًا مقدار الخطر الذي بات يحدق بها، والذي أصبح يهدّد كيانها ووجودها، وما التفجيرات في السعوديّة والكويت، إلا دليل قاطع وواضح وصريح على أنّ منطقة الخليج بحاجة إلى إجراءات ملموسة وواقعيّة تهدف للقضاء على التطرّف، تبدأ بإسكات كلّ المنابر الطائفيّة والمحرّضة على التكفير والتطرّف، ولا تنتهي بملاحقة كلّ من تحوم الشبهات حول علاقته بالتنظيمات الإرهابيّة والتكفيريّة، ربما هذا الأمر يساهم في ردع الإرهاب ودحره، لكن العمل هذا يحتاج إلى الكثير من التنازلات على صعيد المنطقة العربيّة ككلّ.

*كاتب أردنيّ خبير في شؤون الحركات الإسلاميّة


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2015024944


المواضیع ذات الصلة


  • أسرار واعترافات… ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «عناصر من الدرك الأردنيّ شاركوا في هجوم الدراز فجرًا» 2-3
  • أسرار واعترافات.. ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «جئنا من أجل المال.. ولسنا مضطرّين إلى تحمّل نتائج سقوط هذا النظام» 1-3
  • أسرار واعترافات.. «الدرك الأردنيّ في قبضة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *