Thursday 28,Nov,2024 06:48

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

«عبّاس المرشد» يصرّح لـ«منامة بوست»: إمكانيّة اجتماع المعارضة على الهويّة الوطنيّة، ويؤكّد: ذهنيّة الشعب تغيّرت تجاه آل خليفة

منامة بوست (خاص): تمثّل الهويّة الوطنيّة اشتغالًا ثقافيًا وسياسيّا ثراً ومهمًا في الأوساط الثقافيّة والإعلاميّة والسياسيّة على السواء، وإذا ما تشابك الثقافيّ بالسياسيّ فإنّ الرؤى تنتج بنكهة خاصّة،

منامة بوست (خاص): تمثّل الهويّة الوطنيّة اشتغالًا ثقافيًا وسياسيّا ثراً ومهمًا في الأوساط الثقافيّة والإعلاميّة والسياسيّة على السواء، وإذا ما تشابك الثقافيّ بالسياسيّ فإنّ الرؤى تنتج بنكهة خاصّة، لها مذاقها الثقافيّ ودلالتها السياسيّة، بهذا الاجتراح رأى الكاتب «عباس المرشد» أنّ الهويّة الوطنيّة الجامعة تمثّل في النهاية الأرضيّة التي تجمع أغلب فئات المجتمع وعناصره وتحرّكهم ناحية المطالبة بإلغاء نظام الامتيازات ونظام الاستبداد بالرجوع إلى الهويّة الوطنيّة، وفي مقابلته مع «منامة بوست»، تطرّق المرشد إلى عمل النظام في محاصرة الحراك الشعبيّ، بطرق شتى وقاسية.

وفي سؤالنا عمّا إذا كان الحراك سينحو إلى العنف، أكّد المرشد عدم انتهاج أيّ طرف هذا النهج، مستشهدًا بسلميّة كافة الأطياف.

وفي هذه المقابلة لم يفتنا سبر غور كتابات المرشد، وطرح استفهامات حول بعض لفتاته هنا وهناك، فكانت هذه المقابلة:

كيف تقرأ التطوّرات الأخيرة «كاعتقال الشيخ علي سلمان» في المشهد البحرينيّ؟

يأتي اعتقال الشيخ علي في سياق أمرين أوّلهما: نهاية قدرة النظام على تحمّل كلفة العمل السلميّ وإعادة النظر إلى طبيعة الاحتجاجات السلميّة باعتبارها تمثّل كلفة إضافيّة بالتوازن مع الحراك الشعبيّ المستمر منذ 14 فبراير 2011. وهذا يعني رغبة النظام في محاصرة كافة أنواع العمل السياسيّ وتجريمه لكافة الأنشطة السياسيّة المعارضة لسياساته وبالتالي فنحن أمام مشهد معقّد قد يكون أشدّ قسوة من الفترات الماضية، لكونه يتعامل مع أساس فكرة المعارضة لا بهدف احتوائها أو تهجينها، بل بقصد القضاء عليها وإلغاء فكرة أن تكون هناك معارضة علنيّة تستطيع التحدّث للرأي العام، وتقف مناصرة لمطالب الشعب.

الأمر الثاني إنّ اعتقال الشيخ علي سلمان هو عمليّة استباقيّة لأحداث كانت تتصاعد، من بينها أحداث اليمن وترتيب البيت السعوديّ الداخليّ، بالإضافة لتغيّر تحالفات الوضع الإقليميّ، وهي أمور أتصوّر أنّ النظام كان يخشى من استفادة القوى السياسيّة المعارضة منها، لذا كانت عمليّة اعتقال الشيخ علي خطوة استباقيّة لمنع أو الحدّ من استفادة المعارضة من تلك المتغيّرات.

كلّ ذلك يأتي في مرحلة زمنيّة تتسم بالفوضى، واللامعقول، وسرعة المتغيّرات الفاعلة، وهذا ينعكس على المشهد البحرينيّ بصورة مباشرة لكون الساحة البحرينيّة متفاعلة أصلًا مع الحدث الإقليميّ والدوليّ أكثر من غيرها، فبقدر ما تكون هذه السمة إيجابيّة وتخلق مزيدًا من الفرص وتنمية الوعي السياسيّ وتشكّله، فهي أيضًا تسهم في إرباك الرؤية الاستراتيجيّة وتجعلها معتمدة بعض الشيء على التطوّرات الخارجيّة أو ما يطلق عليه بأقلمة القضيّة البحرينيّة.

ثمّة أعمال ذات طابع عنيف ضدّ مرتزقة النظام الخليفيّ، هل ثمّة اتجاه عند بعض الأطياف للمقاومة بشكل جديّ؟ وهل تتوقّع أن تتطوّر في المستقبل لو بقيت الأوضاع كما هي؟

لا أعتقد أنّ هناك رغبة لدى أيّ طرف سياسيّ في انتهاج العنف أو حتى العنف الثوريّ أو العنف المضادّ، فهذه المقولة لا تتفّق والأساس الواضح لسلميّة الحراك. نعم هناك حالات انفلات تحدث بعض الأحيان لكنّها ليست ممنهجة ولا تطمح بحسب الداعين لها أن تكون منهجًا أو بديلًا عن الحراك السلميّ، فهي أمور تفرضها طبيعة المواجهة أحيانًا أو حالات الغضب أحيانًا أخرى. والجميع يعرف أنّ حدوث انفلات أو خرق لمبدأ السلميّة هو أمر متوقّع وممكن الحدوث، ولم تنجُ منه أيّ حركة في التاريخ والقاعدة البديهيّة هي أنّ العنف يولد كميّة من العنف المضادّ لدى بعض الأطراف. معنى هذا أنّ على النظام أن يراهن كثيرًا على مسألة قدرة الضبط السياسيّ لدى قوى المعارضة، فأمام شدّة السطوة الأمنيّة وتصاعدها يصبح من غير المعقول التحدّث عن قدرة على ضبط الشارع أو التحكّم فيه بشكل كامل.

في المقابل، يمكن أيضًا قراءة مشهد العنف على أنّه مسرح سياسيّ يناسب وسيناريوهات النظام في استراتيجيّته التي تستهدف القضاء على الحراك الشعبيّ وتحويله من مجاله الشعبيّ المتعدد إلى مجال فئويّ يسهل استهدافه واختراقه. الخطر الذي يرافق أي تحوّل لمنهج العنف المضادّ هو قدرة النظام الفائقة على اختراق العديد من تلك الجماعات، وسهولة استثمارها في تثبيت مقولة الإرهاب وتصويبها ناحية المعارضة.

هل تفرض الأحداث السياسيّة والأمنيّة ثقافة جديدة في انطباع صورة العائلة الخليفيّة في ذهنيّة الشعب؟

لقد فعلت ذلك بالفعل، وتعمّقت الفجوة بين العائلة المالكة وأكثريّة الشعب، ولم يعد ممكنًا الحديث عن صورة إيجابيّة لدى قطاع واسع من الناس. أكثر من ذلك فقد تحوّلت الصورة الذهنيّة المشار إليها لوسيلة من وسائل التعبئة السياسيّة وأداة من أدوات الحراك السياسيّ. وقد استشعر النظام وجود هذا التحوّل وبدلًا من معالجته سياسيًّا ومعرفيًّا سلك النظام سلوكًا أمنيًّا مخيفًا في ملاحقة وتجريم التعبير عن تلك الصورة التي تتخزّن في عقول الناس.

كتبت ذات مرّة عن «الفداوية» بوصفها أدوات للضبط في يد النظام، ما هي أدوات الضبط الحاليّة إن وجدت؟

عندما تحدّثت عن «الفداوية» فقد كان السياق هو قراءة تاريخيّة لمقطع زمنيّ محدّد سبق قيام تشكيل الدولة الحديثة، وتحديدًا في سنة 1923 التي أعتبرها بداية تأسيس الدولة الحديثة في البحرين. قبل ذلك كان الفداوية يمثّلون العنصر الضارب بيد من حديد على كلّ المخالفين لسياسات الشيخ وكان لهم من النفوذ والقسوة ما يضاهي أيّ جهاز أمنيّ عريق في القمع. أمّا أدوات الضبط الحديثة فقد تجاوزت مفهوم الفداوية مستخدمة أدوات عصريّة وأكثر سعة واستيعابًا من فكرة الفداوية. فنحن نتحدّث عن سطوة تسلطيّة تمتلكها الدولة الحديثة غير الديمقراطيّة، ونتحدّث عن استراتيجيّات كشف عن بعضها ضمن ما يعرف ب«تقرير البندر» وأعتقد أنّ خطورة «تقرير البندر» تتمثّل في تطوير سياسة الضبط والتحكّم غير المرئيّ، وهي أخطر من استراتيجيّات التحكّم الماديّ المرئيّ الممثّل في العناصر الأمنيّة والاستخدام المفرط للقوّة. فمبجرد قراءة صفحات من «تقرير البندر» يظهر لنا مدى تغلغل رغبة السيطرة والتحكم وابتكار أدوات ضبط حديثة مثل: التغيّر الديمغرافيّ أو سياسات الإحلال والتصفير، أو سياسة الموازنة والتعادل أو سياسة اللاإغناء والتفقير وغيرها من السياسات التي من المهم تحليل مواطنها وكشفها.

تحدثت في إحدى الورشات عن «السلميّة الدستوريّة»، ما المقصود بها، وما هي السلميّة التي تراها أنسب في مقاومة المشروع الخليفيّ؟

«السلميّة الدستوريّة» هي عبارة عن الانطلاق من الأسس الدستوريّة والقيم التي يكرّسها الدستور لمقاومة الانحراف أو التطبيق الزائف لها أو تمييعها ومحاصرتها بقوانين تتعارض معها شكلًا ومضمونًا. فـ«السلميّة الدستوريّة» تستهدف فضح القوانين والممارسات المتعارضة مع النصوص الدستوريّة ممثّلة في مواد ذات سيادة قانونيّة، مثل: الشعب صاحب السيادة أو أنّ النظام ديمقراطيّ. فالناشط السياسيّ ينطلق من أرضيّة العقد السياسيّ المعمول به ضمن الدولة، وهو لا يخرج عن مطالبة السلطات الحاكمة بالاحتكام لنصوص دستوريّة، أقربها النظام ويدّعي حرصه على الالتزام بها. الفكرة الرئيسيّة في «السلميّة الدستوريّة» هي البحث عن مواطن تستطيع القوى السياسيّة أن تبني من خلالها هويّة وطنيّة جامعة بدلًا من الهويّات الفرعيّة التي تحتكم إليها أغلب الجماعات. معنى ذلك أنّ الحراك السلميّ يحتاج لإطار قانونيّ ذي سيادة، ويمكن جمع أغلب الفئات حوله. ومن خلال رصد العديد من حالات التسلطيّة يمكن القول أنّ النصوص الدستوريّة في أغلب تلك الدول تمثّل جوهر المطالب الشعبيّة والمطالبة بالانتقال الديمقراطيّ. إنّ أحد أهمّ الأسباب التي تجعل من الصعب تفسير عمليّات التحوّل الديمقراطيّ في النظم التسلطيّة أنّ هذه النظم تتفكّك بطرق مختلفة؛ نظرًا لأنّ النظم التسلطيّة يختلف بعضها عن بعض بالدرجة نفسها التي تختلف فيها عن النظم الديمقراطيّة، ومن شأن هذه الاختلافات أن تؤدّي إلى التأثير في كيفيّة وسرعة ونمط انهيارها وتحوّلها. فهذه الأنظمة تعتمد على جماعات مختلفة لشغل المناصب السياسيّة، وتستند إلى تأييد قطاعات مختلفة من المجتمع، كما أنّ لها إجراءات مختلفة لاتخاذ القرار، وأشكال متباينة من التنافس والانقسام الداخليّ، وطرق مختلفة لاختيار القادة وتحديد كيفيّة استخلافهم، وأساليب متنوّعة للاستجابة للمطالب والمعارضة الشعبيّة، وهذا يؤكّد سلامة المقاومة «السلميّة الدستوريّة» وكونها قادرة على خلق مسار توحيديّ لأغلب الفئات السياسيّة والمجتمعيّة.

التغيير الديمغرافيّ له تداعيات خطيرة اجتماعيًّا كما له تداعيات سياسيّة، في الشقّ الاجتماعيّ هل تجد أن أضرار التجنيس قد تفشّت في الواقع؟

مع الأسف أجد نفسي مؤكّدًا لتلك الأضرار، ويمكن تلمّسها في العديد من الجوانب الحياتيّة، سواء تلك المتعلّقة بالسلوكيّات اليوميّة مثل قواعد السير في الشارع، ومرورًا بالعلاقات الاجتماعيّة المتدهورة، ونهاية بتغيّر أنماط القيم الاجتماعيّة وطرق التفكير الاجتماعيّ. فقبل حدوث هذا التغيّر كان بالإمكان رؤية مشاهد اجتماعيّة تشير لوجود قيم اجتماعيّة متعاضدة، وثقة اجتماعيّة متماسكة، أمّا الآن فمن الصعب القبول بتماسك اجتماعيّ معتد به أو أنّ الرأسمال الاجتماعيّ تتحكّم فيه قيم التعاون والثقة والمؤازرة. وبالجملة أصبح المجتمع يتعامل مع بعضه من خلال نظرة تشكّكيّة تقوم على اعتبار الآخر، أيًّا كان على أنّه من الأغيار أو الأعداء.

في دراستك «صعود الحركات الإسلاميّة المنظّمة» قلت: إنّ الإخفاقات التي لحقت حركة الإخوان المسلمين في عدد من المناطق، قد كرّست لديهم صورة الذات المهزومة، هل انطباع تلك الصورة بمنأى عن التيّار الشيعيّ في البحرين؟

ما حدث للإخوان المسلمين قبل أحداث الربيع العربيّ قادهم لأن يعيدوا صياغة أولويّاتهم السياسيّة، وأن يبحثوا عن طرق أكثر أمنًا وأكثر براجماتيّة، وظهر في وقتها مصطلح ما بعد الإسلامويّة، إشارة لتبنّي الحركات الإسلاميّة مقولات ليبراليّة تعلي من شأن الممارسة الديمقراطيّة، والابتعاد عن مقولة الدولة الدينيّة والاكتفاء بمقولة المجتمع الإسلاميّ القائم على الاختيار الحرّ للفرد. وأتصوّر أنّ أغلب الحركات الدينيّة قد أدخلت على نفسها مثل هذه المتغيّرات، خصوصًا بعد أحداث العنف التي ابتدأت مطلع تسعينيّات القرن الماضي، وانتهت لأحداث 11 سبمتبر، وما نتج عنه من تداعيات أعتبرها أكثر خطورة على خيارات الحركات الإسلاميّة والتي من بينها حركات التيّارات الشيعيّة. فقد أدخلت أغلب الحركات الشيعيّة تغيّرات جوهريّة على مقولاتها السياسيّة، وتخلّت عن مقولات كانت تعتبرها من ضمن المقدّسات لديها في حينها.

أمّا التيّار الشيعيّ في البحرين فقد كانت له سيرة تختلف عن سيرة الحركات الإسلاميّة الأخرى كالإخوان أو غيرهم، ومن وجهة نظر خاصّة أعتقد أنّ الانفتاح السياسيّ المحدود الذي حدث في 2001، قاد التيّار الشيعيّ في البحرين لأن يعيد تخندقه السياسيّ، وأن يتبنّى مقولات ما بعد الإسلامويّة بطريقة غير مباشرة. وبخلاف حركة الإخوان المسلمين في مصر مثلًا التي تعرّضت لحملات قمع شرسة واسعة، كان التيّار الشيعيّ في البحرين ينظر لحملة القمع على أنّها عنصر قوّة وأداة تماسك شعبيّ، وتمدّد جماهيريّ، وبالفعل كان هذا المنظور صائبًا بدرجة ما لاعتبارات خصوصيّة الوضع في البحرين، كونها بلدًا صغيرًا ومتداخلًا اجتماعيًّا.

في دراسة «إدارة التنوّع في البحرين: تعثّر الانتقال من المشيخة للمواطنة الدستوريّة» اعتبرت أنّ الانقسام الطائفيّ في البحرين حاصل، والبلد يفتقد لبناء هويّة وطنيّة جامعة، ما هي أسس تلك الهويّة في رأيك؟

الهويّة الوطنيّة الجامعة هي عنصر أساسي لحدوث أيّ انتقال ديمقراطيّ، وبدونها يصعب أو يستحيل أن تجقق الديمقراطيّة أغراضها. تبدأ عمليّة ظهور الديمقراطيّة مع بداية المرحلة التحضيريّة، أو كما تسمى بـ«الشروط الخلفيّة» «background condition» للديمقراطيّة. فلكي تبدأ عمليّة الديمقراطيّة بالظهور فهي تحتاج إلى تشكيل حدّ أدنى من الهويّة الوطنيّة لدى غالبيّة أعضاء المجتمع. إنّ مجرّد بدء تشكّل هويّة سياسيّة مشتركة لدى الغالبيّة العظمى من المواطنين يكفي لأن تكون هناك وحدة وطنيّة تكون أرضيّة الصراع على الديمقراطيّة لاحقاً عند تحقّق الشروط الموضوعيّة لها. يلي ذلك بروز صراع بين القوى الاجتماعيّة والسياسيّة الذي قد يستمرّ طويلاً. تلي هذه المرحلة مرحلة صراع ومرحلة تفاوض، وأخيرًا نصل لمرحلة التعوّد، فعند الانتهاء بنجاح من المراحل الثلاث «المرحلة التحضيريّة، فمرحلة الصراع، ثم مرحلة التفاوض» تأتي عمليّة الانتقال والتحوّل االديمقراطيّ عبر المرحلة الرابعة أو «مرحلة التعوّد» «habituation phase». وتتمّ عمليّة الانتقال الديمقراطيّ بشكل كامل وحقيقيّ حيث يتمّ الاتفاق السياسيّ بين الأطراف المتنافسة على ترشيد المجتمع والتزامه بهيكل ديمقراطيّ شرعيّ عبر الاختيار لمكاسب الديمقراطيّة باعتبارها الأصلح للبقاء.

ويجادل بعض المفكّرين حاليًّا مثل «هابرماس» على أنّ الديمقراطيّة هي التي تخلق الهويّة الوطنيّة وليس العكس. ولكن وجهة النظر هذه تفترض قيام نظام ديمقراطيّ جاد وحقيقيّ يسمح بتشكّل مجال عموميّ مفتوح، وهذا ما لا يتوفّر في أغلب الأنظمة الدكتاتوريّة أو التسلطيّة التنافسيّة.

الهويّة الوطنيّة الجامعة إذن، تمثّل في النهاية الأرضيّة التي تجمع أغلب فئات المجتمع وعناصره وتحرّكهم ناحية المطالبة بإلغاء نظام الامتيازات ونظام الاستبداد بالرجوع إلى الهويّة الوطنيّة في البحرين فهي ليست قوية بما يكفي، خصوصًا اليوم، مع الاستدراك أنّ هذه الهويّة وجدت دفعة قويّة في أجواء «الإصلاحات» السياسيّة التي دُشنت قبل نحو عشر سنوات. وهو أمر طبيعيّ، إذ لا يمكن بناء هويّة وطنيّة في ظلّ هشاشة المجال العموميّ. ومن جهة أشدّ أهميّة من المهم التأكيد على أنّ غياب الهويّة الوطنيّة الجامعة يولد ما يعرف بالمواطنة المأزومة وهيمنتها على مجمل السلوك السياسيّ، وهذا أمر له خطورته المباشرة، فهيمنة المواطنة المأزومة وتراجع المواطنة الدستوريّة لغياب الإجماع الوطنيّ حول مرتكزات المواطنة الدستوريّة، وعدم قدرة النظام السياسيّ القائم على تطوير المجال العموميّ للدولة بما يسمح لأن تكون جميع الفئات والشرائح ممثّلة فيه بشكل عادل يضمن حريّتها، وعدم استغلالها أو وقوعها ضحيّة للممارسات التقليديّة مثل الزبائنيّة والتبعيّة، تسبّب كلّ ذلك في شيوع حالة التوتّر السياسيّ في البحرين، وعدم القدرة على مواجهة استحقاقات الصراع السياسيّ القائم.


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2015025534


المواضیع ذات الصلة


  • قيادي في «ائتلاف 14 فبراير لبوست»: «وثائقيّ «بحارنة لنجة» حمل رسائل متعدّدة وفتح ملفًا حسّاسًا سعى النظام لطمسه»
  • الباحث المصريّ حمادة لطفي لـ «منامة بوست»: حصار الدراز عارٌ على جبين حكّام السعوديّة الخبثاء
  • الباحث الإستراتيجيّ خالد حمّود لـ «منامة بوست»: حصار الدراز أشدُّ لؤمًا من حصار العدوّ الإسرائيليّ لقطاع غزّة
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *