د. عامر الأسعد: أمام الشعب البحرينيّ اليوم، استحقاقٌ مصيريّ وتاريخيّ، فهو أمام مواجهة حاسمة في وجه أركان الظلم والتخلُّف، وهو أمام تحدٍّ كبيرٍ في سبيل أن يُثبت لكلّ العالم أنّ الظلم والتسلُّط
د. عامر الأسعد – واشنطن*
أمام الشعب البحرينيّ اليوم، استحقاقٌ مصيريّ وتاريخيّ، فهو أمام مواجهة حاسمة في وجه أركان الظلم والتخلُّف، وهو أمام تحدٍّ كبيرٍ في سبيل أن يُثبت لكلّ العالم أنّ الظلم والتسلُّط لا يمكن لهما أن يدوما كلّ العمر، وأنّ من حمل راية الحقّ ومشى دون خوفٍ أو تراجعٍ، لا يمكن له إلّا أن ينتصر.
الجميع يتطلّع إلى ذلك اليوم المرتقب، اليوم الذي دعا فيه الائتلاف إلى النزول إلى الميدان، ميدان العزّة والكرامة، من أجل التأكيد على أنّ الثورة مستمرّة، وأنّ كلّ التضحيات لن تذهب سدًى، ولإعطاء العالم بأسره دروسًا في البذل والعطاء والتضحية، ودروسًا بأنّ الشعب الذي خرج إلى الميدان خرج فقط لينتصر.
لا شكّ أنّ النظام البحرينيّ المستبدّ، خائفٌ في هذه الأيّام، لأنّه يُدرك أنّ الآتي في القادم من الأيّام صعبٌ عليه، وسيواجه الكثير من الصعوبات، لأنّ الأكيد أنّ الشعب الثائر في البحرين، الذي يعرفه هو جيّدًا، لا شكّ بأنّه سوف يخرج بكبيره وصغيره، رجاله ونسائه، لكي يطلقوا الصرخة المدوّية من جديد، ولكي يهتفوا هتافات الإصرار والعزيمة، وليبعثوا رسائلهم المدوّية، بأنّهم باقون في أرضهم ولن يتنازلوا عن حقوقهم، ولن يرضخوا لكلّ التهديدات التي تمارسها السلطات في كلِّ حين.
لم نخف يومًا على ثورة البحرين، ولم نشكّ يومًا بأنّ هذا الشعب سوف يتراجع أو يتخاذل، كلّنا كنّا ندرك منذ البداية، أنّ الشرارة التي انطلقت لن تنطفئ حتى تحقيق كلّ المطالب التي يريدها هذا الشعب، والتي هي من أشرف المطالب في تاريخ الثورات وأرقاها.
لكن لنذهب قليلًا إلى الرمزيّة الكبرى التي يحملها هذا اليوم- أيّ يوم الاستقلال- بالنسبة إلى شعب البحرين، وإلى المعاني الكبرى لهذا اليوم المتميِّز في تاريخ البحرين؛ حيث يحمل يوم الاستقلال للبحرينيّين ذكرى للنصر، وهو إنهاء الاستعمار البريطانيّ، بما يمثّله هذا الاستعمار من معاني الاستبداد والظلم والحقد.
الرمزيّة تتمثّل في التيقُّن من المقدرة على تحقيق الأهداف، فكما تحقّق الاستقلال عن العدوّ الخارجيّ، يثق الشعب اليوم جيّدًا بأنّه يمكنه الاستقلال عن العدوّ الداخليّ، المُتمثّل بنظام الخنوع والظلم. ويثق أيضًا بأنّه قادرٌ على تحقيق ما يعتبره البعض مستحيلًا، بإنجاز كلّ الأهداف التي خرج أبطال الثورة من أجل الوصول إليها، وها هم اليوم يختارون، بكلّ ذكاء وحنكة، هذا اليوم، لبعث الروح في الثورة من جديد، ولنقل الحراك إلى مرحلةٍ جديدة، ربّما تكون أكثر تأثيرًا وأشدّ وقعًا على نظام التخلُّف في البحرين، ولعلّ هذا الحراك المُتجدّد في يوم الاستقلال، سيكون انطلاقةً جديدةً لعملٍ حقيقيٍّ بدأ منذ سنوات، للوصول بالبحرين إلى مرحلةٍ من الأمان الذي فقدته هذه المملكة بوجود هذه الزمرة الحاكمة.
ولا بُدّ لنا أيضًا من التنويه والتقدير لهذا الفكر الثوريّ المُتّقد، الذي أنتج أفكارًا واعية وراقية، انطلاقًا من فكرة الاستفتاء الشعبيّ الذي أرعب النظام الخليفيّ بما حقّقه من نتائج، وبما أنتجه من حالة تعبيرٍ عن الرفض لهذا النظام، وصولًا إلى اختيار يوم الاستقلال البحرينيّ عن المستعمر البريطانيّ، كيومٍ للنزول إلى ميدان الحريّة، أي إلى المكان الذي انطلق منه الحراك السلميّ قبل أكثر من أربع سنوات، وهو اختيارٌ أقلّ ما يُقال عنه أنّه جذّابٌ ومتميّز، ويدلّل – بما لا يدع مجالًا للشك- على أنّ في البحرين شعبٌ قادرٌ على الابتكار والتميُّز، وعلى مواجهة النظام بكلّ ذكاء.
يوم الاستقلال في البحرين لهذا العام، يجب أن يتحوّل- بفضل إرادة الشعب البحرينيّ وعزيمته- إلى يومٍ ثوريٍّ جديد، يخرج فيه الشعب كلّه، للمناداة من جديد بالمطالب والحقوق، ولوضع الأهداف القادمة للحراك. هو يومٌ يجب أن يكون البداية، بداية مرحلةٍ جديدةٍ لثورةٍ شعبيّة عارمة للشعب البحرينيّ، والانطلاق من هذا اليوم لإعادة إحياء مفاهيم الثورة، التي بُنيت على الحقّ، وللمضي أكثر في سبيل الوصول إلى الأهداف التي وُضعت منذ البداية، وهذه المرحلة لا يمكن التراجع عنها أو الاستسلام فيها.
إخوتنا في البحرين، كلُّنا ننتظركم، ننتظر خروجكم المهيب، في يوم العزّة والكرامة والتحدّي، في يوم رفض الاستعمار ودحره. اليوم ترفضون استعمارًا من نوعٍ آخر، استعمارًا داخليًّا لئيمًا، هو أشدُّ عليكم من الظلم الخارجيّ، لكنّكم قادرون على تحقيق الانتصار، بجهودكم وصبركم وتفانيكم، وبصرخاتكم المدوّية التي سوف تهزُّ عروش الملوك والسلاطين، صرخاتكم التي ستصل إلى المستعمر المدحور، لتُحذّر من أنّ القادم أعظم وأكبر ممّا رآه العالم. لتعلنوها لكلّ العالم، أنّ الثورة قد انطلقت من جديد.
*خبير في مركز الدراسات الاستراتيجيّة
رابط المختصر
:
manamapost.com/?p=2015030556
المواضیع ذات الصلة
أسرار واعترافات… ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «عناصر من الدرك الأردنيّ شاركوا في هجوم الدراز فجرًا» 2-3
أسرار واعترافات.. ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «جئنا من أجل المال.. ولسنا مضطرّين إلى تحمّل نتائج سقوط هذا النظام» 1-3
أسرار واعترافات.. «الدرك الأردنيّ في قبضة منامة بوست»