Wednesday 09,Apr,2025 09:29

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

داعش في الخليج … هل البحرين هدفها القادم؟!

د. عمر سالم: دخلت المنطقة العربيّة في أتونٍ الحروب المُدمِّرة، حاصدةً الأرواح والدمار في كلِّ بقعةٍ طالتها أيادي الشرّ.

د. عمر سالم*

دخلت المنطقة العربيّة في أتونٍ الحروب المُدمِّرة، حاصدةً الأرواح والدمار في كلِّ بقعةٍ طالتها أيادي الشرّ.

ولا بُدّ لنا من فهم الواقع الحاصل في ميادين الصراع، لنُدرك أيَّ خطرٍ داهمٍ قد جاء إلى أوطاننا وبلادنا العربيّة، قادمًا من كلِّ مكان، وغير مُفرِّقٍ بين طائفةٍ وأخرى أو بين جنسٍ وآخر.

ولا بُدّ أيضًا، أن نستوعب أنّ ما هو قادمٌ إلينا من خطر، أعظم وأكبر ممّا وصلنا إليه حتى اليوم؛ نظرًا للظروف المحيطة بمناطقنا، وٍبسب التطرُّف الخطير الذي طرق كلّ الأبواب، ولم يعُد مقتصرًا على بلدٍ دون آخر.

الإرهاب يضرب في كلِّ مكان، هذه هي الكلمة الأكثر تعبيرًا عن الواقع الصعب الذي تعيشه الأمّة العربيّة بأكملها، وهو واقعٌ، على رغم مرارته، فإنّنا ما زلنا ننأى بأنفسنا عن الاتحاد لمواجهته بكلِّ السبل والطرق والأساليب.

لعلّ حُكّام العرب حينما رأوا انتشار التطرُّف بكلِّ فصائله في بعض الدول العربيّة، ظنّوا أنّ نيران الإرهاب لن تطالهم، وأنّ شرارة القتل والدمار لن تصل إلى بلدانهم، فعملوا على تسعير النيران في هذه البلدان، ودعم التطرُّف والإرهاب فيها، ما زاد في حجم التطرُّف، وازدياد قوّته وتمكُّنه وسيطرته على أماكن شاسعة من بلدان المنطقة العربيّة، وهذه سوريا والعراق وليبيا تشهد على النموِّ المتزايد والمتلاحِق للتنظيمات الإرهابيّة.

أمام كلّ هذه الوقائع المريرة، يبرز أمامنا تنظيم داعش، كأشدِّ التنظيمات دمويّةً والأكثر انتشارًا على حساب باقي التنظيمات الإرهابيّة، والذي ما كان له أن يكبُر أو يتزايد لولا التغاضي الدوليّ، بل حتى التآمر، ولولا الدعم العربيّ غير المسبوق، وبالتحديد الخليجيّ. فنرى عرب الخليج يمدّون الإرهاب والتطرُّف بالمال والسلاح والعتاد، ويُسهِّلون دخول أفراده إلى الدول العربيّة التي تشهد الصراعات الدمويّة، وهي تفعل ذلك دون وعيٍ بأنّ كلّ هذه النيران التي تشعلها سوف تمتدُّ لاحقًا إلى أراضيها، وأنّ كلّ هذا الإرهاب الذي تعمل على دعمه، سوف ينقضُّ عليها في النهاية.

وإذا أردنا أن نلقي نظرةً على الواقع السعوديّ غير المترابط، نجد أنّه مجتمعٌ يعاني من الهريان الداخلي، بدءًا من العائلة الحاكمة انتهاءً بكلِّ مكوِّنات الدولة، التي أصبح التطرُّف يضرب عمدانها.

ففي هذه المملكة، لا يمكن التغاضي عن البيئة الحاضنة المُتطرِّفة التي تُغذّي الإرهاب، سواءً عبر أعمالٍ فرديّة، أو حتّى في جماعات منظّمة، وكلُّ ذلك بدأ تحت أعين السلطات السعوديّة، التي كانت تظنُّ دائمًا أنّها طالما تدعم الجماعات المُتطرِّفة في البلدان العربيّة، فإنّها لن تُصاب بضربات هذه الجماعات، وهنا كانت بداية الحسابات الخاطئة، بل القاتلة أيضًا.

السعوديّة اليوم، تقف بين نارين: نار الاستمرار في دعم التنظيمات الإرهابيّة والتغطية عليها، وهذا الخيار يؤدِّي إلى وصول الإرهاب إلى أراضيها، وهذا ما حصل بالفعل، حيث أصبح للتنظيمات الإرهابيّة وجودٌ فعّال بفضل البيئة التي تتمتّع بها؛ ونار التوقُّف عن دعمها ومحاربتها، وهذا يفرض على النظام السعوديّ تقديم تنازلاتٍ كبرى، والاعتراف بفشله الذريع في كلِّ أزمات المنطقة، خاصّةً فيما يتعلّق بإسقاط النظام في سوريا وتدمير الدولة العراقيّة وتقسيمها، وهذا الخيار الثاني بالنسبة إلى السعوديّة يعني فقدانها أيَّ دورٍ في المنطقة، وخروجها منها بانكسارٍ وهزيمة، وهذا ما لم تتمكّن حتى الآن من هضمه والتسليم به. لذا نراها تُمعن في دعم الإرهاب بكافّة أشكاله، والذي أخذ يأكل من رصيدها أكثر ممّا يُضيف إليه.

ومن السعودية، يلفتنا ما نراه في حديقتها الخلفيّة البحرين، حيث نجد هذا البلد يسير على الخطى السعوديّة، دون إدراكٍ للمخاطر التي يمكن أن تكون أشدّ عليها من جارتها، ويعود السبب إلى التساهل الكبير الذي تبديه السلطات الحاكمة في مملكة البحرين تجاه أتباع داعش، الذين يُجاهرون في كلِّ مناسبةٍ بانتمائهم وتوعُّدهم المستمرّ لمن يخالفهم، في مقابل التعاطي المُستبدّ لنظام البحرين مع المطالبين بالحقوق والإصلاح، وبالطرق السلميّة، ما يُدلِّل بشكلٍ واضحٍ وفاضح، على السياسة البحرينيّة المُشجِّعة على تنامي الإرهاب، وهم بذلك يوفِّرون للتنظيمات الإرهابيّة حضنًا وملاذًا آمنًا، يكون منطلقًا لهم لتنفيذ مخطّطاتهم الدمويّة في كلِّ المنطقة العربيّة. والبحرين نفسها لن تكون بمنأى عن إجرامهم ودمويّتهم، لأنّ هؤلاء لا يُفرقون بين مذهبٍ وآخر، ولا طائفةٍ وأخرى، فدينهم وديدنهم القتل وسفك الدماء، وكلُّ من خالفهم في آرائهم مصيره القتل.

من هنا يمكننا الجزم بأنّ التعاطي الغبيّ لنظامي السعوديّة والبحرين مع خطر التنظيمات الإرهابيّة، ولا سيّما داعش، أوصل هاتين المملكتين إلى مرحلةٍ أصبحت معها العودة صعبةٌ ومكلفة، وتحتاج إلى قرارٍ صارمٍ وجدِّي، بالقضاء على الإرهاب القادم إلى الخليج، وهذا ما لا نراه حتى اليوم، بل بالعكس فهناك تعنُّتٌ وإصرارٌ على المُضيّ في إسقاط الأنظمة مع ما يترتّب على هذه الأهداف والتطلُّعات من خراب ودمار وفوضى، سوف تلحق بالمنطقة العربيّة ككلّ، وستمتدُّ إلى الخليج دون أدنى شكٍّ.

المُحصِّلة تقول، إنّ داعش أصبحت داخل الخليج، وهي انتقلت من مرحلة المراقبة والرصد والتحضير، إلى مرحلة التنفيذ، وهي المرحلة الأشد خطورة والأكثر دمويّة، وما تفجيرا السعوديّة والكويت، إلّا دليل قاطع على أنّ داعش فتحت ساحةً جديدةً للمواجهة والتحدِّي، عنوانها الضرب والقتل في كلِّ الدول الخليجيّة، والسعوديّة كانت البداية، نظرًا للموقع الذي تتمتّع به والدور الكبير والبيئة الموفّرة والحاضنة للإرهاب. ولا يخفى على أحدٍ الخطر الكبير الذي يتهدّد مملكة البحرين، والتهديدات المُتكرِّرة من دواعش لهذه المملكة، بتحويل المعركة إلى داخلها، بتنفيذ العمليّات الانتحاريّة والتفجيرات الدمويّة. ولا يمكن التعامي عن تلك التهديدات، بل يجب حملها على محمل الجدّ، والعمل بجهدٍ للتصدِّي لها ومنع حصولها.

النظام البحرينيّ يُدرك جيِّدًا أنّ تهديدات داعش جِديّة، ويُدرك أيضًا أنّ إمكانيّة حصول أعمال إرهابيّة في المملكة واردٌ أيضًا، وأنّ الوحش الإرهابيّ الذي عملت على مباركة أفعاله طوال الفترة السابقة، قد وصل إلى منطقة الخليج بشكلٍ عام، وإلى المملكة بشكلٍ خاص، ليُهدِّد الأمن المفقود أصلًا في البحرين، ويزيد من معاناة الشعب أكثر وأكثر، بعد المعاناة التي يعيشها هذا الشعب بسبب تطرُّف السلطات الحاكمة وتسلُّطها وظلمها.

إذن، داعش تغلغلت في كلِّ المنطقة الخليجيّة، وهي تُحضِّر لعمليّات إرهابيّة جديدة، قد تكون أعنف من سابقاتها، والسؤال المطروح الآن وبقوّة: ماذا بعد السعوديّة والكويت.. هل البحرين هي الهدف؟!

*باحث استراتيجيّ وخبير في الشؤون الخليجيّة


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2015030804


المواضیع ذات الصلة


  • أسرار واعترافات… ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «عناصر من الدرك الأردنيّ شاركوا في هجوم الدراز فجرًا» 2-3
  • أسرار واعترافات.. ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «جئنا من أجل المال.. ولسنا مضطرّين إلى تحمّل نتائج سقوط هذا النظام» 1-3
  • أسرار واعترافات.. «الدرك الأردنيّ في قبضة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *