منامة بوست (خاص): هذا نصّ برقيّة وزير الداخليّة التركيّ في العام «1915»، والتي على إثرها تمّ تنفيذ مذبحة كبرى ثانية في الأرمن، امتدّت حتّى العام «1916»، حيث كانت المذبحة الأولى
«لقد أُبلغتم من قبل، أنّه تقرّر نهائيًّا، حسب أوامر الجمعيّة إبادة الأرمن الذين يعيشون في تركيا والذين يقفون ضدّ هذا القرار لا يسعهم البقاء في وظائفهم. ومهما تكن الإجراءات التي ستُتّخذ شديدة وقاسية، ينبغي وضع نهاية للأرمن. لا تلقوا بالًا بأي صورة للعمر والولدان والرجال والنساء».
برقيّة رقم «1181»، صادرة من «طلعت باشا» – وزير الداخليّة التركي- لوالي «حلب» في 16 سبتمبر/ أيلول 1915 م.
منامة بوست (خاص): هذا نصّ برقيّة وزير الداخليّة التركيّ «طلعت باشا»، في العام «1915»، والتي على إثرها تمّ تنفيذ مذبحة كبرى ثانية بالأرمن، امتدّت حتّى العام «1916»، حيث كانت المذبحة الأولى بين عامي «1894- 1896». والمذبحة الثانية اعتُبرت جريمة إبادةٍ جماعيّة حصدت أرواح أكثر من مليون نسمة من الأرمن – على اعتبار أنّهم أقليّة – وبحسب البرقيّة فإنّ الأمر صادرٌ من «جمعيّة الاتحاد والترقّي» التركيّة*.
وقال «ونستون تشرتشل» في ذلك، «لقد نفّذت الحكومة التركيّة دونما رحمة، المجازر والترحيلات القسريّة الشائنة ضدّ الأرمن في آسيا الصغرى، وقد جاءت تصفية هذا العرق على نطاقٍ واسع وعلى أكمل وجه». أمّا الرئيس الفرنسىّ الأسبق «فرانسوا ميتيران»، فقد قال في 6 يناير/ كانون الثاني «1984»، «إنّ ذكرى ما حدث لن تُمحى أبدًا، ويجب أن تبقى ماثلة في الأذهان كجزءٍ من تاريخ الإنسانيّة، كما يجب أن تبقى تضحية أولئك الناس درسًا للشباب، درسًا في الإرادة على البقاء».
ورغم هذه المجازر التي ارتكبها العثمانيّون في بلدان مختلفة، فإنّ القانون التركيّ الحاليّ يُجرّم ذكر مذابح الأرمن، أو الاعتذار عنها ومن يتجرّأ على ذكر هذه المذابح كحقيقة تاريخيّة يدخل السجن بتهمة «إهانة الهويّة التركيّة»، وتمنع تركيا حتّى علماء الآثار الدوليّين من تتبُّع تاريخ الأرمن الذين سكنوا هذه البلاد قبل الأتراك الحاليّين بمئات السنين.
السبت 10 يناير/ كانون الثاني 2015، الوزير «طلعت باشا»، بُعث من جديد، بنادي الضُبَّاط في لقائه رؤساء تحرير الصحف المحليّة ومجموعة من الصحافيّين، وأصدر «برقيّةً شفويّة لا تحمل رقمًا»، وذلك بعد خطاب «أمين عام حزب الله اللبنانيّ السيّد حسن نصر الله» يوم الجمعة 9 يناير/ كانون الثاني 2015، الذي طالب فيه بإطلاق سراح أمين عام جمعيّة الوفاق المعارِضة، الشيخ علي سلمان، خطاب أغضب «الجمعيّة – القبيلة» كثيرًا هذه المرّة على ما يبدو، لتستنفر بأسطوانتها المعهودة، التحريض على الإرهاب والتدخُّل في الشؤون الداخليّة، والعمالة والتخوين، وغيرها من الأصوات النشاز من هنا وهناك، التي تقف ضدّ حراك 14 فبراير.
لطالما نسي الوزير «طلعت باشا» و«قبيلته الدخيلة» على البحرين، أنّهم غزاة ودخلاء محتلّين وغاصبين لهذه الأرض، هذه «العُقدة» تجعلهم يصدّقون «كذبة عمالة الشعب للخارج» ويروِّجون لها، ويشكّكون في ولائه لوطنه، هي عقدة «من هو الدخيل؟ ومن هو الأصيل؟». «طلعت باشا» يريد قلب المعادلات والحقائق التاريخيّة بطرد الشعب الأصيل من أرضه ووطنه، معتبرًا نفسه من أهل الأرض، هو ومن يسمّيهم «إخوانه المُجنّسين». «طلْعَت باشا، خائنٌ بامتياز»، ولاؤه وقبيلته للسعوديّة، استقووا باحتلال خارجيّ للبحرين حتّى هذا اليوم، وسلبوا الناس جنسيّاتهم ورحّلوهم عن البلاد قسرًا، واعتقلوا من اعتقلوا، وقتلوا من قتلوا، وهدموا المساجد، واعتدوا على الأعراض والحُرمات، انتهاكاتٌ بالآلاف تمّ توثيقها من قبل المؤسّسات الحقوقيّة الدوليّة المُعترَف بها، بما فيهم لجنة بسيوني.
هذه «الشوفينيّة القبليّة» نسخة مطابقة «للشوفينيّة التركيّة – العثمانيّة»، التي أبادت «الأرمن» ورحّلتهم قسرًا في المذبحتين التاريخيّتين، والوزير «طلعَت باشا» يضاف إلى سجلّه الإجراميّ والدمويّ مقارنة بسجلّ الدولة العثمانيّة استقواؤه «بمدرّعاتٍ تركيّة» لمجابهة الاحتجاجات اليوميّة، وبكلّ «وقاحة» يُطالب الشعب البحرينيّ الأصيل بمغادرة وطنه قسرًا، بعد ارتكابه أبشع الجرائم والانتهاكات ضدّ احتجاجات 14 فبراير، بأمرٍ من «جمعيّة – القبيلة»، التي تسعى لوضع حدٍّ لبقاء الطائفة الشيعيّة في البحرين، والقضاء على الهويّة البحرينيّة الأصيلة، وخلق هويّة جديدة من «إخوانه المرتزقة»، الذين استجلبتهم «القبيلة» لقمع الاحتجاجات.
القبيلة تُجرّم من يذكر انتهاكاتها، أو يفضح جرائمها، وتكابر على أن تعتذر عنها، ومن يتجرّأ على ذكر هذه الجرائم، يدخل السجن بتهمة الإساءة لما يُسمّى بالمشروع الإصلاحيّ، أو يصبح محرِّضًا على الإرهاب، ويتدخّلَ تدخُّلًا سافرًا في الشؤون الداخليّة. وماهي الشؤون الداخليّة في عُرف القبيلة؟… «على المجتمع الدوليّ التزام الصمت – وخصوصًا إيران وحزب الله – حيال جرائم الإبادة الطائفيّة، وجميع الانتهاكات منذ 14 فبراير/ شباط 2011، ومجرمٌ من يقول إنّ القبيلة تقوم بحربٍ على الهويّة التاريخيّة لسكّان هذه البلاد، الذين هم موجودون قبل مئات السنين، أي قبل غزو آل خليفة للبحرين»، وهذا ما يرفضه «طلعت باشا وجمعيّته – قبيلته».
لن نُكرّر المثال الذي استخدمه «أمين عام حزب الله اللبنانيّ، السيّد حسن نصر الله»، علمًا بأنّه الأقرب «لجرائم القبيلة» ضدّ «شعب 14 فبراير»، المُستنسَخ من «الكيان الصهيونيّ» في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، «قتل، إبادة جماعيّة، اعتقال، تهجير، وتجنيسٌ بالآلاف لأدنى حثالات الأرض»، بعدها سيتحوّل شعب البحرين إلى لاجئين يطالبون «بحقّ العودة»، وهم يربطون أعناقهم بمفاتيح منازلهم القديمة، التي استولى عليها «الشعب الجديد»، إخوان الوزير «طلعت باشا».
سنُكرّر.. «إنّ هذا الشعب، والذي يُمثّل الغالبيّة، تُنفِّذُ فيه «جمعيّة الاتحاد العثمانيّ الجديدة – القبيلة»، ودونما رحمة، مجازر وترحيلاتٍ قسريّة، ومحاولاتٍ لتصفيةٍ عرقيّة. لن يمحى من ذاكرة هذا الشعب ما حدث له أبدًا، وستبقى «ذاكرة 14 فبراير» ماثلة في أذهانه كجزءٍ من تاريخه، وتاريخ إنسانيّته، وستبقى تضحياته درسًا في الإرادة على البقاء.. حتّى النهاية.
هامش:
*جمعيّة تأسّست في بادئ الأمر تحت اسم «جمعيّة الاتحاد العثمانيّ في «1889»، من قِبل طلبة طبّ بينهم «إبرهيم ساتروفا» و«عبدالله جودت». وهي حركة معارضة وأول حزب سياسيّ في الإمبراطوريّة العثمانيّة. تحوّلت إلى منظّمة سياسيّة على يد «بهاء الدين شاكر» لتضمّ أعضاء «تركيا الفتاة» في «1906»، خلال فترة انهيار الإمبراطوريّة العثمانيّة.
رابط المختصر
:
manamapost.com/?p=2015035304
المواضیع ذات الصلة
وزير خارجيّة المنامة و«عارُ التطبيع».. «اللي اختشوا ماتوا»
من «الاستفتاء الشعبيّ» إلى «العريضة الشعبيّة».. شعبٌ يقرّر مصيرَه
عام على حصار الدراز… والقرار «مقاومة»