Wednesday 09,Apr,2025 09:48

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

تنظيم داعش: البيئة الحاضنة… في الخليج

محمّد مرتضى: لا شكّفي أنّ العمليّات التي حصلت في الفترة الأخيرة في الخليج، في السعوديّة والكويت، تشير بما لا يدع مجالًا للشك إلى أنّ داعش موجود في تلك المنطقة. فبالأصل هناك بيئة حاضنة لداعش في المملكة السعوديّة،

محمّد مرتضى*

لا شكّفي أنّ العمليّات التي حصلت في الفترة الأخيرة في الخليج، في السعوديّة والكويت، تشير بما لا يدع مجالًا للشك إلى أنّ داعش موجود في تلك المنطقة. فبالأصل هناك بيئة حاضنة لداعش في المملكة السعوديّة، والمملكة أساسًا تخرّجت من هذا التكفير، وهي تصدر هذا النوع من التكفير الذي هو في الأساس فكر وهّابيّ، لكن تبقى الأمور إلى أيّ مدى يستطيع داعش أن يتحرّك أمنيًّا؟ وهذا أمرآخر خاضع لبعض الاعتبارات، لأولويّات داعش نفسه، هل يحرّك هذه المجموعات الآن أم لا يحرّكها؟ طبعا المملكة تتحدّث دائمًا عن أنّها قد كشفت بعض الشبكات، وحصل ذلك منذ فترة عندما تحدّثت عن حوالي 44 شخصًا تمّ اعتقالهم، مشتبهًا بهم، وطبعًا الأمر المحسوم بأنّهم يتبعون داعش.

فداعش له أيضًا بيئة كبيرة وليست بيئة صغيرة في المملكة السعوديّة، ونحن نعلم أيضًا منذ مدّة عن الشعارات التي وجدت في أكثر من مدينة تدعم تنظيم داعش، لكن إلى أيّ مدى يضع داعش الآن المملكة على سلّم أولويّاته، في العمل الأمنيّ وفي الاستهدافات وما إلى ذلك؟إذ يبدو أنّ الاستهدافات تميل أكثر إلى أن تكون نوعًا من الاستهدافات الفتنويّة الفئويّة الطائفيّة. ربما يعتقدون أنّ ما حصل في العراق في مرحلة سابقة، من خلال استهداف طائفة دون طائفة، ربما يؤدّي الى نوع من تأجيج الصراع الطائفيّ أكثر وتأجيج المشاعر بشكل أكبر، هذا يساعدهم من وجهة نظرهم في عمليّات الاستقطاب واستنهاض بعض القواعد، التي لم تكن تميل إليهم، لكن ربما بعد هذه الأعمال قد تستميل جزءًا كبيرًا منهم، في وقت يخوض داعش صراعًا مع تنظيم القاعدة على صعيد استقطاب العناصر.

لا نستطيع أن نقول بأنّ المملكة أسسّت داعش، أو لا يمكننا أن نجزم بذلك، هذاإلى حدّ ما نوع من المبالغة، فالمملكة كانت مصدرًا لهذا الفكر،عبر مدارس وهابيّة كانت تصدر هذا الفكر، وحصول عوامل كثيرة أدّت إلى ظهور تنظيم القاعدة أوّلًا، ثمّ بعد ذلك ظهور داعش. فداعش ربما تستفيد من المملكة في بعض التوظيفات، نحن نشبّه وضع المملكة مع داعش كمن يملك في بيته متفجّرة، ثم يقوم بإخراجها من المنزل لكي تنفجر خارجه، هذا ما يحصل الآن مع المملكة، لديها متفجّرات هي هذه الجماعات تحديدًا، يعيشون في المملكة، فتسعى لإخراجهم من المملكة ولفتح ساحات لهم للعمل خارجًا، ولكي يكون نشاطهم في الخارج وليس في الداخل، لكن في النهاية هذا العمل لا شكّ سينعكس على المملكة وعلى كلّ الدول المحيطة بها، والتي لها إلى حدّ ما ترابط عضويّ كالبحرين تحديدًا، ونحن نعلم الآن مدى العلاقة التاريخيّة بين السعوديّة والبحرين والارتباط الكبير فيما بينهما، خاصّة بعد الحراك السلميّ الذي جرى، وإرسال قوّات ما يسمّى بدرع الجزيرة إلى البحرين. بالإضافة إلى أنّ سياسة مملكة البحرين أيضًا هي سياسة عشوائيّة تستقطب بعض العناصر التي يمكن أن تكون مؤهّلة فيما بعد لكي تتحوّل إلى عناصر تكفيريّة، وبالتالي يمكن لهذه العناصر أن تنقلب عليها، ونحن شاهدنا تمامًا ما قامت به المملكة بتجنيسها لفئة كبيرة من بعض الدول كباكستان وأفغانستان، وهؤلاء أيضًا قد يكون لديهم تاريخ مع بعض التنظيمات، أو ربّما يحملون بذور الانقلاب أو التحوّل إلى عناصر تكفيريّة، فهذه العناصر أثبتت تاريخيًّا وهذا الفكر أثبت تاريخيًّا أنّه لا يحترم صانعًا ولا يحترم حليفًا، وهو يعمل وفق أجندة خاصة به، الآن قد يجد أنّ المصلحة في السكوت أو في مهادنة النظام في السعوديّة وفي البحرين، لكنّه بعد ذلك ومن وجهة نظره هؤلاء كفّار، لا يحكمون بما أنزل الله. وللعلم فإنّالفكر التكفيريّ يطلق على آل سعود اسم آل سلول، وينظر إليهم على أنّهم هم الذين يمتلكون ثروات الأمّة ويمتلكون ما ليس لهم حقّ به. هذا الأمر لا داعي لتكراره، فالكلّ يعلم موقف داعش من الأنظمة هناك في الخليج، وبالتالي لا شكّ أنّ هذه العناصر عندما تجد فراغًا في مكان ما، تجد أنّ الساحة لم تعد تتّسع لها، سوف تأتي إلى السعودية وإلى غيرها، وشاهدنا ما حصل في الكويت، وقبل ذلك ما حصل في بعض المناطق في السعوديّة في المنطقة الشرقيّة، والان حصلت تهديدات في البحرين أطلقها الداعية الداعشيّ المعروف تركي البنعلي، وبالتالي المنطقة أصبحت، وأعني بالتحديد منطقة الخليج ودول مجلس التعاون الخليجيّ، في دائرة الاستهداف بطريقة أو بأخرى.

المملكة العربيّة السعوديّة والبحرين رأتا أنّ أيّ طرف يمكن أن يشكّل عنصرًا موازيًا للمعارضة، يمكن لهما أن تدعماه وتشجّعاه، بهدف التضييق على المعارضة وضربها وعدم السماح لها بالعمل. وهذه السلطات الحاكمة المتهوّرة، مارست تصرّفات جنونيّة حيث إنّها كانت تتغاضى عن الشبكات الإرهابيّة التي تكتشف وجودها، باعتبار أنّها تحت السيطرة وتحت أعين الأجهزة الأمنيّة، وبالتالي لا خوف من خطورتها، بل يمكن الاستفادة منها في مقابل أطراف أخرى، وهذا الأمر غير مستبعد على بعض الأنظمة الخليجيّة.

في المملكة العربيّة السعوديّة لا يمكن ضبط الشبكات الإرهابيّة بشكل كامل، فالأمر هناك معقّد، ومساحة العمل واسعة، والمساحة الجغرافيّة كبيرة، رغم كلّ الحديث عن القبضة الأمنيّة الصارمة، لكن دائمًا هناك خروقات أمنيّة في كلّ الدول. ولكن في البحرين وببعض الجهد، يمكن ضبط الشبكات الإرهابيّة ومنعها من تنفيذ أعمال دمويّة، على اعتبار أنّ البحرين صغيرة ويمكن السيطرة على هذه الشبكات ومراقبتها لكي لا تخرج عن الطريق.

حتى الآن، دول الخليج لم تقم بأيّ معالجة جذريّة، وأيّ معالجة لن تكون معالجة جذريّة، باعتبار أنّ هذه الجماعات تتصل بالمملكة السعوديّة، التي تخرّج هذا الفكر. في السابق، محمد بن نايف أطلق مشروعًا منذ حوالي سنتين أطلق عليه مشروع المناصحة، عندما كان يعتقل بعض الشبكات أو الأطراف التي كانت تشارك في الخارج، في سوريا والعراق وتعود إلى المملكة، حيث يتمّ اعتقالهم وإدخالهم في هذا المشروع، وقد أثبتت الأيّام أنّ سبعين بالمئة ممن يدخلون في هذا المشروع يعودون إلى ممارسة أعمالهم الإجراميّة والإرهابيّة من جديد. الأمر بسيط جدًّا إذ إنّ هذا الشخص مهما دفعت به للاشتراك في برامج تأهيل شهرًا أو أكثر أو حتى سنة، عندما سيخرج سيجد أنّ الإعلام يتحدّث عن هذا الزنديق أو عن هذا الرافضيّ، عن هؤلاء المشركين، أمام هذا الحجم كبير من الإعلام الطائفيّ، وفي المساجد أيضًا، وفي القنوات الخاصة، قنوات الفتنة المحرّضة، لذا لا أعتقد أنّ أيّ مشروع مناصحة يمكن أن ينفع أمام هذا الكمّ الهائل من الاتهامات والتكفير للآخر، من هنا لا يمكن أن يكون هناك إجراءات جذريّة في السعوديّة، طالما أنّ هناك ما يسمّى مذهبًا وهابيًّا هو الذي يحكم هذه المملكة. أمّا في البحرين فالتركيبة الديمغرافيّة مختلفة، الشعب لناحية الانتماءات الطائفيّة مختلف تمامًا، وأهمّإنجاز يمكن أن تقوم به المملكة لمنع تمدّد داعش هو فكّ الارتباط مع السعوديّة، وأعتقد أنّه يمكنها ببعض العلاقات أن تفكّ هذا الارتباط، أما اذا استمر هذا الارتباط فهذا يعني أنّ الأخطار سوف تبقى محدقة بالبحرين.

في المحصّلة، الأمور مرشّحة بقوّة للتدهور أكثر في الخليج، وبالتحديد في السعوديّة والبحرين ، الأمر ليس مستبعدًا رغم أنّقبضة السلطات الأمنيّة ما تزال قويّة. لكنّ أسلوب عمل هذه الجماعات بالعادة يعتمد على استضعاف القبضة الأمنيّة، فمراقبة أعمالهم التي كانت تجري في العراق، تشير إلى استهداف القوى الأمنيّة، الشرطة والجيش، باعتبار أنّه إذا ضعفت القبضة الأمنيّة أصبحوا هم أكثر حريّة في التحرّك، وأكثر نشاطًا. في المملكة العربيّة السعوديّة، حتى الآن لا يوجد أي استهداف للقوى الأمنيّة، لنقول أنّ هناك اتجاهًا لزرع الفوضى، حتى الآن التوجّه نحو بعض الفئات لإثارة الفتنة باعتبار أنّإثارة الفتنة المذهبيّة يمكن أن تشكّل نوعًا ما بوابة لفوضى، بعد ذلك قد تؤدّي في حال تطوّرت إلى استهادف القوى الأمنيّة، ثمّ ندخل في ما يسمّى فوضى كبيرة. حتى الآن ما زالت الأمور في المراحل الأولى، هم يحاولون في البداية الاستقتطاب، يحاولون زرع بذور الشقاق المذهبيّ والفتنة المذهبيّة، سواء في الكويت أو في السعوديّة والبحرين أو في الخليج بشكل عام.

*خبير في شؤون الحركات الإسلاميّة


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2015042836


المواضیع ذات الصلة


  • أسرار واعترافات… ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «عناصر من الدرك الأردنيّ شاركوا في هجوم الدراز فجرًا» 2-3
  • أسرار واعترافات.. ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «جئنا من أجل المال.. ولسنا مضطرّين إلى تحمّل نتائج سقوط هذا النظام» 1-3
  • أسرار واعترافات.. «الدرك الأردنيّ في قبضة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *