منامة بوست (خاص): استصرحت «منامة بوست» باحثين سياسيِّين أميركيِّين وبريطانيِّين حول وجود تنظيم داعش في منطقة الخليج، وعن إمكانيّة تغلغله في الواقع الخليجيّ، وانتشاره بشكلٍ أوسعٍ في السعوديّة والبحرين، خصوصًا بعد التفجيرات التي أصابت السعوديّة والكويت، واستهدفت دور العبادة في هذه الدول.
الباحث في مركز الدراسات الأمريكيّة في واشنطن «مارك كنت»، أشار إلى أنّ الجماعات الإرهابيّة المُتطرِّفة وجدت مساحةً مهمّة للعمل في الساحة الخليجيّة، وهي لم تتعرّض لأيِّ تضييقٍ أو ملاحقةٍ جديّةٍ من قِبل الحكومات في هذه الدول، ولذلك استطاعت أن تنمو وتكبُر بشكلٍ واضحٍ وجليّ.
كِنت لفت إلى أنّ هذا التغاضي من قِبل السلطات في الدول الخليجيّة عن عمل تلك الجماعات، جعلها تصل إلى مرحلةٍ من القوّة والتنظيم، يصعُب بعدها محاربتها أو القضاء عليها، مؤكّدًا أنّ إصرار السعوديّة ومن خلفها البحرين، على التعامي عن هذا التنامي الخطير للتنظيمات الإرهابيّة المُتطرِّفة داخل دولها، أدّى إلى إفلاتها من قبضة مشغِّليها، وحتّى لو أنّه لم يظهر بشكلٍ واضحٍ حتى الآن، لكن كلّ الأدلّة والبراهين على أرض الواقع تُشير إلى أنّ هذه التنظيمات تستطيع في أيِّ لحظةٍ أن تقوم بأعمالٍ تخريبيّة في كلٍّ من السعوديّة والبحرين، وحتى في باقي الدول الخليجيّة أيضًا.
وأضاف الباحث الأمريكيّ، أنّ خطرًا داهمًا يُهدِّد الأمن الخليجيّ في الوقت الحاليّ، وأنّ الدعم الخليجيّ اللامحدود الذي قدّمته لتلك التنظيمات في سوريا والعراق وأيضًا في اليمن وليبيا، قد بدأ يعطي مفعولًا معاكسًا، وبدلًا من تحقيق النتائج الميدانيّة في تلك الدول، بدأ الأمر يرتدُّ على دول الخليج، وهو أمرٌ بالغ الخطورة ويُنذر بعواقب وخيمة، خصوصًا في ظلِّ الأزمات التي تمرُّ بها كلٌّ من السعوديّة والبحرين على مستوى الحراك الشعبيّ المُطالِب بالحقوق.
الخبير البريطانيّ في شؤون الحركات الإسلاميّة «بول هوارد» أكّد أنّ دول الخليج تلعب منذ فترةٍ طويلةٍ دورًا سلبيًّا في دعم الحركات الإرهابيّة المُتطرِّفة، والدور السعوديّ واضحٌ وجليٌّ منذ الحرب في أفغانستان مرورًا بالحرب العراقيّة وصولًا إلى الأزمة السوريّة، في العمل على دعم الوجود المُتطرِّف في المنطقة العربيّة بشكلٍّ عاموتقويته، دون أن تأخذ بالحسبان أنّ الأعمال التخريبيّة والإرهابيّة التي تنفِّذها الجماعات الإرهابيّة المُتطرِّفة، لن تكون هي بمنأى عنها.
هوارد شدّد على أنّ السبب الرئيس لتنامي الجماعات المُتطرِّفة هو الخطاب الطائفيّ الذي عملت السعوديّة على تغذيته وتقويته، والتسامح الكبير وغير المُبرَّر مع كلِّ الحملات الطائفيّة التي تُشنُّ من داخل المملكة السعوديّة وأيضًا من مملكة البحرين، التابع الرئيس والمخلص للسعوديّة، وهذا الأمر أدّى إلى ازدياد التوتُّر الطائفيّ في المنطقة العربيّة ككلّ، وفي السعوديّة والبحرين بشكلٍ خاص.
الخبير البريطانيّ توقّع أن تشهد المنطقة الخليجيّة مرحلةً من التأزيم غير المسبوق على صعيد الإرهاب، إذ سوف تنتقل من مرحلة الحاضن لكلِّ الجماعات الإرهابيّة والمُسهِّل لأعمالها، إلى مرحلة تلقِّي الضربات، وهذا ما سيتسبّب بحالةٍ من الفوضى العارمة في المنطقة.
وختم هوارد بالتأكيد على أنّ استمرار السعوديّة والبحرين بسياساتهما المتساهلة والمتهاونة مع الإرهاب، وعدم اتخاذ القرار الجديّ والحاسم بإيقاف كلّ أشكال الدعم، سيدفع الأمور باتجاه أزمةٍ كبرى، لا يمكن بعدها العودة أبدًا.
الباحث الأمريكيّ «روبرت كرافت» رأى أنّ التصرُّف الأحمق للسعوديّة وحليفتها البحرين في التعاطي مع تنامي داعش في المنطقة، سوف يكون له نتائج مدمِّرة وكارثيّة في المنطقة الخليجيّة بشكلٍ عام.
كرافت قال إنّ الإصرار السعوديّ على عدم النظر بواقعيّة، وعدم التسليم بواقع أنّ التنظيمات الإرهابيّة تُشكِّل الخطر الأكبر على المنطقة العربيّة بشكلٍ عام، وعلى الخليج بشكلٍ خاص، سيؤدِّي في نهاية المطاف إلى وصول الفوضى والدمار إلى عقر الدار الخليجيّ، وكانت أولى بشائر الإرهاب بالتفجيرين اللذين طالا أماكن للعبادة في المنطقة الشرقيّة.
وأكّد كرافت أنّ الشيعة ليسوا هم المستهدفين فقط من قِبل الجماعات المُتطرِّفة، وأنّ استهداف مسجدين للشيعة في السعوديّة لا يُدلِّل على أنّ السُنّة سوف يكونون بمنأى عن إرهاب التنظيمات المُتطرِّفة. مشيرًا إلى أنّ هذين التفجيرين هما البداية فقط، وأنّ المنطقة الخليجيّة مقبلة على مرحلةٍ من اللااستقرار.
كرافت حمّل مسؤوليّة ما يحصل في المنطقة العربيّة للسياسات السعوديّة الغبيّة، التي عملت على التفريق بين الطوائف وعلى اللعب على الوتر المذهبيّ بشكلٍ كبير، وسمحت- بشكلٍ غير مسبوق- لخطابات التكفير بالخروج من على منابر مساجدها، وكانت النتائج ما نراه اليوم من جماعاتٍ بصبغةٍ طائفيّة، تعمل على إقصاء الآخر بذريعة الدين.
وختم كرافت بالقول إنّ استئصال هذه الجماعات لا يكون فقط بمحاربتها وقتالها واعتقال عناصرها أو سحب جنسيّاتهم، بل المطلوب عمل كبير في مجال التوعية وإيقاف المدارس الطائفيّة المنتشرة في الخليج، والتي تُغذِّي الصراع الطائفيّ والمذهبيّ بشكلٍ يوميّ.
الباحث والمُحلِّل السياسيّ الأمريكيّ «فان جونز» أشار إلى أنّ السعوديّة هي من تتحمّل مسؤوليّة هذا النموّ والتصاعد الذي تعيشه التنظيمات الإرهابيّة في المنطقة العربيّة وفي الخليج، وخاصّةً تنظيم داعش الذي أصبح يسيطر على مساحات شاسعة من بعض الدول، لافتًا إلى أنّ التسهيلات التي تُقدِّمها السعوديّة لهذه التنظيمات سواء في سوريا أو في العراق، أعطاها موطئ قدمٍ كبيرٍ في كلِّ المنطقة العربيّة، وأنّ تسهيل خروج المقاتلين المُتشدِّدين من السعوديّة والبحرين ساهم في تحويل المنطقة برُمَّتها إلى كتلة نارٍ مشتعلة.
جونز حذّر من أنّ هذه الممارسات الخليجيّة، السعوديّة والبحرينيّة بالتحديد، سوف تؤدِّي في مرحلةٍ من المراحل إلى نقل الصراع والإرهاب إلى تلك الدول، وهذا ما بدأنا نشاهده في السعوديّة عبر تفجيراتٍ إرهابيّة استهدفت الأبرياء، وأعطت إنذارًا شديد القسوة للحكومات في هذه الدول، مفاده أنّ الإرهاب قادمٌ وبقوّة.
الباحث الأمريكيّ أشار إلى أنّ الخطاب التعبويّ الطائفيّ المستمرّ، الذي يصدر من المُتطرِّفين في السعوديّة والبحرين، لم يواجه بشكلٍ حاسمٍ من قِبل السلطات في هاتين الدولتين، وأنّ التعاطي الرقيق والناعم مع سياسة التحريض التي يمارسها أتباع التنظيمات الإرهابيّة، أدّى إلى تنامي ظاهرة التطرُّف والإرهاب في المنطقة العربيّة بشكلٍ عام، ووصلت الارتدادات إلى بعض الدول الأوروبيّة أيضًا، ومن المتوقَّع أيضًا أن تصل إلى مناطق أوسع في ظلِّ هذا التعاطي غير المسؤول من قبل الأنظمة الخليجيّة.
جونز حمّل الولايات المتّحدة الأمريكيّة مسؤوليّة توسُّع التنظيمات الإرهابيّة، من خلال عدم الضغط بشكلٍ كبيرٍ على النظام السعوديّ والبحرينيّ، لإيقاف مسلسل الدعم المقصود وغير المقصود للحركات المُتطرِّفة.
الكاتب السياسيّ البريطانيّ «باتريك كوكبيرن» رأى بدوره أنّ مرحلة اجتياح التطرُّف والإرهاب مناطق الخليج، ليست سوى مسألة وقت، خصوصًا في ظلِّ التعاطي الهزيل والضعيف وغير المسؤول مع تنامي التنظيمات الإرهابيّة، مشيرًا إلى أنّ السعوديّة أو باقي دول الخليج تعتقد أنّ الإرهاب بعيدٌ عنها سواء في سوريا أو العراق، بيد أنّ البيئة الخليجيّة مع ما تشهده اليوم من ازديادٍ في حالات التحريض العلنيّ غير المسبوق، سوف تُشكِّلُ عاملًا في توسُّع التنظيمات الإرهابيّة وتزايد نشاطها في منطقة الخليج.
كوكبيرن لفت إلى أنّ التفجيرات التي حصلت في السعوديّة منذ مدّة، والتهديدات بإحداث تفجيراتٍ في البحرين ودول خليجيّة أخرى، هي خير دليل على أنّ التنظيمات المُتطرِّفة أصبحت تنظر إلى المنطقة الخليجيّة على أنّها ساحةً خصبةً للجهاد، ولتنفيذ مخطّطات إرهابيّة إجراميّة، قد تُسهم في نشر الفوضى في كافّة أرجاء الخليج.
الكاتب البريطانيّ لمّح إلى إمكانيّة أن تكون البحرين هدفًا جديًّا لداعش، نظرًا للظروف الاستثنائيّة التي تمرُّ بها المملكة، خاصّةً في ظلِّ الحراك الشعبيّ الذي يعمُّ البلاد منذ أكثر من أربع سنوات، واتهام النظام لهذا الحراك بالطائفيّة، ما يُمكن أن يُشكِّل سببًا لداعش لكي تقوم باستهداف الشيعة واللعب على الوتر الطائفيّ في البلاد.
وأضاف كوكبيرن، أنّ باقي دول الخليج لن تكون بمنأى عن الأعمال الإرهابيّة، وأنّه في حال استمرّت هذه الدول في رعونتها تجاه التطرُّف والإرهاب، فإنّها سوف تجد نفسها في الأيّام القادمة في قلب العاصفة، ولن ينفعها أيُّ إجراءٍ بعد ذلك.
وختم كوكبيرن بالتشديد على أنّ توسُّع تنظيم داعش في سوريا والعراق تحت أنظار الولايات المتحدة الأمريكيّة ودول الخليج، ودون أيِّ إجراءاتٍ حاسمة لمنع هذا التمدُّد، سوف يجعل الأمور تفلت من أياديهم ولن يستطيعوا بعد ذلك توقيف التنظيم، الذي يستمدُّ قوّته من الإعلام والقدرة الكبيرة التي يملكها في التأثير بالأنصار والمؤيِّدين وجذبهم، وفي هذا المجال لعبت دول الخليج- بالتحديد السعوديّة والبحرين- دورًا في التحريض الطائفيّ والمذهبيّ، ما جعل أراضيها بيئةً خصبةً لاستقبال الارهابيِّين وانطلاقهم لتنفيذ أعمالهم الإرهابيّة.