Saturday 23,Nov,2024 21:04

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

هل لدى إيران ورقة تلعب بها في البحرين؟

عبّاس قيداري: يوم 6 مارس/ آذار، في الذكرى الرابعة لدخول القوّات السعوديّة إلى البحرين، شارك شيعة البحرين في مسيرات بقيادة جمعيّة الوفاق الوطنيّ الإسلاميّة في كلّ من مدينتي المنامة وسترة

عبّاس قيداري، موقع المونيتور

ترجمة منامة بوست

يوم 6 مارس/ آذار، في الذكرى الرابعة لدخول القوّات السعوديّة إلى البحرين، شارك شيعة البحرين في مسيرات بقيادة جمعيّة الوفاق الوطنيّ الإسلاميّة في كلّ من مدينتي المنامة وسترة. وفي حين فشلت هذه الاحتجاجات في تصدّر عناوين الصحف، فقد تمكّنت من تقديم شعار جديد للحركة البحرينيّة الشيعية: «نحن جميعًا أعضاء في المقاومة». وفي لغة الشرق الأوسط السياسيّة، لفظ المقاومة يشتمل على الجبهة – الشيعيّة في غالبيّتها – التي تندرج تحت قيادة إيران وحزب الله، والجماعات الشيعيّة في العراق، وحركة الحوثيّين في اليمن، فضلًا عن الحكومة السوريّة وحماس الفلسطينيّة.

امتدادًا للربيع العربيّ، ومنذ شهر فبراير من العام 2011 خرج شيعة البحرين، بتظاهرات في الشوارع طلبًا للإصلاح الدستوريّ وتنحي رئيس الوزراء.

البحرين، جزيرة صغيرة في الخليج الفارسيّ، هي مقرّ الأسطول البحريّ الخامس للولايات المتّحدة الأمريكيّة – وهي ذات الغالبيّة الشيعيّة – يديرها طبقة حاكمة سنيّة. لم يلجأ فيها المتظاهرون لحمل السلاح ضدّ المؤسسة الحاكمة، وحتى الآن شاركوا في مظاهرات سلميّة فقط، بالرغم من وجود كثيف للقوّات العسكريّة والأمنيّة في الشوارع. ومع ذلك، فقد أعلنت قبل عامين مجموعة تسمّى سرايا المختار وجودها؛ اسم هذه المجموعة يعني أنصار المختار الثقفيّ الذي كان شخصيّة تاريخيّة إسلاميّة شيعيّة بارزة سعت إلى الانتقام لمقتل الإمام الحسين (ع). أما شعارها الفريد من نوعه، والذي تمّ تصميمه بدقّة عالية، فهو يظهر جميع عناصر الشعار الرسميّ لحرس الثورة الإسلاميّة في ايران – مثل البندقيّة الهجوميّة، القبضة وآية من القرآن الكريم.

حتى الآن لم تشارك سرايا المختار في أيّ عمليّة عسكريّة كبيرة بالرغم من أنّها نفّذت بعض العمليّات الصغيرة مثل مهاجمة قوّات الشرطة. وهي تقوم بنشر تصريحات سياسيّة وعسكريّة على صفحاتها على مواقع التواصل الإجتماعيّ: الفيسبوك وتويتر. وهي تعتبر بشكل ما مصدرًا لحركات حزبيّة جديدة في البحرين. لم تتوسع هذه المجموعة عسكريًّا، لا لعجزها عن ذلك، بل لرغبة قادتها السياسيّين بالحفاظ على سلميّة الحراك.

هذا ما أكّده أمين عام حزب الله «السيّد حسن نصر الله» في خطابه العام الماضي، حين قال «الشعب البحرينيّ يواصل الإصرار على الطابع السلميّ لتحركاته. وهو بهذا التكتيك استطاع التغلب على الحكومة البحرينيّة…» مضيفًا إنّ «زعماء المعارضة، برئاسة الشيخ عيسى قاسم وجمعيّة الوفاق، فضلًا عن أمين عام الجمعيّة الشيخ علي سلمان، هم على اتفاق بشأن طبيعة حراكهم السلميّة».

وتحدّث نصر الله عن إمكانيّة توسع الصراع، وبالنتيجة تعسكر الحركة الشعبيّة في البحرين قائلًا «في كلّ مكان، إلا في البحرين، انحدر الحراك إلى العنف. وهذا ليس لأنّ شعب البحرين غير قادرعلى استخدام السلاح، أو لصعوبة إيصال الأسلحة إلى البحرينيّين، فالبحرين كأيّ دولة أخرى في العالم، ومن الممكن أن ترسل الأسلحة والمقاتلون حتى لأكثر دول العالم تشدّدًا في الرقابة».

بهذه الكلمات، قام أمين عام حزب الله بتوضيح بعض القضايا الهامة. أوّلًا، – وهذا يتوقف على قرارات القادة السياسيّين- قد تتسلح الحركة الشعبيّة في البحرين، ثانيًا، إنّ مجموعات معيّنة داخل البحرين قامت بتلقي التدريب العسكريّ، وأنّ حزب الله لديه القدرة والخبرة على إيصال الأسلحة إلى بلدان أجنبيّة، بما فيها البحرين.

وعلى الرغم من التكّهنات، لم تتّخذ حركة الحوثيّين في اليمن جانبًا فيما يتعلّق بالصراع في البحرين. فحينما يتعلّق الأمر بحركات المقاومة الشيعيّة، حزب الله هو مستشارها الرائد. وقد أكّد حزب الله أنّه يدعم شعب البحرين في حراكه السلميّ، ولكن ما إذا تغيرت الظروف، فإنّه لن يتوانى أيضًا عن مساندة المقاومة المسلّحة في البحرين.

أمّا جمهوريّة إيران الإسلاميّة، والتي هي محور العالم الشيعيّ، فحتى الآن لم تقم سوى بإدانة حملة حكومة البحرين على مواطنيها. حيث قال المرشد الأعلى للجمهوريّة الإسلاميّة آية الله السيّد علي الخامنئي قبل ثلاث سنوات في طهران،« إنّ حكّام البحرين يدعون بأنّنا متورّطون في شؤونها الداخليّة. أقول لهم نحن تدخّلنا في أنشطة معادية لإسرائيل، وكان نتيجة لذلك الحرب التي استمرّت 33 يومًا. نحن نستمرّ في دعم أيّ دولة أو مجموعة، في أي مكان في العالم، تعارض النظام الصهيونيّ. ولا نخاف من قول ذلك. حاكم جزيرة البحرين يقول إنّ إيران تتدخّل في شؤونها الداخليّة. هذا كذب! فلو كنّا قد تدخلنا، فإنّ الظروف كانت لتختلف…»

من الواضح، أنّ كلاًّ من زعيم الجمهوريّة الإسلاميّة والأمين العام لحزب الله يشير إلى أنّه إذا ما تقرّر دعم التدخل العسكريّ غير المباشر في البحرين، سيطرأ تغيير على النظام الحاكم هناك.

أعلنت «سرايا المختار، أخيرًا أنّها قد تستخدم سلاحها الأوّل، مختار1، ضدّ قوّات الأمن في البحرين. كما وتدّعي أنّ بحوزتها أسلحة أخرى تسمى سيد1، بيطار1, وشرف1. ولكن ليس هناك معلومات واضحة حول المرافق والمعدّات المتاحة لهذه المجموعة».

وقد أظهرت «سرايا المختار» أنّها قادرة على صنع العبوات الناسفة. وفي هذا الصدد، إذا تصاعد الصراع في البحرين وقرّر قادة المعارضة اللجوء إلى العنف في معركتهم ضدّ حكومة البحرين، يتاح لسرايا المختار إمكانيّة الحصول على الأسلحة المطلوبة من حزب الله وأنصار الله في اليمن.

يجدر الذكر أنّ حزب الله أظهر خلال الحرب السوريّة اكتسابه الكثير من الخبرة في نقل الأسلحة والذخائر إلى مواقع رئيسة.

وإنّ رصدًا دقيقًا للأحداث في المنطقة يبيّن لنا أنّ جمهوريّة إيران الإسلاميّة قد خطّطت، وباستراتيجيّة متأنّية، لتوسيع نفوذها في المنطقة على الأمد الطويل. والمملكة العربيّة السعوديّة، كمحور لدول الخليج، تشعر بقلق بالغ إزاء التطوّرات الأخيرة في البحرين، التي كانت قد أجرت فيه أنشطة عسكريّة أيضًا.

ومع ذلك، فقد خلق توسع الأزمة في العراق وسوريا فرصة لاتساع شبكة قوى القدس في الشرق الأوسط. وقد خلق حرس الثورة الإيرانيّة جماعات شبه عسكريّة فعّالة في سوريا والعراق ولبنان واليمن، والآن في البحرين. ففي سوريا والعراق، تتمتّع الجمهوريّة الإسلامية بميزة على المملكة العربيّة السعوديّة. واليمن أيضا خرج من دائرة التأثير السعوديّ وحصل على مكانة أقرب إلى إيران.

حاليًّا، في شمال المملكة العربيّة السعوديّة، أقامت حكومة العراق علاقات وثيقة مع إيران، أما في الجنوب، فحركة الحوثيّين في اليمن احتلّت صنعاء.

من هنا، أتيحت لإيران الآن الفرصة لإكمال حصارها على المملكة العربيّة السعوديّة. وأعتقد أنّ القضاء على الجماعات السنيّة المتطرّفة في سوريا والعراق سيخلق لحظة مؤاتية لقادة المعارضة في البحرين لتغيير رأيهم حول استخدام السلاح، وبدء حركة عسكريّة موازية لحراكهم الشعبيّ. وهذا سيناريو محتمل، يحمل خطرًا جسيمًا على مصالح الولايات المتحدة والملكة العربيّة السعوديّة في المنطقة.

* عباس قيداري – محلّل إيرانيّ لسياسة الأمن والدفاع الدوليّ


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2015052533

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *