Wednesday 16,Apr,2025 17:32

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

الاستفتاء بعد عام: لا تراجع شعبيّ… هل تتنازل السلطة؟

د. أحمد فارس: أثبت الشعب البحرينيّ، بعد أكثر من أربع سنوات على حراكه الثوريّ، أنّه شعب واع ومتميّز، حيث تمكّن من تحقيق إنجاز كبير على مستوى تحدّي الظلم والاضطهاد الذي يمارسه النظام الحاكم في المملكة

د. أحمد فارس*

أثبت الشعب البحرينيّ، بعد أكثر من أربع سنوات على حراكه الثوريّ، أنّه شعب واع ومتميّز، حيث تمكّن من تحقيق إنجاز كبير على مستوى تحدّي الظلم والاضطهاد الذي يمارسه النظام الحاكم في المملكة الخليجيّة الصغيرة، والتي تعتبرها السعوديّة تابعة لها، من حيث تأكيد أنّها من أمنها القوميّ.

هذه المقدّمة، لكي نبدأ من الارتباط المطلق بين النظامين في السعوديّة والبحرين، وعدم إمكانيّة التعامل مع الأوضاع في البحرين بمعزل عن السعوديّة. فأيّ تراجع أو خسارة للنظام البحرينيّ يعدّ بحدّ ذاته هزيمة وتراجعًا للمملكة العربيّة السعوديّة، وأي حفاظ على الوضع الذي كان قائمًا قبل انطلاق الثورة في العام2011، وخاصّة لجهة أنّ المعارضة كانت من ضمن العمليّة السياسيّة في البلاد، ولو من دون قدرة على التغيير، هو نقطة تستطيع السعوديّة أن تعوّل عليها في مفاوضات مقبلة، على الرغم من علمنا الأكيد أنّ النظام السعوديّ لا يقبل بأيّ شكل من الأشكال التخلّي عمّا يعتبره أمنه وخاصرته، وهذا يتأكّد أكثر عندما نرى أنّ الجيش السعوديّ تحرّك مباشرة عندما بدأ الحراك الشعبيّ، وأحس حينها النظام السعوديّ أنّ عرش النظام البحرينيّ قد اهتزّ بشدّة، فكان التدخّل المباشر والصريح في بلد يعتبر الإمساك به من المسلّمات التي لا يمكن المساس بها.

رغم كلّ الخطوط الحمر السعوديّة، والحساسية الكبيرة في التعاطي مع الملفّ البحرينيّ، لجهة التبعيّة التامة، فإنّ الشعب البحرينيّ قام وانتفض على كلّ هذا الوضع القائم، الذي يضيّق الخناق على من يخالف السلطة الحاكمة، ويهمّش الغالبيّة العظمى من الشعب، وكان هذا الخروج القويّ، أحد أهمّ المراحل في تاريخ البحرين، ومعه رسم هذا الشعب مرحلة جديدة ومنيرة، واضعًا نصب عينيه هدفًا يقود إلى الحريّة والديمقراطيّة.

استطاع الشعب البحرينيّ خلال هذه السنوات، منذ انطلاقة الثورة في الرابع عشر من فبراير2011، أن يكتب مرحلة جديدة، وأن يثبت أنّه قادرعلى تغيير الواقع، بل رسم واقعه الذي يريده والاستراتيجيّة التي يريدها. وهنا كان الإنجاز الأوّل، والمرحلة الأولى، والخطوة الأولى نحو التغيير، وقد مرّ الشعب خلال هذه المراحل بمحطّات عدّة، أهمّها على الإطلاق «الاستفتاء الشعبيّ» الذي مرّ عام واحد على إجرائه.

كان الاستفتاء الشعبيّ بمثابة التتويج الكبير للعمل الثوريّ في البحرين، وتأكيد أنّ المعارضة البحرينيّة انتقلت إلى أساليب جديدة تعي جيّدًا أنّها ستربك النظاموستضعه في موقف محرج، خاصة أنّ الاستفتاء تزامن مع الانتخابات التي دعا إليها النظام وفشل فشلًا ذريعًا في حثّ الشعب على المشاركة فيها.

كانت خطوة الاستفتاء ذكيّة بكلّ ما للكلمة من معنى، ودلّت هذه الخطوة على أنّ في المعارضة قيادات قادرة على تحمّل المسؤوليّة في البحرين ومتأهّلة لذلك، خاصّة مع الإخفاقات الكبيرة التي يقع فيها أركان النظام الحاكم، وعدم قدرتهم على تحمّل مسؤوليّتهم تجاه شعبهم، بل إنّهم بدلًا من ذلكيعمدون إلى ممارسة أكبر قدر ممكن من الانتهاكات والتضييق والقمع.

اليوم، وبعد مرور عام على هذا العرس الشعبيّ الديمقراطيّ، نجد أنّ النظام في البحرين يعاني حتى الآن من ارتدادات هذا الاستفتاء، ولم يستطع حتى الآن استيعاب فكرة نجاح خطوة المعارضة في مقابل الفشل الكبير في جذب الناخبين إلى انتخاباته المزيّفة، التي حاول بها تلميع صورته المهترئة أمام العالم، فارتدّت محاولاته عليه سلبًا. ورغم كلّ ما قام به النظام من انتهاكات وتعدّيات منذ عام حتى الآن، فإنّ ذلك يدلّ بشكل قاطع على أنّه يتصرّف بكيديّة، محاولًا الانتقام من الشعب، بعد أن وصل الشعب إلى مرحلة رافضة لوجود هذا النظام.

الواضح أنّ الصراع بين النظام والشعب على أشدّه، وهو قابل للتصعيد في المرحلة المقبلة، في ظلّ إصرار السلطة على ممارسة الاضطهاد والظلم بكلّ أنواعه، والإمعان في الانتهاكات المستمرّة، التي لن توصله إلى أيّ نتيجة، ولن يستطيع من خلال ذلك تغيير إرادة الشعب، أو ثنيه عن مواصلة حراكه الثوريّ. والواضح أيضًا أنّ الحلّ في البحرين غير واضح المعالم في المرحلة الراهنة على الأقلّ، خاصّة أنّ طبخة التسويات الإقليميّة لم تنضج حتى الآن، وغير وارد في هذه المرحلة أن يقبل النظام البحرينيّ ومن خلفه السعوديّ بتقديم أيّ تنازل في الملف البحرينيّ، في ظلّ الصراع القائم في المنطقة، والسعي السعودي الحثيث إلى زيادة نقاط قوّتها في أيّ مفاوضات مقبلة، حول كلّ الملفات العالقة.

لهذا لا يمكن عزل الوضع في البحرين عن أزمات المنطقة، خاصّة أنّ السعوديّة قد انخرطت في صراعات كبرى، ودخلت في متاهات الحروب بشكل مباشر، لذا من غير المنتظر أن تتراجع وتقدّم التنازلات، وبالأخصّ بعدما تكبّدته من خسائر في حربها على اليمن، وغرقها في المستنقع اليمنيّ، وإصرارها على المكابرة والاستمرار، ورفضها الحوار السياسيّ، لأنّها تعتبر أنّ التراجع في هذه المرحلة بالتحديد هو هزيمة كبرى وتنازل، وهذا قد يجرّها إلى مزيد من التنازلات في ملفّات أخرى قد تكون ملزمة بأن يكون الملفّ البحرينيّ من ضمن هذه التنازلات.

*باحث في مركز الدراسات الاستراتيجيّة – واشنطن


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2015100701


المواضیع ذات الصلة


  • أسرار واعترافات… ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «عناصر من الدرك الأردنيّ شاركوا في هجوم الدراز فجرًا» 2-3
  • أسرار واعترافات.. ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «جئنا من أجل المال.. ولسنا مضطرّين إلى تحمّل نتائج سقوط هذا النظام» 1-3
  • أسرار واعترافات.. «الدرك الأردنيّ في قبضة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *