منامة بوست (خاص): الاستفتاء الشعبيّ الذي جرى قبل عام، وسجّل نسبة عالية رغم المخاوف الأمنيّة العديدة، يعدّ إنجازًا حضاريًّا كبيرًا رسمه الشعب البحرينيّ ضمن خطواته الحضاريّة التي عبر من خلالها إلى عتبة الإنجاز في مقابل النظام وتعنّته.

لكنّ الاستفتاء يعدّ أيضًا من الخطوات الأصعب على شرعيّة «الديمقراطيّة» المزعومة التي يتلبّسها النظام الحاكم في البحرين، لذا فإنّ قراءة الأحداث بعد عام من انطلاقه تعتبر خطوة مهمّة لفهم التشابك الحاصل في البلاد.

فقد وصلت نتائج الاستفتاء إلى أعلى هيئة دوليّة وهي الأمم المتّحدة، كما صرّحت بذلك رئيسة اللجنة الوطنيّة المشرفة على الاستفتاء «بلقيس رمضان»، حيث قالت في تصريح لـ«منامة بوست»، إنّ نتائج الاستفتاء الشعبيّ الذي جرى في البحرين شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 قد وضعتها الهيئة برسم الأمم المتحدة، وذلك بالتعاون مع عدد من المنظّمات الحقوقيّة.

«منامة بوست» أعدّت ملفًا في هذا الإطار، وهو عبارة عن عدد من المقالات التحليليّة، كما أضفنا إليها مجموعة من المواقف العربيّة والدوليّة.

الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجيّة بواشنطن الدكتور أحمد فارس تناول في هذا الملف موضوع الاستفتاء من زاوية التداعيات، وقام بتحليلها تحليلًا عميقًا بالنظر إلى الرابط الجيوسياسيّ بين البحرين والسعوديّة، وقال في مقاله المعنون بـ«الاستفتاء بعد عام..لا تراجع شعبيّ..هل تتنازل السلطة؟»، «اليوم، وبعد مرور عام على هذا العرس الشعبيّ الديمقراطيّ، نجد أنّ النظام في البحرين يعاني حتى الآن من ارتدادات هذا الاستفتاء، ولم يستطع حتى الآن استيعاب فكرة نجاح خطوة المعارضة في مقابل الفشل الكبير في جذب الناخبين إلى انتخاباته المزيّفة، التي حاول بها تلميع صورته المهترئة أمام العالم، فارتدّت محاولاته عليه سلبًا».

أمّا الباحث في الشؤون العربيّة الدكتور جابر علوش، وفي مقاله المعنون بـ«مرحلة ما بعد الاستفتاء… شعب صامد وسلطة تتهاوى»، فقد أشار إلى نقطة خطرة، بالقول «في واشنطن، كثر الكلام منذ عام حتى الآن، وبالتحديد بعد إجراء الاستفتاء وما تلاه من انتخابات دعا إليها النظام، الكلام يدور وفي مستويات كبرى، عن أنّ النظام البحرينيّ ومن خلفه السعوديّة، تلقّيا صفعة شديدة بهذا النجاح الباهر الذي حققه الشعب البحرينيّ في الاستفتاء، وهي صفعة، جزم بعض السياسيّين الأمريكيّين، أنّه سيكون لها ارتدادات كبرى، وسوف ترسم طريقًا واضحًا لتهاوي النظام في المملكتين».

كما تناول الدكتور خالد ممدوح في مقاله المعنون بـ«ما بعد الاستفتاء الشعبيّ… الشعب يكتب النصر بدمائه»، موضوع البحرين من الناحية الإقليميّة، ورأى أنّ الجانب الذي يصطفّ فيه النظام جانب خاسر، وأنّ الشعب البحرينيّ بصموده يمارس عضّ الأصابع مع النظام، الذي بدأ حلفه الإقليميّ في التهاوي.

الملف تضمن أيضًا مقالًا للكاتب الأردنيّ الدكتور صالح محاسنة، عنونه بـ«عام على استفتاء الكرامة..الشعب على طريق الانتصار»، قال فيه، «الآن، وبعد مرور عام على تلك الملحمة الشعبيّة المتميّزة، مع ما حقّقته من إرباكات عظيمة لنظام فاسد وظالم، أثبتت بما لا يدع مجالًا للشكّ، أنّ الشعب البحرينيّ قادر على اجتراح المعجزات، وتحقيق المفاجآت في نضاله من أجل حريّته وكرامته. وإنّ شعبًا عانى ما عاناه من الظلم والقتل والاعتقال والتعسّف، وخرج رغم كلّ ذلك بأعداد كبيرة وبجماهير عريضة للمشاركة في الاستفتاء وللتصويت ضدّ الظلم وضدّ الفساد، لهو شعب حريّ بالعالم أن يقف أمامه بكلّ احترام».

ولم يفتنا في هذا الملف أن نتناول كذلك عددًا من المواقف العربيّة والدوليّة، التي تبيّن مدى أثر الاستفتاء في النسق السياسيّ محليًّا وإقليميًّا.