Saturday 19,Apr,2025 09:23

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

ما بعد الاستفتاء الشعبيّ… الشعب يكتب النصر بدمائه

د. خالد ممدوح: منذ عام تقريبًا، أنجز الشعب البحرينيّ الثائر استحقاقًا هو الأهم منذ انطلاقة ثورته عام 2011، حيث توافد أبناء البحرين إلى صناديق الاقتراع، لا لينتخبوا أويشاركوا في الانتخابات التي دعت إليها السلطة،

د. خالد ممدوح*

منذ عام تقريبًا، أنجز الشعب البحرينيّ الثائر استحقاقًا هو الأهم منذ انطلاقة ثورته عام 2011، حيث توافد أبناء البحرين إلى صناديق الاقتراع، لا لينتخبوا أويشاركوا في الانتخابات التي دعت إليها السلطة، إنّما للمشاركة في استفتاء شعبيّ دعا إليه ائتلاف شباب الرابع عشر من فبراير، أحد أهمّ أركان المعارضة البحرينيّة، فصوّت الشعب مع الديمقراطيّة في أرقى العمليّات الديمقراطيّة، وكانت المشاركة متميّزة وناضجة، عبرّت بشكل واضح عن مطالب الشعب المناضل، ودلّت بشكل لا يدع مجالًا للشك، على أنّ هذا الشعب سائر بكلّ ثقة وبكلّ إباء من أجل الوصول إلى الأهداف التي وضعها نصب عينيه منذ انطلاقة حراكه.

الإنجاز الشعبيّ تمثّل بالتحدّي القويّ والجبّار الذي قام به الشعب، فرغم كلّ التضييق ومحاولات المنع والتهديدات من قبل السلطة، فإنّ أبناء البحرين أصرّوا على مواجهة كلّ هذه الموانع، ونزلوا بإصرار وعزيمة ليقولوا كلمتهم وليكون تصويتهم سهمًا موجّهًا ضدّ أركان السلطة الظالمة، وشكّل توجّههم الكثيف نحو صناديق الاقتراع صدمة كبيرة، خاصة مع الفشل الذريع الذي منيت به السلطة في انتخاباتها المزيّفة.

انتهى الاستفتاء، لكنّ مفاعيله لم تنتهِ، وبدأت في البحرين مرحلة جديدة عنوانها الطريق نحو الانتصار، وهي مرحلة رسم الشعب البحرينيّ ملامحها منذ أن بدأ ثورته، حيث وقف في وجه الظلم والاستبداد، ورفض كلّ أنواع الاضطهاد، حتى وصل إلى يوم الاستفتاء، وكان اليوم الفصل، فإمّا الاستمرار أو التراجع!

لكنّ الشعب لم يخيب الآمال، وكان على مستوى المسؤوليّة الملقاة على عاتقه، مصرًّا على البدء بمرحلة جديدة من تاريخ الثورة، وها هو اليوم يستمرّ في نضاله وانتفاضته رغم كلّ الإجرام الخليفيّ، الذي تزايد بعد الاستفتاء، والذي شكّل دليلًا على أنّ النظام قد تأذّى بشدّة، من هذه الملحمة الديمقراطيّة الراقية، وهو الذي لطالما كان يتغنّى بالديمقراطية المزعومة، فازدادت عمليّات الاعتقال التعسفيّة والمحاكمات بتهم واهية، وزادت تهم الإرهاب بشكل كبير، ضدّ أبناء الشعب، ما أعطى إثباتًا واضحًا وأكيدًا أنّ هذا الإقبال الثوريّ برهن من جديد أنّ الشعب لا يريد هذا النظام، وأنّه لن يتراجع أو يتنازل عن حقوقه التي خرج بثورته من أجلها.

السعوديّة أيضًا شعرت أنّ ربيبها، النظام البحرينيّ، أصيب بجرح كبير، قد لا يندمل مع مرور الأيّام، بل ربّما تزداد الجروح ليصبح غير قادر على العيش. ومن هنا كان الإصرار السعوديّ على الطلب وتأكيد زيادة العنف تجاه الشعب، والانتقال إلى مرحلة استهداف القيادات الأساسيّة في المعارضة البحرينيّة، لما يشكّله ذلك من محاولة لثني الثوّار عن الاستمرار أمام الوحشيّة المفرطة، والخوف من الاعتقال والسجن.

لذا يمكن القول إنّ المرحلة المقبلة حسّاسة جدًّا، والنظام البحرينيّ يدرك جيّدًا أنّ المحور الذي ينتمي إليه في تراجع مستمرّ، وهو يخسر النقاط في كلّ المنطقة، وأنّ النصر الذي راهن عليه السعوديّ في اليمن، والذي كان يأمل فيه من رفع أسهمه على مستوى المنطقة، قد خسره حتى الآن، والبوادر الميدانيّة تشير إلى مزيد من الخسائر، وبالتالي نحو مزيد من الارتباك والتطرّف في مواجهة الشعب، هذا في اليمن، أما في سوريا فقد تبدّلت الموازين بعد الدخول الروسيّ عبر الضربات الجويّة لضرب الإرهاب، وهذا أيضًا أربك الحسابات السعوديّة الداعمة للتنظيمات التكفيريّة الإرهابيّة، وجعلها تخسر إحدى أهمّ الأوراق التي كانت تراهن عليها لاستخدامها للضغط في المفاوضات التي ستحصل عاجلًا أو آجلًا.

المعارضة البحرينيّة مطالبة اليوم بالاستمرار بحراكها وعدم الرضوخ أو التراجع، لأنّ النظام في موقع التراجع، ويجب الاستمرار بالضغط عليه، حتى لو أدّى ذلك إلى ازدياد أعمال القمع والاعتقال، فإنّ المرحلة المقبلة تحتاج إلى الاستمرار على الوتيرة نفسها، بل زيادتها من أجل عدم السماح للنظام بأن يكسب الورقة التي يريدها النظام السعوديّ في مرحلة المفاوضات المقبلة.

كلّ المؤشرات الحالية تدلّ على أنّ المحور الذي ينتمي إليه النظام البحرينيّ قد بدأ يخسر، وبدأت مرحلة التراجع بالنسبة إليه، وعلى هذا الأساس يمكن القول إنّ لعبة عضّ الأصابع مستمرّة، ومن يستطيع التحمّل أكثر والصمود لفترة أطول، هو الذي سوف يحقق الانتصار في النهاية، والدلائل تكاد تؤكّد بما لا يدع مجالًا للشكّ، أنّ الصمود الاسطوريّ لأبناء الشعب البحرينيّ سوف يقودهم في النهاية نحو تحقيق الانتصار والوصول إلى الأهداف التي نادى بها وضحّى بالغالي من أجلها، وقدّم في سبيلها الشهداء والجرحى والمعتقلين في سجون الظلم؛ هذا الصمود البطوليّ لا بدّ أن يثمر نصرًا نقيًّا واضحًا لا لبس فيه.

*باحث استراتيجيّ – لندن


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2015122904


المواضیع ذات الصلة


  • أسرار واعترافات… ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «عناصر من الدرك الأردنيّ شاركوا في هجوم الدراز فجرًا» 2-3
  • أسرار واعترافات.. ضابط الدرك الأردنيّ في البحرين: «جئنا من أجل المال.. ولسنا مضطرّين إلى تحمّل نتائج سقوط هذا النظام» 1-3
  • أسرار واعترافات.. «الدرك الأردنيّ في قبضة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *