منامة بوست (خاص): علمت “منامة بوست” أنّ الديوان الملكيّ أرسل رسالةً شديدة اللّهجة إلى رؤساء المآتم قبل إحياء ليلة القدر مساء يوم الثلاثاء 28 يونيو/ حزيران، جاء فيها أنّ «عدم تلبية الدعوة الملكيّة قد تؤدّي إلى تداعيات قانونيّة».

وحينما هُرع بعض رؤساء المآتم للديوان الملكيّ، أخرج الإعلام الرسمي زيارتهم «تقديرًا» منهم ومساندةً للخطوات الملكيّة، بل بثّبت وكالة أنباء البحرين الرسميّة تصريحًا للملك حمد يشكرهم فيه على قدومهم ومساندتهم له ولقراراته.

الملك يستظلّ بالغطاء الإقليميّ الممنوح سعوديًّا، فيرتكب أخطاءً جسيمة وكبيرة، وبتقدير الكثير من المراقبين، فإنّ الملك داخل في حسابات كبيرة غير مضمونة النتائج.

في لقاء الملك مع رؤساء المآتم، ألقى كلمةً قال فيها: «نشكر لكم طيب مشاعركم ومواقفكم المؤيِّدة، وحرصكم على أن تكون إدارة شؤونكم رهن تقديركم أنتم، وليست بيد من لا ينتمي للبحرين، من منطلق واجبكم الوطنيّ النابع من حبّكم وولائكم للبحرين، التي يشهد تاريخها العريق على مواقف أبنائها الراسخة المؤكّدة على وحدتها وعروبتها، والمجسِّدة لاستقلال القرار الوطنيّ النابع من قناعة المواطنين الكرام بوحدة مصيرهم، وحماية وطنهم، وصون عروبتهم».

وفي الوقت الذي قال ملك البحرين تلك الكلمات، قطعت قوّاتٌ سعوديّةٌ الجسر، قادمةً من قواعدها بعد أن تمّت صيانتها الدوريّة، حيث لم تخرج أي قطعة عسكريّة من القوّات السعوديّة في البحرين منذ دخولها في مارس/ آذار 2011، إلّا من أجل لصيانة الدوريّة، ولا يخفى على أحدٍ أنّ الخليفيّين قد باعوا البحرين لآل سعود، مقابل تمكينهم من الاستمرار في سرقة البلاد، وقد أدّى ذلك إلى انخفاضٍ حادٍّ في مكانة البحرين الحقوقيّة والاقتصاديّة، وقد التحقت المؤسّسة الائتمانية للتصنيف فيتش بوكالات التصنيف العالميّة «ستاندرد آند بورز» وغيرها، في خفض مستوى البحرين الائتمانيّ من BBB- إلى BB، كان ذلك في اليوم نفسه الذي استدعى فيه الملك رؤساء المآتم (الثلاثاء 28 يونيو/ حزيران)، وخفّضت فيتش ديون البحرين درجة واحدة من BBB- إلى حالة غير المرغوب وهي BB، واتفقت وكالات التصنيف الثلاث الكبرى في العالم على تقييم البحرين دون درجة الاستثمار، كما تقوّض انخفاض أسعار النفط مواردها الماليّة، بالإضافة الى التوتّر السياسيّ في المنامة.

ومع كل ما حصل ويحصل، فقد ألقى محسن العصفور رئيس الأوقاف الجعفريّة كلمةً، خرّجها الإعلام الرسمي بأنّها كلمة بالنيابة عن العوائل البحرينيّة ورؤساء وإدارات المآتم والحسينيّات. وقد جاء فيها:

«ويسرّنا أن نعلن وفي رحاب هذا اللقاء الميمون عن تدشين حملة تاريخيّة لإعمار 900 مسجد ومأتم ومقبرة ووقف، ضمن الخطّة الشاملة بتطوير وإعمار دُور العبادة من المساجد والمآتم والحسينيّات، والعمل على كلّ ما من شأنه تعزيز مبادئ الشفافيّة وتأصيل الشراكة المجتمعيّة وتجذير دَور الأوقاف، ومساهمتها في تحقيق التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة المستدامة». انتهى الاقتباس.

ولم يتساءل العصفور عن الإذن الشرعيّ في تغيير وقفيّة مسجد البربغيّ، الذي هدمته السلطة في 2011 ومن ثم بنته في غير مكانه الأصليّ، لتمحو فصلًا مهمًّا من تاريخ البحرين، يمتدُّ لأكثر من أربع مئة عام، أي قبل مجيء آل خليفة للبحرين، وهذا النحو من تعاطي محسن العصفور، يساهم في مسخ هويّة البحرين، التي دأب الخليفيّون بإدارة بريطانيّة لمحوها، وبناء تاريخٍ مزيَّفٍ على أنقاض حضارتها.

ويضيف العصفور في كلمته: «في ظلّ هذا البحر المتلاطم الذي تشهده منطقتنا بل العالم أسره من تحدّيات جسيمة، فإنّنا نؤكّد لجلالتكم أنّ شعبنا يشرّفه الوقوف خلف قيادتكم الرشيدة صفًّا واحدًا، وبكامل الثقة نرى عين اليقين أن لا سبيل لمواصلة البناء والعبور إلى المستقبل الزاهر سوى الالتفاف حول قيادتكم الرشيدة والمحافظة على ثوابتنا الراسخة، وفي مقدّمتها وحدتنا الوطنيّة التي هي سياجنا الأوّل وسبيلنا الأمضى لحماية منجزاتنا ومكتسباتنا». انتهى الاقتباس.

ولم يدرِ العصفور أنّ أهم منجزات ومكتسبات السلطة تكمن في سجن جوّ وسجن الحوض الجاف، حيث يرزح أكثر من أربعة آلاف سجين، ويُمارَس ضدّهم كلّ أنواع التعذيب، بينما القرى تعيش حالة أمنيّة قاسية، ويُجرّد أكبر مرجعٍ شيعيٍّ فيها من جنسيّته الأصيلة، مع إغلاقٍ لجمعيّات الطائفة، ومحاصرة مقدّراتها (الخمس مثالًا). وبهذا يعزّز محسن العصفور من دور دسّ البحرين في التاريخ المزيَّف.