منامة بوست (خاص): يُصرُّ محسن العصفور، وهو يعتمر العمامة ويتقلّد اسم عائلةٍ عريقةٍ عميقةِ الجذور في البحرين، على أن يُدير دفّة تاريخٍ عريقٍ إلى وجهةٍ ساقطةٍ تتمثَّل في تأييد عائلةٍ غاصبةٍ، وبأسلوبٍ لا يخلو من الاستفزاز والعنجهيّة.
مصادرٌ قالت لـ «منامة بوست» إنّ الراحل الشيخ أحمد بن خلف آل عصفور، في أوّل يومٍ من إعلان تقلُّد عبد المحسن رئاسة الأوقاف الجعفريّة، سارع لملاقاة الملك حمد، وأخبره بالحرف: نحن مستاؤون من تنصيب محسن في هذا المنصب، ونتمنّى من جلالتكم تنحيته وتنصيب من هو أكفأ منه.
الملك -بحسب المصدر- أبدى تجاوبًا إيجابيًّا كعادته، ووعد خيرًا، لكنّ طبعه الكذب، ولم يغيّر ولم يبدّل.
المصيبة التي تلقّفها الشيخ أحمد العصفور في تنصيب عبد المحسن لم تكن ذات دلالات قريبة، بل كان يرى أنّ وجوده مشكلةٌ لعائلة العصفور أوّلًا، وللطائفة الشيعيّة ثانيًا، وهذا ما تجلّى قبل أيّام.
حيث أعلنت الصحف المحليّة أنّ رئيس الأوقاف قد أصدر أمرًا بتغيير أسماء جوامع كثيرة في البحرين، منهم خمسة عشر جامعًا سيحملون اسم الشيخ خلف آل عصفور، بحجّة أنّ الأخير هو من أسّسهم، بحسب التاريخ الذي كتبه الشيخ إبراهيم بن ناصر آل مبارك. منها جامع بوري ودمستان ورأس رمّان ومأتم العريّض، وكل تلك الأماكن صارت ذات ارتباطات طويله مع علماء، ورؤساء مآتم، وقيّمي مساجد، بمعنى صار لها برامجها وهويّتها وتاريخها وعنفوانها، الذي يريد محسن العصفور أن يزيحه بـ “شخطة” قلم.
المشكلة الأخرى أنّ محسن يعيش عزلةً حوزويّةً كبيرةً، فهو غير مقبولٍ عند كبار العلماء في البحرين، ولا يستقبله أحدٌ المراجع في النجف أو قم، وهذا يخدش بشكلٍ كبيرٍ مقامه المُدَّعى. المشكلة المقصودة هنا ليس مشكلته الشخصيّة في ذلك، بل انعكاساتها على الطائفة، حيث يسعى إلى توظيف قدراته “الرسميّة” في تعويض ذلك النقص، كطباعة كتبه -طباعةً فاخرةً- على نفقة الأوقاف الجعفريّة، وإلزام المساجد والجوامع أن تتوفّر عليها.
وسلسلة المشاكل لم تنته عند حدٍّ؛ فالعصفور أصدر أمرًا بتسجيل كلّ خطباء المنبر الحسينيّ في الأوقاف، وإجبارهم بعدم التحدّث في السياسيّة، ومن يتخلّف عن التسجيل سيُحاكَم، ولم يبق عن شهر محرم سوى شهر، وهذا يعني أنّ كلّ المآتم قد رتّبت رزنامتها وجدولة خطبائها، أو هي في طور الترتيب. الأمرالذي يقرّب المشكلة مع الأوقاف الجعفريّة.
محسن العصفور يُسهب في تعميق الخلاف بين المدرستين، الإخباريّة والأصوليّة، وهو نزاعٌ قديمٌ لا يذكره أحدٌ على المستوى العمليّ، ويرى رئيس الأوقاف أن جلجلة الخلاف من خلال منتدى العَلَمين الذي دشّنه قبل عقدٍ من الآن، يصبُّ في صالح فهمه للدين، غير أنّ نتاجًا دينيًا أو سياسيًا لا أثر لهما في الواقع، سوى خلق المشاحنات في كلّ اتجاه.
ومن المعروف أنّ محسن العصفور علاّمةٌ في الديكتاتوريّة، حيث يتعصّب لآرائه ولا يقبل من الآخرين نقدها أو تفنيدها، حتى لو خصّت عموم الناس.
إلى أين سيصل محسن العصفور؟ هذا السؤال هو الذي يُتداول في عموم الطائفة الشيعيّة، وهي الطائفة المضطّهدة من قِبل نظام الحكم، وهي الطائفة التي ينتمي لها محسن ويتقلّد أهمّ منصبٍ من مناصب الدولة يخصّها، وهو رئاسة الأوقاف الجعفريّة.
يُراكم العصفور مشاكل جمّة في تاريخه، هو في غنًى عنها، لولا إلحاح “التعويض” الذي يشعر أنّه لا يمكن إتمامه إلا بصنع مشكلةٍ يكون فيها بطل الحلّ أو بطل الإجبار، وكلتا البطولتين لا تُغيّر من ازدياد كره الناس له.
