Thursday 28,Nov,2024 05:37

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

الأزمة الخليجيّة – القطريّة… سباق لنيل الحظوة الأمريكيّة

منامة بوست (خاص): أعلنت كلّ من السعودية والإمارات والبحرين قطع العلاقات الدبلوماسيّة مع قطر، في خطوة عدّت خطرة جدًا في مسار العلاقات الخليجيّة – الخليجيّة، وإجراء يهدّد وجود مجلس التعاون الخليجيّ

منامة بوست (خاص): أعلنت كلّ من السعودية والإمارات والبحرين قطع العلاقات الدبلوماسيّة مع قطر، في خطوة عدّت خطرة جدًا في مسار العلاقات الخليجيّة – الخليجيّة، وإجراء يهدّد وجود مجلس التعاون الخليجيّ جراء الانقسام الكبير، ولجوء بعض أعضائه إلى اتخاذ إجراءات قاسية بحق قطر ما يفتح المجال أمام الرد بإجراءات مماثلة.

ليس هذا هو التوتر الأول الذي ينشأ بين الدول الثلاث من جهة وقطر من جهة أخرى، حيث شهد العام 2014 توترًا مشابهًا، وإن بدرجة أقلّ تأزيمًا، عندما سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من قطر احتجاجًا على ما وصفته بتدخل قطر في شؤونها الداخليّة، قبل أن تعيدهم بعد حوالي ثمانية أشهر على إثر قمة خليجيّة استثنائية عقدت في الرياض وأعلنت عن فتح صفحة جديدة في العلاقات الخليجية.

التوتر المستجد… إجراءات غير مسبوقة

بيد أن التوتر المستجد بين دول الخليج لم يقتصر هذه المرة على سحب السفراء من قطر، بل تعداه إلى إجراءات أشدّ قسوة، حيث أعلنت السعودية أنها قررت قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع قطر، كما قررت إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية، ومنع العبور في الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية السعودية، والبدء بالإجراءات القانونية الفورية للتفاهم مع الدول الشقيقة والصديقة والشركات الدولية، لتطبيق ذات الإجراء بأسرع وقت ممكن لكافة وسائل النقل من دولة قطر وإليها، وذلك لأسباب قالت أنها تتعلق بالأمن الوطني السعودي.

أما الإمارات فقد أعلنت قطع العلاقات مع قطر ومنع دخول أو عبور المواطنين القطريّين إلى الإمارات وأمهلت المقيمين والزائرين منهم مدة 14 يومًا للمغادرة، وذلك لأسباب أمنية واحترازية كما قالت، ومنعت المواطنين الإماراتيين من السفر إلى دولة قطر أو الإقامة فيها أو المرور عبرها، وأعلنت عن إغلاق كافة المنافذ البحرية والجوية خلال 24 ساعة أمام الحركة القادمة من قطر والمغادرة إليها، ومنع العبور لوسائل النقل القطرية كافة القادمة والمغادرة، واتخاذ الإجراءات القانونية والتفاهم مع الدول الصديقة والشركات الدولية بخصوص عبورهم بالأجواء والمياه الإقليمية الإماراتية من قطر وإليها، وذلك لأسباب تتعلق بالأمن الوطني الإماراتي، على حدّ تعبيرها.

وليس مستغربًا أن تلحق البحرين بالسعودية والإمارات، حيث أعلنت في بيان لها عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر حفاظًا على أمنها الوطني، وأعلنت عن سحب البعثة الدبلوماسية البحرينية من الدوحة، وإمهال جميع أفراد البعثة الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة البلاد، مع استكمال تطبيق الإجراءات اللازمة، كما أعلنت عن غلق الأجواء أمام حركة الطيران وإقفال الموانئ والمياه الإقليمية أمام الملاحة من قطر وإليها خلال 24 ساعة، كما منعت البحرين مواطنيها من السفر إلى قطر أو الإقامة فيها، في إجراءات تأتي استنادًا إلى إصرار دولة قطر على المضي في زعزعة الأمن والاستقرار في البحرين، والتدخل في شؤونها والاستمرار في التصعيد والتحريض الإعلامي، ودعم الأنشطة الإرهابية المسلحة، وتمويل الجماعات المرتبطة بإيران للقيام بالتخريب ونشر الفوضى في البحرين؛ في انتهاك صارخ لكل الاتفاقات والمواثيق ومبادئ القانون الدولي، دون أدنى مراعاة لقيم أو قانون أو أخلاق أو اعتبار لمبادئ حسن الجوار أو التزام بثوابت العلاقات الخليجية، والتنكر لجميع التعهدات السابقة، وفق البيان.

تاريخ العلاقات الخليجية – القطرية

عندما قرر الاحتلال البريطاني الرحيل عن شبه الجزيرة العربية عام 1968، بدأت القبائل العربية آنذاك بمحاولة تشكيل تحالفات لكسب حدود جديدة، والتي كانت ستنتج عن الفراغ البريطاني.

سعى راشد آل مكتوم شيخ إمارة دبي، ومعه زايد آل نهيان شيخ إمارة أبو ظبي إلى إقامة تحالف واسع من القبائل في هذه المنطقة لتوحيدها في دولة واحدة قبيل رحيل بريطانيا، ضمت هذه المحاولات الإمارات السبع التي تشكل دولة الإمارات العربية المتحدة الحالية (دبي – أبو ظبي – عجمان – رأس الخيمة – الفجيرة – الشارقة – أم القيوين) بالإضافة إلى قطر والبحرين، ولكن الأخيرتين انفصلتا عن هذا الاتحاد، وأعلنت كلّ منهما دولة مستقلة.

قبيل ذلك كانت السعودية قد سعت لضم قطر لها وعدّها جزءًا من إقليم الأحساء، لكن واحترامًا لخاطر بريطانيا، تراجعت الرياض وتمّ الاعتراف بحدود قطر، لتتفجر بعد ذلك الأزمات بين البلدين نتيجة اكتشاف الذهب الأسود في قطر، لكن الراعي البريطاني الذي كان موجودًا في الخليج حينها، قدم الحماية لقطر مستثمرًا المصالح التجارية معها، وبقيت المشكلات بين قطر والسعودية تتفاقم حول هذا الموضوع وصولاً لعام 1965 تاريخ ترسيم الحدود بين الطرفين.

عام 1992 حصلت حادثة الخفوس، حيث أرسلت السعودية كتيبة عسكرية للسيطرة على مركز الخفوس الحدودي على خلفية تجمع قبلي في المناطق المتنازع عليها بين البلدين، وحيث يتوزع أفراد قبيلة مُرّة في هذه المناطق، وانتهت المعركة بمقتل ضابط سعودي وجنديين قطريين وسيطرة السعودية على المنطقة.

وفي عام 1995 اتهمت قطر الإمارات إلى جانب السعودية والبحرين بالتآمر ضد أميرها حمد بن خليفة آل ثاني.

أسباب الخلاف والتوتر

يقول فرانك غاردنر، محلل الشؤون الأمنية في قناة بي بي سي إنّ السبب الذي يقف وراء خطوة قطع العلاقات مع قطر، يتلخص في القناعة التي توصلت إليها الرياض وأبو ظبي والمنامة بأنّ الدوحة لا ترغب في إنهاء دعمها المزعوم للحركات المتطرفة في المنطقة.

وأضاف أنّ السعوديين يعتقدون أنّ قطر تسلّح جبهة النصرة في سوريا، وهي حركة جهادية مرتبطة بتنظيم القاعدة، كما تتهم الدول الخليجية قطر بدعم الحوثيين في اليمن، علاوة على حركة الإخوان المسلمين في مصر، كما تقول مصادر خليجية إن أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني كان قد وعد بإعادة النظر في سياسات بلاده وجعلها أكثر قربًا من سياسات باقي دول مجلس التعاون.

ويعتقد غاردنر أن الدول الخليجية لم تقتنع بما قامت به قطر في هذا المجال وألمحت إلى أنها قد تتخذ خطوات أكثر شدة إذا لم يتم حل الخلاف بين الجانبين.

السبب الأساسي لقطع السعودية علاقاتها مع قطر، بحسب ما أعلنت الرياض، هو سعي الدوحة لشق الصف الداخلي السعودي والتحريض على الخروج على الدولة.

في حين قالت الإمارات إنّ قطر تواصل دعمها وتمويلها واحتضانها للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة والطائفية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وعملها المستمر على نشر فكر تنظيم داعش وترويجه.

لكن اللافت في اتهامات البحرين لقطر قولها أن الدوحة تستمر في دعم الإرهاب على جميع المستويات وتعمل على إسقاط النظام الشرعي في البحرين

وبالتوازي مع الاتهامات البحرينية لقطر، برز أيضًا تقرير نشره موقع «24» المقرّب من حكومة أبو ظبي، اتهم فيه مؤسسة قطر الخيرية برعاية عدد من المنظمات الحقوقية ومنها منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان ومركز البحرين لحقوق الإنسان ومنتدى البحرين لحقوق الإنسان، ومنظمة سلام لحقوق الإنسان، ودعمها.

يقول متابعون مطلعون على الأجواء الخليجية، إنّ الاتهامات البحرينية لدولة قطر تأتي لتبرير انسياقها الأعمى وراء السياسة السعودية في جميع مفاصلها، وتحاول التصوير بأن قطر لها أدوار سلبية في دعم المعارضة البحرينية، وذلك لأجل إضفاء بعض الشرعية على قراراتها غير المبررة إطلاقًا تجاه قطر، بغض النظر عن صحة الاتهامات التي ساقتها الدول الثلاث لها بدعمها الحركات المتطرفة في المنطقة.

ويؤكد هؤلاء أنّه لم يثبت حتى الآن أي تدخل قطري في الشأن البحريني وأي دعم لأي جهة سياسية معارضة للنظام، وأن هذا الاتهام يأتي لدفع الإحراج عن هذا النظام، وذريعة لكي يلتحق بقافلة المطبّلين والخاضعين للإرادة السعودية.

ويضيف المراقبون أنّ السعودية والإمارات وكذلك البحرين غير أبرياء على الإطلاق من الاتهامات التي يوجهونها لقطر، ولا سيما أن هذه الدول أسهمت بشكل كبير في دعم المنظمات المتطرفة، وسهّلت وصول الإرهابيّين إلى البلدان التي تعاني أزمات كسوريا والعراق.

ماذا بعد هذه الخطوات التصعيدية؟

ما جرى أمس من خطوات تصعيدية، يطرح الكثير من الأسئلة حول مصير مجلس التعاون الخليجي، الذي لا تبدو أزمة سحب السفراء بين دوله عام 2014 إلا ضربة مخففة مقارنة بما يحدث اليوم، وتقول الدوائر الإعلامية المحسوبة على قطر إن قرارات السعودية والإمارات والبحرين الأخيرة لن تؤدي إلى ضرب الدوحة ومحاصرتها فقط، بل إلى تفكيك مجلس التعاون وضرب الوحدة الوطنية بين دوله، سواء على المستوى السياسي أم الاجتماعي أم الإقتصادي.

اللافت أيضًا، هو الموقف الإسرائيلي الذي تبنى ضمنيًا الموقف السعودي في الأزمة، حيث قال وزير الأمن أفيغدور ليبرمان «حتى الدول العربية بدأت تدرك أن الخطر على المنطقة ليس إسرائيل، بل الإرهاب الإسلامي، إن قرار الدول التي قطعت علاقاتها مع قطر يمكّن إسرائيل في حقيقة الأمر من مدّ يدها لها للتعاون في المعركة ضدّ الإرهاب».

وقالت صحيفة «جيروزاليم بوست» أن الأزمة تثبت عودة النفوذ الأمريكي إلى المنطقة ونزع الشرعية عن الإرهاب، وتسهم في تعزيز مواقع إسرائيل في المنطقة بشكل عام ومواقع الحكومة الإسرائيلية الحالية بشكل خاص.

بالتالي، إن في مقدور الولايات المتحدة الأمريكية وحدها حسم الأمر أو إطالة الأزمة، حتى تجني أكبر قدر من المكاسب، على طريقة دونالد ترامب، الذي لن يمانع في احتواء الموقف مقابل ألف مليار دولار إضافية يدفعها المتخاصمون، ولو كلاً على حدة.

فالمتنازعين اليوم هم شركاء، متحدون في المسؤولية عن دماء ملايين البشر في اليمن ومصر وليبيا وتونس وسوريا والعراق وفلسطين وباكستان وأفغانستان ومآسيهم، وهؤلاء الذين يتخاصمون اليوم، إنما يختلفون على من يكون صاحب الحظوة عند السيد الأمريكي، وليس أي شيء آخر.


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2017034448


المواضیع ذات الصلة


  • انتخابات البحرين: «المُرشح علي الحايكي جبانٌ من نوعٍ آخر»
  • انتخابات البحرين: «المرشّح العماني رؤيته السياسيّة الواعية التملّق.. وموقفه البرلمانيّ الشجاع توقّف عندنا»
  • انتخابات البحرين: «المُرشّح ياسر نصيف الموالي.. تغييرك يبدأ من معرفة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *