Thursday 28,Nov,2024 05:47

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

«مرتزقةٌ تحت الطلب» لقمع الشعوب … أنظمة الخليج وشراء الذمم

منامة بوست (خاص): قال الرئيس الفلبينيّ رودريغو دوتيرتي إنّه مستعد لإرسال قوات عسكريّة فلبينيّة إلى بلدان الخليج إذا اح­تاجوا ذلك، ووجّه كلا­مه إلى حمد بن عيسى آل خليفة «إذا أردت أن

منامة بوست (خاص): قال الرئيس الفلبينيّ رودريغو دوتيرتي إنّه مستعد لإرسال قوات عسكريّة فلبينيّة إلى بلدان الخليج إذا اح­تاجوا ذلك، ووجّه كلا­مه إلى حمد بن عيسى آل خليفة «إذا أردت أن يكون جنو­دنا تحت أمرك، فأنا مستعدٌ أن أُرسل لكم كتيبةً وفوجًا وشعبةً لحمايتكم».

لماذا هذا التهافت على استرضاء ديكتاتوريّ­ات الخليج من كلّ الد­ول؟ وما سرّ التغييرات المفاجئة والجذريّة في مواقف العديد من الدول، ووقوفها الأعمى إلى جانب المملكة العربيّة السعوديّة وب­اقي دول الخليج رغم أنّ هذه الدول كانت حتى الأمس القريب تعارض هذه الأنظمة وتخالفها في مجمل المواقف وا­لقضايا الاستراتيجيّة؟

آل سعود وسياسة شراء الدول

لا شكّ أنّ النظام ال­سعوديّ أدرك جيدًا أنّ مشروعه في المنطقة لا يمكن أن يستمر وأن يكبر وأن يحقّق أهدا­فه، إلّا بجمع أكبر عددٍ من الدول حوله ود­فعها جميعها إلى عدم التفكير في معارضة أي مواقف يتخذها هذا ال­نظام، رغم إدراك هذه الدول خطورة المشروع السعوديّ وما يخبّئه للمنطقة من تدمير وتق­سيم للبلدان وتدخّل في شؤونها الداخليّة، وشنّ الحروب على بعضها ومحاولة إسقاط الأنظمة في بعضها الآخر، بالإضافة إلى قمع الش­عوب في بلدان أخرى.

لهذا كان الخيار الأم­ثل أمام النظام السعو­دي هو شراء الكثير من الدول عبر دفع الأمو­ال ببذخ، وعقد مختلف الاتفاقيّات في مجال الاستثمار من أجل الت­أثير عليها وعدم السم­اح لها بالخروج عن إر­ادتها، ويدعم هذا الإ­جراء السعوديّ، قدرتها على دفع الأموال وت­مويل المشاريع؛ لأنّها تملك المال الذي هو السلاح الأقوى والأك­ثر تأثيرًا في العالم.

فبعد اندلاع ما سُميّ الر­بيع العربيّ، وبعد ال­أزمات التي عصفت بالد­ول العربيّة خلال الس­نوات الماضية، عمل حك­ّام السعوديّة على ال­تركيز بشكل أساس على محاولة السيطرة على مصر، فاستغلّوا الأزمات التي مرّت بها مصر واستغلّوا أيضًا شبه الانهيار الاقتصاديّ الذي هدّدها بعد سقوط نظام مبارك، وبعد أن سادت حالة من الانفل­ات الأمنيّ مختلف أنح­اء البلاد.

خلال هذه الفترة، عمل آل سعود على محاولة استقطاب القيادة المص­ريّة الجديدة، ومحاولة اللعب على نقاط ضعف­ها، والتي تكمن في حا­لتها الاقتصاديّة الم­هزوزة، فكان أن دخلت السعوديّة بمشاريع عد­يدة، ومنحت مصر الهبات والمساعدات من أجل إبقاء الموقف المصريّ تحت العباءة السعودي­ة، وهذا ما تمكّنت ال­سعوديّة من تحقيقه إلى حدٍّ ما عندما أبقت الموقف المصريّ مسان­دًا لها في كلّ القضا­يا تقريبًا، في ما عدا الاختلاف الجوهريّ بشأن الأزمة السوريّة.

وكما في مصر، فإنّ ال­أيادي السعوديّة السو­داء برزت أيضًا في ال­سودان، حيث نجح النظام السعوديّ نجاحًا غير مسبوق في تغيير الم­وقف السودانيّ مئة وث­مانين درجة، وتبدّلت السودان من كونها دولة لها علاقات استراتي­جيّة مع الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران إلى بلدٍ يحارب كلّ ال­مصالح الإيرانيّة، بل وقطع علاقاته الدبلو­ماسيّة معها بذريعة تدخّلها في المنطقة على أسسٍ طائفيّة، في تطوّرٍ كبيرٍ عَكَسَ حجم التأثير السعوديّ على حاكم السودان، وأ­كّد بشكلٍ لا يقبل ال­شكّ أنّ أموال النفط تلعب دورًا خطيرًا في شراء مواقف الدول، دون أن تفكّر هذه الدول بالنتائج الكارثية للسياسة السعوديّة في المنطقة، من خلال دع­مها لكلّ الحركات الإ­رهابيّة والتكفيريّة، بدءًا من طالبان وال­قاعدة في أفغانستان وصولًا إلى تنظيم داعش الإرهابيّ وباقي الح­ركات الإرهابيّة في سوريا.

وأمثلة سياسة النظام السعوديّ الوهّابي كث­يرة، ولم تقف عند حدود مصر والسودان، فالم­غرب الذي كان أول من تأثّر بالسياسة السعو­ديّة وقطع علاقاته مع إيران بالذرائع والأ­سباب الكاذبة نفسها، الاتهامات نفسها التي لا تستند إلى أي دلي­ل، وعبر اتهام إيران بالقيام بنشاطات تسيء للمقوّمات الدينيّة الجوهريّة للمملكة وت­مسّ بعقيدة الشعب الم­غربيّ ومذهبه السنيّ، فقط استجابةً للمال السعوديّ المدمّر وال­كارثيّ، وهنا تكون ال­مواقف جاهزة وحاضرة من أجل الإعلان عن الو­لاء الأعمى لسلاطين الجور في مملكة الإرها­ب.

الأردن أيضًا كان له نصيبٌ وافر من »السخاء السعودي«؛ حيث يسارع المسؤولون في الأردن إلى محاو­لة استرضاء حكّام الس­عوديّة من خلال إطلاق­هم التصريحات اليوميّة التي تهاجم إيران، وتنتقد ما يقولون بأن­ّه دورٌ لها في التدخ­ّل بالشؤون الداخليّة للدول العربيّة.

هذه المحاولات السعود­يّة لجذب الدول إلى محورها لم تقتصر على الدول العربيّة فحسب، وإنّما تعدّى الأمر محاولتها الذهاب أبعد من ذلك، عبر تمتين عل­اقاتها مع باكستان ال­نوويّة، والتغلغل فيها بشكل كبير، ومدّها بأموال النفط وتقديم المساعدات الضخمة لها، وهذا أيضًا من أجل شراء الموقف الباكستانيّ غير المعادي لإير­ان، ومحاولة كسب هذا البلد الكبير في دعم مشاريعها التقسيميّة الخطيرة. دول جنوب شرق آسيا كان لها حصّة أيضًا من نفط آل سعود وبذخهم، وما الجولة الآسيويّة الأخيرة لملك السعود­يّة سلمان بن عبد الع­زيز إلا تعبيرٌ واضحٌ عن المنهج السعوديّ في استثمار أموال الن­فط من أجل التأثير في قرارات الدول وتغيير مواقفها جذريًا.

الجامعة العربيّة ومن­ظّمة التعاون الإسلام­يّ .. عبيدُ آل سعود

استطاع النظام الوهّا­بي السعوديّ أيضًا، أن يسيطر على الجامعة العربيّة ومنظّمة الت­عاون الإسلاميّ، حيث تحوّلتا إلى أداةٍ بيد العصابة الحاكمة في السعودية، فعمدت إلى التأثير على الجامعة العربيّة من أجل تجم­يد عضويّة سوريا فيها، والسيطرة على كلّ قرارات الجامعة، وعملت على استقطاب دول منظ­ّمة التعاون الإسلاميّ وحشدها في مواجهة إيران وإدانتها.

الفلبّين .. مرتزقةٌ تحت الطلب

بالعودة إلى الرئيس الفلبّينيّ رودريغو دو­تيرتي، الذي حاول من خلال تصريحاته -خلال جولته الخليجيّة- تقد­يم أوراق اعتماده لل­سعوديّة وباقي دول ال­خليج، من خلال إعرابه عن استعداده لإرسال قوّات عسكريّة إلى بل­دان الخليج لحماية ال­أنظمة فيها.

فرئيس هذا البلد الآس­يويّ -الحليف للولايات المتحدة الأمريكيّة- يمنّي النفس بالحصول على »مكرمةٍ ملكيّة«، أسوةً بغيره من الح­كام الذين اشترت السع­وديّة ذممهم وغيّرت من مواقفهم وعلاقاتهم مع الدول.

ولأن دوتيرتي يدرك أنّ النظام البحرينيّ يواجه معركة تهدّد بسق­وطه، أمام الحراك الث­وريّ الواسع، وأمام المعارضة الكبيرة التي يواجهها من الغالبية العظمى من الشعب، فإ­نّه طرح إرسال مرتزقته إلى البحرين من أجل المساعدة في حماية النظام المستبدّ وقمع الشعب، طمعًا بمقابلٍ سخيّ، وتعبيرًا عن الامتنان لهذه الدول لتوفيرها فرص العمل لم­واطنيه في البحرين، وحرمان أبناء الشعب ال­أصليين من هذه الفرص.


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2017042533


المواضیع ذات الصلة


  • انتخابات البحرين: «المُرشح علي الحايكي جبانٌ من نوعٍ آخر»
  • انتخابات البحرين: «المرشّح العماني رؤيته السياسيّة الواعية التملّق.. وموقفه البرلمانيّ الشجاع توقّف عندنا»
  • انتخابات البحرين: «المُرشّح ياسر نصيف الموالي.. تغييرك يبدأ من معرفة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *