منامة بوست (خاص): فتحت «منامة بوست» في أغسطس/ آب من العام 2014 جرح المطاردين المفتوح والنازف، الذي كشف عن معاناة عشرات الشبّان (بعضهم يعيل عائلة)، وكيفية ظروفهم، وقد تحدّت بعضهم إلينا، من دون الكشف عن اسمه، تواريًا عن العين الأمنيّة التي تتربّص بهم الدوائر. ظنّ بعض المراقبين أنّ المحنة التي تطارد المطاردين ستضيق وتخبو مع فتور الوهج الثوريّ، غير أنّ النظام الخليفيّ لم يعد يعيش وفق المعادلة الطبيعيّة، فكلما ضاقت الوسيعة على دواعش السعوديّة في اليمن وسوريا والعراق ضيّق الخليفيّون على البحرينيّين معيشتهم، وحتى المطاردين الذين ألبسوا قضايا هم منها براء لم تشفع لهم برودة الشتاء ولا حرارة الصيف، وهم يلتحفون السماء ويتوسدون الأرض وتتوجع مضاجعهم ذات اليمين وذات الشمال، كما لو أنّهم في الشتات، ولو كانوا في الشتات لكانت الراحة أكثر حنانًا على آلامهم.

في 2017، افتتح الخليفيّ عامًا مملوءًا بالأسئلة المستعارة من عام 2011، لكن هذه المرة ببعدٍ إقليميّ، فتصفية المطاردين بـ«الرصاص»، كان أمرًا مدبّرًا عن سابق إصرار، إذ لم تكن الرصاصات التي اخترقت رضا الغسرة ورفيقيه إلا عنوانًا جديدًا من المواجهة، كما أنّ مطاردة «عبدالله العجوز» الشاب الذي ألبس أحكامًا تصل إلى 34 عامًا لم تكن مطاردة بريئة هدفها القبض عليه وإرجاعه إلى السجن؛ بل إن الرصاص هو الذي تحدث، وقائمة الشهداء هي التي شهدت على الجرم الجديد.

التفسيرات في نطاق الداخل البحرينيّ تصطدم بعدم مصلحة النظام في ذلك، فتذهب إلى أنّ المصلحة سعوديّة، توليفتها هي: تنفيس الضغط على الجبهات. وطالما السعوديّة عدّت المنطقة رقعة شطرنج مع خصومها فإنّ ذلك يفسّر المآسي غير المنطقيّة التي تمرّ بها البحرين.

وهذا التحليل ليس معلقًا على التخمينات، فوزير الخارجيّة السعودي عادل الجبير صرّح أخيرًا في مؤتمر ميونيخ للأمن: «إنّنا لا نستطيع أن نتعامل مع إيران ما دامت تنشر الإرهاب في كلّ من اليمن والبحرين والعراق».

هو يدّعي أنّ مطالب البحرين وازع إيرانيّ ذو أهداف إيرانيّة، وهذا الادّعاء بات ممجوجًا بعدد من المستندات، أجلاها تقرير محمد شريف بسيوني رئيس اللجنة الملكيّة لتقصي الحقائق.
الخشية أنّ ذلك التوجّه يتوسّع إلى نزفٍ شبه يوميّ، من دون أيّ حياءٍ دوليّ حيال جرائم ترتكب بحقّ شعب أعزل.