منامة بوست (خاص): اهتزت كلّ المشاعر الإنسانية في العالم يوم الجمعة 15 مارس/ آذار 2019، إثر المجزرة الإرهابيّة المروّعة التي ارتكبها أحد المتطرّفين في مسجدين بمدينة «كريست تشيرتش – Cristchurch» النيوزلنديّة، والتي راح ضحيّتها كحصيلةٍ أوليّة قرابة 59 رجلًا وامرأة مسلمين من المهاجرين المقيمين في هذه المدينة. وأظهرت المعلومات الأوليّة عن مرتكب هذه الجريمة أنّه مواطن أستراليّ الأصل اسمه «برينتون تارنت – 28 عاماً»*، يمينيّ متطرّف، وينحدر من عائلة تنتمي للطبقة العاملة، ووالده من أصولٍ اسكتلنديّة، إيرلنديّة، إنجليزيّة – حسب ما كتب هو بنفسه على شبكة الإنترنت، ويؤكّد أنّه من المؤيدين والمعجبين بشدّة بالرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» كرمزٍ لتجديد الهوية البيضاء، وأنّ أهدافه تشترك مع أهدافه – وفق تعبيره. وقد جاءت هذه الإفادات بعد نشر منفّذ الجريمة بيانًا على شبكات الإنترنت يتضمّن إعلانه بشكلٍ واضحٍ وصريحٍ عن أفكاره ضدّ المسلمين قبل تنفيذ الجريمة بثلاثة أشهرٍ تقريبًا، وسط انتقاداتٍ من نشطاء لنبرة الكراهية والعنصرية في هذا البيان – حسب تعبيرهم في مناقشته.
توالت، على مستوى العالم، ردود الأفعال على هذه الجريمة التي سبّبت هزّة وصدمة لحدوثها في بلدٍ كنيوزيلندا التي عُرفت باستقرار الأوضاع الاجتماعيّة والسياسيّة فيها، وانعدام حوادث الكراهية أو العنصريّة، في الوقت الذي انتشرت فيه مثل هذه الحوادث في بلدان القارة الأوروبيّة سابقًا.
كانت هذه المعطيات الأوليّة كافية لاستنطاق سفير البحرين في المملكة المتحدة «فواز محمـد الخليفة» بتغريدةٍ خارج سرب المتعاطفين مع هدير شلالات دماء ضحايا هذه المجزرة، حيث كتب مغرّدًا: «هناك خلل أخلاقيّ في تقييم الحاصلين على الجنسيّة سيجعل من أستراليا ملجأ للمتطرّفين، فكما هو واضح أنّها سهلة الخداع تحت قضايا مزيّفة مثل حقوق الإنسان» – «تمّ تصحيح أخطائه الإملائيّة».
سريعًا جاءت ردود الأفعال على تغريدة فوّاز كرصاصات منفّذ جريمة نيوزيلندا، وغالبيّتها ركّزت على مشروع مؤامرة التجنيس السياسي الذي يقوده ديوان قبيلة آل خليفة لتغيير التركيبة الديموغرافيّة للبحرين، وتنفيذ إبادة جماعيّة للهويّة البحرينيّة الأصيلة الذي فُضح في تقرير مستشار الديوان الملكي، البريطاني من أصول سودانيّة الدكتور صلاح البندر عام 2006.
وفيما يأتي نستعرض أبرز تغريدات النشطاء والردود التي انهالت على فوّاز الخليفة:
حساب ثورة الغضب، وتزامنًا مع الذكرى الثامنة لدخول القوّات الخليجيّة للبحرين والإسهام في سحق احتجاجات ثورة 14 فبراير/ شباط 2011، كتب هذه التغريدة:
https://twitter.com/bh14Feb2011/status/1106596418226130944
أمّا المغرّد باسم BasemDhan@ فقد كتب هذه التغريدة التوضيحيّة لفوّاز، علّه يتراجع ويحذفها ولكن دون جدوى:
فيما قال حساب المغرّد @MohammedAli8868:
https://twitter.com/MohammedAli8868/status/1106706462175195137
ورد المغرّد aelea55@ ساخرًا:
https://twitter.com/aelea55/status/1106591203758428160
وقدّم المغرّد fadhelyusyf@ مقارنة لفوّاز بين البحرين وأستراليا في سياسة التجنيس بهذه التغريدة:
كما قدّم المغرّد Ba7rain_@ نموذجًا آخر في هذه التغريدة:
ودخل الصحفي البحريني جعفر الجمري JAljamry@ على الخط ساخرًا هو الآخر بهذه التغريدة:
أما الناشط السياسي إبراهيم المدهون EAlmadhoon@ رد على فوّاز بهذه التغريدة:
وجاء ضمن الردود المغرّد khaledbahrain@ بهذه التغريدة:
وأخيراً دخل على خط الردود على فوّاز لاعب المنتخب الوطني لكرة القدم حكيم العريبي hakeem07746464@ الذي أصبح مواطنًا أستراليًّا منذ أيامٍ قليلة بهذه التغريدة:
https://twitter.com/hakeem07746464/status/1106685539556585472
فما علاقة هذه التغريدة السمجة بحادث نيوزيلندا؟ وإلى من يُشير «فوّاز ابن الحقب السود» في تغريدته؟ وهل تليق هذه السطحيّة برئيس البعثة الدبلوماسيّة البحرينيّة بلقب سفير فوق العادة مفوض في بلدٍ مثل المملكة المتحدّة؟ وما هو حلّ لغز أحجية تغريدة فواز الخليفة؟ سنجد الإجابة بكلّ بساطة في تغريدة لاعب منتخب البحرين الوطني السابق «حكيم العريبي».
إذن هنا مربط الفرس، إنّه اللاعب حكيم العريبي الذي حصل على الجنسيّة حديثًا في أستراليا، بعد معركةٍ دبلوماسيّةٍ حامية بين البحرين وتايلاند التي اعتُقل فيها العريبي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، وقد حُسمت المعركة لصالح حكيم، بعد إطلاق سراحه في فبراير/ شباط الماضي، ليعود حرَّا إلى ملجأه في أستراليا ونيله جنسيّتها في احتفاليّةٍ رسميّة بحضور وزيرة الخارجيّة الأستراليّة ورئيس الوزراء.
أراد فوّاز الخليفة الاستمرار في اللعب «بفتات أوراقه الخاسرة» في قضيّة اللاعب «حكيم العريبي»، والإصرار على تصديق كذبته وكذبة عائلته في اتهام «العريبي» ووصف بالمتطرّف اللاجئ في أستراليا، وخدعها بقضيّةٍ مزيّفة تحت عنوان حماية حقوق الإنسان، وانطلت الخدعة عليها حتى منحته جنسيّتها»، لكنّ المغرّدين ألقموه الأحجار المناسبة لسماجته، والمداوية لآلام صرخاته جرّاء خسران هذه المعركة التي حرمته التشّفي والانتقام من العريبي. ومجدّدًا نطرح السؤال بشكلٍ آخر.. لماذا ألمح فوّاز في تغريدته إلى «الرياضي حكيم العريبي»؟! وهو مجرّد سفير للبحرين في بريطانيا فقط.. فمن هو فوّاز محـمد الخليفة؟! حتى نتعرّف إليه فلنستعرض بعض ملامح سيرته الذاتيّة.
فوّاز محمـد الخليفة هو نجل وزير داخليّة البحرين السابق في «حقبة أمن الدولة السوداء»، ورأس جرائم التعذيب والقتل في الانتفاضة التسعينيّة، وكما يصفه المقرّبون منه بأنّه لا ينسى ولا يترك انتقامه من خصومه مهما كلّف الأمر عبر أدواته المختلفة وتسخير علاقاته في أجهزة الدولة ولا سيّما الأجهزة الأمنيّة، وشأنه كشأن بقيّة أفراد عائلته في تلقي الدراسة والتدريبات العسكريّة من الكليّة الملكيّة «سانت هيرست» في بريطانيا عام 1994. وأبرز المناصب الحكوميّة التي تولّاها في مؤسسات ووزارات الدولة، التحاقه بديوان الخدمة المدنية عام 1990، ثم الهيئة العامة لصندوق التقاعد عام 1992م، إلى أن تمّ تعيينه مديرًا لإدارة الاستثمار بالهيئة عام 1995م، إضافة إلى مناصب إداريّة وفخريّة في عدد من اللجان والهيئات والنوادي الرياضية والشركات والمؤسسات التابعة للحكومة أو التي تمتلك أسهمًا فيها. بعدها تولى رئاسة المؤسسة العامة للشباب والرياضة بدرجة وزير مدّة عشر سنوات، من عام 2000 – 2010، وقد اعتبر الموظفون في المؤسسة الرياضية أنّها تحوّلت لوزارة داخليةٍ أخرى في البلاد في تلك المدّة.
استثمر فوّاز منصبه في رئاسة المؤسسة العامة للشباب والرياضة في تنفيذ مشروع التجنيس السياسي وتطبيقه في الأوساط الرياضية، باستقدام الرياضيّين من بلدان الإقليم المغاربي وأفريقيا، واستخدام وسطاء وسماسرة مختصّين لهذا الغرض، ولا بدّ لمثل هذه العمليّات من أن يكون لها هامش ربحي بحسب مصادر إعلاميّةٍ رياضيّة، والتي رجّحت أن يكون هذا أحد أسباب إزاحته من رئاسة المؤسسة العامة من قبل نجل حاكم البحرين المدلّل ناصر حمد الخليفة، وتحطيم أحلامه برئاسة اللجنة الأولمبيّة، بمباركةٍ من «خصمه اللدود» سلمان إبراهيم الخليفة، والذي لا يقلّ فسادًا وإجرامًا هو الآخر عن فوّاز.
بعد ذلك صار فوّاز رئيس هيئة شؤون الإعلام بدرجة وزير في يوليو/ تمّوز 2010 – حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2012. تخلل مدّة رئاسته للهيئة الإعلامية اندلاع احتاجات ثورة 14 فبراير/ شباط 2011، فوجدها فرصة سانحة لتصفية الحسابات القديمة من خصومه الصحفيين الرياضيين الذين فضحوا سياساته بتجنيس الرياضيين المغاربة والأفارقة أثناء رئاسته للمؤسسة العامة للشباب والرياضة وكشف صفقات سمسرته، كما أشعلت مشاركة الرياضيين والصحفيين الرياضيين في الاحتجاجات غضب فوّاز الذي لجأ إلى لعب دور «البلطجيّ» بالوقوف في دوار الساعة بمنطقة الرفاع، بين صفوف القوات الأمنيّة وحملَة السيوف والأسلحة لمواجهة المسيرة الشعبية الحاشدة المتجهّة نحو الديوان الملكي. أعقب ذلك على الهواء مباشرة محاكمات إعلاميّة للرياضيين على شاشة التلفزيون الرسمي ومباركة اعتقال العديد منهم، أبرزهم الأخوين علاء ومحـمد حبيل وغيرهم من الكوادر الرياضيّة، فضلًا عن فرض المزيد من القيود على الحريّات الإعلامية على المواطنين ولا سيّما في وسائل التواصل الاجتماعي، بمطاردة المغرّدين وزجّهم في أتون الاعتقال والتعذيب بتهم التحريض على كراهية النظام.
في الأول من ديسمبر/ كانون الأول 2012، أصدر حاكم البحرين حمد عيسى الخليفة مرسومًا حمل رقم 81 لسنة 2012، يقضي بتعيين فواز الخليفة وزيرًا للدولة لشؤون الاتصالات، وهي معركة أمنية جديدة خاض غمارها فوّاز، بفرض المزيد من الأدوات الرقابية وقيادة عمليّات التجسّس على المواطنين مع كلّ ضغطة زرّ على هواتفهم أو أجهزة الحواسيب في أيّ شبرٍ في البلاد، عبر شراء برامج واستقدامٍ لخبراتٍ أجنبيّة من شتى أصقاع الأرض بملايين الدولارات، كان الأولى أن يتم ضخّها داخل البلاد على أدنى تقدير في المشاريع التنمويّة.
تطول السيرة الذاتيّة لابن «الحقب السود» وسيرِهِ على نهجها كإرثٍ من أبيه، وصولاً إلى تعيينه سفيرًا في أغسطس/ آب 2015، في المملكة المتحدة، البلد الأبرز في دعم انتهاكات قبيلة آل خليفة لحقوق الإنسان بحقّ المواطنين، في الوقت الذي يستمرّ فيه «العرق القبلي الأرعن» بالنبض في رأس فواز، ومن هم على شاكلته في هذه العائلة التي زرعتها قوى الاستعمار البريطاني «كأخبث شجرةٍ» في تراب البحرين، ومذ ذلك الحين وحملات حربها لم تتوقف ضدّ أبناء الشعب الأصيل. فكلّما نبضت هذه العروق نضحت بما فيها من حقدٍ ورغبة في التشفّي والانتقام من كلّ مواطنٍ على هذه الأرض الطيّبة، وسيلقى فوّاز وكلّ من ينتمي لهذه الشجرة الخبيثة مصيره الحتمي بالاجتثاث.
118 حرفًا كتبها فوّاز الخليفة على حسابه في تويتر لخّصت «خيبة القبيلة» في مواجهة شابٍ بسيطٍ مفعمٍ بالنشاط والحيوية والرياضة كحكيم العريبي، ويرغب بشق طريقه في حياته بسلام بعيدًا عن أن يكون كبش محرقة لانتقام خائبٍ مثل فوّاز. ونصيحتنا ألا تمسح هذه الحروف التي أثارت سخرية المغرّدين يا فوّاز، فهي ليست أقلّ خيبة من تصريحك الذي تراجعت عنه، عن إرسال قوات عسكريّة بريّة من البحرين إلى سوريا.. وإثارة سخرية وزير الخارجيّة السوري «وليد المعلم».. ولعلّك تتعلّم..!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) برينتون تارنت: يبلغ من العمر 28 عامًا كما أُعلن في وسائل الإعلام، وعمره الحقيقي 42 عامًا، ينحدر من أبوين بريطانيين من أصول يهودية. نزحت عائلته من «دولة الكيان الإسرائيلي» عقب حرب 48 إلى بريطانيا ثم إلى نيوزلندا ومكثت بها 11 عامًا، ثم استقر الأمر بالعائلةِ للإقامة في أستراليا والحصول على الجنسية الأسترالية في العام 1970. ذهب برينتون لدولة الكيان في عام 2017 و2018 في زيارات استغرقت ستة أشهر، وهو عضو بالمحفل الماسوني بالعاصمة الأسترالية «كانبيرا»، ومصنّف لدى أستراليا «يميني متطرف».