منامة بوست (خاص): تستضيف البحرين يومي 25 و26 يونيو/ حزيران الجاري ورشة العمل الاقتصاديّة «السلام من أجل الازدهار»، بدعوة من الإدارة الأمريكيّة ونظام البحرين، في مؤتمر يُعدّ الخطوة الأولى على طريق تنفيذ ما سُمّي «صفقة القرن».
خطوات قليلة تفصل العالم عن هذا الحدث الذي يريد من خلاله بعضهم تغيير وجه المنطقة، عبر ورشة مزعومة، دعا إليها مجنون الإدارة الأمريكيّة دونالد ترامب، وفتح ذراعيه لاستضافتها –مُرغمًا- حاكم البحرين حمد عيسى الخليفة.
بموقف موحّد وقفت فلسطين، بسلطتها وفصائلها وشعبها، قالت كلمتها «لا لمؤتمر الخيانة في المنامة.. ولا لبيع القدس وفلسطين».
رسالة فلسطين وصلت، وتلقّفها شعب البحرين، وأكملها بالرفض الكامل والتامّ لتمرير صفقة القرن عبر المنامة، وعبر مؤتمرات واهية، لا تعدو كونها تجمّعات للتوقيع على سلب الحقوق من أصحابها، ووهبها للغاصبين.
ولعل المشهد الأبرز وسط هذه الأحداث المتسارعة في المنطقة، هو ما قام به المتظاهرون في مدينة بيت لحم الفلسطينيّة، حيث أقدموا على إحراق صورة حاكم البحرين حمد عيسى الخليفة، إلى جانب صورتي ترامب ورئيس وزراء الكيان الصهيونيّ بنيامين نتنياهو.
ولا بدّ من الوقوف مليًا أمام هذا التطوّر غير المسبوق في التعاطي الشعبيّ الفلسطينيّ مع حكّام الخليج، حيث كان هناك حرص دائم على عدم انتقادهم أو مهاجمتهم، رغم عملهم الدائم والدؤوب ضدّ القضيّة الفلسطينيّة، وضدّ الشعب الفلسطينيّ، وكان هناك شبه تسليم بأنّه لا يوجد أيّ مصلحة في معاداة هذه الدول أو حتى انتقاد حكّامها، لما لها من تأثير كبير في العالمين العربيّ والإسلاميّ.
لكن ما الذي غيّر الموقف الفلسطينيّ من حكام الخليج، هل هي ورشة المنامة؟ وإصرار حكّام البحرين على أن تكون انطلاقة «صفقة القرن» من أراضيها؟
الأكيد أنّ استضافة هذه الورشة أسقطت الأقنعة، وفضحت بعض الأنظمة الخليجيّة المهرولة إلى التطبيع، والساعية إلى شرعنة الكيان الصهيونيّ، والمسارعة إلى تصفية القضيّة الفلسطينيّة بما يتماشى مع المصالح الصهيونيّة.
وما هو أكيد أيضًا، أنّ الشعب الفلسطينيّ أدرك أنّ هؤلاء الحكّام هم العدوّ الأول للقضيّة الفلسطينيّة، والخطر الأكبر عليها، وبدأ منذ الإعلان عن تنظيم هذا المؤتمر برفع الصوت عاليًا في وجه هؤلاء، وخرجت كلّ الأصوات الفلسطينيّة لتدعو إلى رفضه وإلى عدم حضوره.
صورة حكام الخليج المطبّعين سقطت، وعلى رأسهم مستضيف «مؤتمر الخيانة» حمد عيسى الخليفة. ومن المفارقات أنّ صورة مشتركة تجمعه مع رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو تمّ حرقها بأيادٍ فلسطينيّة، لتسقط معها تلك الهالة الوهميّة التي كانت تحيط بهؤلاء الحكّام الخليجيين، ولتخرج الأصوات الفلسطينيّة التي تقول إنّ من يشارك في هذه الورشة خائن للقضيّة.
فعلى مرّ الزمن، كانت وطنيّة الحكّام والشعوب وعروبتهما تُقاسان بمقدار ولائهم وتأييدهم للقضيّة الفلسطينيّة، والآن وبعد 71 عامًا على نكبة فلسطين، ما زال المقياس هو نفسه، فمن كان وطنيًا وحاملًا للقضيّة وإلى جانب الشعب الفلسطينيّ في محنته وحقوقه، ويرفض المساس بمقدّسات الأمّة، فستسانده الشعوب وتؤيّده، ومن كان راعيًا لـ «مؤتمر المنامة التطبيعيّ» ومرحِّبًا به، فستلفظه الشعوب، من فلسطين إلى البحرين، إلى كلّ الشرفاء في هذا العالم.
اليوم حرق الشعب الفلسطينيّ صورة حاكم آل خليفة، وغدًا سوف تُحرق المزيد من الصور، وتسقط المزيد من الأقنعة، وليأتي اليوم الذي لن تُرى صور «حمد» وأمثاله إلا مرميّة في الطرقات، تدوسها أرجل الثائرين العابرين في طريقهم إلى القدس، لتحريرها واستردادها من أيدي الصهاينة، ولتسقط معها كلّ العروش الخائنة والمتاجرة بفلسطين وشعبها.