Thursday 28,Nov,2024 01:42

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

ردُّ الإعلام الرسمي في البحرين على «ما خفي أعظم».. «صمَتَ دهرًا ونطَقَ كفرًا»

منامة بوست (خاص): صمت تلفزيون البحرين الرسميّ دهرًا ونطق كفرًا.. لا أحد من المشاهدين يعلم ما الذي أراد تلفزيون العائلة الحاكمة في البحرين نفيه من خلال التقرير

منامة بوست (خاص): صمت تلفزيون البحرين الرسميّ دهرًا ونطق كفرًا.. لا أحد من المشاهدين يعلم ما الذي أراد تلفزيون العائلة الحاكمة في البحرين نفيه من خلال التقرير الذي عرضه ردًا على فيلم قناة الجزيرة التحقيقيّ «ما خفي أعظم».

فإذا كان الهدف من وراء هذا التقرير هو نفي علاقة الأجهزة الأمنيّة في البحرين بتنظيم القاعدة الإرهابيّ، وبالتالي تبرئة حاكم البحرين من تهمة اللجوء إلى التنظيم المذكور لضرب المعارضة، فإن الهدف لم يتحقّق.. لأنّه ببساطة، وبـ«بلاهته» المعهودة، ثبّت الإعلام الرسميّ –ومَن وراءه- هذه التهمة وأكدها، وأعطى دليلًا إضافيًا -تشكره عليه قناة الجزيرة القطريّة- على صحّة ما ورد في الحلقة الفضائحيّة «اللاعبون بالنار».

أصر إعلام البحرين بسذاجة على اللعب بالنار، وحاول تحدّي إعلام قطر، فبانت الفروقات الهائلة بينهما.. فظهر الأول «هاويًا وسخيفًا» أمام إعلام جهّز وحضّر «فرضه المنزلي» وأتقن عمله، وخرج بفيلم تحقيقيّ احترافيّ، كان من اللازم الردّ عليه بآخر أكثر احترافيّة، وبكل هدوء ورزانة ورصانة إعلاميّة، وليس كما شاهدنا، ويعجز اللسان عن وصف هذا الفشل.

وإذا أردنا أن نفصّل الهفوات الكارثيّة والتناقضات الكثيرة التي تضمّنها تقرير التلفزيون الرسميّ –الذي لم يتخطّ الـ9 دقائق- لاحتجنا إلى صفحات، كي نوضح المستوى المتدنّي الذي وصل إليه إعلام النظام.

التقرير تضمّن تسجيلًا مع أحد «أبطال» فيلم قناة الجزيرة القياديّ في تنظيم القاعدة الإرهابيّ «محمّد صالح»، الذي أقرّ بعلاقة حاكم البحرين حمد عيسى الخليفة بتنظيم القاعدة، واستعانته به من أجل تنفيذ عمليات اغتيال ضدّ شخصيات بارزة في المعارضة البحرينيّة.

«محمّد صالح» يتحدّث مجدًدا، لكن هذه المرّة من مبنى جهاز الأمن الوطنيّ، وتحت تهديد عناصره، ليردّ على كلام كان قد قاله بملء إرادته بكلام تمّ تلقينه إياه. ورغم ذلك، فإنه لم ينفِ ما تحدّث به في فيلم الجزيرة، ولم يتطرّق إلى ما ورد في مضمونه، بل إن جلّ ما نفاه هو علاقته بقناة الجزيرة، أو أن يكون قد حصل أيّ تواصل منه معها، وكأنّ «جريمة» التواصل مع قطر هي أقصى ما يمكن ارتكابه في البحرين، علمًا بأنّ القناة القطريّة لم تدّعِ أبدًا أنّها هي التي تواصلت وسجّلت معه، ولم تتطرّق في حلقتها إلى أيّ علاقة تربطها بالإرهابيّ المذكور، فيكون بذلك قد نفى ما لا حاجة إلى نفيه، وكانت هذه بداية السقطات.

بطل آخر يظهر في تقرير تلفزيون النظام، إنّه «جمال البلوشي»، شقيق قائد جماعة جند الله الإرهابيّة «هشام البلوشي»، الذي ظهر في فيلم الجزيرة أيضًا، والذي كانت الأجهزة الأمنيّة الإيرانيّة قد أعلنت عن قتله عام 2015.. «الشقيق» أراد أن «يكحّلها فعماها»، فأكد أنّ «علاقة أخوي بالأجهزة الأمنيّة جيدة، ما قصّروا معه، ودائمًا كانوا يساعدوه، ودائمًا كانوا ينصحوه». إثبات حقيقيّ وملموس، وخدمة «مجانيّة» قدّمها التقرير والقائمون عليه لقناة الجزيرة، بأنّ الإرهابيّ البلوشي كان مقرّبًا من الأجهزة الأمنيّة في البحرين، وليؤكد أنّ كلّ ما قاله في تحقيق الجزيرة لم يكن فبركات، لتكون هذه سقطة أخرى من سقطات تلك «الليلة السوداء» على النظام.

خدمة أخرى قدّمها تقرير النظام، فالحَلَقة الناقصة التي لم تكن واضحة بالنسبة للمشاهدين بعد فيلم قناة الجزيرة هو مكان حدوث هذه التسجيلات، والأقاويل التي حاول «مطبّلي النظام» الترويج لها عن أنّ قطر هي التي أجبرتهم على تسجيلها، لتأتي التبرئة على لسانهم وعبر تقرير أعدّه جهاز أمنيّ فاشل، وتكون الصدمة بأنّ التسجيل تمّ في البحرين، ودون أيّ إكراه من أحد، بل وبالاتفاق بين صالح والبلوشي وآخرين؛ وهنا سقطة أخرى.

بسذاجة أراد مَن أشرف على إعداد التقرير أن يُقنع المشاهدين بأنّ كلّ ما تمّ تسجيله كان فبركات من أجل «الضغط على الجهات الأمنيّة، ويكون لها وزنًا ثقيلًا إعلاميًا»، وذلك من خلال «حوار وهميّ» جرى بين «الشقيقين البلوشي» بعد انفضاض جلسة التسجيل.. حوار لا يمكن أن يقدّم دليلًا مقنعًا لطفل صغير، لإقناعه بأمرٍ ما.. يسأل «جمال» شقيقه «هشام» «لماذا سجلتم تسجيل فيديو، وأنت تتكلّم عن الأجهزة الأمنيّة، و«محمّد صالح» يتكلم عن الأجهزة الأمنيّة، ويذكر أنّه كُلّف بالقيام بعمليات اغتيال، يعني هذه أمور غير صحيحة؟»، فيجيبه «نعم، هذه الأمور غير صحيحة». وهنا على المشاهد أن يصدّق هذه الحوار، وأن يثق بمصداقيّة «جمال» الذي «أفحم» قناة الجزيرة بهذا الدليل. وإن كان هناك من لم يصدّق حصول هذا الحوار، فما عليه سوى الرجوع إلى «هشام»، وسؤاله عن صحّة ما ورد. لأنّك تستطيع أن تكذب ثمّ تكذب ثمّ تكذب، وأنت تختلق أحاديث وروايات حدثت لك مع أشخاص ميتين، دون أن يكون هناك أيّ شهود، ولأنّ الميت لن يقوم من قبره ليؤكد أو ينفي ما تقول، و«الدليل قالوا له»..!

لقد بدا من هذا التقرير أنّ أكثر ما كان يؤرّق ويشغل بال نظام البحرين هو معرفة كيفيّة وصول هذه التسجيلات إلى قطر، وليس السعي بطريقة منطقيّة وسَلِسَة ومُقنِعة إلى نفي ما ورد في فيلم الجزيرة، أو الإتيان بأدلّة تدحض الاتهامات التي أوردها لرأس النظام. واكتفى المعنيّون بعبارةٍ قالها الإرهابيّ صالح «وما سرّب التسجيلات إلى قطر إلا بمبلغ ماليّ»؟ وهنا نكرّر السؤال الذي طرح نفسه على «المحامي عبدالله هاشم» المحامي لحركة العدالة وأحد أبرز مؤسسيها؛ كيف علم «محمّد صالح» أنّ قطر اشترت هذه التسجيلات، وهو أكد أنّه ليس لديه أيّ ارتباط بقناة الجزيرة؟؟!

ثم لم يكن لدى إعلام البحرين أيّ مانع من إلصاق هذه التهمة – تسريب التسجيلات- بأحد الأشخاص الذين تمّ الكشف عن أنّه كان موجودًا لحظة التسجيل «محي الدين خان»، الأمين العام لحركة العدالة، والذي أشار التقرير إلى أنّه «هارب إلى تركيا»، ليأتي الرد من خان بفيديو مصوّر يؤكد أنّه ليس هاربًا، ويتهم النظام بـ«الفجور في الخصومة»، ويشير أيضًا إلى أنّه في الأساس لا يملك نسخة من التسجيلات الموجودة لدى بعض الحاضرين في تلك الجلسة، على الرغم من أنّه كان حاضرًا لحظة تصويرها، ويتهم سلطات البحرين بأنّها لقّنت «محمّد صالح» والباقين الكلام، ليخرجوا منها، ولكن ليس «بكيفهم أو برغبتهم، إنّما مجبورين».

ربما كان من الواجب على إدارة قناة الجزيرة القطريّة أن تبعث برسالة شكرٍ وامتنان إلى تلفزيون البحرين الرسميّ وإلى وزارة الإعلام في البحرين، فقد وفّروا عليها جهد عرض جزء ثانٍ من فيلم «ما خفي أعظم»، والتي ربما كانت ستضطر فيه إلى تقديم أدلّة وبراهين على ما ورد في الجزء الأول.. لكن الأكيد أنّ ما نشرته الجزيرة ما زال ناقصًا، وهناك الكثير من الحقائق والفضائح التي تورّط بها النظام الحاكم في البحرين، وربما يكون هناك «ما هو أخفى من خفي.. وأعظم».


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2019129527


المواضیع ذات الصلة


  • انتخابات البحرين: «المُرشح علي الحايكي جبانٌ من نوعٍ آخر»
  • انتخابات البحرين: «المرشّح العماني رؤيته السياسيّة الواعية التملّق.. وموقفه البرلمانيّ الشجاع توقّف عندنا»
  • انتخابات البحرين: «المُرشّح ياسر نصيف الموالي.. تغييرك يبدأ من معرفة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *