Thursday 28,Nov,2024 01:48

صحيفة بحرينية مستقلة

صحيفة بحرينية مستقلة

ائتلاف شباب 14 فبراير «يحرق بشت» سفير المنامة في بغداد

منامة بوست (خاص): يقول «خلف بطيّان العتيبي»، وهو أحد شعراء شبه الجزيرة العربيّة في إحدى تغريداته، «البشت مايهدا على كلّ رجّال.. وﻻ كلّ رجلٍ يلبس البشت قدّه».

منامة بوست (خاص): يقول «خلف بطيّان العتيبي»، وهو أحد شعراء شبه الجزيرة العربيّة في إحدى تغريداته، «البشت مايهدا على كلّ رجّال.. وﻻ كلّ رجلٍ يلبس البشت قدّه».

وارتبط «البشت»، أو العباءة البدوية الرجاليّة أو البردة الفاخرة بالوجاهة والأناقة لدى العرب، وأصبحت مقياسًا للهيبة والوقار ورقيّ المكانة الاجتماعيّة أو الرسميّة في بلاد الشام ودول الخليج، ولا سيّما لدى شيوخ القبائل والعشائر ورجالها، والشاعر على ما يبدو يهجو في شعره كلّ من «هبّ ودبّ»، ممن لا يليق به ارتداء «البشت»، وإعطاء نفسه هذه القيمة التي لا يستحقّها.

في وقتنا الحاضر نرى حُكّام دول الخليج والوزراء والدبلوماسيّين وغيرهم ممن تسنّموا مناصب رفيعةٍ في الدولة، قد اتخذوا «البشت» جزءًا أساسيًّا مُكمّلًا للباسهم الرسميّ أو الزيّ الخليجيّ المُكوّن من «الثوب والغترة والعقال»، ولم يقتصر ارتداء هذا الطقم على وجودهم داخل بلدانهم وحسب، بل تعداه إلى وجودهم في دولٍ أخرى خارج نطاق الجغرافيا الخليجيّة، عبر تولّيهم مناصب سفراء وممثلّي قنصليات فيها.

أحد هذه النماذج «صلاح علي المالكي» الذي عيّن سفيرًا للبحرين لدى العراق عام 2008، ويُعدُّ أحد أوائل السفراء العرب في بغداد بعد سقوط النظام السابق عام 2003، إلى أن صدر مرسومٌ من حاكم البحرين «حمد عيسى الخليفة»، بتعيينه سفيرًا فوق العادة مفوّضًا للبحرين لدى الكويت أواخر سبتمبر/ أيلول 2019، بعد أحد عشر عامًا من التمثيل الدبلوماسيّ في العراق، وبعد التحاقه بالعمل في وزارة الخارجيّة البحرينيّة في العام نفسه الذي حصل فيه على شهادة بكالوريوس علوم سياسيّة من جامعة الكويت عام 1997، والتي أهّلتهُ «للقفز السريع» من منصبٍ لآخر في الوزارة، فضلًا عن تصدّره قائمة الرئاسة والعضويّة لوفودٍ دبلوماسيّة تمثيليّةٍ إقليميّة ودوليّة، تفوق قدرات حامل شهادة بكالوريوس بإمكان أيّ مواطنٍ بحرينيٍ عاديّ الحصول عليها ومستواه، لكنّ هذا المواطن لن يتمكّن من شغل كلّ هذه المناصب في زمنٍ قياسيٍ يفوق سرعة «قفز الأرانب»، وربما يكمن السرُّ في «بشت المالكي» الذي فتحت خيوطه الذهبيّة المطرّزة أمامه كلّ الأقفال الصدئة.

بعد أكثر من عقدٍ من التمثيل الدبلوماسيّ يغادر «صلاح المالكي» بغداد إلى الكويت حاملًا «بشته المُطرّز» معه بعد «ظروف عملٍ صعبةٍ بعض الشي» كما قال في إحدى تغريداته ردًّا على «عبد الرحمن الحسيني» سفير العراق لدى فرنسا أثناء توديعه على تويتر. ونحن بدورنا نتّفق مع سعادة السفير ونؤكّد صعوبة ما مرّ به أثناء مدّة عمله هناك، وخصوصًا في السنوات الأخيرة. وحفاظًا على «الكاريزما الدبلوماسيّة» واحترامًا لهيبة «بشت السفير» ووقاره، آثرنا «تخفيف العناء عن سعادته والقيام بدور الفضفضة» نيابة عنه، بعد خوضه معارك «حامية الوطيس» في بغداد مع تنظيم ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير والمواطنين المُطاردين طيلة السنوات الماضية، والتي أسفرت عن احتراق «بشته المطرّز بالفشل الدبلوماسيّ»، بالرغم من وصف حكومة البحرين إيّاه «بعميد السلك الدبلوماسيّ».

لقد خاض السفير المالكي في بغداد عدّة جولاتٍ خاسرةٍ أمام «التنظيم السرّي»، بل ومُنيت هذه الجولات بفشلٍ أكثر من ذريع، بالرغم من استخدامه «أقذر الوسائل» للخروج بذرّة انتصارٍ ولو وهميّ يُثلج صدره من جانب، أو أن يكتم به «ثغاء» وزير خارجيّة البحرين «خالد أحمد الخليفة» من جانبٍ آخر، غير أنّ ذلك أصبح أشبه بالحلم لديهما بعد محاولاتهما البائسةِ واجتهادهما «بالدبلوماسيّة الحمقاء» تارة، وبأسلوب «العصابات الدبلوماسيّة» تارة أخرى.

ولعلّ أبرز محطّات السجال بين المالكي وائتلاف شباب 14 فبراير، تنظيم سلسلة «معرض شهداء البحرين ومحور المقاومة» في مدينة كربلاء المُقدّسة في كلّ عام، بالتزامن مع ذكرى أربعينيّة الإمام الحسين «عليه السلام»، وكثافة الإقبال الجماهيري والنخبوي على المعرض، الأمر الذي أزعج وزارة الخارجيّة البحرينيّة، وإيعازها سفيرها بتحريك «أدواته الدبلوماسيّة» ومخاطبة المسؤولين في الحكومة العراقيّة لمنع إقامة المعرض وتسليم القائمين عليه للجهات الأمنيّة البحرينيّة، بحجّة أنّهم مطلوبون للسلطات البحرينيّة بتهمٍ إرهابيّة، وأنّ هذا المعرض الذي يكشف جرائم النظام الحاكم يؤثّر في العلاقات بين البلدين.

لم تمرّ هذه المزاعم على المسؤولين في الحكومة العراقيّة، لحماقة الدبلوماسيّة البحرينيّة باتّهامها أطرافًا عراقيّة بدعم أنشطةٍ تصفها حكومة البحرين بالأعمال المُشينة والمزعزعة لأمنها، وستكون النتيجة بكلّ تأكيد تجاهل مثل هذا الطلب من الجانب العراقيّ، ليكون بمثابة الصفعة على خدّ الدبلوماسيّة البحرينيّة التي سُمِع دويّها من بغداد إلى المنامة.

لم يتمكّن المالكي من «تجرّع مرارة غصّة» مثل هذه الصفعات كونه مرتديًا «بشت الدبلوماسيّة الخارجيّة»، فلم يجد سبيلًا سوى السير على خطى «حماقة من يعلوه رتبة» في الدبلوماسيّة البحرينيّة، «بالرغي والزبد» في الوسائل الإعلاميّة، ووصف المعارضين البحرينيّين بالإرهابيّين الذين يصولون ويجولون في العراق، وهم مدعومون من جهاتٍ إرهابيّة عراقيّة، والأدهى من ذلك أنّهم يقيمون مؤتمرات ومعارض، وفي الوقت ذاته يطالب السلطات العراقيّة بإلقاء القبض عليهم بموجب مذكرّات قانونيّةٍ دوليّة، ولكن من دون جدوى، ليجد نفسه «مجبرًا على غمس هذه المذكرّات بماء الفرات كي يتمكّن من ابتلاعها مرغمًا».

تطوّرت مراحل السجّال «بين السفير المالكي والتنظيم السريّ» إلى المواجهة العلنيّة وجهًا لوجه في ديسمبر/ كانون الأول 2018، وربما تعمّد ائتلاف شباب 14 فبراير هذه المرّة إلى التحرّش المباشر «ببشت المالكي» في المنطقة الخضراء بقلب العاصمة العراقيّة، وبالتحديد في «فندق الرشيد»، وهو مقرّ إقامة أعضاء الوفد الدبلوماسي البحرينيّ بشكلٍ دائم. وقد شهد الفندق مؤتمرًا رسميًّا أعلن فيه الائتلاف تدشين مكتبه السياسي بحضور «رئيس الوزراء العراقي السابق ورئيس كتلة دولة القانون نوري المالكي»، والعديد من الشخصيّات الدبلوماسيّة وممثلي الأحزاب والفصائل العراقيّة، وانفردت «صحيفة منامة بوست» بتفاصيل ما جرى خلف كواليس هذا المؤتمر في تقريرٍ مفصلٍ «للهزيمة الشتويّة الساخنة والنكراء للسفير المالكي وأتباعه»، قبل يومين من ذكرى ميلاد السيّد المسيح «عليه السلام».

استقرّت مرارة غصّة معركة المنطقة الخضراء في معدة «صلاح المالكي» كالسُّمِ الزعاف، «وتدثّر ببشته المهترئ» لثلاثة أشهرٍ فقط كاستراحةٍ قصيرة، ولكن بات من الضروري إيصال رسالةٍ شبه أخيرة له من بغداد مجدّدًا، على أمل أن يستردّ عافيته ويفهم ما يدور حوله من مجريات، حتى جاءته الرسالة واضحة صريحة من ساحة الواثق في العاصمة العراقيّة منتصف مارس/ آذار الماضي، وخلال مهرجانٍ خطابي نظمّه ائتلاف شباب 14 فبراير رفضًا للتدخّل العسكريّ السعوديّ – الإماراتيّ في البحرين واليمن، وبمشاركة ممثلي عددٍ من أبرز الفصائل والأحزاب والمؤسّسات العسكريّة والدينيّة في العراق، أبرزهم القيادي في «الحشد الشعبيّ» «أبو آلاء الولائي»، الذي أكّد في كلمته أنّ «النظام الحاكم في البحرين والسعوديّة طلبا من الحكومة العراقيّة منع هذا المهرجان وسط بغداد، وهو ما رفضته حكومة العراق، وشدّد على أنّ بغداد لن تسمح بإخراج ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير من الأراضي العراقيّة، فهو تحت حماية المقاومة والعراق بلدهم الثاني، ولا يمكن لأحد أن يخرجهم».

وقبل أن يلفظ «السفير المالكي» أنفاسه الأخيرة في بغداد قبل نقله إلى الكويت، حاول منع إقامة معرض شهداء البحرين هذا العام 2019، بمدينة كربلاء المقدّسة تزامنًا مع ذكرى أربعينيّة الإمام الحسين «عليه السلام»، بيد أنّ المعلومات أكّدت أنّ الجانب العراقيّ قابل هذه المحاولات بالفتور التام والاستياء الشديد من تكرار «الأسطوانة السنويّة المُملّة» ذاتها بحسب «قيادي رفيع المستوى في كتلة تحالف الفتح البرلمانيّة»؛ حتى جاءت الضربة القاسية والأخيرة بزيارة «رئيس تحالف الفتح وأمين عام منظمة بدر» «الحاج هادي العامري» لمعرض شهداء البحرين بمدينة كربلاء، والذي أكّد أنّ أمن البحرينيّين من أمن العراقيّين في العراق، وشدّد على ترحيبه بكلّ فعاليّاتهم وأنشطتهم هناك، لأنه بلدٌ ديمقراطيّ وليس نظامًا ديكتاتوريًّا، وإيّاكِ أعني واسمعي يا جارة.

ربما ساعدت هذه الرسالة وغيرها من الرسائل «السفير المالكي» في استرداد بعض وعيه، ليستفيق من «غيبوبة الصفعات السابقة والمتتالية»، أو على الأقل ليُدرك أنه ضحيّة «خدعة بصريّة أوهمته أن بشته لا يزال يستر عورة دبلوماسيّته»، وليُدرك في نهاية المطاف أنّه مُجبرٌ مرّة أخرى على تجرّع مرارة الهزيمة من تنظيمٍ سرّي شبابيّ لا وجه له ولا واجهة، لا شيء سوى صوت اللكمات والركلات العشوائيّة، «والركلة الأخيرة قذفت به إلى الكويت من دون رجعة»..!


رابط المختصر : manamapost.com/?p=2019131045


المواضیع ذات الصلة


  • انتخابات البحرين: «المُرشح علي الحايكي جبانٌ من نوعٍ آخر»
  • انتخابات البحرين: «المرشّح العماني رؤيته السياسيّة الواعية التملّق.. وموقفه البرلمانيّ الشجاع توقّف عندنا»
  • انتخابات البحرين: «المُرشّح ياسر نصيف الموالي.. تغييرك يبدأ من معرفة منامة بوست»
  • اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *